ماهو السر في انتشار السرطان في الدول الغنية؟

أكدت جميع الدراسات الإكلينيكية التي أجريت في مختلف مراكز البحوث الأوروبية أن أعلى نسبة للإصابات بأمراض السرطان المختلفة، ظهرت الدول الغنية والمتقدمة تكنولوجياً. وبحسب هذه الدراسات التي نشرت حديثاً فإن دولاً غنية مثل سويسرا وألمانيا والدول الإسكندنافية هي أكثر الدول الأوروبية معاناةً من أمراض السرطان المختلفة، كما أن نسبة الانتشار لهذا المرض فيها عالية جداً، في حين أن هنالك دولاً فقيرة نسبياً في أوروبا، مثل بولندا وأستونيا وسلوفاكيا، نسبة انتشار هذا المرض فيها قليلة نسبياً، وأكدت هذه الدراسة بأن الدول التي بها نسبة وفيات أطفال أقل وتمتاز بدخل قومي عال ينتشر بها السرطان بشكل أكبر من الدول الأخرى الأقل ثراءً. وهنا نلاحظ أن الانتشار يقاس بعدد المرضى في وقت معين.

وقد أمكن التوصل إلى تحديد دقيق للغاية عن طريق دراسة أجراها (مايكل كولمان) الأستاذ في مدرسة لندن للصحة أكد فيها أن مدى انتشار السرطان في شتى الدول الغنية أكثر بنسبة 2% من بقية سكان الدول الأقل دخلاً، ولاحظت الدكتورة دايان ستوكتون من وحدة معلومات السرطان في اسكتلندا أن نحو نصف من عاشوا بالسرطان، ظلوا على قيد الحياة لمدة أكثر من خمس سنوات منذ تشخيص حالتهم.

وهذا يشير أيضاً إلى النسبة المقارنة بين المرضى الذين يتوقع بقاؤهم أحياء في تاريخ لاحق، وبين مجموعة مماثلة من الناس غير مصابة بالسرطان؛ فإذا كان معدل البقاء النسبي (حسب الدراسة) خمس سنوات لأحد أنواع السرطان هو 50% مثلاً، فهذا يعني أن الباقين أحياء من مجموعة المرضى هو نصف عدد الباقين من المجموعة غير المصابة بالسرطان.

إن المعلومات الواردة في دراسة (بوروبريفال) التي نشرت في دورية (تاريخ الأورام)، مهمة جداً للدراسات والأبحاث التي تخطط للخدمات الصحية؛ حيث تبين ارتفاع متوسط العمر ونسبة الحياة بالمرض، ولكن تظهر أيضاً زيادة في نسبة الإصابة بالمرض.

وأكد كولمان في دراسته القيمة أن الهدف من تحجيم انتشار المرض، هو إحراز تقدم جوهري وأساسي في المجال الطبي لأجل منع إصابة الناس بالمرض.

وسرطان الثدي هو السرطان الأكثر شيوعاً بين النساء حيث يمثل حوالي 34% من أنواع السرطان التي تصيب النساء، كما تشكل النساء ما يصل إلى 61% من نسبة انتشار المرض، ففي عام 1996م تم تشخيص 185700 حالة إصابة بسرطان الثدي في الولايات المتحدة الأمريكية وسجلت 44560 حالة وفاة بسبب المرض.

ومع تقدم التشخيص الشعاعي والعلاج الجراحي فقد تم تقليل هذه النسبة، والسبب الرئيسي في ذلك هو نجاح علاج الكثير منهن وبقائهن على قيد الحياة. في هذه الدراسة تمت الاستعانة بمعلومات حول ثلاثة ملايين مريضة في 17 دولة.

وأكدت دراسة أخرى أجريت في المعهد الوطني للسرطان (بيل برانسون) أن 80% من الأطفال المصابين بسرطان الدم هم من الدول الغنية. وهنا تؤكد الدراسة أن مرض السرطان أكثر انتشاراً في الدول الغنية. وهذا مصداق لما نشرته المجلة العلمية Annals of Oncology الصادرة في بريطانيا والتي تتابع مستجدات علم دراسة الأورام، وكشفت عن أن عدد المصابين بداء السرطان في الدول الغنية، مثل سويسرا وألمانيا والدول الاسكندنافية يفوق عدد الذين يعانون نفس المرض في دول أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفيتي السابق، ويشرح البحث العلمي الذي يعد أول تقرير يوثق انتشار السرطان في أوروبا، أن تفشي الداء بكثرة في الدول الغنية مرتبط بتوفر هذه البلدان على وسائل أفضل للكشف عن المرض فضلاً عن ارتفاع متوسط الأعمار فيها.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا