الازمة المالية في امريكا: الكساد يغذي التطرف والعنف والانتحار

انتخاب أوباما والاقتصاد وراء تنامي التشدد الأمريكي!

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: حذر تقرير لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية أن انتخاب أول رئيس أمريكي أسود والركود الاقتصادي قد يزيدا عدد الجماعات اليمينية المتشددة في الولايات المتحدة، ورغم نفي التقرير، المكوَّن من تسع صفحات، لأي معلومات محددة تشير لتخطيط إرهابيي جناح اليمين لأي شكل من أشكال العنف، إلا أنه عاد وحذر من أن أزمة الرهن العقاري والائتمان إلى جانب البطالة، قد تهيئ المناخ المناسب والخصب لتجنيد المزيد من هذه الكوادر المتشددة، وإمكانية أن يتمخض عنها مواجهات بين تلك الجماعات "الراديكالية" والسلطات الحكومية تماماً كما حدث في السابق."

وعمم التقرير، الذي أعدته وزارة الأمن الداخلي بالتنسيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالية ونشر في السابع من الشهر الجاري، على كافة الأجهزة الأمنية الأمريكية تحت عنوان "المناخ الاقتصادي والسياسي الراهن يؤججا عودة الراديكالية والتجنيد."

وقارن التقرير بين المناخ السائد حالياً وتلك التي شهدتها الولايات المتحدة في فترة التسعينيات "عندما أعاد الركود الاقتصادي وشح الوظائف وتهديدات قوى أجنبية أخرى لقوى الولايات المتحدة، إحياء تلك الجماعات."

ورجح التقرير أن فرض قيود على حيازة الأسلحة قد يدفع بالمزيد للانتماء إلى تلك الجماعات المتشددة، وأعربت وزارة الأمن الداخلي عن مخاوفها من توجه تلك الحركات لتجنيد قدامى المحاربين. بحسب سي ان ان.

كما أشار إلى مخاوف بشأن مشاعر العداء للسامية، إذ تلقي بعض من تلك الجماعات الراديكالية على عاتق "نخبة اقتصادية يهودية" مسؤولية الأزمة الحادة في سوق الوظائف والرهن العقاري بالولايات المتحدة، ومحاولة استثمار أنها مؤامرة متعمدة من قبل ذلك اللوبي اليهودي، لتجنيد المزيد من الكوادر المتشددة.

ويبقى انتخاب الرئيس باراك أوباما، كأول رئيس أمريكي أسود الدافع الأبرز لتزايد التجنيد، وجاء في التقرير: العديد من متشددي جناح اليمين معادون للإدارة الأمريكية ومواقفها المتخذة بشأن عدد من القضايا منها الهجرة ومنح الجنسية، وتوسيع برامج الخدمات الاجتماعية للأقليات إلى جانب فرض قيود على حيازة الأسلحة واستخداماتها"، وفق التقرير.

أورد التقرير أن السلطات الأمنية الأمريكية تدخلت، وفي حالتين، لإحباط ما قد تكون مراحل مبكرة من خطط قد تمثل تهديداً تستهدف مرشحاً ديمقراطياً أثناء الانتخابات الرئاسية في 2008.

وشدد التقرير بأن "الذئاب الوحيدة والخلايا الإرهابية الصغيرة"، تمثل أعظم التهديدات الإرهابية لأمريكا، نظراً لاتسامها بالحذر الشديد الأمر الذي يصعب إمكانية اكتشاف مخططاتها والتدخل في الوقت المناسب.

مع ركود الاقتصاد الأمريكي.. ازدياد إساءة معاملة الأطفال

ذات مرة تم هز رضيعة لا يتجاوز عمرها أربعة اشهر بعنف شديد بحيث احتاجت الى جراحة. وأصيبت أخرى عمرها ثلاثة أسابيع بكسر في الضلوع بسبب اساءة المعاملة في المنزل. وتوقف تلقي صبي في التاسعة من عمره مصاب بالسكري العلاج اللائق لحالته.

تلك الحالات التي أبلغت عنها مستشفيات بوسطن هي جزء من ارتفاع في معدلات اساءة معاملة الاطفال في الولايات المتحدة خلال فترة من الركود الاقتصادي دفعت بعض الاسر الى حافة الهاوية وأربكت وكالات حماية الطفل التي لا تملك المال.

وتقول اليسون سكوبي وهي مديرة برنامج بفريق حماية الاطفال في مستشفى بوسطن للاطفال "في الاشهر الثلاثة الاخيرة كان لدينا ضعف حالات الاصابة بجروح خطيرة الحقت (بالاطفال) مقارنة بنفس الاشهر الثلاثة من العام الماضي."وعادة يعالج مستشفاها نحو 1500 من هذه الحالات في العام. وارتفع هذا الرقم الى 1800 العام الماضي. بحسب رويترز.

وقالت "وجدنا أن هذا يعزى بشكل مباشر الى ما يحدث اقتصاديا... الكثير من المستشفيات هنا أبلغت عن زيادة تتراوح بين 20 و30 في المئة في طلبات الحصول على استشارات تتصل بالاشتباه في اساءة معاملة طفل."

وتحمل الكثير من الحالات بصمة المشاكل الاقتصادية مثل صبي في التاسعة من عمره مصاب بالسكري وتم حجزه بالمستشفى بعد أن لم يعد باستطاعة والدته وهي عزباء سداد أقساط التأمين اللازمة لعلاج مرضه. وكانت تتركه وحده بالمنزل لفترات طويلة في ايام كان يحتاج الى رعاية طبية. وقالت سكوبي "واجهت صعوبة في القيام بالاساسيات التي من شأنها الحفاظ على صحة هذا الطفل."

وتشير تقارير رسمية وروايات يتناقلها الناس الى ظهور حكايات مشابهة في مناطق أخرى. وعلى سبيل المثال ذكرت ادارة خدمات الطفل والاسرة في ايلينوي ارتفاعا في حالات اساءة معاملة الاطفال في الولاية عام 2008 بنسبة 5.8 في المئة. وفي منطقة شيكاجو زادت حالات اساءة معاملة الاطفال بنسبة تتجاوز تسعة في المئة العام الماضي.

وذكرت رابطة الخدمات العامة للاطفال في اوهايو وهي رابطة لا تهدف للربح من الوكالات المعنية بحماية الطفل أن عدد حالات اساءة معاملة الاطفال في اوهايو الولاية التي تضررت بشدة من جراء الركود بلغ 100 الف حالة وهو عدد لم يسبق له مثيل للمرة الاولى عام 2007 واستمر في الارتفاع.

وقالت كريستال وارد الين مديرة الجماعة والتي تعتمد وكالتها بشدة على العائد المحلي الذي يقتطع من الضرائب العقارية التي انهارت خلال الركود "كثير من مديري وكالتنا بالمقاطعات يخبروننا أن البلاغات عن اساءة معاملة الاطفال لديهم ازدادت."وأضافت "شبكة الامان الاساسية لنا تتداعى حقا."

وتظهر أحدث البيانات الاتحادية تراجع اساءة معاملة الاطفال بالولايات المتحدة عام 2007 الى معدل بلغ 10.6 في المئة من اجمالي عدد اطفال امريكا البالغ 71 مليون طفل بعد أن كانت النسبة 12.1 في المئة عام 2006 .

لكن البعض يرون أن هذا يتغير تغيرا كبيرا. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة ميسون-ديكسون لاستطلاعات الرأي والابحاث في مارس اذار أن 88 في المئة من 607 من العمد ووكلاء النيابة وقادة الشرطة في أنحاء البلاد يتوقعون ارتفاعا في معدلات اساءة معاملة الاطفال. وهم يبنون وجهات نظرهم الى حد بعيد على وقائع ارتفاع مشابهة خلال فترات ركود سابقة.

لعنة الأزمة الاقتصادية تلاحق الأحياء والأموات في أمريكا

يقول مثل أمريكي "لا شيء مؤكد أو محتوم على الإطلاق سوى الموت والضرائب"، إلا أن الأزمة الاقتصادية الطاحنة، أرخت بظلالها القوية على "صناعة الموت" التي "تحتضر" بفعل أزمة مالية أثرت على الأحياء والأموات، على حد سواء.

ومع "انكماش" سوق العمل و"تلاشي" المدخرات والعقارات إثر ترنح القطاع المصرفي، يطل "شبح" الأزمة المالية، على صناعة دفن الموتى، حيث بدأت الأسر الأمريكية النظر في وسائل تقشفية لخفض تكلفة نفقات دفن الأحبة. ويشار إلى أن هناك 21 ألف شركة أمريكية متخصصة في تشيع الموتى وإقامة المأتم Funeral homes. وتمثل العائلات 89 في المائة من ملاك هذا النوع من الصناعة التي تدر عائدات سنوية تصل إلى 11 مليار دولار.

ويقدر القطاع تكلفة دفن شخص بالغ بحوالي 6195 دولاراً عام 2006، وتأثرت الصناعة مع محاولات الأسر الأمريكية التقشف وتغير أنماطها المعيشية لتتماشى مع الوضع الاقتصادي السائد. ودفعت التكلفة العالية بعض الأسر للجوء إلى حرق جثث موتاهم.

وقالت كيرا سكالان-ويسبيتاد، من "دار جون سكالان لدفن الموتى، لـCNN: "بالتأكيد نشهد تصاعداً بلغ 11 في المائة في طقوس الدفن عبر الحرق"، لدوافع اقتصادية.

وتابعت: "في المتوسط، بإمكان الأسر توفير ما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف باختيار حرق جثث موتاهم.. والأمر برمته ليس مفاجئاً وضعاً في الاعتبار الوضع الاقتصادي."

وتقول "جميعة حرق جثث الموتى في أمريكا الشمالية" The Cremation Association of North America"، إن تلك الطقوس في تزايد مستمر، ويتوقع أن ينتهي المطاف بـ40 في المائة من إجمالي المتوفين في الولايات المتحدة سنوياً، بالحرق بحلول عام 2010.

وعزت المنظمة الدافع وراء الزيادة لعوامل اقتصادية، فيما قال 30 في المائة في استطلاع أجرته، إن حرق الجثث أقل تكلفة.

وشرح بوب غيتس، من مقبرة "روزديل" في نيوجيرسي الإقبال على حرق الجثث قائلاً: "هنا في روزديل تبلغ التكلفة 345 دولاراً، وترتفع إلى 3 آلاف دولار عند قرار دفن المتوفى."

واشتكى رالف روليس، مالك شركة "لينكولن للأنصاب" - متخصصة في صناعة شواهد القبور الرخامية، من الازمة التي لا تكتفي بملاحقة الأحياء فحسب بل الموتى وحتى اللحد. وأضاف: "الناس حالياً يبحثون عن أصغر وأبخس أنصبة يمكن شراؤها.. هذا بحد ذاته غريب على معظم العائلات التي فقدت للتو شخصاً عزيزاً."

مدير "فريدي ماك" المتعثرة يشنق نفسه بمنزله

وقالت السلطات المحلية بأمريكا، إن ديفيد كيلرمان، القائم بأعمال المدير المالي لعملاق التمويل العقاري "فريدي ماك" عثر عليه ميتاً صباح الأربعاء الماضي في منزله، وسط ذهول جيرانه.

وأبلغ مصدر مطلع على التحقيقات شبكة CNN أن كيلرمان (41 عاما) عثر عليه وقد شنق نفسه، في منزله في ولاية فرجينيا الأمريكية.

وقالت لوسى كالدويل المتحدثة باسم شرطة مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا إنه "لم تكن هناك دلائل على مؤامرة عندما وصل أفراد الشرطة إلى منزل كيلرمان قبل الساعة 5 صباحا بقليل،" مشيرة إلى أن "الوفاة تبدو وكأنها انتحار."

وقال متحدث ثان باسم شرطة فيرفاكس وهو إدي أزكاريت إنه "تم العثور على جثة كيلرمان في قبو منزله، وتم نقلها على الفور ليتم فحصها من قبل الطبيب الشرعي."

 وأضاف "سبب الوفاة تحديدا لا نعلمه حتى الآن وعلينا أن ننتظر تقرير الطب الشرعي،" مؤكدا أنه "تم استدعاء الشرطة من قبل شخص داخل المنزل،" إلا أنه لم يفصح عن هوية الشخص المتصل. وشركة "فريدي ماك" كانت غارقة في مشاكل مالية منذ العام الماضي، ثم استولت الحكومة عليها بعد تداعيات أزمة الرهن العقاري.

وكانت الشركة أعلنت تسجيل خسائر فادحة كانت أكبر من المتوقع في الربع الثاني من العام الماضي، وصلت نحو 821 مليون دولار، أو بنحو 1.63 دولار للسهم الواحد، في الربع الثاني. وأعلنت الشركة أيضا إن رأس ماله المقدر هبط إلى 37.1 مليار دولار مع نهاية الربع الثاني، من نحو 38.3 مليار دولار كانت مع نهاية مارس/آذار من عام 2008.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/نيسان/2009 - 30/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م