للتأريخ موقف ولله حكمة

رفعت الواسطي

شاهد مهم وممن يعرف الكثير عن قضية دفن جثمان الشهيد  والمفكر الاسلامي السيد محمد باقر الصدر طيب الله ثراه  ذكر معلومة ليست بالمستغربة عنا كعراقيين يتوقعون كل ماهو بشع وسيء في منهج وسلوك نظام صدام البائد ولمأساتها وقفت متأملا خطورة المنطق البعثي ووحشية الانسان حين يمسخ.

فقد ذكر ذلك الشاهد وهو من أهالي مدينة النجف الاشرف انه وفي فترة الثمانينات من القرن الماضي كانت عملية دفن المعدومين من قبل الاجهزة القمعية للنظام البائد تتم ليلا وفي احدى المرات كان مع  أصداقه متخفين في مقبرة السلام بمدينة النجف الاشرف حيث شاهدوا موكبا من سيارات الاجرة وعليها  توابيت لمعدومين لم يكن الدفانون  يستطيعون ان يكملوا عملية الدفن بالسرعة المطلوبة فساعدهم هو ورفاقه الهاربين من الخدمة العسكرية ولم ينتبه احد انهم هاربين حيث يقول انه دفن تسعة ولاحظ ان اسمائهم جميعا هو صباح وحين انتهوا من عملية الدفن سأل رفاقه فكان نفس الجواب اسمهم صباح وقد استفسر فيما بعد من احد الدفانين الذين يعرفهم ويثقون به عن الاسم  لماذا كلهم باسم صباح  أجابه انه ايضا سأل الموظف في الطب العدلي عن الموضوع فقال له ان احد المحتجزين في دائرة الامن العامة وفي التحقيق سألوه عن اسم مسؤوله في تنظيم حزب الدعوة وكان من اتباع الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر قال ان اسمه صباح  وهو طالب في كلية.... ثم لفظ انفاسه ومات فقامت اجهزة الامن باعتقال كل طالب في الجامعات  العراقية ممن اسمه صباح من الشيعة وتمت تصفيتهم بتلك الطريقة الدموية.

ترى أي عقلية هدامة تلك التي حكمت العراق وأي منهج أخلاقي سيء يؤمن به أولئك الدعاة بعودة حزب البعث الى الحياة السياسية في العراق؟ الى عام 2003 كان في العراق قتل للانسان وقيمه  وبعده أصبح هناك برنامجا منظما ساهم في تنفيذه كل من لم يقرأ التاريخ بحكمة وعقلانية ممن يقودون العملية السياسية يشاركهم مايعرفون بايتام النظام البائد والنظام السياسي العربي المتمثل بمصر والسعودية وسوريا ثم اليوم هناك خشية من محاولة ربما ستعيد نفس الكرة من قبل الادارة الامريكية بخصوص دورها السيء في المنطقة ضد الشعوب ولاسيما الشعب العراقي فمن قال  لقد عدنا بقطار امريكي عام 1968 ربما يعودون بطريقة اخرى لان هناك اخطاء  من قبل الكيانات السياسية لاسيما الشيعية ستساهم بجريمة متوقعة.

حين تتم عملية غربلة القوى الفاعلة في السياسة العراقية نجد ان كفة حزب البعث الهدام هي  المؤثرة فهو عصابة تعيث في الارض فسادا وجذوره مجهولة من حيث  التأسيس والفكر يكفي ان مؤسسه ميشيل عفلق وافكاره ونظرياته حكمت دولة اسلامية كالعراق ففي ميزان القوى الدولية هو المطلوب ثم جائت الانتقالة العبثية من قبل  قوات التحالف بسقوط نظام صدام عام 2003 وماتلته من ممارسات خاطئة في الشعائر الدينية لشيعة العراق سواء في محرم أو غيره وتلك الشعارات (لبيك ياحسين) وتبجح اعلام السلطة ومن يروج لها ان المسيرة  لكربلاء هذا العام  كانت تفوق ثمانية مليون زائر هذه الصور لايمكن ان تترك بدون اعتبار من المؤسسات الوهابية أو غيرها ممكن تنظر لكيفية الاساءة للاسلام وتشويه سمعته  بعمليات القتل الطائفي التي جرت في العراق او باكستان.

 ولاننسى ان هناك اقبالا كبيرا للدخول الى الاسلام انتبه له الفاتيكان ومحاولات مستمرة في وسائل الاعلام بتشويه صورة الاسلام هنا في الولايات المتحدة الامريكية وفي اوربا وموقف ايران من العملية السياسية في العراق وتدخلها المستمر في الشأن العراقي والرفض العربي (المصري والسعودي) لذلك بدواعي طائفية كلها اوراق مرشحة لاعادة النظر وبرمجة مهيئة لاستغلال التطورات والاحداث بشكل خطير ولعل تصريحات محمود عثمان عن قائمة التحالف الكردستاني بخصوص الضغوط الامريكية ضدهم اليوم هي أيضا معلومة تقودنا الى الوراء الى مرحلة النضال الكردي المسلح ضد نظام حزب البعث عام 1974 وبعد الدعم الامريكي الايراني لهم  تم التخلي عنهم وفق اتفاقية الجزائر عام 1976  ثم الماساة المروعة بحلبجة والانفال عام 1986 -1987.

ما اكتبه هنا هو تذكير للاخوة المعنيين بالوقوف بحزم ضد عودة حزب البعث ولابد من التذكر اولا ان توقيت سقوط نظام صدام كان بنفس تاريخ اعدام الشهيد والمفكر الاسلامي السيد محمد باقر الصدر الذي يعد مشروعا للاصلاح الالهي على الارض ولم تكن عملية اعدامه الا وفق آليات تنفيذية يخطط لها من يرفعون شعارات الديمقراطية وينفذها الاذلاء المهوسين بحب السلطة كصدام العوجة وأشباهه الذين يعيدون سيرته السيئة في الحكم من خلال العبث الذي يقوم به من يقودون العملية السياسية اليوم.

 هناك معلومة ذكرها ضابط متقاعد في المخابرات المركزية الامريكية ذكر فيها انه وبعد وصول صدام الى السلطة عام 1968 اعطيت له فيما بعد قائمة بأسماء 600 موطن عراقي من تنظيم الحزب الشيوعي طلب منه تصفيتهم كاختبار لولاءه للمخابرات المركزية واعتقد ان جرائمه فاقت الرقم بكثير هذا طبعا لم يذكر موقفهم من التيار الاسلامي كي لايثير هذا الضابط المتقاعد ثائرة الاسلاميين طبعا.

علينا ان نكتب للتاريخ موقفا تذكريا لمن يتعظ اما من عميت بصيرته عن قراءة الاحداث من حوله وعدم الاتعاظ فهذا شأنه الحزبي او الطائفي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 15/نيسان/2009 - 18/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م