آية الله محمد رضا الشيرازي: الرضى بقضاء الله وقدره من مفاتيح سعادة المؤمن في دنياه وآخرته

قم/ النبأ: ضمن سلسلة محاضراته التي تُعقد في بيت الإمام الشيرازي (ره) في مدينة قم المقدسة، ألقى سماحة العلامة آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي محاضرة مهمة تناولت موضوع الرضى بقضاء الله وقدره. وفيما يأتي جانب منها:

استهل سماحته محاضرته بالقول: نبحث اليوم موضوعاً مهماً، يُعدُّ من مفاتيح سعادة المؤمن في ديناه وآخرته، هذا الموضوع هو الرضى بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره، ويدور مدار المباحث التالية:

الأول: قاعدة الرضى.

الثاني: نتيجة (الرضى).

وبحث ثالث يأتي في الآخر، ومكمل للبحثين الأولين.

وأردف سماحة السيد محمد رضا الشيرازي قائلاً: إن الرأي في موضوع الرضى بالقضاء والقدر الإلهي هو أن هذا الأمر الذي فُرض علينا، ناشيء من مصلحتنا، كما أنه ناشيء من منبع اللطف الربّاني.

نُقل عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قوله: (مثلكم مثل المريض ومثل رب العالمين كمثل الطبيب المداوي).

إذا حصلت مثل هذه الحالة للإنسان المؤمن، حصل اليقين لديه من أن كل ما قدره الله تعالى، هو لمصلحته. عند ذاك ليس فقط لا يجزع المؤمن لقضاء الله، بل يصير راضياً بما قدر الله تعالى وقضى.

الرضى بقضاء الله يعني العلم بأن هذا القضاء هو المصلحة عينها. ومبدأ الرضى بالقضاء والتقدير الإلهي هو العلم بالله سبحانه وتعالى

ثم قال سماحته: الرضى بقضاء الله يعني العلم بأن هذا القضاء هو المصلحة بعينها. ومبدأ الرضى بالقضاء والتقدير الإلهي هو العلم بالله سبحانه وتعالى.

روي عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: (أعلم الناس بالله عز وجل أرضاهم بقضائه وقدره)، كما روي عن الإمام أمير المؤمنين (ع) قوله: (الرضى ثمرة اليقين)؛ فمهما ازداد يقين الإنسان بالله ازداد أيضاً رضاه، كما أن درجات اليقين تتفاوت من إنسان إلى إنسان.

وأضاف سماحة السيد: خلاصة القول أن الباريء عز وجل قد قدر لكل إنسان في حياته نوعاً من المشاكل، فإذا كان هذا الإنسان مؤمناً بالله تعالى، فإنه ينبغي عليه أن يعلم أنه لم يقدر له ذلك التقدير إلا لمصلحته ونفعه، وأن الخير كل الخير في أن يؤمن بذلك ويرضى.

هذا، وانتقل سماحة العلامة آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي إلى المبحث الثاني (نتيجة الرضى بقضاء الله وقدره) ضمن سياق محاضرته، فقال متسائلاً: ما هي نتيجة الرضى بقضاء الله سبحانه؟.

إذا عاش الإنسان وكانت نفسه على تضاد وتعارض مع الواقع الخارجي، فإنه سيصبح فريسة لألم وعذاب دائم، أما إذا رضي بذلك فإنه سيحصل على الدعة والراحة

إن الروايات والأحاديث قد بينت النتيجة في أن الإنسان إذا عاش وكانت نفسه على تضاد وتعارض مع الواقع الخارجي، فإنه سيصبح فريسةً لألمٍ وعذاب دائم، أما إذا رضي بذلك الواقع، فإنه سيحصل على الراحة والدعة.

ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي (ره): (واجعلني بقسمك راضياً)؛ أي اجعلني في حياتي راضياً بما قسمت لي.

وعن الإمام أمير المؤمنين (ع): (من رضي بما قسم الله له، ارتاح بدنه).

وقال الإمام جعفر الصادق (ع): (الاطمئنان والراحة في الرضى واليقين والهمّ والغمّ في الشك وعدم الرضى).

وفي حديث آخر عن الإمام علي (ع): (ارض حتى تحصل على الراحة).

وفيما يتعلق بالمبحث الثالث، قال سماحة العلامة السيد محمد رضا الشيرازي: في الوقت الذي يرضى المؤمن بما قدّر الله له، فإنه يُقبل منه أن يدعو الله عز وجل، وأن لا يفتُر في دعائه.

وأضاف: إن أي وضع نؤول إليه – بحسب التقدير الإلهي – لا بد أن مصلحتنا تكمن فيه، لكن الله تعالى قادر أن يبدل هذه المصلحة بمصلحة أخرى، فيكشف عنّا البلاء؛ فالمؤمن يدعو عسى الله تعالى أن يبدل مصلحته بمصلحة أفضل؛ لذلك فإن الدعاء له أثر كبير.

ومضى سماحته للقول: من المعروف لدينا قصة ذلك الرجل الذي كان قد مضى من عمره نحو مئة عام، وكانت زوجته أيضاً في حوالي السنة المائة من عمرها، وكانت  عاقراً.. ولكن مع ذلك دعى الله (إذْ نادى ربه نداءً خفيا) وكان إيمانه بربه أقوى من أي شيءٍ آخر، وبالنتيجة وهبه الله ولداً اسمه يحيى (ع) الذي سجل له التاريخ أدواراً مهمةً ومشرفةً، حتى أن بعض العلماء قالوا إن حياة النبي يحيى (ع) في الأمة المسيحية، تشبه من بعض جهاتها حياة الإمام أبي عبد الله الحسين (ع) في الأمة الإسلامية.

إذن، يمكن للإنسان أن يدعو، فيغير الله عز وجل مسيرة حياته بكاملها.

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا