الى فخامة رئيس الجمهورية: العرب في مطار اربيل

 علياء الأنصاري

عندما كنا صغارا، حملنا هموم الوطن في حنايا القلب، وفرشنا جفون العين لتغفو تلك الهموم بسلام تحت أهدابها، ومن بين تلك الهموم، كان الهم الكردي! وناضلنا كي يُرفع الكابوس عن أحلام صبايا العراق (عربها وكردها وتركمانها و....)، ومازلنا نرفض أن نفكر بغير العراق، وبغير مفردة العراقيين.

ولتعلم يا سيدي فخامة رئيس جمهورية العراق، بأني كنت من الذين افترش الأمل آمالهم، وغنت الفرحة في أوبرا أحزانهم، عندما تم إعلان (مام جلال) رئيسا للعراق، لأني أحبك رجلا مناضلا، كرس حياته لأجل وطنه وأبناء شعبه، واستحق بجدارة أن يتولى أمرهم ويقودهم نحو الفلاح، لذلك كنت رئيسا للعراق!

ولتعلم يا فخامة رئيس جمهوريتنا، بأن أبنتي البالغة من العمر ستة عشر عاما، تصر على أن تخبرني كلما رأت وجهك البشوش على شاشة التلفاز (أني أحب هذا الرجل، لأني أشعر بطيبته مرسومة على ملامح وجهه)! وهكذا نحن العراقيون، تربينا على أن نحب، وأن نعلق على حبنا بصدق، كما تربينا أن نرفض الظلم بصدق، وأن نعبر عن أنفسنا بصدق! لذلك سأكتب لك اليوم فخامة رئيس جمهوريتنا ما حدث لي ولزملائي في مطار اربيل بصدق! وإن كان صدقا مغلفا بالحزن واللوعة!

عندما حطت الطائرة على أرضنا في اربيل يوم الجمعة الموافق 24/4/2009، تزاحمنا ليصل الشاطر فينا قبل غيره الى (كاونتر) الضابط المسئول عن دخولنا، وإذا بصوت يوقف الحركة فينا، وهو ينادي: (العرب من هنا)!، تبادلنا النظرات (نحن العرب)، ولا أكتمك سرا فخامة الرئيس، رفضنا الحركة! تطلعنا الى بعض الأجانب الذين كانوا معنا، تراصوا في صف قصير، تم التحديق في جوازاتهم بدقة وسرعة، ثم دخلوا معززين مكرمين، لنتحرك نحن والقهر يتحرك معنا لنقف في طابور طويل (لان عدد العرب في الطائرة كان أكثر)، ليدخل شخص واحد الى غرفة فيها مكتب عليه كمبيوتر ويجلس خلفه ضابط، يطلب من الشخص أن يجلس قبالته ويوجه إليه أسئلة: الاسم، تاريخ الولادة، سبب القدوم الى  اربيل، أين ستذهب، عنوان السكن. ثم يفحص الهوية التي يطلبها من المسافر ويسجل كل ذلك في الجهاز الذي أمامه ليقدم بعد فاصل التحقيق (اسمح لي أن اسميه فاصلا)، ورقة مكتوب عليها (بطاقة الراغبين بالسياحة)، ويختمها ويسلمها للمواطن الذي يلفت انتباهه عبارة مكتوبة في أسفل البطاقة، (على صاحب البطاقة إرجاعها الى آخر سيطرة يغادر منها)!!

هل أخبرك فخامة الرئيس بإحساسي آنذاك، للحظات كنت أتصور نفسي في مطار عمان!، وان الهواء في رئتي يعلن استنكاره عن ممارسة عملية الشهيق والزفير.

يا ترى هل ستوافق يا فخامة رئيس جمهورية العراق، على أن نضع بوابات خاصة في مطار بغداد لعبور (الأكراد) بعد أن نجري معهم فاصلا تحقيقا؟.

فإذا كنت ترفض ذلك، فكيف قبلت به لأبنائك العرب!.

اعتقد ونحن نتحدث عن عراق جديد، عراق ديمقراطي موحد، عراق الإخوة والمحبة والتسامح، عراق الوحدة الوطنية، عراق واحد من زاخو الى الفاو، علينا أن نفكر بأبناء العراق لإقناعهم بهذه الشعارات قبل أن نفكر بإقناع الآخرين بها!!

أنا بانتظار يا فخامة الرئيس ردا على مقالتي، لأني أخشى أن ازور اربيل في الأشهر القادمة بجواز سفر وإقامة.

كما أخشى أن أكون عاجزة عن إجابة نظرات صغيرتي التي تحلم بالحب والسلام على ارض وطنها وتصدق كل ما يقال منكم – انتم الكبار – لأنها لم تجرب بعد غير الصدق.

لا أرغب في أن تفقد ابنتي حبها لكم أنتم يا من ترسمون المستقبل لها ولزملائها، لان الحب في قلوب هؤلاء، السلام، التسامح، الأمل، هو كل ما نملك، فلا تجعلوه يغدوا سرابا!

رفقا – فخامة الرئيس – بالأمل في قلوب صغارنا، فهو كل ما تبقى لنا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 6/آيار/2009 - 9/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م