العراق بين العمالة الأجنبية الرخيصة والبطالة التي تأكل أبناء الوطن

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن وجود نحو مليون وربع المليون عاطل مسجَّل لديها في بغداد والمحافظات للفترة من عام 2003 ولغاية نهاية اذار مارس من العام 2009، وأن اقل من الربع مشمولون بإعانات شبكة الحماية الاجتماعية، يعاني عمّال العراق من مصاعب جديدة، ناجمة عن ظهور أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية، وتحديداً البنغالية، التي باتت تنافسهم على موارد رزقهم بقبولها العمل وفق أدنى الشروط والرواتب.

ويُبدي من جهة اخرى طلبة الجامعات والمعاهد العراقية من الجنسَين قلقاً حيال مستقبلهم وإمكانية إيجاد فرص عمل في المستقبل، بصورة تفوق قلقهم من الأوضاع الأمنية في مدن وبلدات العراق. ويرى كثير من الشباب أن الأوضاع الأمنية في تحسّن مستمر، ما جعل الحصول على الوظيفة بعد التخرُّج يتصدّر أولويات ومخاوف الشاب العراقي.

إسراء تبلغ من العمر 23 عاماً، وهي طالبة في عامها الأخير في جامعة المستنصرية في قسم الترجمة الإنجليزية، تقر بأن العثور على وظيفة بعد التخرج أمراً يقلقها كثيراً وتقول إنه "أمر يزداد صعوبة يوماً بعد يوم في العراق، خصوصاً هذه الأيام."

وليست إسراء وحدها لديها هذه المخاوف، فزملاؤها وزميلاتها في القسم، يحملون نفس هذه المخاوف، ويأملون أن يجدوا وظائف في تخصصاتهم فور تخرجهم. بحسب سي ان ان.

وتقول إسراء  "أنا وزميلاتي قلقات بشأن الأوضاع الأمنية، لكننا بدأنا نشعر بالتحسن الحاصل في العراق، في هذا الجانب، لكن مخاوفنا بشأن العمل هي الأكثر حالياً."

وليد البالغ من العمر 24 عاماً، يمني النفس بعمل في وزارة الخارجية العراقية، ليلتقي بالأمريكيين والأوروبيين، وغيرها من الجنسيات المختلفة.

ويوضح قائلاً: "آمل أن أجد وظيفة هناك، لأستطيع التواصل مع الكثير من الجنسيات، أشعر بأن مستقبل العراق سيكون أفضل، لكن يجب على العراقيين أن يعملوا معاً في مكافحة الفساد في كل الوزارات، وآمل أن يأتي من يمكنه إصلاح الأوضاع."

عباس جلال، البالغ من العمر 23 عاماً، بدا أكثر تفاؤلاً ممن سبقوه، فهو يرغب بأن يكون مدرساً في كلية، ويعتقد أنه سيحصل على هذه الوظيفة.

ويقول جلال "الأوضاع الاقتصادية ليست سهلة التوقع، فمرة تكون جيدة، وأخرى سيئة، لكن الأوضاع الأمنية والسياسية، تبقى التهديد الأكبر للعراقيين، لكني أعتقد أن القوات العراقية ستكون قادرة على فرض الأمن بعد مغادرة القوات الأمريكية."

ويضيف: "الأوضاع الأمنية والسياسية بهذه الحالة أعتبرها تهدد حياتي ونجاحي، لكني أعتقد أن مستقبلي هنا في العراق، وآمل أن لا أضطر لمغادرته يوماً."

ورغم الأوضاع التي يعيشها العراق والعراقيون، إلا أن هناك إصراراً واضحاً على التخلص من هذه الأوضاع والعودة إلى حياتهم الطبيعية، فعلى مدخل الجامعة لافتة مكتوب عليها "لن نستسلم للإرهاب."

هذا الإصرار يظهر جلياً في كلام ميس، البالغة من العمر 24 عاماً، إذ تقول:"نحن لا نعيش في بلد طبيعي، لدينا الكثير من المشاكل السياسية والأمنية، لذا من الطبيعي أن يكون إيجاد العمل صعباً."

ولكنها تنظر إلى الأوضاع بتفاؤل "أنا آمل أن تستطيع القوات العراقية تحسين الأوضاع الأمنية بعد مغادرة القوات الأمريكية."

وحول مستقبلها تقول ميس: "أرى نفسي بعد 10 سنوات أو 20 سنة هنا في العراق، وبمركز مرموق ربما، أنه ليس أملي فقط، بل أمل الكثيرين."

مليون وربع المليون عاطل مسجَّل

من جهتها أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن وجود نحو مليون وربع المليون عاطل مسجل لديها في بغداد والمحافظات للفترة من عام 2003 ولغاية نهاية اذار مارس من العام 2009، مشيرة الى ان اقل من الربع مشمولون باعانات شبكة الحماية الاجتماعية.

واوضح بيان للوزارة انها اصدرت احصائية باعداد العاطلين المسجلين لديها للفترة من عام 2003 ولغاية 31/3/2009. بحسب اصوات العراق.

ونقل البيان عن مصدر في الوزارة قوله إن “المجموع الاجمالي للعاطلين المسجلين في قاعدة بيانات الوزارة في بغداد والمحافظات بلغ 1.225.775 عاطلا عن العمل توزعوا بنحو 1.082.497 عاطلا من الذكور و143.275 عاطلة عن العمل من الاناث.

واوضح المصدر ان “عدد المشمولين باعانات شبكة الحماية الاجتماعية من العاطلين 240.905 مشمولين بعد ان تم حجب الاعانة عن 35.529 من الخريجين وغيرهم.

العمالة البنغالية تزاحم عمّال العراق في عقر دارهم

وكأن عمّال العراق لا تكفيهم مشاكل انعدام الأمن وفقدان فرص العمل وانتشار العنف وتعثر الاقتصاد، حتى ألمّت بهم مصاعب جديدة، ناجمة عن ظهور أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية، وتحديداً البنغالية، التي باتت تنافسهم على موارد رزقهم بقبولها العمل وفق أدنى الشروط والرواتب.

ففي كل يوم، يحتشد آلاف العراقيين في شوارع بغداد وسائر المدن الكبرى بحثاً عن عمل، وتقدر الأمم المتحدة أن نسبة البطالة في البلاد تقارب 18 في المائة، في حين تشير تقديرات غير رسمية إلى أنها تقارب في الواقع نسبة 50 في المائة، وهي عامل أساسي يساعد على تقوية التنظيمات المسلحة وحركات التمرد في البلاد.

ويشير العمال إلى ما يعبرنه "إجحافاً" يتعرضون له جراء ممارسات غير قانونية في سوق العمل تتعلق بتفضيل الأجانب عليهم بسبب كلفتهم الرخيصة.

مشتاق جارالله، وهو عامل عراقي يعاني هذه المشكلة، عبّر لـCNN عن دهشته لأنه غير قادر على العمل وإعانة أطفاله، في حين أن فرص العمل تتوافر للأجانب.

ويقول: "لم نعمل منذ ثلاثة أشهر، الشركات تحضر العمال من الخارج ونحن لا نعمل.. يجب أن يكون لنا الأولوية بالحصول على عمل في بلدنا."

وعلى بعد أمتار من جارالله، كان عدد من العمال البنغال قد باشروا أعمالهم المعتادة، بعد أن وصلوا - بأغلبهم- من بنغلاديش عن طريق شركات توظيف عبر إمارة دبي.

ويقول عادل حسين، الذي يدير شركة لاستقدام العمالة الأجنبية إلى العراق، إن الأسباب الأساسية التي تدفع أصحاب الشركات للجوء إلى العمالة البنغالية تكمن في أجورهم المتدنية التي لا تتجاوز مائة إلى مائتي دولار شهرياً.

ويزعم حسين أن العمال العراقيين "ليس لديهم التزام" ويختلقون الأعذار لتجنب العمل، عبر الإدعاء بأن عليهم الإنصراف لتأدية واجب العزاء أو بسبب المرض أو وفاة أحد أقاربهم.

ويدرك العمال البنغال أن الأوضاع الأمنية في العراق خطيرة، لكن قلة فرص العمل في بلادهم تدفعهم للمجازفة.

وقد وصلت العمالة البنغالية حتى إلى قلب الصناعات المرتبطة بالتقاليد العراقية، وبينها صناعة الحلويات، ويقول محمد عبدالله مير، يمتلك دكاناً لبيع الحلويات، إن دوافع استخدامه لهذه العمالة هي بحت اقتصادية، لأن العامل العراقي لن يعمل بأقل من 50 دولاراً بالأسبوع، بينما يقبل البنغالي بذلك.

يشار إلى أن وزارة العمل العراقية سبق أن أعلنت عزمها تنظيم العمالة الأجنبية في البلاد من خلال قوانين تعكف إعدادها لحماية العمالة المحلية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/حزيران/2009 - 5/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م