آية الله السيد رضا الشيرازي يؤكد على ضرورة الاهتمام بجيل الشباب..

قم/ النبأ: في سياق المحاضرات الأسبوعية، التي تعقد في بيت الإمام الشيرازي الراحل (قدس سره الشريف) في مدينة قم المقدسة، ألقى سماحة آية الله العلامة السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي، محاضرة قيمة تناول فيها أحد الموضوعات المهمة والتي هي مثار اهتمام متزايد على مستوى العالم اليوم، ألا وهو موضوع الشباب، مبيناً سماحته حجم الاهتمام الكبير الذي يوليه الإسلام الحنيف لهذه الشريحة الاجتماعية المهمة.. وفيا يلي نقتطف جانباً مما ورد في هذه المحاضرة:

إن أحد أهم الموضوعات التي تستقطب اهتمام العالم اليوم، هو موضوع الشباب، ونظراً لأهمية هذا الموضوع، ولأجل تخطيط أفضل للشباب، فقد استحدثت بعض الدول وزارات الشباب.

ولعل هذا النوع من الاهتمام والتخطيط يتصف بالجدّة في الوقت الراهن، ولم يكن على هذا المستوى في السابق، ولكن بالنسبة لنا نحن المسلمين ليس جديداً.

إن خاتم الأنبياء محمد (ص)، قد أولى قبل 1400 سنة، اهتماماً غير عادي لشريحة الشباب، وفيما يأتي نذكر بعض النماذج لهذا الاهتمام، على نحو مختصر:

النموذج الأول:

حينما استتبت الأوضاع في المدينة المنورة، قرر رسول الله (ص) أن يعين من يمثله خارج حدود الدولة الإسلامية، ومعلوم أن هذا الأمر كان من الأهمية بمكان بحيث أن نجاحه وفشله يحسب على الإسلام.

فمن يا ترى سيرشح لتولي منصب أول ممثل أو أول سفير للإسلام؟.

ينقل صاحب كتاب (بحار الأنوار) أن الرسول الأكرم (ص) وقع اختياره على شاب كان قد بلغ تواً سن النضج، حيث لم يتجاوز عمره الثلاثين عاماً، واسم ذلك الشاب (مصعب بن عمير)، ولكن ذلك الشاب استطاع أن ينهض بمهمته الجديدة والخطيرة، على أفضل وجه، وأحسن صورة.

النموذج الثاني:

عندما فتح رسول الله (ص) مكة المكرمة، عيّن شاباً اسمه (عتاب) - وكان في حوالي الحادية والعشرين من عمره - والياً (محافظاً) على هذه المدينة المهمة. فلما اعترض بعض الناس، أرسل لهم الرسول الأكرم (ص) رسالة بهذا المضمون:

لا تقولوا أنه شاب حدث، فليس الفضل والكمال بالعمر، بل بما عليه المرء من كرم السجايا والأخلاق.

النموذج الثالث:

ربما لو نقبنا في التاريخ كله، لما عثرنا على نظير لهذا النموذج الذي كان يبعث على الدهشة؛ فلأجل مواجهة الإمبراطورية الرومية - وكانت بمثابة قوة عظمى في ذلك الوقت - أعدّ رسول الله (ص) جيشاً لقتال الروم، حيث كان كل قادة الجند وشيوخ العرب والأنصار والمهاجرين حاضري ذلك الحدث الجسيم، وكان جيشاً عظيماً قلّ نظيره في التاريخ، ولكن مع ذلك عين الرسول الأكرم (ص) لقيادة ذلك الجيش شاباً في الثامنة عشرة من عمره، واسمه (أسامة).

فاعترض رؤساء وقادة الجند والقبائل على هذا الاختيار، وراحوا يتكلمون بشأنه، ويخوضون في طبيعته وأبعاده، فغضب رسول الله (ص)، واعتلى المنبر فقال ما معناه أن هذا الشاب كفوء وجدير بهذا الاختيار.

إن هذا المستوى من الاهتمام من لدن الرسول الأكرم (ص) بشريحة الشباب، ربما مردّه أمران:

1- لكي لا يقولوا بعد ذلك أن الإمام علي بن أبي طالب شاب حدث؛ إذ لما توفي الرسول الأكرم (ص) كان عمر الإمام أمير المؤمنين (ع) يبلغ نحو ثلاث وثلاثين عاماً.

2- ليكون ذلك لنا سنّة على صعيد الاهتمام بشبابنا.

في هذه الأيام التي تصادف فيها العطلات المدرسية، ينبغي أن نتبع في تعاملنا مع الشباب الأمور التالية:

أ) المحبة والاحترام: أي يلزم التعامل بروح المحبة والاحترام مع الشاب.

ب) النصح والموعظة: أي نعظ الشباب وننصحهم.

ج) التخطيط: أي يجب أن نضع الخطط التي تتضمن البرامج المتنوعة والمفيدة التي تخدم الشباب.

وهكذا، فالحاجة إلى الحب والاحترام، حاجة تعمّ جميع الفئات العمرية، الشباب والشيوخ والأطفال على السواء؛ إذ يصرح علماء النفس بأن حاجة الإنسان إلى الحب والاحترام تعادل أو تساوي حاجته إلى الماء والغذاء.

جاء في كتاب الآداب والسنن للمرحوم السيد الوالد (آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي -قدس سره الشريف -) وفي الفصل الذي عنوانه (في استحباب التكنية للأولاد) ما نصه: (يستحب أن يجعل الإنسان كنية لولده)؛ فمثلاً إذا كان اسمه محمداً، فتكنيه بأبي محمد، مما يدل على نوعٍ من الاحترام والتقدير.

ينقل أن شخصاً حضر عند رسول الله (ص) فرآه يقبّل الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، حيث كانوا وقتها أطفالاً، فتعجب الرجل مما رأى، فقال: يا رسول الله! لي عشرة أولاد، ولكني حتى الآن لم أقبّل واحداً منهم، فقال الرسول الأكرم (ص): من لم يرحم أطفاله، فقد حرم من رحمة الله.

الإسلام يحث على نثر بذور الحب والاحترام والتعاطف في المحيط الأسري، والمحيط الاجتماعي بصورة عامة. ويجب علينا جميعاً أن نعمم هذه الخصال في مجتمعاتنا؛ وهكذا فالشاب يحتاج إلى الحب والاحترام، بل حتى الشاب الذي حاد عن طريق الصواب، ينبغي أن نرشده ونهديه بأسلوب مشبع بالحب والعطف.

يحكى أن شخصاً سأل آية الله العظمى البروجردي - قدس سره - قائلاً: ما علة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!.

فقال المرحوم البروجردي في جواب السائل شعراً هذا معناه:

إذا رأيت مكفوفاً بجوار حفرةٍ، فالجلوس بلا حراك دونه إثمٌ.

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا