من منح الشيعة الحرية وغدروا به؟

سامي جواد كاظم

لانريد ان نستعرض تاريخ الشيعة ومتى كان التشيع لانه اصلا هنالك اختلاف في معنى التشيع ولكل رأي يحاول صاحبه اثبات صحته بالادلة ولكن المعنى الاجمالي للشيعة هو موالاة علي عليه السلام واقوى دليل على ان النبي محمد (ص) ذكر شيعة علي هو تفسيره للاية الكريمة ( ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اؤلئك هم خير البرية ) عندما سال رسول الله (ص) من هم خير البرية اجاب علي وشيعته.

ولعل الفكرة الخاطئة والسائدة عن الشيعة انها لاتتدخل في امور الحكم هو بعد سقوط الدولة الاموية وقيام الدولة العباسية ورفض الامام الصادق عليه السلام الخلافة عندما عرضت عليه ومع عدم نهوضه بثورة على غرار ثورة عمه زيد بن علي عليه السلام بدأت تتولد فكرة تجنب الشيعة للحكم وكذلك رفض الامام الرضا عليه السلام ولاية العهد الا انه بعد التهديد قبلها بشروط ان لا يكون له تدخل في شؤون الحكم.

هذه المنهجية سار عليها اغلب مراجع الشيعة منذ ان بدأت الغيبة الكبرى واخذت الفكرة ان الشيعة لاتريد الحكم وعليه كانت معاداتهم للشيعة هي معاداة عقائدية صرفة.

ولو استعرضنا التاريخ الحديث منذ نهاية القرن التاسع عشر وما صاحب ذلك من حروب واحتلال للبلاد الاسلامية لوجدنا ان جل اهتمام الشيعة هو اسلامية الحاكم وعدم التفريط بالوطن ورفض أي مبادرة للتقسيم ( منها رفض شيعة المنطقة الشرقية للسعودية التقسيم بجعل دولة لهم لانهم يؤمنون بالوطن الواحد وهاهم يدفعون ثمن ايمانهم هذا ) ورفض الاحتلال.

والوهابية التي تاسست في بداية القرن العشرين كانت تعمل على انتهاك حقوق الشيعة والتجاوز على معتقداتهم فكانت نظرتهم للشيعة نظرة دينية فقط.ونقطة التحول في نظرة بقية الملل الى الشيعة هو مع نجاح الثورة الاسلامية في ايران فبدات الدول العربية تنظر الى الشيعة على ان لهم اطماع في السلطة.

ولو تتبعنا اسباب ثورة ايران لوجدنا السبب الرئيسي هو الظلم الذي لحق بالطبقة الملتزمة دينيا من قبل سافاك الشاه.

وعلى غرار اضطهاد الشاه للشيعة كان هنالك اضطهاد من قبل الدولة العثمانية تبعها الوهابية والحكومات السلفية الاخرى في الدول العربية للشيعة من خلال محاربة الشعائر الحسينية بالدرجة الاولى مع العزل السياسي وعدم مشاركتهم للحكم بالرغم من ذلك لم يظهر ولا شيعي يطالب بالحكم اذا ما منح حريته في ممارسة عقائده الدينية.

اكثر من مرة يبعث لي برسائل المدعو عبد الرسول لاري ( احمد الكاتب ) يطالب مرة مناقشة كتابه التشيع السياسي ومرة يرسل بيان لالغاء بعض معتقدات الشيعة الجوهرية تحت غطاء التقريب ولان هذه الرسائل تاتي باسمي فاني سالته اخر مرة ان يعرف لي التشيع السياسي والتشيع الديني والفرق بينهم وبعد ذلك تبدأ المناقشة فلم يجبني وانا تركته.

ولان محاولاتهم الرامية الى القضاء على الفكر الشيعي باءت بالفشل مع انتشار اكثر للفكر الشيعي فبدأت تظهر مصطلحات محاولين من خلالها تبرير المد الشيعي على ان هذا المد هو سياسي وليس ديني، وقصدوا بالسياسي هو الاستحواذ على الحكم، وكان الحكم خصص لهم دون الشيعة.

وحقيقة الامر لا فرق بين السياسي والديني ولكن غاية الامر ايجاد متاهات من قبل الحكام الطغاة حتى يستحدثون فجوة بين ابناء الامة الاسلامية ولو القينا نظرة دقيقة بعض الشيء على اوضاع الشيعة ومطالبهم فاننا سنجدها لاتتعدى اكثر من ممارسة حرية احياء عقائدهم.

وكل من ينصف الشيعة بعدله سيكسب ولاء وود الشيعة بل حتى التضحية من اجله وكم من حاكم سني نال احترام وحب الشيعة.

بالامس القريب اقدم سمو امير دولة الكويت على خطوة ايجابية بمنتهى الروعة من خلال تخصيص بناية للشيعة تحت اسم الوقف الجعفري على ان تدار امورهم من خلالها مع دعم الدولة اضافة الى ذلك تاسيس محكمة جعفرية وقد اشاد الفقهاء الشيعة في الكويت بهذه الخطوة ومن خلال المراسلات مع اخواننا الكويتيين الشيعة وجدت الحب العالي لامريهم بل انهم لايسمحون ابدا التجاوز او انتقاد امير الكويت، لماذا هل منحهم حكم ؟ كلا بل منحهم حقوقهم ورعاية ابوية.

هذا الذي يحصل في الكويت حصل ايضا في سوريا فقد حصلت الشيعة منذ رئاسة المرحوم حافظ الاسد على بعض حقوقهم واكملها بشار الاسد، وهذا امر لا يروق لعناصر كثيرة ولاسيما ان هنالك خلايا سرطانية في سورية اسمها البعث فبدأ المعنيون بالشأن السوري من خارج سوريا متابعة الوضع الشيعي في سوريا.

فقد قام المركز الدولي للدراسات السورية في لندن باصدار تقرير تحت عنوان ( الأسد الأب شجع التشيع الديني والابن التشيع السياسي )، هنا استخدموا التشيع السياسي وجاءت هذه التسمية نتيجة خروج الحوزات العلمية عن رقابة وزارة الاوقاف، حيث تم إنشاء »مديرية الحوزات العلمية وحصلت على موافقة الامن السياسي التابع لوزارة الداخلية السورية، وباشرت عملها في العام 2005، وارسلت اول خطاب لها الى ادارة الهجرة والجوازات في 16 اب من العام نفسه للموافقة على اعتماد خاتم مديريتها كونها الجهة الوحيدة المخولة بمخاطبة هذه الادارة على خلاف كل مؤسسات التعليم الديني الخاصة التي تعتبر وزارة الاوقاف الجهة الوحيدة المعتمدة لمخاطبة الهجرة والجوازات.

ويقول التقرير الصادر عن هذه المؤسسة ان دعم التشيع السياسي امنيا وسياسيا،ادى بشكل غير مسبوق الى انتشار الحوزات التعليمية والمؤسسات الدينية« مسجلا انه خلال 6 سنوات فقط تم انشاء ثلاثة اضعاف ما انشئ خلال ربع قرن من الحوزات العلمية في سورية، ففي قرية »السيدة زينب« بدمشق انشئت 12 حوزة علمية وثلاث كليات للتعليم الشيعي، كما حصلت أول جامعة اسلامية شيعية متخصصة بالعلوم الدينية على ترخيص امني للعمل داخل سورية في العام 2003، ازدياد الحوزات ما علاقتها بالسياسة ؟

ونتيجة لهذا القلق فقد توصلوا الى ارقام تظهر تزايد التشيع في سوريا حيث ان عدد السنة الذين تشيعوا في عهد حافظ الاسد« 1999-1970 يقدر بنحو 6960 كحد اقصى، بما نسبته %43 فيما بلغ عدد السنة الذين تشيعوا في الفترة 2007-1999 8040 كحد أقصى بما نسبته %50.

ويقول التقرير ان المعدل السنوي للتشيع في الوسط السني حتى ما قبل 1970 كان 20 شخصا في السنة، وفي عهد حافظ الاسد 232 سنيا في السنة، اي انه تضاعف قرابة 12 مرة عن الفترة التي سبقته، وفي عهد بشار ارتفع التشيع الى 1005 سنيين سنويا اي ان المعدل السنوي تضاعف بما يعادل 4.3 مرات وتضاعف بـ 51 مرة عن المعدل السابق. هذا التمدد يعطي دلالة واضحة على مسالمة الشيعة لكل من يمنحهم حريتهم في ممارسة شعائرهم.

شيعة مصر هم ايضا يطالبون بحقوقهم وهي الاعتراف بهم وعدم اضطهادهم ومنحهم حريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية الا ان طاغوتية مبارك لا تسمح لهم بذلك بل وانهم استحدثوا تهمة للشيعة الذين القت القبض عليهم مفادها الصلاة على شقفة والجهر باتباع المذهب الشيعي والايمان بفكرة المهدي المنتظر، هذه التهم هي التي قصد منها التشيع السياسي والا لا فرق بين الديني والسياسي.

رب اخ لك لم تلده امك

اصل المثل مر لقمان الحكيم بخيمة فيها رجل وامراة وبالقرب منهما طفل يصرخ وهم لايبالون فقال لهم لقمان لمن هذا الطفل اجابت المراة ابن هاني زوجي فقال ومن هذا الرجل اجابت المراة انه اخي فقال لقمان رب اخ لك لم تلده امك، واثناء عودته الى المدينة راى رجل يرعى فاستفهم منه فعلم انه هاني زوج المراة فقال له ان زوجتك تخونك مع رجل وادعت انه اخوها فقال وكيف عرفت انه ليس باخيها قال لقمان لاني لما سالت الرجل من انت اجابتني هي بدلا عنه ّّ!!!

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/آذار/2009 - 2/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م