ديمقراطيتنا وخطر غياب الصحافة

علي الطالقاني

يقف العراق في مقدمة البلدان التي لم يقدم فيها قتلة الصحفيين إلى المحاكمة، وأنه يشكل أخطر مكان للصحفيين في العالم. هذا مجمل ما أفادت به اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، حيث قتل في العراق 88 صحافيا منذ عام 2003 دون اتخاذ أي إجراء لحمايتهم. لينضموا بذلك الى القائمة الرهيبة التي تحمل أسماء صحافيين عراقيين.

يمر الصحافيون اليوم بضائقة خانقة من حيث المخاطر، ومع تحول العراق نحو الديمقراطية، أصبحت هناك رغبة من بعض الصحافيين بالتقصي عن الأخبار من خلال الصحافة الاستقصائية على اعتبارها تعطي دقة كبيرة بالنتائج.

وبعد أن بدأ بعض الصحافيين باستهداف الإرهاب من خلال نشاطاتهم الاعلامية، واستهداف الفساد في مرافق الدولة، شكلت هذه التحركات خطراً على بعض الجهات الفاسدة، ربما يزيد ذلك من حدة المخاطر على الصحافيين، ولكن الكثير منهم مازالوا يواجهون هذه المخاطر للوصول الى صحافة حقيقية. أما استخدام بعض الجهات للحوافز المالية وفرض آليات الرقابة التي من خلالها يردون إخراس صوت الاعلام، فهذا إقدام خطير يبغون منه توجيه الاعلام مع مصالحهم. فمن المأساة أن تنجح هذه الجهات بالسيطرة على الاعلام لممارسة تحركاتها المشبوهة، لأن ذلك سيشكل تهديدا للحرية وسينتج تأثيرات مستقبلية فظيعة.

إن غياب الصحافة الحرة، والاستقصائية بالخصوص يجعل التقدم الذي أحرزه العراقيون نحو الديمقراطية عُرضة للخطر. حيث تشهد الصحافة اليوم نمطاً مؤلماً من خلال إستغلال بعض الجهات للاعلاميين وتقديم الاموال  لهم وربما هذه السياسة استخدمت بدلا من سياسة القمع، فمن المعروف أن الصحافة في مختلف محافظات العراق تشكل أهمية كبرى، وإن بقائها يقع تحت ظل المخاوف فيما يتصل باستمرار وسائل الاعلام وبقائها، أو تحولها الى بوق لبعض المسؤولين الذين يقدمون الدعم لها. ففي بغداد سمعنا مؤخرا عن دعم لبعض الصحف المحلية والتي قامت فيما بعد بالترويج لأشخاص حكوميين ولمشاريعهم التي يقومون بها ضمن منصبهم الوظيفي. حيث مارس بعضهم أشكالا مختلفة من التحريض على التغطية الإيجابية لأنشطتهم، في الوقت الذي أصبحت فيه رواتب الصحافيين لاقيمة لها.

ومن هذا نستنتج أن الصحافة واحدة من أهم مقومات الحرية، وفي ظل المخاطر التي يتعرض لها الصحافيون يجب أن تكون هناك خطوات تساعدهم على النهوض بواقعهم من خلال الخطوات التالية.

أولا: عدم مضايقة وسائل الاعلام من خلال تحجيم مساحة الحرية لها.

ثانيا: توضيح القانون الخاص بالصحافة لئلا يكون هناك خلط بين المفاهيم المنصوص عليها ضمن التشريع لقانون الصحافة.

ثالثا: الالتزام بالقوانين المنصوص عليها عالميا والتي تتيح الحرية للصحافيين.

رابعا: أن تكون هناك حرية في التعبير والكتابة، كما يجب أن يكون هناك حق في النقد الصحافي.

خامسا: الالتزام بالمواثيق الاعلامية.

خامسا:مساعدة الصحافيين من خلال زجهم بدورات تعزز مهاراتهم الصحافية، وتزيد من ثقافتهم القانونية.

سادسا: عدم إخضاع وسائل الاعلام للمؤسسات الحكومية، كما يجب السماح للمؤسسات غير الحكومية بإنشاء مختلف سائل الاعلام.

سابعا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، حرية الصحافة والطباعة والإعلام والنشر، حرية الاجتماع والتظاهر.

ثامنا: تخصيص منح للصحافيين لتغطية نفقاتهم الحياتية.

تاسعا: على الصحافيين أن يلتزموا هم أولا قبل غيرهم باخلاق ومواثيق الصحافة، وان يساهموا بدفع عجلة التقدم في ظل الديمقراطية.

وأخيرا فان الإعلام له إيجابيات عديدة وأنه يؤرخ حركات وافعال الشعوب لتكون فيما بعد تجربة للأجيال المتعاقبة، فضلا عن أنه رسالة محترمة وهذا مما يجعلنا أن نلتزم معها في الإطار الأخلاقي والاجتماعي.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/نيسان/2009 - 17/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م