الإنبعاث الديني والحاجة إلى الحوار خلقت اهتماما خاصا بالقرآن في روسيا

صدرت الترجمة الأولى للقرآن الكريم إلى اللغة الروسية في روسيا في العام 1716م.  وفي العام 1787م أصدرت الامبراطورة كاترين الكبرى قرارا يقضي بطباعة نص القرآن باللغة العربية لتوزيعه مجانا على المسلمين من مواطني الأمبراطورية الروسية.

هذه الوقائع وردت في الكتاب الصادر حديثا بعنوان "القرآن الكريم وعالمه" للمستشرق الروسي، نائب مدير معهد الاستشراق في سانت بطرسبورغ "يفيم رضوان".

ويكرس هذا الكتاب المطبوع في 600 صفحة للدور الذي يلعبه القرآن الكريم في حياة المجتمع الإسلامي ودراسته طيلة قرون عديدة، في الشرق والغرب.

ويفتتح كتاب العالم المستشرق، بفصل موسع يصف حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والأحداث التي جرت في القرن السابع في الجزيرة العربية.

ويتحدث الكتاب عن تفسير القرآن الكريم ـ مصدر التعاليم والمعايير الاجتماعية والاخلاقية الثقافية للمجتمع الاسلامي.

ولقد أستمر التفسير عدة مئات من السنوات وكان مرتبطا بشكل وثيق مع الأحداث التي واجهت هذا المجتمع.

ويطلع المؤلف القارئ على الكوكبة الكثيرة العدد من المفسرين،  منذ الازمنة السحيقة وصولا إلى أيامنا هذه.

إن لغة القرآن الكريم  خرجت، كما يقول العالم الروسي خارج حدود الجزيرة العربية، وشكلت على مساحات واسعة من العالم؛ نظاما جديدا للكتابة، هو وسيلة إنتشار للحضارة العربية الإسلامية.

وإن القرآن الكريم بوصفه رمزا للثقافة العالمية، كما يقول المؤلف، أبدى ولا يزال يبدي تأثيرا عظيما على مختلف جوانب الحياة والتقاليد والثقافة، داخل المجتمع الاسلامي وخارجه.

ويكرس "يفيم رضوان" في أحد أقسام كتابه، نظرة غير المسلمين للقرآن وخاصة في العالم المسيحي، وكذلك للمداخل التي أعتمدت في دراسته ونشره في أوروبا الغربية وكذلك في روسيا.

ومن المعروف أن القرآن كان من الكتب الموجودة في مكتبات القياصرة الروس مثل "إيفان الرهيب وكاترين الكبرى وبطرس الاول".

 ويورد الكتاب النص المأخوذ من القرآن الذي كان يتلى عندما يتقدم التتار إلى الولاء العسكري. والتتار هم مسلمون كانوا يخدمون جنودا لدى بلاط القيصر ايفان الرهيب في القرن السادس عشر الميلادي.

ومن الجدير بالذكر أنه تم ما بين اعوام 1841 و1846م في قازان في روسيا - مركز طباعة الكتب الإسلامية في روسيا في ذلك الوقت - طباعة 26 ألف نسخة من القرآن.

 وكانت الكتب الإسلامية المطبوعة في قازان  تباع ليس في روسيا فقط وإنما في آسيا الوسطى وإيران والهند.

وابتداء من القرن الثامن عشر الميلادي بدأت تظهر الترجمات الأولى لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الروسية، من اللغات الاوروبية. ولقد وضع الترجمة الأولى لمعاني القرآن الكريم من العربية مباشرة، المستشرق الروسي ديميتري بوغوسلافسكي في العام 1871م. وكان المستشرق رئيسا لمركز الشرطة لدى الإمام "شامل" زعيم انتفاضة الشعوب الجبلية في القوقاز الشمالي الذي عاش بعد أسره في سانت بطرسبورغ.

ويقول يفيم رضوان "إن حياتي مرتبطة بدراسة القرآن منذ أيام الدراسة، فبعد إنهاء كلية الاستشراق في جامعة لينينغراد في العام 1980م،  كتبت ودافعت عن إطروحتي كمرشح في العلوم في موضوع القرآن الكريم، ومن ثم مررت بمرحلة التطبيق في عدد من المراكز العلمية في أوروبا والشرق الأوسط، وشاركت في بعثة الآثار الشاملة السوفياتية - اليمنية. وأصدرت خلال تلك الفترة العشرات من الأعمال العلمية، ومن بينها نشر الترجمة الروسية الأولى لمعاني القرآن التي وضعها ديميتري بوغوسلافسكي مع تعليقات عليها، وكذلك كتاب «القرآن في روسيا» و«القرآن وفهمه» وغيرها.

 كما أنني أشارك في مشروع علمي تحت عنوان «موسوعة القرآن»."

إن المرحلة الجديدة في روسيا التي تتصف بتعزيز الحياة الروحية والإنبعاث الديني الثقافي والحاجة إلى الحوار بين مختلف ممثلي الديانات والثقافات؛ خلقت اهتماما خاصا بالقرآن الكريم للمسلمين وبالأبحاث المكرسة للقرآن.

وكتاب "القرآن الكريم وعالمه" موجود ضمن هذا السياق، وهو كتاب يعكس بشكل مختصر العمل البحثي لعدة سنوات، الذي قام به المستشرق الروسي يفيم رضوان. (اينا)

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا