المسلمون في تايلند.. بين التطلعات المشروعة والخوف من المجهول

أوضح الدكتور إسماعيل لطفي جافاكيا، رئيس الكلية الإسلامية في جالا، جنوب تايلاند، أن البوذيين في  هذا البلد يقبلون على الإسلام بسرعة، فقد أسلم في الآونة الأخيرة ما لا يقل عن خمسة آلاف شخص، لأن البوذيين وهم غالبية سكان تايلاند مرتاحون للإسلام، موضحا أنه لزيادة فعالية الدعوة لا بدَّ من توفر الدعاة الجيدين، الذين يجيدون عرض محاسن الدين الإسلامي ومقوماته ليتقبل الشعب التايلاندي الإسلام، بالإضافة إلى توفر الإمكانيات والترتيبات الجيدة والتعاون فيما بين المؤسسات الخيرية الإسلامية.

وقال الدكتور جافاكيا، إن صدور (دستور البلاد عام 1998م) الذي ينص  على الحرية لأي شخص بأن يدين بأي ديانة، وحرية التمسك بأي مذهب من المذاهب ليس له ضرر على المجتمع والرأي العام؛ أدى ذلك إلى تحسن الظروف في تايلاند للدعوة الإسلامية، وسينعكس أيضا على الإسلام والمسلمين  هناك، خاصة إذا وضعت خطة شاملة للمسلمين ودعوة غير المسلمين للعقيدة الإسلامية.

ومن جانب آخر أعلن الدكتور إسماعيل لطفي جافاكيا، أن هذه الكلية التي أنشئت عام 1418هـ/1997م سيتخرج منها هذا العام أول دفعة من طلبتها، ليتقدموا الصفوف في نشر الدعوة الإسلامية والمساهمة في بناء مجتمع إسلامي في هذا البلد الهام، حيث أن الإسلام والمسلمين في ولاية فطاني بجنوب تايلاند لهم تاريخ قديم يرجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي، حيث كانت فطاني دولة إسلامية، وقد وصلت نسبة الإسلام بين السكان في هذه المنطقة في ذلك الوقت ما بين 99  % و 100 % .

من جهة اخرى تكتسب المدارس الإسلامية في تايلاند لها دور هام في حياة المسلمين، وقد بدأت الحكومة التايلاندية في تحديث هذه المدارس عام 1960م، ولكن المسلمين في فطاني رفضوا ذلك، خوفا من فقدان الهوية الإسلامية والتعليم الإسلامي، وهذا التحرك سبب مواجهة بين المسلمين والتايلانديين، وكراهية وشكوك استمرت حتى الآن.

ومع ذلك عندما استكمل برنامج الحكومة لتحديث هذه المدارس عام 1980م تغير الموقف في الجنوب، وهي مناطق المسلمين؛ بشكل دراماتيكي في مجال التعليم، حيث تزايد عدد الطلاب في المدارس الإسلامية والحكومية وواصل كثير منهم دراساتهم في الجامعات المحلية والخارجية، وأصبح الطلاب المسلمون يفضلون التعليم الحديث.

وكانت منطقة فطاني مركزا للتعليم الإسلامي في شرق آسيا، وتخرج من مدارسها الإسلامية الكثير من الدعاة والمعلمين من تلايلاند ومن البلدان المجاورة، مثل كمبوديا وماليزيا.

وبعد أن قررت الحكومة وضع المدارس الإسلامية تحت إشراف وزارة التعليم، أنتهى التعليم الإسلامي التقليدي، ولم تعد حاليا هناك مدارس من هذا النوع في فطاني، ولكن ظهرت مدارس إسلامية أهلية حديثة.

وكان دور هذه المدارس كبير من نواحي عديدة، حيث يحظى طلابها بالاحترام بوصفهم الطبقة المتعلمة في المجتمع المسلم.

ومن الناحية السياسية كان بعض الطلاب والمعلمون لهم مشاركة في نشاطات سياسية للحركة الانفصالية في فطاني، وقد قتل وعذب بعضهم في المواجهات مع الجيش التايلاندي.

وبين المسلمين في فطاني فريقان: فريق يؤيد الحكومة في تطوير المدارس الإسلامية لتعليم الطلاب علوما حديثة حتى يجدوا فرص للعمل، وفريق آخر يطالب بأن تبقى المدارس الإسلامية كما هي، وإن تطويرها سيجعل الطلاب يعجبون بالعلوم الحديثة على حساب العلوم الإسلامية.

وكان بعض المسلمين قد فكروا وسعوا في تطوير المدارس الإسلامية بعد الحرب العالمية الثانية.

ومن أهداف حكومة تايلاند في تطوير ودمج هذه المدارس؛  محاربة التوجهات الانفصالية في فطاني وتعليم القيم التايلاندية للطلاب المسلمين، وأن لا تكون هذه المدارس مصدر خطر على الدولة هناك، حيث كانت مقرا لبعض أصحاب التوجهات الانفصالية.

وكان التعليم فيها باللغة الجاوية والعربية، وتعطى الطالب هوية ثقافية ولغوية مختلفة عن شعب تايلاند، وكان تعلم اللغة التلايلاندية وثقافة البلاد مجهولا لديهم ومرفوضا.

وبعد نظام الحكومة بتطوير هذه المدارس؛ وصل عدد المدارس الحكومية في فطاني والجنوب إلى 1216 مدرسة، والمدارس الإسلامية الأهلية 189 مدرسة.

ويدرس في مدارس الحكومة 202 ألف طالب وفي المدارس الإسلامية 22 ألف طالب، وبعض هؤلاء يواصلون تعليمهم في الكلية الإسلامية في "سونجقلا" في فطاني، والكلية الإسلامية في "يالا".

ومنذ بدء نظام التسجيل الحكومي تحولت 400 مدرسة إسلامية تقليدية إلى مدارس إسلامية أهلية وأدخلت الحكومة فيها مناهج علمية حديثة لتمكين الطلاب من الدراسة في الجامعات.

كما أن مدارس الحكومة في مناطق المسلمين تدرس الموضوعات الإسلامية مع العلوم الحديثة.

وقد قدمت الحكومة مساعدات لاصحاب المدارس الإسلامية التقليدية لقبول تطويرها.

والمدارس التقليدية الإسلامية كان يملكها شخص واحد هو المدير وكبير المعلمين، وأحيانا يتصرف في أموالها كما يشاء، ومبانيها في حالة سيئة، بينما بيت المدير في أحسن حال، وسوء الإدارة وقلة الأمانة في إدارة هذه المدارس أفقدتها مع مرور الأيام احترام المسلمين أنفسهم.

وفي 1 أغسطس 1993م احرقت 36 مدرسة حكومية في فطاني والمناطق المجاورة، واتهمت الحكومة، الانفصاليين المسلمين بذلك، ومهما حدث فإن المسلمين الآن يتفهمون أهمية التعليم الإسلامي والتعليم الحديث، لتمكين أبناءهم من التنافس والحصول على فرص العمل والعيش بسلام في العالم. (اينا)

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا