انماء الروح الوطنية ضرورة ملحة

نحو ولادة حالة أخلاص جديدة لدى المواطن

محمود الربيعي

ان حالة اهتزاز المشاعر الوطنية في العراق وتدني مستوى روح المواطنة جاء نتيجة للسياسات التي كرسها النظام السابق عندما اشترى ذمم الضعفاء والمنافقين وخلق حالات الاستعداء تحت شعار الوطنية الكاذب، ومارس هذا النظام اشد انواع القهر والاضطهاد تجاه الطوائف والقوميات ، وبهذه الاعمال يكون قد اهلك الحرث والنسل كما عبر عنه القران الكريم.

ونذكر الناسين اوالمتناسين حالات سجن الملايين في زنزانات البعث الصدامي ودوائر اجهزة الامن والمخابرات، تلك الاجهزة التي اعدمت الالاف من ابناء الشعب بشكل غير مرئي وغير مسموع، والتي كان يتستر عليها اعداء الشعب في الداخل والخارج وهم يسمعون ويعلمون، والتي تركت آثارا سيئة عظيمة على نفسية المواطن العراقي داخل الاسرة، ودمرت الكيانات الاسرية بكل المقاييس والاتجاهات للذين كانوا مع النظام او ضده.

لقد تعرضت عقلية المواطن العراقي الى جملة من العوامل افسدت طريقة تفكيره ونظرته الى الامور، وبسبب فصل النظام السابق الدين عن الحياة واغراق وسائل الاعلام بثقافة الفساد ضاع التفريق بين الحلال والحرام وبين ماهو خطأ وجريمة وفساد، وبين ماهو صحيح ومعقول.

والان وبعد التخلص من ذلك النظام طفت على السطح جميع مظاهر ذلك الفساد التي كرس له صدام حسين وحزبه الذي لم يتخذ احدا منهم موقفا وطنيا قويا لايقاف نهجه الخاطئ الا القليل القليل ولمصالح احيانا.

واصبح لزاماعلينا جميعا نحن العراقيين معالجة الحالة الوطنية بعد ان اصابها الضررالبالغ، والسبيل الى ذلك اخلاص الحكام لشعبهم، وتعزيز ثقة المواطن بالمسؤولين، ومن خلال اصلاح الاوضاع في البلاد، وتوفير الامن والخدمات.

ان ايسر السبل لتعزيز روح المواطنة الصالحة القضاء على الفقر والبطالة، وتنمية العلاقات الاجتماعية، واختيار القيادات السياسية المعتدلة، وتصفية الاجواء، واحلال روح المحبة بدل الكراهية، وتشجيع حالة التوجه الوطني التي يمكن ان تنمو بممارسة العمل الشعبي، والاهتمام بالفنون الوطنية، وانواع الرياضة، وحقول الادب والعلوم، وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني وبقية مؤسسات الدولة لعقد ندوات جماهيرية في المناطق، والاهتمام بحياة المواطن وتلبية حاجاته، والاستماع الى مشاكله وبذل الجهد اللازم لتذليلها، ذلك هو الطريق الامثل لرعاية المواطن والذي يساهم في بناء قاعدة سليمة للوحدة الوطنية.

وان اهم مايجب ان تعتني به الدولة هو رعاية الشباب وابناء الشعب ولايتم ذلك الا بالاهتمام بالمناهج التعليمية والعمل على تطويرها، وتشجيع المشاريع القادرة على ان تستوعب الاعداد الكبيرة من العاطلين ومن اجل توظيف كافة ابناء الشعب، وسد الفراغ في حياتهم، فهو الذي يحقق احساسا ملموسا لدى الجماهير بان الحكومة تعمل من اجلها وبالتالي يؤدي الى تعزيز الثقة.

ونخلص بالتالي الى مايلي ولانماء الروح الوطنية علينا:

اولا: اختيار نواب كفوئين يعكسون روح الاعتدال ويعبرون عن الاتجاهات الوطنية ممن الغوا في انفسهم كل توجه طائفي وعنصري وبعيدا عن المحاصصات.

ثانيا: تعزيز ثقة المواطنين بمسؤوليهم من خلال بذل الجهد والاخلاص في العمل، والتفاني في خدمة الوطن، بنكران الذات، والتضحية في سبيل دفع الضرر عن البلاد.

ثالثا: القضاء على الفقر، والبطالة، والمرض، وسد فراغ المواطنين وتقديم الخدمات، وحل المشاكل التي يعاني منها المواطنين.

رابعا: تصفية الاجواء السياسية بين الفرقاء، واحلال روح المحبة والتعاون المشترك، وتوحيد الصف.

خامسا: الاهتمام بمختلف المجالات الاجتماعية، والفنية، والرياضية، والادبية، والعلمية، وممارسات العمل الشعبي في المناطق والدوائر.

سادسا: رعاية الشباب، وتطوير المناهج التعليمية، وتشجيع المشاريع التي تستوعب كافة طبقات وطاقات ابناء الشعب.

سابعا: مشاركة الخطباء وائمة المساجد في تثقيف الجماهير على القيم والمبادئ والاخلاق داخل الاسرة والمجتمع.

ثامنا: تعاون المثقفين في عملية تثقيف الجماهير واستنفار كافة طبقات ابناء الشعب، واشاعة روح المواطنة في اوساط الاسر العراقية واولياء الامور، والتركيز على تربية الاطفال قبل البلوغ ورعاية الابناء في مراحل الفتوة والشباب ووقايتهم من العوامل الخارجية المفسدة لاتجاهاتهم الحياتية التي تضعف من روح المواطنة .

تاسعا: منع جميع النداءات التي تدعو الى العنف والارهاب..  من اجل تحقيق الامن وتطبيق القانون والحفاظ على النظام.

عاشرا: ضرورة تعاون وزارات الشؤون الاجتماعية والشباب والاعلام والتربية كل في مجال اختصاصه للقضاء على البطالة والفراغ والجهل بالشكل  الذي يحقق نموا سريعا في الحالة الوطنية.

واخيرا ندعو الله سبحانه وتعالى ان يحفظ شعبنا ويصون امنه ويعزز وحدته انه سميع مجيب.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/حزيران/2009 - 4/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م