الرومانسية في العلاقات الزوجية

السيد محمود الموسوي

لماذا علينا أن نكون رومانسيين في علاقتنا الزوجية ؟

إن الرومانسية[1] تعني في ما تعنيه، ثلاثة أمور..

1 ـ الخيال في قبال الواقع.

2 ـ التكلّف في قبال الطبيعية والسجّية.

3 ـ التغيير في قبال الروتين.

والعلاقة الزوجية تحتاج إلى هذه المعاني الثلاثة لكي تتجدد وترقى، وينمو فيها الإحساس بالحب، فنحن مشغولون جداً عن عواطفنا وأحاسيسنا بأعمالنا ومشاكلنا وهمومنا، بينما لا تحتاج الرومانسية منّا كثيراً من الجهد والوقت، ونسأل كيف تقوم الرومانسية بأثرها في الحياة الزوجية ؟.. والجواب كالتالي:

1/ الخيال.

تكمن الحاجة للخيال في أنه يبعد الزوجين قليلاً عن الواقع السلبي، والواقع الثقيل بقصد إصلاحه وتخفيفه، وليس الهروب كما يفعل البعض عندما يحلّق فوق سحاب الخيال ويستغرق في أحلام اليقظة، لنسيان المشاكل والهموم، وهو بهذا الهروب سيصطدم به بعد رجوعه إليه ليلقاه أكثر إيلاماً.. وأكثر سلبية..

إنما ما نقصده هو ذلك الخيال المعقول الذي يريح الإنسان من متاعب الحياة، ليرجع فيما بعد للمواجهة، أي بمثابة إعداد وتنفس، وكذلك الخيال المعقول يعتبر كأمنية يعيشها الإنسان ليسعى لتحقيقها.

والخيال بدوره يضفي على الإنسان الشعور بالارتياح والاسترخاء، الذي يحتاجه الإنسان بين فترة وأخرى، حتى أن علماء النفس يلجئون للخيال لعلاج الكثير من الأمراض النفسية، كما يوصون بتخيّل المعارف التي نريد حفظها لكي ترتكز في الذاكرة، كما ويؤكد علماء الأخلاق أن الخيال قوة من قوى النفس الطبيعية، ونزعة فطرية تسكن داخل نفسه، وبها تدرك المعاني الجزئية ودقائق الأمور والصّور، فلابد من استغلال هذه الصفة في صالح العلاقة الزوجية، وفي سبيل الحب بين الزوجين.

2/ التكلّف.

التكلّف مطلوب بالقدر الذي لا يرجع على الإنسان بالأذى، والتكلّف الذي باستطاعة الإنسان تأديته قد يحتاجه الزوجان في علاقتهما، لكي يتغلبا على تصرّفاتهما السلبية، أو لجذب السلوك الإيجابي والمعزّز للحب نحوهما..

ويوصي علماء النفس والأخلاق بتكلّف الطباع الحسنة، التي لم تعتد عليها النفس، وفي الحديث عن صفة الحلم، يقول: (( إن لم تكن حليماً فتحلّم، فإنه قلّ من تشبّه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم ))[2].

فإن كنت لا تتبادل النظرات الودّية مع زوجتك، فلماذا لا تبدأ بتكلّفها، لتكون عادة حسنة تغذي علاقتكما.. فإن (( العين بريد القلب))، كما يقول الإمام علي (عليه السلام )[3].

3- التّغيير.

الروتين اليومي في الحياة الزوجية يؤدي إلى السئم، وهذا من شانه أن يعكّر صفو الأحبّاء.. ف (( بين الحين والآخر يحتاج الإنسان أن يغيّر الأجواء التي يعيش فيها، لأن روحة تتعب من الصور المتكررة، والوجوه المكررة، والظروف المتكررة، ويتوق إلى تغيير نمط حياته، ومحيطه الذي يكتنفه ))[4].

يقول الحديث الشريف: (( سيحوا في الأرض، فإن الماء إذا ساح طاب وإذا وقف تغيّر واصفر))[5].

هكذا يمثل الحديث بمن يقف على واقعه الروتيني، فإنه كالماء الذي إذا وقف يتغيّر عن حاله ويصفرّ لونه.. وإذا ساح الإنسان في الأرض وعمل على تغيير الروتين فإن روحه تطيب كالماء الزلال.

فليس من مانع في أن تغيّر ديكور منزلك، أو أثاثه، أو موقع تنزّهك أو ملابسك وما شابه، فإن ذلك كفيل بأن يجعل الحياة المتكررة حياة متجدّدة بشكل دائم..

وسائل الرومانسية

حتى يدرك الزوجان معنى الرومانسية، ولكي تلامس أحاسيسهما عذوبة الحب، ليرقى حبّهما ويستمر رغم تعاقب الزمن وتقدّم السن، فإنه لابد لهما من معرفة الوسائل للإحساس بذلك..

إن الرومانسية توجّه الإحساس المرهف، وتطوّع جمال الخيال، وتحاكاي التغيير، وتستوعب معاني التكلّف، لخدمة الحب الزوجي، ولذلك لا بد من استخدام جميع الحواس للمساهمة في نقل الأحاسيس الحبية إلى داخل الإنسان، كالنظر، والسمع، والشم، والتذوّق، والّمس.

تعكس حواس الإنسان الرسائل التي يتلقاها من الخارج، ليتمكن من ترجمتها والتفاعل معها، فأنت تأنس لسماع الحديث الهادئ المتفائل، وتتألم وتنزعج لسماع الكلام الفوضوي، والأخبار السيئة، والأصوات النكراء.. كذلك في حالة النظر، فإنك تستمتع برؤية المناظر الجميلة كالبحر الهادئ والحدائق الناضرة، والديكور المنظّم الأنيق..

يقول الإمام علي (ع):: (( العيون بريد القلب ))[6]، وعن حاسة الشم يقول الإمام الرضا (ع): (( لا ينبغي للرجل أن يدع الطيب في كل يوم ))[7]..

فينبغي أن نطلق العنان لحواسّنا في مجالات الحلال الواسعة، لتستمتع به أيّما استمتاع، لخدمة المودة بين الزوجين، وقد تقول أن الرومانسية لا يستطيع أداءها وتوفير أجوائها إلا الأغنياء، لأنها تحتاج إلى تكاليف باهظة ! !

 ذلك غير صحيح، فإنكم تستطيعون أن تستغنوا بالأفعال الشاعرية الموحية حتى في حياة الفقر والعوز، فلن تحتاجوا للمال للتنزّه، كذلك في الطعام هو ذاته ما تأكلونه كل يوم، إنما الفرق هو فن الممارسة الشاعرية، عبر التغيير والتلذّذ..

يقول الإمام علي (ع) في وصفه للمتقين: (( فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوّة في دين.. وتجمّلاً في فاقة.. ))[8].

فالفقر لا يتنافى مع التجمّل.. ولا يتنافى مع التنزّه وغيره من الأفعال التي ترعى قيمة الحب الكبير بين الزوجين، من أجل سعادتهما ودوام حبّهما..

فنّ الرومانسية

لقد كتب مؤلفان مختصّان في مجال العلاقات الزوجية كتاباً أسمه ( ألف طريقة وطريقة كي نكون شاعريين)، وهما ( جريجروي و جوديك )*، نذكر منه ثلاثين فكرة بتصرّف، وسنرى أنها لا تحتاج إلى شيء من المال بقدر ما تتطلبه من إتقان وفن..

1/ أثناء تجولكما في السوق.. توقف وقل لها مبتسماً: ( كم أنا سعيد لأنك زوجتي).

2/ ضع بطاقة دعوة زفافكما في إطار جميل وعلّقها في غرفة النوم، فذلك يعطيها إحساساً قوياً بأنك تعتز بمناسبة زواجكما.

3/ اطبعي نسخة عن عقد الزواج وأرسليها له في البريد مع عبارة تقول: (هل تذكر ذلك اليوم).

4/ في ذكرى زواجكما أرسل لها بطاقة ورد نسخة طبق الأصل عن التي كانت تحملها يوم زفافها أو الحلويات التي تتناولها.

5/ أعيدا تمثيل أول يوم عقد قرانكما أو زواجكما، فذلك سيعيد إليكما مشاعر ذلك اليوم.

6/ اذهب بها إلى نفس الأماكن التي كنتما تذهبان إليها أثناء فترة الخطوبة، أو أول أيام زواجكما.

7/ خصّصا يوماً في الأسبوع للخروج بمفردكما لتناول العشاء أو التنزّه.

8/ الأكثر شاعرية من الخروج هو تناول العشاء في البيت على ضوء الشموع، خصّصا يوماً لذلك، بحيث تطبخين أكلة خاصة.

9/ رتّبا إجازة خاصة بكما، ( من دون الأولاد) حتى لو لمدّة قصيرة جداً، فذلك يعيد الحياة لزواجكما وينعشه.

10/ حين تسافر أكتب لها كلمات الحب والشوق (أحن إليك )، ( سأظل أفكر فيكِ ) أو أبياتاً من قصيدة تعرف أنها تحبها.

11/ عندما يسافر زوجكِ ضعي له بطاقة بين ملابسه في الحقيبة، أو في جيوب ملابسه، وكل مكان يمكنكِ إخفاؤه فيه.

12/ رافقها حين تذهب للتسّوق، بالذات لشراء ملابسها الخاصة وعطورها، أعط رأيك باهتمام، ومن المهم أن تكون صبورا معها ولا تتذمر إذا طالت التسوّق وترددت كثيرا قبل الشراء، فكم سيريحها ذلك ويسعدها، وسيزداد حبها وتقديرها لك.

13/ اشتر كتابا للكاتب المفضل لديها وضعه في مكان تشاهده فيه، مع بطاقة مكتوب عليها إهداء منك إليها. ( من دون مناسبة ).

14/ اذهبا سويا إلى المكتبات واختارا كتبا للقراءة سويا، فتلك العملية تعني المشاركة الفكرية.

15/ أقرئا الجريدة معا..

16/ اذهبا للمشي مساء سويا.

17/ حاول أن تأخذها معك في إحدى رحلات العمل خارج البلاد، حتى لو كانت ليومين فقط، فذلك يشعرها أنك لم تستغن عنها كلّية، وإنك تسعد بوجودها معك أثناء سفرك من اجل العمل.

18/ اذهبا للأسواق لمجرد التفرّج على المحلات وليس لشراء شيء، فمجرد المشاركة تقربكما من بعضكما.

19/ تظاهرا، أو مثلا، إنكما سائحان في بلدكما، اذهبا سويا لزيارة المتاحف والمناطق السياحية. فالتمثيل يولد إحساسا بالسياحة وكأنكما مسافران في إجازة، مجرد الفكرة ستضفي على حياتكما كثيرا من التغيير والإثارة.

20/ اجلس معها في المطبخ لمجرّد الحديث وتسليتها أثناء الطبخ، أو ساعدها في المطبخ، فذلك قمة في الشاعرية بالنسبة للزوجة.

21/ في عيد ميلاد ابنك أو ابنتك قدم هدية لزوجتك وقدم لها بطاقة مكتوب عليها بخط يدك: (( أنت التي تستحقين الهدية لأنك أنجبت ابننا وتعبت في تربيته ))، فليس هناك أجمل من إحساسها بأنك فخور بها كأم.

22/ اخبر سكرتيرتك أو عامل البدالة أن يوصلا مكالمات زوجتك لك مهما كانت ظروفك، وحتى لو كنت في اجتماع. فذلك يؤكد لها أنها تحتل الأولوية في حياتك.

23/ أرسلي له بطاقة، تحمل كلمات رقيقة، بالبريد إلى مكتبه.

24/ اخرجي عن المألوف وادعي زوجك للعشاء بدلا من أن يدعوك هو..

25/ حاول أن تبدي الاهتمام بحماتك، قدّم لها هدية مثلا، فإن ذلك سيسعد الابنة ويسحرها.

26/ اذكر محاسنها أمام أهلك كلما سنحت الفرصة.

27/ تقرّبي من أمه واسأليها عن كل شيء عن زوجك حين كان طفلا حتى الآن.

28/ قدّمي هدية لأمه.

29/ دللّها ذات صباح، وأحضر لها كوب الشاي أو القهوة، بل حتى الإفطار إلى السرير.

30/ انظري دوما إلى الجوانب الحسنة في زوجك، واخبريه عنها كلما سنحت الفرصة. فذلك يرفع من معنوياته ويجعله أكثر ثقة فيك، وأكثر ارتياحا لوجودك معه.

* فصل من كتاب الحب في العلاقات الزوجية

www.mosawy.org


[1] / الرومانسية تعني تغلب الشعور والخيال على العقل، ولكننا في هذا المقام سنأخذ منها الشعور والخيال والتكلف ما يتوافق مع العقل والشرع.

[2] / ميزان الحكمة ج2 ص513، عن الإمام علي (ع)

[3] / غرر الحكم ودرر الكلم – للآمدي ص51.

[4] / فن الترويح عن النفس، السيد هادي المدرسي، ص22.

[5] / بحار الأنوار، نقلاً عن المصدر السابق.

[6] / غرر الحكم ودرر الكلم،ص51.

[7] / ميزان الحكمة.

[8] / الحياة ج6، ص134.

* قد قامت باختصاره مجلة الأسرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/آيار/2009 - 5/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م