الاقتصاد الامريكي وقواعد جديدة في مجال المال

 انهيار 23 مصرف واًشبح الجوع يهدد عُشر الأمريكيين

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي اعلنت فيه الحكومة الأمريكية إغلاق مصرفين آخرين الاسبوع الماضي، لترتفع قائمة المصارف الأمريكية المنهارة إلى 23 مصرفاً، منذ مطلع العام الحالي جراء الأزمة المالية الطاحنة التي هزت القطاع المصرفي، أعلنَ وزير المالية الاميركية تيموثي غايتنر عن خطط لإنشاء هيئة فدرالية تكون مسؤولة بمفردها عن رصد كامل النظام المالي الأميركي.

وتأثر القطاع المصرفي الأمريكي بشدة جراء تلاشي أصوله المستثمرة في قطاع الرهن العقاري الذي فجرت أزمته الأزمة المالية الراهنة، ورغم حوافز الإنقاذ التي رصدتها إدارة الرئيس السابق، جورج بوش، والحالي، باراك أوباما البالغة 700 مليار دولار، إلا أنها فشلت في التخفيف من عثرة القطاع المصرفي واستئناف حركة القروض.

الولايات المتحدة بحاجة لقواعد جديدة في مجال المال

أعلن وزير المالية الاميركية تيموثي غايتنر عن خطط لإنشاء هيئة فدرالية تكون مسؤولة بمفردها عن رصد كامل النظام المالي الأميركي.

وإذ وصف غايتنر نظام القيود الراهن بـ"التعقيد والتشرذم" اللذين لا لزوم لهما  أشار إلى أنه "عجز في بعض الحالات عن تحديد مسؤولية جلية لتحقيق بعص الأهداف السياسية العامة وعلى وجه خاص للإستقرار المالي."

وأعلن غايتنر إن صناديق التحوط وشركات التأمين والمؤسسات المالية التي ترعاها وتكفلها الحكومة مثل شركتي "فاني ماي" و"فريدي ماك" هذا إلى جانب قطاع المصارف، ينبغي أن تخضع لتمحيص متزايد، وذلك من قبل هيئة قيود جديدة.

ومضى غايتنر قائلا في إفادة أمام الكونغرس يوم 26 آذار/مارس: "دعوني أكون واضحا.  يجب أن ينتهي الزمن الذي يمكن لشركة تأمين هامة أن تراهن على عقار بمقايضتها لقروض غير مسددة بمعزل عن مراقبة أحد وبدون دعم موثقوق منه لحماية الشركة ودافعي الضرائب من الخسائر."بحسب موقع أميركا دوت غوف.

ولفت وزير المالية الاميركية إلى أن نظام القيود المالي يجب أن يراجع بصورة معمقة لتقليص ترجيح وقوع خسائر كارثية في المستقبل. وقال إته لا ينادي بإجراء "إصلاحات متواضعة وهامشية بل بسن قواعد جديدة لعمليات التمويل."

وحدد الوزير أربعة عناصر لإصلاح نظام التقييد المالي: معالجة الأخطار على النظام، وحماية المستهلكين والمستثمرين، وإزالة فجوات في البنى التظيمية، وتشجيع التنسيق على الصعيد الدولي.

وقال غايتنر إن إنهيار مصرف "ليمن براذرز" للإستثمارات  وشركة AIG للتأمينات أبرز الترابط بين شركات المال الكبرى، كما أن المشاكل الناجمة عن ذلك لا يمكن معالجتها على أساس كل شركة على حدة.

أما بخصوص حماية المستهلكين والمستثمرين فقال غايتنر إن الإحتيال والإختلاس اللذين ارتكبهما رجل المال بيرني مادوف جعل من الواضح إن مستشاريه الماليين والصناديق المالية التي يديرونها يتعين أن تقيد على نحو أفضل. وتابع قائلا: "إن التنظيم المتراخي خلف أسرا كثيرة كثيرة معرضة للخداع وإساءة المعاملة بعد أن طلبت قروض رهونات عقارية."

انهيار 23 مصرفاً خلال أقل من أربعة أشهر

وأعلنت الحكومة الأمريكية إغلاق مصرفين آخرين، لترتفع قائمة المصارف الأمريكية المنهارة إلى 23 مصرفاً، منذ مطلع العام الحالي جراء الأزمة المالية الطاحنة التي هزت القطاع المصرفي في الولايات المتحدة.

وصرحت "مؤسسة ضمان الودائع الأمريكية" أن إغلاق مصرفي "كيب فير بانك أوف ويلمينغتون" بنورث كارولينا، و"نيو فرانتير بانك أوف غريلي"، من كولورادو، سيكلف صندوق تأمين الودائع 801 مليون دولار.

وأغلق المصرف الأول، وتبلغ قيمة أصوله، 492 مليون دولار بالإضافة إلى ودائع يصل مجموعها إلى 403 مليون دولار، أبوابه للمرة الأخيرة الجمعة، وعين مصرف "فيرست فيدرالي سيفينغ أند لون أسوسيشين أوف شارلستون" لحماية الودائع فيه. بحسب سي ان ان.

وتبلغ قيمة أصول "نيو فرانتير بانك أوف غريلي" ملياري دولار إلى جانب ودائع تصل إلى نحو 1.5 مليار دولار، وأمهل شهراً لتصريف شؤونه قبيل الإغلاق.

وتأثر القطاع المصرفي الأمريكية بشدة جراء تلاشي أصوله المستثمرة في قطاع الرهن العقاري الذي فجرت أزمته الأزمة المالية الراهنة، ورغم حوافز الإنقاذ التي رصدتها إدارة الرئيس السابق، جورج بوش، والحالي، باراك أوباما البالغة 700 مليار دولار، إلا أنها فشلت في التخفيف من عثرة القطاع المصرفي واستئناف حركة القروض.

ويرى مراقبون أن استمرار الركود سيدفع بالمزيد من الأفراد والمؤسسات للتخلف عن سداد ديونها، مما سينعكس بدوره سلباً على القطاع المصرفي ويسارع من تهاوي مؤسساته.

ورداً على هذه المخاطر، قامت الإدارة الأمريكية الشهر الماضي بطرح خطة لإنقاذ المصارف المحلية من خلال شراء أصولها المتعثرة أو المرتفعة المخاطر، وذلك في تحول جذري تقوم به واشنطن التي قامت سياستها في الفترة الماضية على الاكتفاء بضخ سيولة في البنوك مقابل الحصول على حصص فيها.

وسيكون من شأن شراء أصول المصارف المتعثرة تخفيف وطأة الالتزامات التي تثقل دفاتر المؤسسات المالية وموازناتها، ما يسمح لها بالتالي بالعودة إلى تقديم القروض للمستثمرين وإنعاش الدورة الاقتصادية.

ويتخوف القطاع المصرفي الأمريكي من تسارع وتيرة شطب الديون المرتبطة بسوق العقارات المتدهور بحدة، مما جرد أصوله المستثمرة في الرهن العقاري من قيمتها تماماً، الأمر الذي أجبر القطاع على الإمتناع عن تقديم قروض، رغم السيولة التي ضختها إدارة واشنطن.

أوباما يرى بصيص أمل..

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، انه يلمح "بصيصا من الأمل" للاقتصاد الأمريكي، لكنه قال أن الضغوط ما تزال موجودة. وقال أوباما للصحفيين عقب اجتماع مع صناع السياسات الاقتصادية ومسؤولي الرقابة المالية في البيت الأبيض "مازال أمامنا عمل كثير يتعين القيام به .. بدأنا نرى تقدما."

وأضاف أوباما "ما بدأنا نراه هو بصيص من الأمل في مختلف قطاعات الاقتصاد... على مدى الأسابيع القادمة سترون إجراءات إضافية من جانب الإدارة."

وفي وقت يتحدث فيه أوباما عن "بصيص الأمل،" قالت وزارة الخزانة ، الجمعة، إن الميزانية الأمريكية سجلت عجزا قياسيا قدره 956.80 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية 2009 أي أكثر من ثلاثة أمثال مستوى العجز في الفترة ذاتها قبل عام مع تسارع الإنفاق على برامج الإنقاذ المالي والاقتصادي.

وبلغ عجز الميزانية في مارس/آذار 192.27 مليار دولار وهو مستوى قياسي للشهر ويقترب من أربعة أمثال عجز مارس 2008 الذي بلغ 48.21 مليار دولار. بحسب سي ان ان.

والأسبوع الماضي، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع ميزانية السنة المالية 2010، الذي يتبنى المبادرات الواردة في خطة الرئيس أوباما، وقيمتها 3.55 تريليون دولار، منهياً بذلك أسابيع من الجدل حول هذه الميزانية.

شبح الجوع يهدد عُشر الأميركيين

وفي نفس السياق أظهرت إحصاءات لوزارة الزراعة الأميركية ان واحداً من كل 10 اميركيين غير قادر على تأمين ثلاث وجبات طعام يومياً. ولفتت الإحصاءات، وفقاً للموقع الإلكتروني لـ «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) ان 32 مليون اميركي اجبرتهم الازمة الاقتصادية التي تعصف بالولايات المتحدة على اللجوء الى برامج مكافحة الجوع الخاصة منها والحكومية او ما يعرف بالبطاقات التموينية.

ومع استمرار ارتفاع نسبة البطالة بحسب التقرير الاخير لوزارة العمل شهدت تلك البرامــج زيــادة في عدد المسجلين لديها جاوزت فــي بعض الولايات 50 في المئة. بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وتلحق تداعيات الازمة الاقتصادية بالمحتاجين من ذوي الدخل المحدود والعاطلـــين من العمل حتى الى مراكز المساعدة، اذ ان ثـــمة تحديات تواجــهها تلــك الــمراكز وباتــت تــهدد استــمراريتــها.

فشارلز فريديريك مانغ، مدير العمليات في مركز في ارلنغتون للمساعدات الغذائية، يؤكد ان المركز شهد زيادة ملحوظة في عدد العائلات التي تطلب الاعانة.

ويقول: «في حزيران (يونيو) الماضي كنا نساعد 700 عائلة اسبوعياً، وبحلول كانون الثاني (يناير)، بات العدد 1196 عائلة اسبوعياً، ما يضع التحديات امامنا لجهة جمع التبرعات وتأمين المواد الغذائية والمتطوعين».

ازدياد الطلب على منتجات 27 % من الشركات

وفي تطور ايجابي لاحق أعلنت المحللة الاقتصادية الأمريكية، سارة جونسون، أن المسح الذي قامت به الجمعية الوطنية لاقتصاد الأعمال في الأربعة شهور الأولى من هذا العام، أظهر أن التدهور الاقتصادي في أمريكا يتباطأ.

وتوضيحا لدلالات المسح، أشارت جونسون، وهي أحد المساهمين به، أنه " يقدم دليلا جديدا على أن الكساد الاقتصادي الأمريكي في تراجع"، مبينة أن الاقتصاد لا يزال في حالة تقهقر إلا أن عدد الشركات التي تشير إلى تحقيقها مكاسب في ازدياد، ونظيراتها التي وقعت في خسائر في تناقص. بحسب سي ان ان.

وأوضح البيان، الذي جمع معلوماته من 109 مؤسسة صناعية وتجارية ، أن نسبة التوظيف لا تزال في انخفاض، حيث أشار 14 في المائة من الشركات أنها توظف عاملين جدد، وذلك مقابل قيام 39 في المائة من الشركات بتسريح موظفين.

ومن ناحية أخرى، أشار المسح، إلى أن الأمور في طريقها للتحسن في المستقبل، حيث يسعى 16 في المائة من الشركات لزيادة العمالة لديهم، وبالمقابل فإن 33 في المائة منها تنوي تسريح موظفين في فترة لاحقة، ولأول مرة في تاريخ هذا الدراسة، ظهر أن هناك المزيد من الشركات التي تخفض من رواتب موظفيهم.

ومن جانب أكثر إشراقا، برز في التقرير تزايد على طلب الصناعات، حيث أشار 27 في المائة من الشركات شراء منتجاتها في ارتفاع، وذلك مقابل 20 في المائة في شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

وبالمقابل فلقد ازدادت نفقات رأس المال، لتصل إلى نسبة 15 في المائة من الشركات التي خضعت للمسح، وذلك مقابل 12 في المائة سابقا، ووفقا للدراسة تبين أن 6 في المائة من المؤسسات ستزيد من هذه النفقات، بينما لم يكن مثل هذا الأمر مطروحا في يناير/كانون الثاني الماضي.

ويذكر أن الجمعية الوطنية لاقتصاد الأعمال الأمريكية قد أسست عام 1959، وهي جمعية أكاديمية متخصصة، تقوم بدراسة المنظمات والشركات التجارية والصناعية، حيث ترصد أسباب صعود وهبوط الشركات وتدرس أسباب توسعها أو انكماشها. 

خطة مكافحة الازمة بدأت لكن التحديات ما زالت كبيرة

وبعد مئة يوم من تسلمها الحكم وضعت حكومة الرئيس باراك اوباما خطة ضخمة لاخراج الاقتصاد الاميركي من ازمة غير مسبوقة منذ ستين عاما سمحت ببعض الانفراج بالرغم من استمرار وجود مخاطر حقيقية.

فلدى وصوله الى البيت الابيض في 20 كانون الثاني/يناير ورث الرئيس الاميركي باراك اوباما وضعا كارثيا اذ ان البلاد تعاني من انكماش منذ اكثر من سنة وناتجها الداخلي الاجمالي يتدهور بوتيرة لا مثيل لها وعمليات الصرف من الخدمة تتراكم مع بطالة وصلت اصلا الى اعلى مستوى لها منذ 1992.

وما جعل الامور اكثر تعقيدا وضع المالية العامة الاميركية الذي وصل الى مستوى رديء للغاية مع عجز قياسي في الميزانية. وفي الحقيقة لم يتحسن الوضع منذ ذلك الحين لكن الاميركيين يعتبرون ان التوجهات المتبعة سليمة.

وافاد اخر استطلاع للرأي ان 58% من الاميركيين يعتقدون ان الرئيس يتبع "خطة واضحة لحل المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد". بحسب رويترز.

والتذبذب الناجم عن صعوبات وزير الخزانة تيموثي غايتنر في الحصول على مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه بات في طي النسيان على ما يبدو.

فمنذ ذلك الحين تحركت الحكومة في الملف الاقتصادي بدون شك اكثر من اي حكومة اخرى في هذا الوقت القصير بحسب عبارات الوزير نفسه.

والتدبير الاهم خلال المئة يوم من الحكم يتمثل بشكل غير قابل للجدل في الخطة التي اعلنها اوباما في منتصف شباط/فبراير لانعاش الاقتصاد والتي تبلغ قيمتها 787 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات.

وقد بدأ الشعور بنتائج هذه الخطة برأي عدد من المحللين بفضل تخفيضات ضريبية بقيمة 286 مليار دولار المفترض ان تنعش الاستهلاك. وتخصص بقية الخطة لنفقات استثمارية يتوقع ان يشعر بنتائجها لاحقا.

في موازاة ذلك واصلت الخزانة وعدلت وكثفت العمل الذي بدأته الحكومة السابقة لاستقرار النظام المالي. ومن اصل سبعمئة مليار منحها الكونغرس لهذا الهدف انفقت حكومة الرئيس السابق جورج بوش 355,4 مليار دولار. وفي عهد اوباما حركت الخزانة 235 مليارا اضافيا منها 50 مليارا ستسمح لمالكي مساكنهم الذين يعانون من صعوبات مالية باعادة التفاوض بشأن قرضهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 3/آيار/2009 - 6/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م