رغم أن المخدرات أصبحت ظاهرة عالمية, كما أن
تقسيم الدول بين منتجة ومستهلكة لم يعد قائما نجد أن تقريرا صادر من
الأمم المتحدة في فيينا يؤكد أن180 مليون شخص تقريبا يستهلكون
المخدرات في العالم, وأكد التقرير أن لائحة الدول المنتجة لم تكن
محدودة بهذا الشكل مشيرا إلي أن أفغانستان وبورما تنتجان وحدهما90
في المائة من الإنتاج الشامل غير القانوني للأفيون وأن كولومبيا
مسئولة وحدها عن ثلثي أوراق الكوكا.
وأوضح سانديب شاولا مسئول عن برنامج الأمم
المتحدة أن حوالي42% من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم15 عاما علي
الأقل يدمنون المخدرات, وأن الذين يستهلكون مخدر القنب وصل عددهم144
مليون مستهلك, و20 مليون يستهلكون العقاقير المنبهة, بينما14
مليون يستهلكون الكوكاكيين, و135 مليون يأكلون الأفيون ومن بينهم9
ملايين مدمن.
وأوضح شاولا أن جميع هذه الأنواع المختلفة من
الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم15 عاما علي الأقل أي عمر إدمان
المخدرات فيما لاحظ برنامج الأمم المتحدة أيضا تدنيا في عدد الوفيات
الناجم عن الإفراط في استهلاك المخدرات في سبع دول أوروبية هي:
فرنسا وأسبانيا وألمانيا وإيطاليا والنمسا ولوكسمبورج وسويسرا, وفي
المقابل لم تكن طرق ترويج المخدرات أكثر تعددا عما هي الآن بسبب
العولمة فقد لاحظت170 دولة زيادة في عمليات ضبط المخدرات علي
أراضيها.
من جهة اخرى قالت دراسة صدرت في الكويت
ونقلتها كونا ان العوامل الاجتماعية والاقتصاديةهي التي تؤدي الى
تعاطي المخدرات والمسكرات، فقد أكد أكاديميان كويتيان أن المرحلة
العمرية الحاسمة
في عمر الانسان عند بداية التعاطي والادمان
على المخدرات والمسكرات لدى الكويتيين تتركز في مرحلة ماقبل سن 19
عاما بجانب مجموعة من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
وهذه الدراسة الحديثة التي أعدها أستاذا
علم الاجتماع والخدمة الإجتماعية بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة
الكويت وهما الدكتور حمود القشعان والدكتور يعقوب الكندري تناولت
مجموعة من المتغيرات التي أثرت على سلوك هوءلاء الأفراد وأدت بهم
الى دائرة الادمان. ورمت الدراسة الى
الكشف عن سلوكيات المدمن والعوامل التي دفعت الشريحة المدمنة نحو
الاتجاه للتعاطي من خلال استبانه يحدد من خلالها أفراد العينة
الدوافع والاسباب التي دفعتهم للادمان وتأثير بعض العوامل لاتجاههم
لتعاطي المخدرات.
وأبرزت نتائج الدراسة أن 62 في المائة
من أفراد العينة قد بدءوا تعاطيهم للمخدر لأول مرة وهم في سن 19
عاما وما دون وان نسبة 90 في المائة منهم تعاطوا هذه المواد المخدرة
والمسكرة لاول مرة وهم دون سن الرابعة والعشرون.
وأضافت الدراسة أن هناك علاقة واضحة بين
المرحلة العمرية التي بدأ فيها المدمن بالتعاطي وبين الاصدقاء
والترف المادي ووسائل الاعلام والفراغ والشعور بعدم الثقة بالنفس
اضافة الى السهر خارج المنزل والسفر للخارج واعتبار المخدرات
والكحوليات وسيلة لطرد الكآبة والملل.
ولاحظت الدراسة ان أغلب فئات العينة
المدروسة من فئات الدخل المحدود اذ بلغت نسبتهم 56 في المائة
من اجمالي العينة وهم من الذين يتقاضون مرتبات شهرية لاتتجاوز 500
دينار مما يعطي اشارة الى أن الادمان قد يرتبط مع الوضع الاقتصادي
المتردي للفرد.
وأضافت من بعدها تأتي فئة الدخول بين 501
الى 900 دينارا والتي تشكل نسبة 33 في المائة ومن ثم أصحاب الدخول
من 901 الى 1300 دينار والتي تصل الى نسبة 4ر10 في
المائة من حجم العينة أما أصحاب الدخول العليا فان النسبة متدنية جدا
من أفراد العينة حيث بلغت 4ر0 في المائة للدخول بين 1301 - 1500
دينار.
وأفادت الدراسة أن غالبية المدمنين
الموجودين في السجن المركزي والتائبين في لجنة بشائر الخير هم من
المدمنين على المواد المخدرة بأنواعها المتعددة سواء كانت مادة
الافيون أو الهيروين أو الحشيش وغيره اذ بلغت نسبتهم 4ر65 في المائة
من اجمالي العينة أما مدمني المواد المسكرة والكحوليات فقد بلغت
نسبتهم 15 في المائة وشكلت نسبة 6ر19 في المائة من الذين قد أدمنوا
على المخدرات والكحوليات على حد سواء.
كما لاحظت الدراسة أن هناك تقاربا بين فئة
التجار والاصدقاء في توريد وتزويد المدمنين بالمواد المخدرة
والمسكرة اذ بلغت 2ر42 في المائة من اجمالي العينة من الذين
يتلقون المخدرات والمسكرات من خلال أصدقائهم ونسبة 3ر41 في المائة
كانوا يتلقونها من خلال التجار أنفسهم وعن طريق الاتصال المباشر
معهم بينما وصلت نسبة الوسطاء 5ر16 في المائة فقط من حجم العينة
وأشارت الدراسة الى أن الغالبية العظمى من أفراد العينة كانت
تتعاطى المخدرات والمسكرات بشكل يومي حيث بلغت نسبة التعاطي اليومي
4ر75 في المائة من اجمالي حجم العينة ونسبة 6ر19 في المائة
كانت تتعاطى هذه المواد بشكل متفاوت أسبوعيا.
بينما وصلت نسبة خمسة في المائة فقط من أفراد العينة تتعاطى هذه
المواد في أوقات أخرى غير تلك التي ذكرت.
وبينت الدراسة ان أغلب أفراد العينة ينفقون
مبالغ كبيرة شهريا على المواد المخدرة والمسكرة اذ أن 51 في المائة
من أفراد العينة تنفق 200 دينارا كويتيا فأكثر شهريا بينما تصل
نسبة 26 في المائة من اجمالي العينة التي تقوم بصرف 100 دينار وأقل
شهريا و16 في المائة تصرف من 100 - 150 دينار.
وأضافت الدراسة أن 2ر46 في المائة من أفراد
العينة الذي لايتجاوز مستوى دخولهم الشهرية عن 500
دينار هم الذين يقومون بصرف 200 دينار أو أكثر لتعاطي هذه المواد
أي أن هذه الفئة تقوم بصرف ما يقارب نصف مرتباتها الشهرية تقريبا في
سبيل الحصول على هذه المواد دون الاخذ بعين الاعتبار الاحتياجات
الاسرية المنزلية المتعددة.
كما تشكل النسبة ذاتها لاصحاب الدخول من 501
- 900 بينما تنخفض هذه النسبة لاصحاب الدخول من
901 - 1300 لتصل الى 7ر40 في المائة من الذين يقومون بصرف 200 دينار
وأكثر لهذه الاغراض.
وأوضحت الدراسة ان فئات المستويات
الاقتصادية المتدنية ينظرون الى بعض المتغيرات الاجتماعية على انها
أكثر تأثيرا بالنسبة لتعاطيهم اذ ينظرون الى الترف المادي جزءا
أساسيا لادمانهم حيث انهم اكثر الفئات التي تتعرض للتأثيرات والاغراءات
المادية ذلك نظرا لوضعهم الاقتصادي المتردي، اذ ان أصحاب الدخول
المتدنية قد يكونون أكثر عرضة للمشاكل الاجتماعية وبالتالي يجدون
في التعاطي نوعا من أنواع الابتعاد عن المشاكل فهي قد تكون سلوكا
ومنفذا باتجاه إيجاد حل أو هروب من واقع قد يعيشه.
وأشارا الى أن تاثير الاعلام والسفر للخارج
يكون أكثر تأثيرا على فئات الدخول المرتفعة نسبيا اذ تكون منفتحة
على وسائل الإعلام أكثر من غيرها كما تكون الأكثر حظا من غيرها
للسفر للخارج.
وبينت الدراسة تأثير الاقران والاصدقاء في
توجيه سلوك الانسان اذ أن 2ر92 في المائة من أفراد العينة قد
تناولوا الجرعة المخدرة الاولى من الاصدقاء وبالمجان دون دفع
قيمتها النقدية بينما بلغت نسبة 2ر6 في المائة منهم من غير الأصدقاء
أو دفعوا المال مقابل الحصول عليها.
وأضافت الدراسة أن عملية التأثير حتى في
حالة عدم الرغبة في التعاطي تولد لدي الفرد الشعور بالتجربة للمرة
الاولى بعد أن يزين له الصديق المخدر ويغريه به إذ أشارت 6ر92 في
المائة من أفراد العينة بأن الاصدقاء كانوا يزينون لهم المخدر بينما
رأت 7 في المائة فقط عكس ذلك اضافة الى ذلك فقد رأت نسبة 1ر61 في
المائة من اجمالي العينة الى انها بدأت التعاطي لمجاراة الأصدقاء
فقط وأن نسبة 2ر70 في المائة منهم كانوا يقومون بالسفر برفقة
الاصدقاء ولوحدهم.
كما أوضحت نتائج الدراسة تفاوتا في استجابات
المدمنين فيما يتعلق بدور الاسرة وتأثيره على المدمن اذ رأت أكثر
من نصف العينة 6ر51 في المائة أن عدم وجود التوجيه الاسري في
الصغر أدى الى ادمانهم بينما ترى 37 في المائة بوجود هذا التوجيه.
وبين الدكتور القشعان انه حتى وأن وجد نوع من
أنواع التوجيه الاسري الا ان دور الاسرة في مراقبة أبنائها قد يكون
أمرا مفقودا وقال "لو كانت هناك مراقبة جادة من قبل الاسرة لكانت
التجربة الاولى لتعاطي المخدر لم تتم خاصة اذا ما أدركنا بأن
غالبية أفراد العينة كانت مترددة بشكل كبير عند تناولها للمخدر للمرة
الاولى".
ووافقه الدكتور الكندري قائلا "أن متغير
العمر عند بداية تناول المخدر للمرة الاولى يعتب عاملا مهما في
التأكيد على غياب دور الاسرة المهم في عمليتي الرقابة والتوجيه".
وأضافت الدراسة أن 2ر29 في المائة من أفراد
العينة رأت انها قد تناولت الجرعة الاولى من المخدر نتيجة لمشاكل
أسرية في حين رأت 3ر14 في المائة من العينة أن الاب كان يتعاطى
الخمر أو المخدرات ويبين ذلك ما يشكله الاب من رمز يحاول الابن تقليده
بينما بينت نسبة 4ر48 في المائة منهم أن أحد الأقرباء كان يتعاطى
الخمر أو المخدرات.
وأفادت نتائج الدراسة أن 7ر74 في المائة من
العينة كانت تدخن وأنها تعتقد بأن التدخين كان مقدمة لعملية ادمانهم
بينما أوضحت نسبة 6ر15 في المائة منهم بأن التدخين لم يكن له علاقة
في ذلك.
وأشارت الى أن 8ر53 في المائة من أفراد
العينة ندموا كثيرا بعد تناول الجرعة أو الكأس الاول و43 في المائة
منهم قررت بعدم محاولة التجربة مرة أخرى وأن 2ر64 في المائة منهم
قد تناولوا المخدر أو المسكر للمرة الأولى بعد تردد كبير.
وأوضحت نسبة 1ر61 في المائة من أفراد العينة
انهم كانوا غير فاشلين دراسيا وإن نسبة 8ر51 في المائة
منهم من الذين يؤدون الفرائض الدينية ونسبة 43 في المائة منهم كانت
لا توءديها.
وشدد أستاذا الاجتماع والخدمة الإجتماعية
على ضرورة وضع استراتيجية تربوية توعوية واضحة المعالم تحاول
الاسهام في الحد من هذه المشكلة من خلال برنامج متكامل لفئة
المراهقين والشباب يشمل على مفاهيم أساسية تعالج هذه الاشكالية وقيم
تعزز من مفاهيم حرية الاختيار ومهارات الرفض التي من خلالها يكون
الإنسان قادر على ان يرفض ويقول (لا) في الاوقات التي يفترض ان
يقول بها (لا).
ثلاثة بالمائة من مجموع
السكان في ايران مدمنون على المخدرات
وفي هذا السياق قال رئيس منظمة السلامة
الاجتماعية محمد رضا راه جمني اليوم ان ثلاثة بالمائة من مجموع
السكان في ايران مدمنون حاليا على المخدرات مشيرا الى ان اربعة
اطنان من الافيون تستهلك يوميا داخل البلاد .
ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن جمني قوله
لدى افتتاح المركز الصحي لمعالجة المدمنين على
المخدرات في مدينة جرجان (شمال ايران) اليوم ان " ثلاثة بالمائة من
مجموع السكان البالغ عددهم 65 مليونا مدمنون على تعاطي المخدرات..
وهي نسبة تمثل 5 بالمائة من مجموع السكان الراشدين".
ووصف رئيس منظمة السلامة الاجتماعية ارتفاع
نسبة الاقبال على المخدرات في بلاده بانها " مقلقة للغاية بسبب
الاثار الاجتماعية الخطيرة الناجمة عنها" موضحا ان " ما بين 30 الى
50 بالمائة من الظواهر الاجتماعية السلبية تعد افرازا مباشرا للادمان
على المخدرات".
وقال راه جمني ان "الادمان على المخدرات
مسؤول عن شيوع ظواهر مثل الفحشاء وتسيب الاولاد وارتفاع نسبة
الطلاق والانتحار في المجتمع" معتبرا ان "من المتعذر القضاء على هذه
الظاهرة مالم تتم تعبئة وطنية شاملة لمواجهتها ووضع الحلول العلمية
لمعالجتها".
وراى المسؤول الايراني ان " توفير فرص عمل
للعاطلين يسهم كثيرا في انخفاض نسبة
الاقبال على المخدرات" مؤكدا على اهمية ان
تكون هذه الفرص حقيقية وليست كاذبة لان
" 56 بالمائة من المدمنين كانوا يمتهنون
مايسمى بالاعمال الحرة وهي ليست في حقيقتها سوى بطالة مقنعة".
وفي معرض اشارته الى ان معظم المدمنين
على المخدرات هم من غير الاسوياء نفسيا دعا راه جمني الى افتتاح
المزيد من مراكز العلاج التي تتبع المعالجة النفسية في ابراء
المدمنين وتشجيعهم على الاقلاع عن هذه الظاهرة ".
الكوكايين يقتل خلايا اللذة في الدماغ
من جهة اخرى وجد علماء أن تعاطي الكوكايين
بشكل متكرر يضر، أو حتى يقتل، نفس الخلايا في الدماغ التي تثير
الشعور بـ"النشوة" الذي يلاقيه المتعاطون. ويلحق المخدر الضرر بخلايا
أساسية في مركز اللذة في الدماغ.
ويقول باحثون إن النتائج التي توصلوا إليها
يمكن أن تساعدهم في تفسير عملية الإدمان ويمكن حتى أن تقود إلى تطوير
عقاقير مضادة للإدمان.
ويمكن للنتائج أيضا أن تحسن من فهم اعتلالات
أخرى على صلة بنفس خلايا الدماغ، من قبيل الاكتئاب.
وأجرى باحثون من المركز الصحي في جامعة
ميتشيغان ونظام الرعاية الصحية في مدينة آن آربور فحوصات على عينات
من خلايا الدماغ أخذت بعد الوفاة من 35 مستخدم كوكايين ومن 35 شخصا
لا يستخدمون المخدر.
وعاينوا صحة العصبونات، أو خلايا الأعصاب،
التي تطلق مادة كيماوية تطلق العنان للشعور باللذة يطلق عليها اسم
دوبامين والتي تتفاعل مع الكوكايين.
كما أجرى الباحثون فحوصات على معدلات الدوبامين وكمية البروتين من
نوع "في أم إيه تي 2" الموجودة في الدماغ.
وكانت مستويات كلتا المادتين أدنى لدى المتعاطين بالكوكايين، وخصوصا
لدى أولئك الذين كانوا يعانون من الاكتئاب.
وقالت كارلي ليتل، التي ترأست الفريق البحثي: "هذا أوضح دليل لحد
الآن على أن العصبونات المحددة التي يتفاعل معها الكوكايين لا تحبه
وأنها تتضايق من آثار المخدر".
كما أن إطلاق مادة الدوبامين في الدماغ، يطلق العنان لمشاعر أو
أحاسيس اللذة، مما يساهم في دفع الأشخاص إلى الأكل، والشعور بعواطف
والتكاثر.
ويلعب نظام الدوبامين دورا في تحفيز الباعث على تكرار التجارب التي
تنطوي على شعور باللذة، وهو ما يقول العلماء إنه يمكن أن يفسر اشتهاء
المدمنين للمخدرات.
وفي أول مرة يتعاطى فيها المرء الكوكايين، فإن المخدر يعيق عملية
إرسال الدوبامين راجعة إلى خلاياها الأصلية بعدما يكون قد أثار
إحساسا باللذة.
ومن ثم تتراكم المادة الكيماوية في نقطة الالتقاء بين الخلايا، مما
يرسل إشارات لذة مرارا وتكرارا، وهو ما يحدث بالتالي الشعور "بالنشوة"
لدى المتعاطين بالكوكايين.
ويقول الباحثون إنه يمكن للآثار الطويلة الأمد لتعاطي الكوكايين أن
تفسر أيضا الدافع المتدني للمتعاطين به، والعواطف المتأججة لديهم
والصعوبات التي يواجهونها في الإقلاع عن المخدر.
وتموت خلايا الدوبامين خلال حياة الإنسان، والضرر الفادح اللاحق بها
هو إحدى العلامات المميزة لفقدان السيطرة على الحركة الذي ينطوي عليه
مرض الباركينسونز.
|