الاحكام القرقوشية

في احياء الجنادرية الجاهلية وتحريم مولد رسول الانسانية

هلال آل فخرالدين

هنا سؤال خطير يطرح نفسه وهو لماذا تحرم آعراب السلفية احياء ذكرى رسول الانسانية ومنقذ البشرية من الشرك وملغي الجهل وفارض العلم (آقرأ) وصاحب الرسالة الكونية الخالدة..والزام الباري سبحانه وتعالى الناس كافة الاقتداء بسيرته العطرة وسننه المباركة..؟

كما و تتفق البشرية قاطبة والامم الواعية على احياء تاريخ عظمائها وتمجيد سيرة ابطالها وتخليد ذكرى قادتها ومشاهيرها والاستفادت من عبقرياتهم واستلهام بطولاتهم واقتفاء نضالهم وما سطروه من منظومة نظم وقيم... وهذه قاعدة منطقية يدعوا اليها العقل قبل الشرع او الدين..

وهل يوجد في الدنيا شخصية فذة فريدة في كل مناحي العطاء الانساني والسمو الروحي من الحبيب (ص) وهذا ما تؤكده النصوص المقدسة والباري عزوجل يقول وهو اصدق القائلين: (وما ارسلناك الارحمة للعالمين)..والمصطفى (ص)يقول :(انا الرحمة المداة)..حتى ان الله سبحانه لم يمتدح نبي مرسل في سيرته قط كما امتدح المصطفى (ص) بقوله:(وإنك لعلى خلق عظيم) فان درس سبل دعوته في قومه المتخلفين وظروف الجزيرة العربية المجدبة واكل القوي للضعيف فيها ومن حولها صراعات القوى الكبرى وانعطاف الاديان في مسارات مغايرة لما نزلت به وتحكم السلاطين بالشرائع وتحريفها حسب الهوى..

لذلك نلاحظ ما تجشمه الرسول من مصاعب جمة في ذلك المعترك المتناقض من بث رسالته واستطاع شق العباب وفتح لجاج الظلمات بصبر وثبات منقطع النظير فاخرج الناس من ظلمات العبودية الى النور الحرية صاحب الرسالة الكونية الخاتمة المتجددة مع الحدثان..لذلك يلزم الباري الامة بالاقتداء بالمصطفى :(ولكم في رسول الله اسوة حسنة) عظمة جهاد الرسول (ص).

ان المطل على الحجاز الان وفي عصر المدنيات والحضارة والعصرنة و الطفرات العلمية وتطور النظم ومؤسسات المجتمع المدني بكل تجلياتها وارهاصاتها و في كافة المجالات يلاحظ ان ذلك الشعب النجدي لازال يراوح جامدا على بدويته ومستمر على غلظته ومنشد لفظاظته ومتعلق بتخلفه ونحن قد ادلفنا على القرن الواحد والعشرين..فكيف استطاع ذلك النبي العظيم وقبل 1420 عام ان يجعل من تلك الوحوش الضارية والاوباش السائمة امة تقود العالم..؟؟!!!!

وهنا تكمن أعظم عظمة هذه الشخصية وحرى بالامة التمعن فيها بالدرس واخذ العبر..؟كل الامة الان بحالة من التفرق والتردي والتقهقر في كافة المجالات وهي بحاجة للتاسي به في الاعتصام بالله ونبذ التفرق لتهيئة سبل القوة والى نهضة شاملة تخرجها من ربقة التخلف والفقر وسوء الاخلاق..

حاجة الامة لتفهم ووعي ملهما الرسول القائد

ان الكتابة في تاريخ امة ما يعني كتابة سيرة قادتها ومن صنعوا تاريخها وتفانوا في اعلاء شأنها ورفع مجدها وجاهدوا بكل الوسائل لاستنهاضها من كبوتها واصلاح المتردي من احوالها و تظهر شخصية الأمة في النظم التي تسير عليها، وتنكشف حيويتها ومقدرتها على البقاء بتطور أنظمتها أثناء تاريخها، فالنظم والمؤسسات المختلفة تبين لنا الحلول التي وضعتها الأمة لتدبير شؤونها ومجابهة أزماتها وحاجاتها وفق معاير دستورية وضوابط قانونية واسس قيمية.

فاذا ما حصل ترابط بين شخصية القائد وطبيعة النظم ومعطياتها لتحقيق العدالة ومقدار بثها روح الحياة ومواكبة التطور الانساني فهو بحد ذاته يكون امر غاية في التشويق واستخراج اروع مافيه من اسلوب تلك الحضارة واهم ماكان لها من مميزات وما تركته من بصمات على علاقاتها وتلقحها مع امم ومجتمعات اخرى.

فما اجدرنا بدارسة السلوك النبوي والتخلق باخلاق المصطفى (ص) وتفهم سيرته العطرة وتضحياته الفذة في انقاذ البشرية من الشرك وتوجيهها نحو التوحيد واستلهام اخلاقه الكريمة التي يشيد الله بها مؤكدا(وانك لعلى خلق عظيم) وسمو دعوته واهدافها وابعادها الانسانية وتبيان صورا من جهاده وما تحمله من عناء واذى ومعانات من اجل امته باخراجهم من الظلمات الى النور واعطاء اشراقات ومن انوار وغرر كلامة ومأثور سنته للموعظة والاقتداء بسمته كما يؤكد تعالى على ذلك (ولكم في رسول الله اسوة حسنة ) (وما اتاكم الرسول به فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )...

وان تدارس سنته وسيرته ومناهجه هي دستور حياة وباب نجاة وخلاص من هلاك، وما كانت الامة في اي قت مضى منها احوج الى درس واستلهام السيرة العطرة منها اليه اليوم..ولتكالب القوى كل القوى عليها..وما كنت اشد خواء وضعفا كاليوم.

مشروعية الاحتفال بمولود الرسول الاعظم

ان مشروعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف فالمرجع والحكم فيها هو كتاب الله تعالى وسنة نبية المصطفى (ص) ثم إقرار ائمة وعلماء وفقهاء الامة باجماعهم سابقا ولاحقا بصحة ومشروعية بل وماجورية ومثوبة من يحي شعائر الله وهل توجد شعيرة افضل من احياء ذكرى سيد ولد ادم وخاتم الانبياء والمرسلين الرسول الاعظم (ص) وما يعارضه فهو الشاذ الضال لان الامة لاتجتمع على باطل وان التواتر والكثرة هي (اليقين) في صحة الحكم باحلية المولد النبوي الشريف والدليل هو القران الكريم قال سبحانه :(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآءت مصيرا) النساء:15، فسبيل الامة اجمع على احلية احياء المولد النبوي الشريف لاستشراف سيرة سيد المرسلين.

 والدليل من السنة قوله (ص):(الامة لاتجتمع على ظلال وعليكم بالسواد الاعظم..) وهذا اجماع الامة حتى ان النبي (ص)أكد على امته ان تسمي احد ابنائها باسمه الكريم (محمد) للبركة وتذكر نبيها ومن لم يفعل ذلك فقد جفاه (ص).

فكيف يجوز البعض ممن شذ عن اجماع الامة كما قال ابن تيمية وابن عبد الوهاب بتحريم وكفر من يقوم باحياء ذكرى المولد النبوي ودليلهم بانه لم يفعله الرسول ولا الصحابة او التابعين..وهذا ليس بدليل صحيح على تركه وعدم جوازه.

فهذا امام الحنابلة ابن القيم في اعلام الموقعين ج4ص320 يقول بجواز الفرح بمولد النبي (ص) واخرجت الصحاح ان أمراة قالت للنبي ان عدت سالما لاضربن بالدف بين يديك فقال إن نذرتي فافعلي فضربت بالدف بين يدي النبي (ص).

وجاء في كتاب اقتضاء اصراط المستقيم لابن تيمية كذلك ما يحدثه بعض الناس اما مضاهاة للنصارى في عيسى او ارضاء للنبي تعظيما قد يجزيهم الله على ذلك فتعظيم المولد وان أتخذه البعض تعظيما وحبا فلا بأس.

الامام الشيخ (الشعراوي) والاحتفال بالمولد المبارك

وفي العصر الحديث انبرى ثلة من فطاحل العلماء لتفنيد بدع واكاذيب وافترأت الوهابية ورد كيدهم الى نحورهم ومنهم الشعراوي.

وفي هذا الصدد يقول الامام المجد الشيخ متولى الشعراوي :(إن الله تعالى يقول في كتابه الكريم :(إن الله وملائكته يصلون على النبي *ياأيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )الاحزاب:56 إن أعظم مناسبة لذلك هي ذكرى ميلاده (ص) ثم إن الله تعالى أمر بالفرح والحبور والسرور لوجود فضل الله تعالى ورحمته قال سبحانه:( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) يونس:58

ثم ان رسول الله(ص) كان أول المحتفلين به اسبوعيا وليس سنويا فقط ففي صحيح الامام مسلم (كتاب الصيام) عن ابي قتادة الانصاري رضى الله عنه قال :(سئل رسول الله (ص) عن صوم يوم الاثنين فقال :(هذا يوم ولدت فيه).

وقد استن الصحابة والتابعون وتابعوهم وإلى يومنا هذا بسنته (ص) فصاموا يوم الاثنين.

أما من يقول إن في ذلك بدعة فلنا سؤال يقول:هل كان جمع القران وكتابة المصحف في عهد الصديق وذى النورين بدعة ؟ وإذا كان بدعة..أهي بدعة سيئة؟ ومن ذا الذي يجرؤا على القول إنها بدعة سيئة؟).

نعم يا شيخ شعراوى الاتعلم ان الوهابية تجرأت على محوا كل سنة حسنة وجائت بكل بدعة سيئة..؟ وقد عملت ياشيخنا الجليل في السعودية مدة ورأيت بام عينيك ما قامت به من جرائم لاتغتفرسواء بتحريفهم للشرع الحنيف ام بطمس الاثار هدم مقامات النبي (ص) وازالت اثار اهل بيته واصحابه واحياء اعراف الجاهلية الرعناء بالتجسيم والشرك بدعاوى التجديد وما هي الا اساطير الاوليين خرافات الجاهليين وبدع المتطرفين وختاما الله سبحانه يؤكد ان:(آلاعراب أشد كفرا ونفاقا واجدرأ ألايعلموا حدود مآ أنزل آلله على رسوله وآلله عليم حكيم) التوبة :97

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 18/آذار/2009 - 20/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م