226 ألف لاجئ عراقي في إيران بين مخيمات الفقر وأطماع المهربين

قضية اللاجئين العراقيين في ايران تبقى احدى القضايا الانسانية العالقة بين طهران وبغداد اللتين يتأرجح مسيرة التطبيع بينهما بين مد وجزر.

وتعد مسألة اللاجئين العراقين في ايران أزمة مزمنة, تعود جذورها الى الازمات المتواصلة بين الجارين اللدودين, وتفاقمت عبر مراحل أبرزها الحرب التي استمرت ثماني سنوات (1980 - 1988). اما خريطة الوجود العراقي في ايران فتخضع للتغيير وفقاً للأوضاع في العراق, وعودة بعض اللاجئين اليه أو هجرتهم الى دول أخرى.

أوضاع اللاجئين تتفاوت بين الفقر والغنى, اذ ان معظمهم يعيش في مخيمات, وقلة انخرطت في الحياة التجارية, وهناك آخرون انضووا تحت لواء المعارضة, خصوصاً (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية) و(فيلق بدر) قوته العسكرية. وتوجد مخيمات اللاجئين في جنوب ايران, بينما تعتبر منطقة دولت اباد جنوب طهران بمثابة مدينة صغيرة مكتظة بالعراقيين الذين يعملون في التجارة في شكل اساسي.

وقضية العراقيين اللاجئين قضية متشعبة, اذ ينقسمون الى قسمين: العراقيين من اصل عراقي والعراقيين من اصل ايراني. وهذا التقسيم قد يسهل حل بعض مشكلاتهم اذا اعطيت الجنسية الايرانية لذوي الاصل الايراني الذين يبلغ عددهم حوالى 86 ألفاً و325 شخصاً من ضمنهم أطفال ولدوا في ايران (حوالى 31 ألفاً و500 طفل).

وتبرز اهمية هذا الواقع عند معرفة ان مجموع عدد اللاجئين العراقيين في ايران سواء كانوا من أصول عراقية أو ايرانية هو 226 ألفاً و354 شخصاً ضمنهم أطفالهم الذين ولدوا في ابران وعددهم حوالى 82 ألفاً ولدوا على مدى 19 سنة ولا يزالون في ايران. وهذا يعني ان عدد العراقيين من اصل عراقي 140 ألفاً مع أطفالهم المولودين في ايران وعددهم حوالى 51 ألفاً.

وخلال سنوات اللجوء التي تربو على عشرين سنة تقلصت الى حد كبير اعداد اللاجئين, اذ ان مجموع العراقيين الذين دخلوا ايران كان 594 ألفاً و235 لاجئاً, ضمنهم أطفالهم المولودون في ايران وعددهم 172 الفاً و235 طفلاً. لكن هذه الارقام تغيّرت كثيراً, إذ خرج من هذا البلد حوالى 275644 لاجئاً الى دول أخرى, ورجع الى العراق من أكراد الشمال 53 الفاً ومن العرب 1100 لاجئ, فيما وصل عدد الوفيات بين اللاجئين الى 38337 شخصاً خلال 19 سنة.

وهناك اسباب عدة أدت الى خروج اعداد كبيرة من العراقيين من ايران و اللجوء الى دول اخرى, وتقول مصادر عراقية متابعة لهذا الملف: (الضغوط الاقتصادية المترافقة مع انخفاض اسعار النفط وازدياد عدد سكان ايران, انعكست على الوضع الاقتصادي العام في ايران, بالتالي على اللاجئين, اذ صاروا الحلقة الأضعف في التركيبة السكانية).

وتشير الى عوامل بينها (ضعف الحماية القانونية ثم الاجراءات التي طاولت هؤلاء اللاجئين وسببت ارباكاً وقلقاً نفسياً على حاضرهم ومستقبلهم, فأصبحوا في وضع لا يحسد عليه. فهم لا يتمكنون من الرجوع الى العراق بسبب الخطر الذي يتوقعونه, وليس مسموحاً لهم بالعمل داخل ايران. كما ان اللاجئ لا يتقاضى أي مساعدة أو راتب شهري كما هو معمول به في أكثر دول العالم التي تقبل لاجئين, يضاف الى ذلك ضعف امكانات مؤسسات الاغاثة الانسانية داخل ايران, ووجود مشكلات بين المؤسسات الخيرية في ايران والامم المتحدة. كل هذه الامور تسبب في ضيق للعراقيين في ايران, ما اضطر بعضهم الى دفع كل ما يملك للمهربين كي ينتقل الى دولة أخرى, خصوصاً استراليا لأن كلفة الطريق اليها أرخص, على رغم خطورته إذ يخاطر اللاجئ بحياته عندما يستقل سفناً قديمة معرضة للغرق).

وتختلف الظروف المعيشية للاجئين وفقاً للاعمال التي يزاولونها, ومعظم ذوي الأصول العراقية موزعون على النحو الآتي:

- 35 الفاً يعمل اولياء امورهم في نشاطات سياسية واعلامية وعسكرية في (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية) (بزعامة محمد باقر الحكيم) وامتداداته.

- 65 الفاً هم من عرب الاهوار, ومعظمهم عاطل عن العمل يعيش على المساعدات وبعضهم يقيم في مخيمات.

- 12 الفاً ينتمون الى الحوزات العلمية الدينية مع أسرهم وأطفالهم.

- 51500 هم من الأرامل والأيتام والعجزة.

- 10 آلاف كردي وتركماني بعضهم في المخيمات.

- 5 آلاف يعمل أولياء أمورهم كمهندسين وأطباء ومختصين في فروع مختلفة.
اما العراقيون من أصول ايرانية فيمتهنون الاعمال الحرة, إذ حصل الآلاف منهم على الجنسية الايرانية, وما زالت لدى كثيرين منهم البطاقة الخــــضراء التي تخولهم الاقامة في ايران.

وترى مصادر المعارضة الاسلامية العراقية ان الحلول المقترحة لأوضاع اللاجئين العراقيين ترتبط الى حد كبير بطبيعة التطورات السياسية, وما اذا كانت الضربة العسكرية المحتملة للعراق ستؤدي الى اطاحة الرئيس صدام حسين . وترى ان الحلول قد تتلخص في النقاط الآتية اذا بقي الوضع على ما هو عليه الآن:

1- عودة طوعية للعائلات التي لا تواجه مشكلات سياسية مع النظام في بغداد, مع تمكينها من نقل ممتلكاتها الى العراق.

2- ايجاد فرص لاعادة توطين اللاجئين في دولة ثالثة, بمساعدة من الامم المتحدة.

3- استخدام ايران صلاحياتها القانونية تجاه العراقيين من أصول ايرانية لمنحهم الجنسية, وربما اكتسب عدد لا يتجاوز 15 ألفاً هذه الجنسية وبقي الآخرون في حال انتظار لأن مستنداتهم في العراق اسقطت من قبل النظام.

4- منح العراقيين الذين ولدوا في ايران جنسيتها عند بلوغهم سن الـ18, وتخييرهم بين التبعية الايرانية أو غيرها.

5- منح الجنسية الايرانية للذين تتعذر عليهم المغادرة لاسباب أمنية وسياسية بعد مضي عشر سنين على اقامتهم في ايران.

ولم تكن ايران وحدها ملجأ اللاجئين العراقيين, اذ ان كثيرين منهم انتقلوا من العراق مباشرة الى الاردن واليمن وليبيا والجزائر والامارات واوروبا الشرقية ومصر والسودان, ويقدر عددهم بحوالى مليون لاجئ.

يمكن القول ان معدل الهجرة من العراق منذ عشرين سنة يعادل 75 ألف لاجئ كل سنة أي 6250 مهاجراً كل شهر, لكن هذه الهجرة قد تتكثف الى جهة معينة وتضعف في جهة أخرى.

وتدعو مصادر المعارضة العراقية الامم المتحدة الى تفعيل دورها في حل مشكلات اللاجئين, وأن تمنحهم مساعدات مالية يقتطع بعضها من عائدات النفط العراقي في اطار برنامج (النفط للغذاء).(الحياة)

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا