آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي يبين مكانة المرأة في الإسلام

قم/ النبأ: ألقى سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي – دام ظله – محاضرة مهمة، تناول فيها موضوع منزلة المرأة في الإسلام، وذلك لدى استقباله جمعاً من النسوة المؤمنات من العاصمة الإيرانية طهران، في مكتبه بمدينة قم المقدسة، وفيما يلي نورد جانباً منها:

في مستهل المحاضرة قال سماحته:

أريد أن أطرح نقطتين، النقطة الأولى لأجل أن تعرف المرأة نفسها، والثانية لأجل أن تعرف وظيفتها.

أما بالنسبة للنقطة الأولى، فإذا ما عرف الإنسان نفسه، فإنه سيؤدي وظيفته على نحو أحسن، بيد أنه إذا لم يعرفها جيداً، فإنه لا يستطيع أن يؤدي وظيفته، ولقد جاء في رواية أنه (من عرف نفسه فقد عرف ربّه).

وأردف سماحة السيد المرجع يقول: بالنسبة لموقع المرأة في الإسلام وردت عبارة عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، ما عرفت من خلال مطالعاتي ومسموعاتي، أن أحداً قبله (ع) قالها، وهي أعمق وأدق وأوضح عبارة عن المرأة، حيث قال الإمام (ع): (المرأة ريحانة), هذه الكلمة لم يقلها الإمام (ع) للرجال وحسب، وإنما أراد (ع) من خلالها أن يعبر عن واقع، ويثبت حقيقة؛ مما يستدعي من أن المرأة نفسها عليها أن تدرك ماهيتها.

إن الفرق بين الورد وغيره من الأشياء، يكمن في ضعفه، وهذا الضعف هو عينه مظهر كماله؛ يعني لو وضعنا – مثلاً – قطعة من الحديد تحت أشعة الشمس لعشر سنين، فسنرى أنه لن يحدث لها شيئاً، ولكن لو جعلنا وردة تحت حرارة الشمس مدة خمس دقائق، لتحولت إلى وريقة جافة، فهل هذا ضعف في الورد أم كمال؟ في الحقيقة أن هذا هو الكمال في الورد؛ إن الورد نبات لا عقل له، ولا يملك شعوراً راقياً، وإن الفكر والإحساس الذي جعله الله تعالى في الإنسان لا وجود له في الورد، فهو لا يستطيع أن ينأى بنفسه عن أشعة الشمس ولهيبها.. فأنا أوصي النساء بقراءة الإسلام على ضوء مصادره الأصلية، وهم المعصومون(ع) بعد القرآن الحكيم.

وفي رواية أخرى عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (رحم الله امرءاً عرف قدره فوقف عند حدّه).

إذا ما عرف الإنسان نفسه، فإنه سيؤدي وظيفته على نحو أحسن، بيد أنه اذا لم يعرفها جيداً، فإنه لا يستطيع أن يؤدي وظيفته..

إن وردةً – والكلام لسماحة السيد المرجع – لا تملك مثل هذا الإدراك، ولا تعرف قدر نفسها؛ فمثلاً إذا وصلها قدر من الماء فوق حاجتها، فإنها تموت، وحتى لو كان لديها إدراك، فهي لا تستطيع أن تحفظ نفسها من حرارة الشمس والماء الزائد على الحاجة. غير أن الإنسان يملك مثل هذه القدرة، وأن الباري تعالى قد وهب هذه القدرة لجميع أفراد النوع الإنساني.

ثم راح سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي يؤكد على هذا الموضوع، قائلاً: ينبغي التحقيق فيما يرتبط بموضوع الريحان والريحانة، والنظر في حشد الروايات والأحاديث الشريفة. هذه هي الكلمة الأولى وغير المسبوقة التي أطلقها الإسلام في شأن المرأة.. فعندما نفهم ماذا يعني الورد، نفهم أيضاً أن الغضب والانفعال هو بمنزلة لهيب الشمس الذي يحيل الورد ورقة يابسة، الوردة لا تملك مثل هذا الإدراك، أما المرأة فقد وهبها الله تعالى الإدراك والقدرة.

ثم انتقل سماحة السيد المرجع في سياق محاضرته إلى الحديث عن وظائف المرأة، فقال: إن الإنسان - رجلاً كان أم امرأة – جاء إلى الدنيا، وقد أعطاه الله تعالى قابلية الإدراك، وبعد ذلك سيكون مسؤولاً عن حياته بكل دقائقها. ورد في الذكر الحكيم (وقفوهم إنهم مسؤولون) عّماذا هم مسؤولون؟ إنهم مسؤولون عن كل شيء؛ فوظيفة المرأة المؤمنة هي عين وظيفة الرجل المؤمن، بل ربما فاقت وظيفة المرأة المؤمنة وظيفة الرجل المؤمن بعشرة أضعاف. هذا الأمر يتبع شيئين: أحدهما الإدراك، والآخر القدرة.

يستفاد من بعض الروايات أنه إذا مرت على الإنسان المؤمن لحظات غضب، فإن استطاع أن لا يخرج من الحدود المقبولة، فبها، وإلا فليبادر إلى ترك المكان من فوره.. وفي روايات أخرى، عليه أن يتوضأ، أو إذا كان واقفاً فليجلس، وإذا كان جالساً فليقف.

وظيفة المرأة المؤمنة هي عين وظيفة الرجل المؤمن، بل ربما فاقت وظيفة المرأة المؤمنة وظيفة الرجل المؤمن بعشرة أضعاف..

وأضاف سماحته القول: انظروا أيوجد مثل هذه المعاني في الثقافات الأخرى؟ الآن في دنيا اليوم هنالك أكثر من مليار إنسان من عبدة الأوثان، وبضمنهم ما لا يقل عن خمسمائة مليون امرأة من نفس القبيل، لدي كتاب (عبدة الأوثان) وقد طالعته أيضاً، وفي الواقع لو جعلناه في جنب القرآن الحكيم وقارنّا بينهما، فلا نستطيع القول أن الفرق بينهما كالفرق بين الزعفران والحديد المصدوء، بل إن الفرق بينهما أبعد من ذلك بكثير.

ولا يظن أحد أن الوثنيين قد عدموا العلم! بل قد يُرى فيهم أساتذة جامعات ومفكرون وأطباء ومهندسون.. أعرضوا عليهم كلمات القرآن الحكيم، وانظروا ردّات فعلهم، أتؤثر فيهم هذه الكلمات أم لا؟!.

في نفس كتاب (عبدة الأوثان) ورد أن الأسرة التي يولد فيها طفل، تظل سائر العشيرة، التي تنتمي لها تلك الأسرة، نجسةً لبضعة أيام، وأي أسرة وعشيرة يموت منها شخص، تبقى نجسةً أيضاً لعدة أيام!!.

إن الإنسان - رجلاً كان أم امرأة - جاء إلى الدنيا وقد أعطاه الله قابلية الإدراك، وبعد ذلك سيكون مسؤولاً عن حياته بكل دقائقها..

ولكم أن تقارنوا تلك المفاهيم مع ما عندنا من قيم. ما عندنا ليس فقط منسجماً بكل دقائقه مع العقل والعاطفة والفطرة بل هو أيضاً من عظيم الابتكار.. فما هي وظيفتنا بازاء ذلك؟ ما هو حجم القدرات التي نمتلكها، وبأي قدر نستطيع أن نكون قادرين؟!.

إلى ذلك، قال سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي – دام ظله الوارف -: انظروا في الجزء العشرين من (بحار الأنوار) لتدركوا كم قاسى الرسول الأعظم محمد بن عبد الله (ص)، وهو من أعز الخلق عند الله تعالى، في سبيل إبلاغ رسالة الإسلام للناس؟ وانظروا ماذا عانى رسول الله (ص) والإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) والمؤمنون الذين كانوا معهما في شعب أبي طالب؟.

لقد أكدت الروايات أن الرسول الأكرم (ص) ظل على مدى ثلاث سنوات، بحرّها وبردها، يبدل مكانه لأكثر من مرة في الليلة الواحدة! وذلك لأن العدو الشرس كان يكمن له (ص) بهدف قتله.. ومن المعلوم أن الله تعالى قادر على أن يحول دون كل ذلك الضغط والإرهاب الواقع على رسوله الكريم (ص) وأصحابه، لكنه لم يفعل؛ لأن الجميع – وبلا استثناء – معرضون للامتحان الإلهي.

وختم سماحة السيد صادق الشيرازي محاضرته بالقول:

فوظيفتك أيتها المرأة ثقيلة جداً، وواجبك أن تعرفي دين الله سبحانه، وأن تبلغي ذلك للآخرين، ليس فقط بأسلوب النقل، وإنما بالبيان والإفصاح أيضاً، وردّ الشبهات عبر عقد الجلسات، وإدارتها على نحو جيد، حتى تتحقق إمكانية أداء الواجب بصورة أفضل.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الخاتم محمد وآله الطيبين الطاهرين.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا