تركيا والبحث عن مشروع دولة عظمى

اردوغان: تركيا هي تركيا... وليس الجزائر او ايران

 

شبكة النبأ: تتجه تركيا وفق ما يرصد من توجهة سياستها العامة خلال عهد اردوغان الى اعادة فرض واقع جديدا في شؤون المنطقة تكون لها الكلمة العليا عبر اعادة نفوذ الدولة العثمانية السالفة.

حيث يحاول حزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة عبر موجة من الاصلاحات الداخلية ونبرة جديدة في ملف العلاقات الخارجية،  اعادة الاعتبار للدولة التركية المنكفئة على نفسها منذ عقود.

فيما تنبأ بعض المراقبين الى عودة قوية للدولة التركية على صعيد الاقليمي والعالمي، لما لها من مميزات مؤهلات قادرة على النهوض بها الى مصاف الدول العظمى.

تقرير أمريكي: يتحدث عن تحول تركيا إلى القوة عظمى

ذكر تقرير اعدته وكالة الاستخبارات الامريكية الخاصة «ستراتفور» ان تركيا شرعت في توسيع قوتها ونفوذها في الشرق الاوسط، موضحا انها «ستتحول حتى العام 2040 الى قوة اقليمية عظمى، تستعيد من خلالها سلطتها على اراضي الامبرطورية العثمانية السابقة».

وقال معد التقرير الخبير جورج فريدمان المقرب من دوائر البنتاغون «تستطيعون من الان ان تروا أبعاد ومفاصل السلطة التي ستمتلكها تركيا في اراضي الدولة العثمانية السابقة»، مشيرا الى «التنامي المتواصل لتأثيرها ونفوذها في الدول الاسلامية، بل وحتى انها اصبحت الاكبر خلال العام الماضي».

ويرصد التقرير امتداد النفوذ التركي الى البانيا وصربيا ودول منطقة البلقان الاخرى، وقال «عززت تركيا مواقعها في منطقة القوقاز بتشكيلها حلفا قويا مع جورجيا واذربيجان».

وحدد التقرير خاصيتين تتميز بهما تركيا وهما : الاقتصاد المتنامي والحيوي و الجيش القوي جدا، مبينا «ان الاقتصاد التركي يحتل المرتبة الـ 17 في العالم الان»، وقال «تؤشر التوقعات ان اقتصادها سينتقل الى المرتبة العاشرة من بين الاقتصاديات الكبرى في العالم العام 2020». بحسب صحيفة الوطن.

ويرى التقرير ان الافضلية الكبرى التي تتمتع بها تركيا متأتية من تركيبيتها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي وقال «ليس هناك اي دولة في الشرق الاوسط تتمتع بالمزايا والخصائص التي تمتلكها تركيا، وهو ما يؤهلها فعلا لتكون القوة العظمى في المنطقة».

ونقل التقرير عن زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان قوله «لاتوجد دولة يمكن لتركيا ان تتخذها نموذجا، لانها تصبح تدريجيا النموذج الذي تسعى الدول لاستلهامه والاحتذاء به في مسيرة تطورها» واضاف «توقع الكثيرون نهاية سريعة لحزبنا في السلطة، ثم بعد ذلك قالوا ان تركيا ستصبح ايران او جزائر جديدة في المنطقة ،ولم يحدث لا هذا ولا ذاك» وقال «تركيا هي تركيا».

تركيز الناخبين الاكراد على هويتهم احبط رئيس الوزراء التركي

اخفق حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في الفوز بالمعقل الكردي في دياربكر في الانتخابات المحلية لانه اساء تقدير ما لدى الاقلية الكردية من مشاعر سلبية امتدت لعقود من الزمن.

وخرج الاكراد المبتهجون الى الشوارع في دياربكر اكبر مدينة في جنوب شرق تركيا للاحتفال بانتصار حزب المجتمع الديمقراطي المؤيد للاكراد على حزب العدالة والتنمية الذي شن حملة رسالتها تحسين الخدمات في المنطقة الفقيرة بدلا من التأكيد على الهوية الكردية. بحسب رويترز.

ويشهد الجنوب الشرقي اعمال عنف انفصالية منذ رفع حزب العمال الكردستاني السلاح ضد الدولة قبل 25 عاما. وقتل نحو 40 الف شخص في الصراع الذي يعتبر انهاؤه امرا رئيسيا لتعزيز الامن التركي.

واكد الرئيس التركي عبد الله جول على هذه النقطة في بغداد عندما دعا المسؤولين الاكراد العراقيين الى القيام بالمزيد من اجل منع حزب العمال الكردستاني من استخدام العراق كقاعدة للهجوم على تركيا. واعترف ايضا بالحكومة الكردية في شمال العراق في خطوة من المتوقع ان تحسن العلاقات بين الحكومة التركية والاكراد.

وكان حزب اردوغان ذو الجذور الاسلامية يأمل في هزيمة حزب المجتمع الديمقراطي في دياربكر وغيرها من الادارات المحلية في الجنوب الشرقي بعد ان اكتسح المنطقة في الانتخابات العامة التي جرت في عام 2007.

لكن حزب المجتمع الديمقراطي فاز بنسبة 67 في المئة من الاصوات في دياربكر وهزم حزب العدالة والتنمية الذي حصل على نسبة 31 في المئة من الاصوات.

وسببت هذه النتيجة احباطا شديدا لاردوغان الذي بذل جهدا كبيرا للفوز بتأييد الاقلية الكردية في تركيا التي يبلغ عددها 12 مليونا عن طريق ابلاغهم بان كل المواطنين الاكراد سواسية ومنح المزيد من الحقوق للاكراد تحت ضغط من الاتحاد الاوروبي.

ولم يؤد اطلاق قناة تلفزيونية باللغة الكردية في التلفزيون الحكومي وتسليم غسالات كهربية مجانا للسكان المحليين الى اقناعهم بان حزب العدالة والتنمية هو الافضل لادارة مدنهم. ومع ذلك فان من المتوقع ان تستمر الحكومة في الدفع نحو الاصلاح.

واتهم مسؤولو حزب المجتمع الديمقراطي الحكومة بمنح الاكراد بعض الحقوق لكي تفوز فقط باصواتهم واشار الى العديد من القيود التي لا تزال مفروضة على اللغة الكردية.

وقال الطالب بيلين التون (21 عاما) "نحن سعداء بفوز حزب المجتمع الديمقراطي. انه حزبنا وهذا انتصار لنا."

وقال ان "المتدينين فقط هم الذين اعطوا اصواتهم لحزب العدالة والتنمية. في حين صوت الشباب لحزب المجتمع الديمقراطي لاننا نهتم اكثر بهويتنا والمستقبل وليس بالديانة."

وقال يلمظ (34 عاما) وهو حارس "نحن لسنا غرباء متوحشين اننا نريد هويتنا."

وقال دوجو ايرجيل وهو خبير في شؤون الاكراد مقيم في انقرة ان النتيجة بعثت برسالة الى اردوغان بان "الطريق الى اوروبا يمر بدياربكر". ويضغط الاتحاد الاوروبي منذ فترة طويلة على انقرة لمنح المزيد من الحقوق الثقافية السياسية للاكراد."

وقال ايرجيل "الاكراد لا يريدون ان تمنحهم الحكومة حقوقهم. انهم يقولون انها حقوقهم الخاصة ويريدون ممارستها لانها خاصة بهم."

وتخشى الدولة التركية منذ فترة طويلة من ان تخفيف القيود على الاقليات قد يؤدي الى اقتطاع اجزاء من البلاد التي قامت على انقاض الامبراطورية العثمانية. واطلق الجيش اشارات تصالحية في الشهور الاخيرة قائلا ان القوة وحدها لا يمكن ان تهزم الانفصاليين.

وقال زعيم حزب المجتمع الديمقراطي احمد ترك الذي يواجه حزبه احتمال قيام المحكمة الدستورية باغلاقه بتهمة ان له صلات بالمتمردين الانفصاليين الاكراد ان النتائج تمثل نجاحا للاكراد.

وقال "اعطى الشعب درسا للحكومة. واستعدنا الاصوات الخاصة بنا. الحكومات دائما مؤقتة لكن الشعب باق."

الانتخابات تدفع الحزب الحاكم للتعامل مع عيوبه

كما تشير خيبة الامل التي عبر عنها رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بشأن الانتخابات المحلية الى أن الحزب الحاكم سيعالج عيوبه وبالتالي يعزز الديمقراطية.

وفاز حزب العدالة والتنمية بنسبة 39 في المئة في الانتخابات البلدية لكن النتائج جاءت أقل من الهدف الذي حدده بنسبة 47 في المئة وهي النتيجة الاسوأ منذ جاء الى الحكم للمرة الاولى في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2002 . ويقول محللون ان هذه النتائج نداء استنهاض لحزب بات مستريحا في الحكم ورئيس وزراء يعاني حساسية تجاه النقد.

ومن الواضح أن اردوغان الذي جعل من الانتخابات المحلية استفتاء على حكمه المستمر منذ سبعة اعوام أساء الحكم على استياء الناخبين من تعامل حكومته مع الاقتصاد البالغ حجمه 750 مليار دولار والذي يتوقع أن ينزلق الى الكساد في عام 2009 بعد سنوات من النمو الممتاز.

وقال ياركين جيبيجي كبير الخبراء الاقتصاديين ببنك جي بي مورجان في اسطنبول "نعتقد أن رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان سيقرأ النتائج قراءة صحيحة ويركز على المشاكل الاقتصادية."

وأضاف "الناخبون الاتراك أرسلوا تحذيرا واضحا لحزب العدالة والتنمية الحاكم معبرين عن استيائهم من الركود الاقتصادي في الاونة الاخيرة."

واثناء الحملة الانتخابية التي حملت جميع ملامح الانتخابات العامة قلل اردوغان من اثار الازمة المالية العالمية على تركيا وأنحى باللائمة على رجال الاعمال الذين يفتقرون الى الكفاءة في ارتفاع معدلات البطالة التي تبلغ نسبتها الحالية 13.6 في المئة وهي نسبة قياسية.

وفشل حزب العدالة والتنمية في الفوز بمدن رئيسية كان قد اولاها اهتماما خاصا خلال الحملة الانتخابية خاصة ديار بكر بجنوب شرق تركيا التي يغلب على سكانها الاكراد وازمير واضنة. كما شهد الحزب تقلص تقدمه في العاصمة أنقرة واسطنبول اكبر مدينة تركية بقدر كبير.

والانتخابات المحلية مهمة تقليديا في تركيا حيث تتأثر الحكومات بشدة اذا فشلت في تحقيق نتيجة جيدة. ولا يتوقع أن توقف النتائج الاصلاحات لكنها قد تضطر اردوغان الى السعي للوصول الى حلول وسط مع المعارضة لتحقيق أهدافه وهو ما يمكن أن يقوي بدوره المؤسسات الديمقراطية.

وتعهد اردوغان باصلاح الدستور الذي وضعه الجيش عام 1982 وتغيير الاسلوب الذي تدار به المحكمة الدستورية وهي الخطوات التي ستزيل بعض العقبات امام الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي لكنها قد تعيد احياء التوتر مع العلمانيين الذين يتهمونه باتباع جدول أعمال اسلامي. وينفي اردوغان هذا.

وكتب ايردال شفق رئيس تحرير صحيفة صباح التي ينظر اليها على أنها ترتبط بعلاقات وثيقة مع الحكومة "كمثال لاحد الاثار الجيدة (للنتائج) نستطيع أن نقول ان التعاون السياسي بشان التغييرات الدستورية التي ستدرج على جدول اعمال تركيا قريبا أصبح اكثر أهمية او حتى لا مفر منه."

ومن المؤكد انه ستكون هناك تداعيات سلبية كأحد العواقب للاداء الهزيل لحزب العدالة والتنمية لكن اردوغان قال انه لن يقوم بأي تغييرات في حكومته بسبب نتائج الانتخابات.

وقال مصدر بارز بالحكومة طلب عدم نشر اسمه "ستكون لدينا بعض التغييرات الوزارية لكن اردوغان وحده يعلم ايها وتوقيتها." بحسب رويترز.

لكن هل يستطيع ابن قاسم باشا ذلك الحي الفقير الذي تعلم فيه اردوغان سياسة الشارع أن يعتبر بالانتخابات ويتخلى عن أسلوبه الذي يتسم بالمواجهة والذي بدا جليا في حربه الكلامية مع الرئيس الاسرائيلي في دافوس.

وبالحكم بناء على وعود ماضية ربما لكن جزئيا فقط.

ويرأس اردوغان حزب العدالة والتنمية ذا الجذور الاسلامية مثلما يرأس سلطان بلاطه الملكي. وهو يتبع نمطا في السياسة التركية حيث يكافأ الزعماء في صندوق الاقتراع لقسوتهم لا رحمتهم.

لكن مؤسسات تجارية ومنها رابطة توسياد ومحللون يقولون ان أسلوبه يسبب الانقسامات في وقت تحتاج تركيا حاجة ماسة الى التعامل مع الاصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

ووعد اردوغان بعهد جديد من التسويات حين فاز حزبه فوزا ساحقا بالانتخابات لولاية ثانية عام 2007 وهي الانتخابات التي أجريت بسبب خلاف مع المعارضة العلمانية بشأن اتجاه الدولة.

وبعد ذلك بفترة صغيرة ضغط من أجل رفع حظر على ارتداء الطالبات الحجاب بالجامعات مما أثار مزيدا من التوترات السياسية وأدى الى رفع دعوى قضائية لاغلاق حزب العدالة والتنمية الحاكم لممارسته أنشطة اسلامية.

واردوغان هو العقل المدبر وراء الفوز المتتالي لحزبه بالانتخابات. ويتمتع بشخصية جذابة لكنه صارم وهو حاليا اكثر الساسة شعبية في تركيا ويقود اكثر حكومة أغلبية من حزب واحد استقرارا خلال عقود.

وخلال زيارة ضمن الحملة الانتخابية قام بها مؤخرا الى سيفاس في وسط تركيا كان نفوذ اردوغان ملحوظا للغاية. وخيم الصمت عندما دخل الى الحافلة الخاصة بالحملة الانتخابية لحزبه وسرعان ما بدأ بعد ذلك في تلقي المكالمات عبر هاتفه النقال لاصدار الاوامر التي تتراوح من موافقة مالية لبلدية محلية الى السياسة الوطنية.

وقال مساعد مقرب له "اردوغان يدير العرض. هو الزعيم."

اردوغان غير راض رغم الفوز

وردا على صحافي سأله رأيه في مؤتمر صحافي، حول نتائج الانتخابات، قال اردوغان "اذا سألتني هل انا راض، فأنا لست راضيا على الاطلاق. كان يفترض ان تكون النتيجة افضل".

وحسب النتائج الجزئية على قاعدة فرز 80% من الاصوات، حصل حزب العدالة والتنمية الذي يتولى الحكم منذ 2002، على 39,1% من الاصوات.

وخلال حملته، راهن اردوغان على افضل نتيجة. وفي مقابلة بثت مساء الجمعة، اعتبر الرئيس السابق لبلدية اسطنبول ان حزبه سيمنى بهزيمة اذا ما حصل على اقل من 47% من الاصوات، وهي النتيجة التي حققها في الانتخابات النيابية في 2007.

الا ان اردوغان اعلن ان نتائج الانتخابات يجب ان تعتبر "تصويتا جديدا على الثقة بحزب العدالة والتنمية".

والمح اردوغان من جهة اخرى الى انه قد يجري تعديلا وزاريا بعد "تقويم" نتائج الانتخابات في الهيئات القيادية لحزبه. واضاف "استخلصنا دائما الدروس من الرسائل التي يبعث بها الشعب. وسنستخلص الدروس ايضا من هذه الانتخابات".

ودعي نحو 48 مليون ناخب تركي للادلاء باصواتهم في انتخابات بلدية تشكل اختبارا لشعبية الحزب الحاكم في خضم الازمة الاقتصادية.

وقتل خمسة اشخاص واصيب حوالى 100 بجروح في اشتباكات، غالبا بالاسلحة النارية، على خلفية الانتخابات. ووقعت الاشتباكات خصوصا في مناطق جنوب شرق الاناضول المحرومة حيث حفل النهار الانتخابي باعمال عنف دامية بين انصار المتنافسين على مناصب رؤساء البلديات.

ويأمل اردوغان ان تعزز هذه الانتخابات-الاستفتاء موقع حزبه الذي يحكم البلاد منذ 2002 بما يمكنه من تنفيذ الاصلاحات التي وعد بها والتي لا بد منها للتقارب بين تركيا والاتحاد الاوروبي.

ويعزو الكثير من الاتراك الاستقرار السياسي الذي تنعم به البلاد منذ سنوات الى حزب العدالة والتنمية. وحقق هذا الحزب فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2007 بحصوله على اكثر من 46% من الاصوات. اما في الانتخابات البلدية الاخيرة التي جرت في 2004 ففاز الحزب ب41% من بلديات كبرى المدن التركية وفي طليعتها انقرة واسطنبول.

وتوقعت الاستطلاعات ان يواصل حزب العدالة والتنمية هيمنته على بلديتي هاتين المدينتين الرئيسيتين على ان تبقى بلدية ازمير كبرى المدن المطلة على بحر ايجه (غرب) بايدي حزب الشعب الجمهوري.

وتنافس في الانتخابات 19 حزبا للفوز بثلاثة الاف مقعد لرؤساء بلديات و37 الف مقعد لمستشارين بلديين ونحو 53 الف عمدة قرية او رئيس ناحية وهي غالبا ما تكون مناصب غير سياسية.

وبعد الانتخابات، يأمل اردوغان تحقيق مشروع "الدستور المدني" بديلا عن الدستور الحالي الذي يعود لعهد سلطة العسكر بعد انقلاب 1980. وقد انطلق اردوغان في اصلاحه الدستوري خلال حملة الانتخابات التشريعية صيف العام 2007 والتي جرت بعد معركة حادة مع المعسكر العلماني. وتم التخلي عن المشروع بعد تعرضه لانتقادات شديدة.

وعادت الحكومة مجددا لطرح مشروعها في 2008 باصدارها قرارا يرفع الحظر على الحجاب في الجامعات، لكن المحكمة الدستورية الغته واعتبرته مناقضا للعلمانية.

واجج النزاع مجددا التوتر بين العلمانيين والحكومة، وتسبب بمحاولة فاشلة لحظر حزب العدالة والتنمية.

ويقول المحلل السياسي فولفغانغ بيكولي من مجموعة اوراسيا في لندن انه في حال حقق حزب العدالة والتنمية فوزا كبيرا في هذه الانتخابات، فانه سيتمكن عندها من المضي قدما على طريق هذه الاصلاحات، وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول منه على قرض جديد يخفف تداعيات الازمة الاقتصادية على البلاد.

واضاف المحلل السياسي انه في حال سقط الحزب تحت عتبة ال40% من الاصوات في هذه الانتخابات، "فقد تعمد المعارضة الى طلب اجراء انتخابات تشريعية مبكرة".

انتكاسة الانتخابات تضعف الاسواق

من جانب آخر ضعفت أسواق المال التركية بعدما شهد حزب العدالة والتنمية الحاكم تراجع التأييد له في الانتخابات المحلية وهو ما زاد المخاوف من أنه ربما يجد الامر أكثر صعوبة لتحقيق اصلاحات صعبة.

وقال محللون ان اردوغان أخطأ في حساب المدى الذي سيؤثر به الاقتصاد الواهن على عقول الناخبين.

وبلغ مستوى البطالة حاليا 13.6 بالمئة ومن المتوقع أن يهوي الاقتصاد الذي يبلغ حجمه 750 مليار دولار الى ركود العام الجاري بعد سنوات من النمو الفلكي.

وقال تيموثي اش الخبير الاقتصادي في رويال بنك اوف سكوتلاند " النتيجة تعطي اردوغان مساحة أقل للمناورة ويجب عليه أن يكون أقل ميلا للمواجهة." وأضاف "ربما ينظر اليه معارضوه على أنه ضعيف وهو ما يجعلهم أكثر عزما على تحديه."

وفقدت الليرة اثنين بالمئة من قيمتها أمام الدولار بحلول الساعة 0745 بتوقيت جرينتش لتسجل 1.704 دولار وهو أضعف من عملات السوق الصاعدة الاخرى. وتراجع مؤشر الاسهم الرئيسي في اسطنبول 2.86 بالمئة الى 24963.82 نقطة. وتفوق المؤشر على أمثاله.

وربما تصعب الانتكاسة في الانتخابات على اردوغان تحقيق اصلاحات سياسية مثل صياغة دستور جديد وربما يتنامى الضغط من المعارضة للمطالبة باجراء انتخابات مبكرة. وحقق حزب العدالة والتنمية اكتساحا في عام 2002 وصولا الى السلطة ليصبح أول حزب بمفرده يشكل حكومة أغلبية في تركيا منذ عام 1991 .

وقال محللون بينهم سيمون كويجانو ايفانز من سي.ايه شوفرو ان نتيجة الانتخابات كان من المتوقع أن ترغم الحكومة على الموافقة على اتفاق اقراض مع صندوق النقد الدولي بعدما علقت المحادثات بخصوص الاتفاقية في يناير كانون الثاني.

ومن شأن اتفاق الاقراض مع صندوق النقد الدولي والذي قد تصل قيمته الى 25 مليار دولار أن يساعد الشركات التركية على تغطية نفقاتها على ديونها الخارجية مع الانخفاض المفاجئ في أرباح الشركات وخسارة الليرة لقيمتها أمام الدولار ونقص المعروض من القروض في أسواق الائتمان العالمية.

وقال اش "رد فعل السوق سيكون اذا لم يتم التوصل لاتفاق قريبا" مضيفا "أفضل سبيل لتركيا كي تخرج من هذا الموقف هو التمويل الرخيص من صندوق النقد الدولي."

تركيا تسلب الاقليات حقوق الملكية

أفاد تقرير أن اصلاحات استوحتها تركيا من الاتحاد الاوروبي لادخالها على قوانين تحد من حقوق الملكية خلقت عوائق جديدة بالنسبة الاقليات العرقية وتهدد التقدم باتجاه حصول أنقرة على عضوية الاتحاد.

وقال التقرير الصادر عن المؤسسة التركية للدراسات الاقتصادية والاجتماعية (تيسيف) ان الاتراك من غير المسلمين لا زالوا يواجهون "ممارسات غير ديمقراطية وغير قانونية" تنتهك الميثاق الاوروبي لحقوق الانسان على الرغم من صدور تشريع في سبتمبر أيلول لتخفيف القيود على حيازتهم لاملاك. بحسب رويترز.

وقال الاتحاد الاوروبي ان تركيا يجب أن توسع حقوق الاقليات اذا أرادت احراز تقدم في مساعيها للانضمام الى الاتحاد. ورحبت المفوضية الاوروبية بالقانون الجديد في تقريرها السنوي حول تقدم ملف انضمام تركيا لكنها قالت ان الحكومة التركية لم تنفذ القانون بالكامل ولم تحل نزاعات الملكية العالقة.

وقال ديلك كوربان الذي كتب تقرير تيسيف مع كزبان حاتمي في مؤتمر صحفي "حقوق الاقليات لها أهمية قصوى في عملية الانضمام الى الاتحاد الاوروبي."

وأضاف "اذا كانت تركيا غير قادرة على حل قضية حقوق الملكية فانضمامها الى الاتحاد مستحيل."

وصادرت تركيا منذ الثلاثينيات من القرن الماضي الاف الاملاك التي تعود لمؤسسات يونانية وأرمنية ويهودية. والمهمة الاساسية لهذه المؤسسات هي مراقبة الاصول التي تملكها الاقليات.

وقيدت تركيا أيضا قدرة الاقليات على بيع وشراء الاصول وتلقي مساعدات مالية من الخارج وتحقيق عائدات من الاملاك.

ورفع القانون الذي تم تمريره في سبتمبر ايلول مثل هذه القيود وتضمن بنودا لعودة بعض الاملاك المصادرة لكن مؤسسة تيسيف التركية ومقرها اسطنبول قالت في تقريرها ان القانون لم يوفر "حلا عادلا" لضمان عودة الاصول وانه يلزم الجمعيات الخيرية غير الاسلامية بالسعي للحصول على اذن حكومي حتى تحوز ملكيات جديدة. ويمثل المسلمون 99 في المئة من تعداد السكان في تركيا البالغ 71 مليون نسمة.

ولا يزال يوجد في تركيا حوالي 80 ألفا من الارمن واليهود واليونانيين هم أحفاد رعايا الامبراطورية العثمانية.

وقال التقرير انه وبعد اصدار القانون الجديد أعادت الدولة تسجيل الاملاك التي صادرتها بأسماء مختلفة حتى لا تعود الى أصحابها كما حظرت على غير المسلمين اقامة مؤسسات جديدة وهو حق يتمتع به المسلمون.

وخسرت تركيا خمس قضايا أمام المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان على مدى العامين المنصرمين رفعتها مؤسسات عرقية يونانية وأرمنية. وأمرت المحكمة ومقرها ستراسبورج الحكومة التركية باعادة الاملاك أو دفع تعويضات بقيمة حوالي 3.8 مليون يورو.

ولجأت احزاب المعارضة الرئيسية في تركيا الى المحكمة العليا التركية وطالبتها بابطال تطبيق القانون الجديد على المؤسسات الوقفية.

وقال حاتمي "تبذل الحكومة جهودا لتطبيق معايير الاتحاد الاوروبي لكن ما لم تكن كل الاحزاب والمؤسسات جزءا من العملية فانه لن يمكن تحقيق سوى قدر ضئيل من التقدم."

مسجد تركي يقيم اول احتفال ديني باللغة الكردية

في سياق ذو صله اقام مسجد حكومي في جنوب شرق تركيا اول احتفال ديني رسمي باللغة الكردية في اطار جهود الحكومة لدعم حقوق الاكراد والوصول الى المعايير السياسية التي حددها الاتحاد الاوروبي.

ودعت الخطبة التي القيت في مسجد اولو الذي يعود الى القرن الثاني عشر في دياربكر والتي اعقبت صلاة العشاء يوم السبت الى الاخوة بين المسلمين وقالت إن العنصرية لا مكان لها في الاسلام. وكانت المناسبة هي الاحتفال بمولد النبي محمد. بحسب رويترز.

وتعد هذه الخطبة احدث مثال على تخفيف تركيا المرشحة لعضوية حلف شمال الاطلسي للقيود المفروضة على اللغة الكردية التي ظلت محظورة تماما حتى عام 1991. ويقول الاتحاد الاوروبي انه ينبغي على تركيا ادخال تحسينات على الحقوق التي يتمتع بها 14 مليون كردي قبل ان تنضم الى صفوفه.

وفي يناير كانون الثاني الماضي القى رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان خطابا باللغة الكردية امام المشاهدين عند افتتاح اول قناة تلفزيونية مشروعة تعمل باللغة الكردية وتديرها الاذاعة الحكومية وتسمى (سيس).

ولا تزال اللغة الكردية القريبة من الفارسية محظورة في بعض المجالات العامة بما في ذلك الحملات الانتخابية. وكانت حكومات سابقة تعتبر استخدامها نوعا من الدعاية الانفصالية وسط الحرب المستمرة منذ 25 عاما مع المقاتلين الاكراد التي لاقى فيها 40 الف شخص معظمهم من الاكراد حتفهم.

وكانت خطبة مسجد اولو هي المرة الاولى التي تصدر فيها ادارة الشؤون الدينية التابعة للحكومة التي تكتب الخطب لنحو 77 الف مسجد في تركيا خطبة باللغة الكردية. وكان الائمة في الجنوب الشرقي وهم موظفون لدى هذه الادارة يخطبون في الماضي باللغة الكردية بطريقة غير رسمية.

وتذاع الخطبة على قناة (سيس) وهي اول مرة يذيع فيها تلفزيون حكومي خطبة دينية باللغة الكردية.

وفي الشهر الماضي القى زعيم حزب المجتمع الديمقراطي المؤيد للاكراد احمد ترك خطابا امام اعضاء حزبه في البرلمان باللغة الكردية لكنه تفادى حتى الان اية اجراءات تأديبية او جنائية.

وكانت المرة الاخيرة التي استخدمت فيها اللغة الكردية في البرلمان في عام 1991 عندما تم تجريد اربعة نواب اكراد من حصانتهم وقضوا احكاما بالسجن لمدة عشر سنوات.

وصدر الحكم بالسجن لمدة 18 شهرا على تركي في عام 2007 بعد ان قام حزب المجتمع الديمقراطي بتوزيع منشورات كردية خلال الانتخابات الاخيرة لكنه تفادى السجن بسبب حصانته البرلمانية.

وقال يتقاسم حزب المجتمع الديمقراطي وحزب العدالة والتنمية مناصب رؤساء البلديات بالتساوي تقريبا في الجنوب الشرقي موطن الاكراد الاتراك.

 تركيا تترجم القرآن الى اللغة الكردية

 قالت السلطات الدينية في تركيا انها ستترجم القران الكريم الى اللغة الكردية في اطار جهود انقرة لتعزيز حقوق الاكراد والوفاء بالمعايير السياسية للانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

ويوجد في تركيا ما بين 12 و14 مليون كردي من اجمالي عدد السكان البالغ 70 مليون نسمة ولكن استخدام اللغة الكردية ما زال محظورا في مجالات معينة مثل القاء الخطب السياسية والمراسلات الرسمية.

وفي اطار اصلاحات تهدف الى الفوز بعضوية الاتحاد الاوروبي وسعت انقرة الحقوق الثقافية والسياسية للاقلية الكردية ومن ذلك اطلاق قناة تلفزيونية رسمية ناطقة بالكردية.

وقال محمد جورميز نائب رئيس ادارة الشؤون الدينية في تصريحات لوكالة الاناضول الرسمية للانباء "لم نرغب في استبعاد اللغة الكردية بينما نستعد لترجمة القران الى لغات اخرى. تستخدم الكردية على نطاق واسع في تركيا."

واعتبرت حكومات سابقة اللغة الكردية جزء من الدعاية الانفصالية. وخاضت انقرة صراعا لعقود مع المقاتلين الاكراد في جنوب شرق البلاد مما أسفر عن مقتل 40 ألف شخص معظمهم من الاكراد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/نيسان/2009 - 7/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م