الاقتصاد العراقي: شبح الأزمة العالمية يطل عبر انخفاض أسعار النفط

الاحتياطي المالي يُبعِد شبح الازمة المالية عاماً واحداً

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: في وقت دقت فيه أجراس الإنذار بشأن السقوط في دوامة الأزمة المالية والاقتصادية في العديد من دول العالم الكبرى بدءاً من اليابان في الشرق إلى بريطانيا في الغرب، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وصانعي السياسة في العراق يعتقدون أنهم قد "كسبوا" عاماً كاملاً قبل أن يبدأ العراق في السقوط في هذه الدوامة. على خلفية تراجع اسعار النفط الذي يشكل الدعامة الاساسية للاقتصاد العراقي..

وتأتي قدرة العراق في عدم السقوط في دوامة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية حالياً من الاحتياطي الضخم من العملات الصعبة التي حققها في السنوات الأخيرة، وتحديداً من بيع النفط خلال الارتفاع الكبير الذي شهدته هذه الأسعار العام الماضي. حيث يقدر الفائض التجاري العراقي الذي تحقق خلال السنوات القليلة الماضية بنحو 30 مليار دولار، وهو ما يسمح للبلاد بأن تحافظ على الحد الأدنى من المعايير في مجالي الخدمات والإدارة، رغم البطالة الكبيرة التي تقدر بما يزيد على 20 في المائة. بحسب سي ان ان.

وقال مسؤول أمريكي، مهتم بالقضايا الاقتصادية في العراق، إن الاقتصاد العراقي هذا العام سيكون مطمئناً هذا العام، وأن الأزمة قد تقع العام المقبل.

ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية، فقد شهد إجمالي الناتج المحلي العراقي نمواً متواصلاً العام الماضي، ويتراوح بين 7 و9 في المائة.أما توقعات النمو في إجمالي الناتج المحلي العراقي للعام الجاري فتتراوح بين 5 و7 في المائة. على أن أكبر خطر تواجهه الميزانية العراقية، التي تعتمد في عوائدها على النفط إلى حد كبير، هو انخفاض سعر النفط.

ومع استمرار انخفاض سعره، فإن العراق يتوقع أن يصل العجز إلى حدود 20 مليار دولار، وهو العجز الذي يمكن تغطيته من الاحتياطيات النقدية لديه.

لكن ما أن تنتهي الاحتياطيات النقدية فإن العراق سيبدأ يعاني من آثار الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدول الأخرى، برغم أن معاناته قد تكون أكبر جراء استمرار الظروف الأمنية المضطربة.

ومع انخفاض عوائد النفط، سيكون العراق مضطراً لأن ينفق المزيد من الأموال في معظم القطاعات الاقتصادية والخدمية في الدولة من أجل المحافظة على مستوى الإنفاق الحكومي الحالي للحكومة، وهو الأنفاق الذي ينظر إليه المسؤولون العراقيون والأمريكيون إليه باعتباره ضرورياً لاستقرار الوضع الاقتصادي.

البرلمان العراقي يقر الموازنة مخفّضة بنسبة 7 بالمئة

وأقر مجلس النواب العراقي الموازنة العامة بحجم 58,9 مليار دولار بعد تخفيضها بنسبة سبعة في المئة مقارنة مع المشروع الاساسي، وذلك اثر مداولات استمر اسابيع عدة.

وقال النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان لوكالة فرانس برس ان "غالبية النواب الذين حضروا الجلسة وعددهم 165 وافقوا على الموازنة البالغ حجمها اكثر من 69 الف مليار دينار (58,98 مليار دولار) بعد خفض بلغت قيمته خمسة الاف مليار دينار (اربعة مليارات و280 مليون دولار)".ويلحظ المشروع الاساسي مبلغ 75,5 الف مليار دينار (63,6 مليار دولار).

وحول مبررات الخفض، اوضح ان "الموازنة تتضمن عجزا كبيرا وهناك تقديرات ضخمة لا تنسجم مع الواقع"، مشيرا الى ان "المؤسسات الدستورية هي اكثر القطاعات التي تم تخفيض موازنتها بالاضافة الى الهيئات الرئاسية ورواتب النواب وغيرهم". واكد عثمان "عدم المس برواتب الموظفين الحكوميين والرعاية الاجتماعية". يذكر ان العراق خفض الموزانة للعام الجاري ثلاث مرات بسبب تراجع اسعار النفط عالميا.

وكانت الحكومة حددت مشروع الموازنة بحوالى 62 مليار دولار بدلا من 67 مليارا، اي اقل بنسبة 7,5% تقريبا من المشروع السابق الذي اقر الخريف الماضي.

وتم تحديد حجم الموازنة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي على اساس 62 دولارا للبرميل الذي لا يتجاوز سعره حاليا 40 دولارا. كما كان هناك مشروع اولي خلال صيف 2008 يلحظ النفقات على اساس سعر ثمانين دولارا للبرميل.

المالكي: خفض الميزانية يهدد اعادة اعمار العراق

من جهته قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان تحرك البرلمان لخفض ميزانية 2009 قد يهدد جهود تعزيز الامن عن طريق اعادة الاعمار وتوفير فرص العمل.

وأبلغ المالكي الصحفيين أنه كان يأمل في اقرار الميزانية دون تعديل من أجل المضي قدما في عملية اعادة البناء وتلبية حاجات الشعب العراقي.

وكان البرلمان قد صوّت لصالح اقرار ميزانية للعام 2009 بقيمة 58.6 مليار دولار أي أقل سبعة بالمئة مما طلبته الحكومة معللا ذلك بأن بلدا يعتمد على صادرات النفط في أكثر من 95 بالمئة من عائداته لا يستطيع تجاهل انحدار أسعار الخام. بحسب رويترز.

وتجاهل البرلمان اعتراضات وزير مالية المالكي الذي طلب اقرار الميزانية عند مستوى 62 مليار دولار الذي طلبته الحكومة. وقال الوزير بيان جبر ان المشرعين يستطيعون مراجعة الانفاق في يونيو حزيران اذا ظلت أسعار النفط منخفضة.

ووجه تراجع سعر النفط الى حوالي 40 دولارا للبرميل من 147 دولارا في يوليو تموز صفعة للعراق الذي في أمس الحاجة الى اعادة الاعمار وتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل للحفاظ على تراجع حاد في العنف.

وقال المالكي ان خفض الميزانية قد يعرقل جهود زيادة امدادات الكهرباء عن طريق عقود توريد ضخمة وانتشال الزراعة العراقية ثاني أكبر قطاعات الاقتصاد من حالتها المزرية.لكن الساسة ينتقدون الحكومة لما يرون أنه تبذير من جانبها.

ويجسد جدل الميزانية حالة المواجهة السياسية بين المالكي وهو عربي شيعي وضعه أداؤه القوي في الانتخابات المحلية الاخيرة في مركز متقدم قبل انتخابات عامة مقررة في ديسمبر كانون الاول ومنافسين يخشون من تزايد نفوذه.

ودافع جلال الدين الصغير عضو البرلمان عن المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وهو حزب شيعي رئيسي عن التخفيضات ونفى أن يكون الهدف من وراء تخفيضات الميزانية هو اضعاف المالكي كما يقول أنصار رئيس الوزراء. وقال ان التخفيضات لا تمس أي مشاريع ترتبط بتوفير الخدمات أو اعادة البناء وانما تستهدف النفقات الحكومية الباذخة وأجور موظفين يعملون في مكاتب رئيس الوزراء ورئيس الدولة واخرين.

البنك المركزي: هبوط أسعار النفط يدعو لميزانية أكثر واقعية

وفي نفس السياق قال محافظ البنك المركزي العراقي ان هبوط أسعار النفط سيرغم المسؤولين العراقيين على اتخاذ قرارات أكثر تعقلا بشأن الميزانية في وقت تسعى البلاد لاعادة التعمير بعد أعوام من الحروب.

وقال سنان الشبيبي في مقابلة مع رويترز "ستكون هناك فترة انتقالية صعبة ولكنها ستعطينا فكرة عن كيفية تبني موقف أكثر واقعية ازاء المخصصات والطلبات من قطاعات عديدة."واضاف "بالطبع هذا يأتي في الوقت الخطأ في ضوء حقيقة أن العراق يحتاج فعليا لبدء مشروعات ضخمة وهذا سيؤثر على مسعاه."وذكر أنه سيتعين اجراء تعديل في الميزانية.

وقال الشبيبي ان التضخم الاساسي الذي قفز الى 35 بالمئة أثناء الفوضى بعد عام 2003 قد انخفض الى 9.2 بالمئة الان.

وأضاف الشبيبي أن البنك المركزي اتبع سياسة تدعم قوة الدينار العراقي من أجل الحد من التضخم الاساسي الذي يستبعد أسعار الوقود والمواصلات. ويجري العراق مزادات على العملة يحدد على أساسها أسعار الفائدة.

ويعمل العراق كذلك على تغيير واقع الدولرة الذي يعاني منه الاقتصاد العراقي منذ عام 2003 . وقال الشبيبي ان الدينار اليوم "مطلوب بشدة ونعتقد ان ذلك أمر طيب للاقتصاد ولاحتواء التضخم."

ومع تراجع التضخم خفض البنك سعر الفائدة الى 11 بالمئة من 14 بالمئة في يناير كانون الثاني. لكن اقراض الافراد مازال نادرا للغاية.

وقال "نريد الان تشجيع الاستثمار والاقراض بشكل عام لكن (سعر الفائدة) سيعتمد... على بيانات التضخم كل شهر."واضاف ان الاقراض في القطاع المصرفي العراقي الذي مازال معزولا بدرجة كبيرة عن بقية العالم يشهد ارتفاعا خاصة في تمويل التجارة وبعض القروض الشخصية باستثناء الرهون العقارية.

واتاحة الائتمان ستكون عاملا رئيسيا في تحريك النمو خارج قطاع النفط وهو القطاع الاكبر بفارق واضح لكنه لا يوفر فرص عمل كثيرة.

وتابع ان توقعات صندوق النقد الدولي في ديسمبر كانون الاول الماضي لعام 2009 والتي قدرت النمو العراقي بنحو 7.5 بالمئة كانت "متفائلة على الارجح" بسبب اتجاهات أسعار النفط العالمية.وأضاف "ومن ناحية أخرى يمكن تحقيقها لانه سيكون هناك دافع كبير... لزيادة انتاج النفط."

تقرير الامم المتحدة: الوظائف الحكومية تُثقل الموازنة العامة

من جهة اخرى أظهر تقرير للأمم المتحدة ان الأعداد الكبيرة للموظفين العراقيين باتت تشكل العبء الاكبر على الموازنة العامة للدولة، كما ان عدد العاملين في القطاع العام تضاعف منذ 2005.

ويعاني 18 في المئة من العراقيين البطالة المنتشرة خصوصاً بين الشباب. ويشكل الذكور الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و29 سنة 57 في المئة من العاطلين من العمل في البلاد، ما يعتبره بعض المتابعين مكسباً كبيراً للحركة العمرانية والصناعية في العراق، اذا استغل بالصورة الأمثل. بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وأوضح التقرير الذي اعدّته «وحدة التحليل والمعلومات» التابعة للأمم المتحدة ان القطاع العام، الذي يؤمّن وظائف مضمونة بمرتبات عالية نسبياً، يقوّض الجهود الرامية الى إنشاء شركات خاصة تقدّم وظائف بديلة للمواطن، في حين يكافح المستثمرون في القطاع الخاص للحصول على مصادر تمويل. وأضاف ان الانخفاض الحاد الأخير في سعر النفط العالمي وعدم وجود مصادر دخل اخرى للموازنة العامة للدولة، جعلا هذا المستوى المرتفع من الوظائف العامة، حيث تمثل رواتب القطاع العام ومعاشات التقاعد 35 في المئة من مجمل النفقات الحكومية في العام الجاري، امراً غير قابل للاستمرار.

وأشار التقرير الى انخفاض معدل وظائف القطاع الخاص من 25 في المئة عام 2003 الى 17 في المئة في العام الماضي، والى ان القطاعين العام والخاص في العراق غير مهيأين لتوفير 450 الف وظيفة للمتقدمين الجدد الى سوق العمل سنوياً. وأوصى بتنسيق الجهود لتعزيز القطاع الخاص في العراق. واعتبر ان التضخم هو من بين العوامل التي صعّبت إطلاق شركات جديدة، لأنه يبقي اسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، ما يجعل الاقتراض مكلفاً. ولفت الى انخفاض عدد النساء العاملات، ليمثلن 17 في المئة من القوى العاملة، وهي نسبة منخفضة مقارنة بمعظم الدول المجاورة للعراق.

وكان المستشار الاقتصادي للحكومة العراقية، عبد الحسين العنكبي، نفى «أي نية للحكومة لتسريح الموظفين العاملين لديها، تطبيقاً لمبدأ الفائض الوظيفي». وأوضح ان قرار مجلس الوزراء الأخير ترشيد التعيينات في الدوائر الحكومية، لا يعني تحديد الفائض منهم وإنهاء خدماتهم، مثلما يشاع من قبل بعض الجهات.

الى ذلك، سجل مؤشر البورصة العراقية قفزة لافتة هي الأعلى منذ تأسيسها، إذ ارتفع 19 في المئة في جلسة واحدة. وعزا مستثمرون ذلك إلى «توافر السيولة النقدية في البورصة العائدة من دول المهجر بعد عودة أصحابها إثر التحسن الأمني الذي شهده العراق في الشهور الماضية».

وارتفع المؤشر في جلسة أول من أمس 19.479 في المئة ليقفل على 119.217 نقطة. وكانت البورصة العراقية أقفلت الجلسة الماضية على 99.780 نقطة. وشهدت الجلسة العاشرة في الشهر الجاري، تداول ما يزيد على 4.453 بليون سهم بقيمة تجاوزت 10.116 بليون دينار(8.6 مليون دولار)، تحققت من خلال تنفيذ 405 عقود تداول، لأسهم 46 شركة من أصل 91 مدرجة في البورصة. وارتفعت أسعار أسهم 42 شركة منها، فيما انخفضت أسعار أسهم 7 شركات، وحافظت أسعار أسهم 15 شركة على مستوياتها السابقة

المالكي: العراق بحاجة الى خبرات عالمية لتحقيق تنمية سريعة

 وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان بلاده بحاجة الى "خبرات عالمية" للوصول الى تنمية سريعة في قطاع الانتاج النفطي، وذلك خلال مؤتمر الجمعة.

واضاف المالكي انه بعد تحسن الاوضاع الامنية "اصبح العراق مؤهلا لتوسيع دائرة الانتاج النفطي لكننا نحتاج الى مزيد من الخبرات العالمية لكي يكون هذا البلد قادرا على دفع عملية التنمية بشكل سريع". وتابع "نحتاج الى المزيد من الاستعانة بالطاقات المحلية والعالمية".

وقال المالكي "اصبحنا ملزمين بتفعيل وزيادة انتاج النفط والغاز وتوسيع دائرة الخدمات وزيادة الانتاج للتصدير والتوفير".

بدوره، اكد نائب رئيس وزراء برهم صالح ان "الواقع الحالي يشير الى ضرورة بلورة سياسة نفطية جديدة من خلال تعاون خبراء عراقيين نفطيين من الداخل وخبراء من الخارج لتطوير الثروة" النفطية.

من جانبه، قال وزير النفط حسين الشهرستاني خلال كلمته في المؤتمر الذي سيواصل اعماله لثلاثة ايام ان "الجميع يعلم ان قطاع النفط لعب دورا اسايا في تاريخ العراق الحديث وسيبقى كذلك لسنوات قادمة".

واعرب عن اسفه لاعتماد العراق بشكل كامل على النفط في الموازنة قائلا "مع الاسف الشديد في الوقت الحاضر نعتمد على ايراداتنا النفطية لتمويل الموزانة العامة". بحسب رويترز.

واكد ان معدل "انتاج النفط خلال عام 2008 كان حوالى 2,25 مليون برميل يوميا فيما بلغ العام 2009 نحو 2,310 مليون برميل".

ووقع العراق مؤخرا عقدا مع شركة "ام بي سي" البريطانية لحفر الابار النفطية في خطوة هي الاولى من نوعها.

واوضحت الوزارة ان "شركة الحفر العراقية وقعت بحضور وزير النفط حسين الشهرستاني عقد تاسيس شراكة مع شركة ام بي سي البريطانية برأسمال ابتدائي بقيمة تسعين مليون دولار قابل للزيادة".

ويبلغ انتاج النفط ما معدله 2,286 مليون برميل يوميا يصدر منها 1,85 مليون برميل، وفقا لاحصائيات الوزارة.

ويملك العراق احتياطيا مؤكدا يبلغ حجمه 115 مليار برميل في حين تشير تقديرات غير مؤكدة الى ان حجمه يتجاوز المئتي مليار برميل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/آذار/2009 - 14/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م