84% من الأمريكيين يؤيدون أساليب الاحتجاج اللاعنفية في فلسطين

كتبت صحيفة لوس أنجلس تايمز مقالاً عن وجهة الرأي العام الأمريكي حول قضية الصراع الأسرائيلي العربي عبر مجموعة من الإستطلاعات العشوائية التي اجرتها مراكز البحوث والدراسات في الولايات المتحدة جاء في المقال:

عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون واشنطن مؤخراً، ساوى مراراً بين العمليات الحربية الإسرائيلية في الضفة الغربية وحرب الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة، تلك المنظمة الإرهابية التي نفذت الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون.  ويوافق الكونجرس الأميركي على وجهة نظره هذه، حيث قام بإجماع كاسح بتبني قرار يعبر عن الدعم القاطع للعمليات العسكرية الإسرائيلية مؤكدا "أن الولايات المتحدة وإسرائيل تخوضان كفاحاً مشتركاً ضد الإرهاب".

إلا أن استطلاعاً للرأي العام على المستوى الوطني، تم إجراؤه بعد قرار الكونجرس مباشرة (1-5 أيار/مايو) من قبل برنامج اتجاهات حول السياسية الخارجية التابع لجامعة ميريلاند، يظهر أن وجهة نظر بين الجمهور الأميركي فيما يتعلق بالشرق الأوسط أكثر اختلافاً من وجهة نظر الكونجرس.  وقد قامت مؤسسة سكونر بتمويل الاستطلاع الذي شاركت به عينة عشوائية من 801 شخص باحتمال هامش خطأ قدره 3.5 – 4 %. 

وهناك مضامين هامة لنتائج هذا الاستطلاع فيما يتعلق بدور الولايات المتحدة في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لأن الرأي العام يعطي الرئيس مهلة أكثر مما هو معهود تقليدياً في بلورة بدائل سياسية.  ولم يعبر أكثر من 17% من المشاركين في الاستطلاع عن رأيهم بأن صراع إسرائيل مع الفلسطينيين يمكن النظر إليه كنسخة شرق أوسطية للحرب على الإرهاب.  ورغم أن 76% من المشاركين قالوا أن الهجمات الانتحارية الفلسطينية على المدنيين الإسرائيليين غير مبررة، إلا أن الأغلبية العظمى تعتقد أن أفضل وصف للصراع هو أنه نزاع بين مجموعتين قوميتين على نفس الأرض.

كما كشف الاستطلاع فروقاً أخرى بين رؤية الكونجرس والجمهور الأميركي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.  وأكثرها أهمية أن أغلبية المشاركين ينحون باللائمة على الطرفين بشكل متساو لفشل عملية السلام، ويعربون عن نفس المستوى من الإحباط تجاه كلا الطرفين.  أما بقية المشاركين فيتفق أقل من ثلثهم مع الإسرائيليين؛ يؤيد الفلسطينيين نسبة أقل بكثير.

يمكن اعتبار عدم التحيز هذا اتجاهاً سياسياً مختلفاً بشكل ملموس عن تلك التي ترسخها بعض التوجهات السائدة داخل الكونجرس: فقد ذكر ثلثي المشاركين في الاستطلاع أن على الولايات المتحدة عدم التحيز لأي من أطراف النزاع.  وقد يكون أكثر أهمية أن واحداً فقط من كل أربعة مشاركين يعتقد أن الولايات المتحدة لا تساند حالياً أياً من أطراف النزاع.

ولا تعني هذه النتائج أن الأميركيين يودون رؤية سياسة أمريكية غير مبالية بالشرق الأوسط.  بل على العكس تماماً، يود الأميركيون أن تضع حكومتهم ضغطاً أكبر على الطرفين لإعلان وقف لإطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات.  وإذا رفض الطرفان إنهاء القتال بعد ذلك، ذكر 61% من المشاركين أنهم سيهددون بحجب المساعدة عن إسرائيل، كما ذكر 64% أنهم سيوقفون تزويد بعض قطع الغيار للجيش الإسرائيلي.  أما بالنسبة للفلسطينيين فقد ذكر 63% من المشاركين في الاستطلاع أنهم سوف يهددون بوقف بعض المساعدات لهم بينما ذكر 50% أنهم سينظرون في وقف التعامل مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.  وإذا أنهى الفلسطينيون الهجمات الانتحارية واستخدموا أساليب الاحتجاج اللاعنفية فقط، فسيرتفع عدد الأميركيين الذين يؤيدون فرض مزيد من الضغط على إسرائيل إلى 84%.

كيف يفسر المرء الفرق بين هذا الاستطلاع، واستطلاعات أخرى أجريت مؤخراً أظهرت نتائجها مساندة لإسرائيل بشكل أكبر.  كما في استطلاعات أخرى فإن المشاركين في استطلاع جامعة ميريلاند كانوا أكثر قابلية للنظر إلى إسرائيل بعين المساند.  ولكن عدم تحيزهم النسبي هذا مرده العرض عليهم خيارات أكثر عند الإجابة.  إن توفير خيارات أكثر يتخذ أهمية خاصة عندما يمتنع عدد كبير من المشاركين عن الإجابة على أحد الأسئلة. 

فمثلاً سأل استطلاع أجرته محطة فوكس نيوز للأخبار بتاريخ 16 نيسان/أبريل المشاركين أي طرف يلومون أكثر للفشل في تحقيق سلام ي الشرق الأوسط، فكان عدد الذين ألقوا باللوم على الفلسطينيين أكثر بكثير (33%) من الذين أشاروا باللوم على إسرائيل (12%).  إلا أن 55% امتنعوا عن الإجابة على السؤال، وهذا أمر ملفت للنظر.  فقد أضاف استطلاع جامعة ميريلاند خيار الإنحاء باللائمة على الطرفين بشكل متساو، فاختار 58% من المشاركين فيه هذه الإجابة، وأنحى أقل من الثلث باللائمة على الفلسطينيين.

عندما تقوم استطلاعات الرأي العام بإجراء مسح حول التعاطف مع كل طرف، يشعر نسبة أكبر من المشاركين بالارتياح عند اختيارهم أحد الطرفين.  وفي استطلاع أجرته محطة سي بي أس للأخبار يومي 13 و14 أيار/مايو، ذكر 47% من المشاركين أنهم متعاطفون أكثر مع إسرائيل.  إلا أن 36% لم يكن لهم رأي.  وفي استطلاع جامعة ميريلاند طلب من المشاركين تصنيف مدى تعاطفهم مع كل طرف في أسئلة منفصلة على مقياس من صفر إلى 10، فكان جواب نصف المشاركين متقارب بما لا يزيد عن درجة واحدة.  وأعطى واحد من كل ثلاثة مشاركين فقط إسرائيل درجة عالية.

ويدعم الأميركيون المشاركون في الاستطلاع بشدة (70%) التزام الرئيس بوش المتجدد بإيجاد حل سلمي في الشرق الأوسط.  كما يبدو أنهم يميلون إلى تدخل الإدارة المتزايد في المنطقة.

كما استحسن ثلثا المشاركين دعوة الرئيس بوش إسرائيل لسحب قواتها العسكرية من المدن الفلسطينية، وأيد 75% لقاء وزير الخارجية الأميركي كولن باول الأخير مع عرفات، كما أيد عدد مماثل موافقة الرئيس بوش على دولة فلسطينية.

ومصدر هذا الدعم ليس فقط شعبية الرئيس بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بل وجهة النظر الأميركية المتقاربة حول إسرائيل والفلسطينيين.  فبينما هم يرفضون بشكل كامل التفجيرات الانتحارية ولا يحبون عرفات، فإن لدى معظم الأميركيين تحفظات على ممارسات إسرائيل أيضا.  إذ يعتقد أكثر من نصف المشاركين في استطلاع جامعة ميريلاند أن عمليات إسرائيل في الضفة الغربية ليست لاجتثاث الإرهاب فقط وإنما لمعاقبة السكان هناك.

ويريد المشاركون في الاستطلاع أيضا من الحكومة الأميركية التأكيد  أكثر على المشاركة المتعددة الأطراف، حيث أعجب 82% من المشاركين بفكرة مؤتمر دولي، وعند سؤالهم عمن يجب أخذ زمام القيادة في حل نزاع الشرق الأوسط لم يذكر الولايات المتحدة سوى 13%.  وبدلاً من ذلك ذكرت الأغلبية العظمى أن القيادة يجب أن تكون بأيدي الأمم المتحدة أو مجموعة من الدول الكبرى بما فيها الولايات المتحدة.

ويود المشاركون في الاستطلاع رؤية الأمم المتحدة تتخذ دوراً أكبر من ذلك.  فإذا لم يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من التوصل لحل حول وضع القدس، والتي كانت المشكلة الرئيسية في كامب ديفيد ومحادثات طابا في كانون ثاني/يناير 2001، فإن على الأمم المتحدة تسلم إدارة المناطق المتنازع عليها، حسب رأي أغلبية واضحة من المشاركين.  كما تفضل أغلبية واضحة أيضاً فكرة أن يقرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة موقع الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطينية جديدة، أو أن تقوم الأمم المتحدة بإدارة المناطق باعتبارها وصي.

يتضح من استطلاع جامعة ميريلاند أن الأميركيين يبدون اهتماماً واضحا بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني وكيفية معالجة الولايات المتحدة له.  كما يظهر أن وجهات نظرهم فيما يتعلق بالمتحاربين أكثر تعقيداً وأقل تعصباً من وجهات نظر الكونجرس.  وهذه فرصة يمكن للبيت الأبيض أن يستفيد منها جيداً عندما يرسم خطته للشرق الأوسط.

النص الأصلي باللغة الإنجليزية وقد قامت خدمة Common Ground الإخبارية بترجمته إلى العربية

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا