في ندوة "مركز الحوار" بواشنطن حول

"الإرهاب المحلي والدولي: مصادر مبهمة وردات فعل مضللة" 

أستاذة أمريكية تدعو إلى تسويةٍ عادلة للقضية الفلسطينية

رغم حالة الترقب التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية بعد الإعلان عن احتمال تعرضها لحملاتٍ إرهابية، فإن حالة الرعب التي يعيشها الأمريكيون لم تمنع بعضهم من القفز فوق الدعاية الأمريكية والدعوة إلى اكتشاف الأسباب الحقيقية للإرهاب وعلى رأسها استمرار الصراع العربي- الإسرائيلي.

"مركز الحوار العربي" في منطقة واشنطن نظم ندوة حول الإرهاب المحلي والدولي والدروس المستفادة من الجانب الديني فيها، تحدثت خلالها الدكتورة جين دوكرتي أستاذة حل الصراعات بجامعة إيسترن مينوتايت بولاية فرجينيا ومؤلفة كتاب "الدروس المستفادة من المجابهة الأمنية الأمريكية في ويكو" مع جماعة دينية مسيحية غير تقليدية، والتي أدت إلى الحادث الإرهابي الذي قام خلاله تيموثي ماكفي بتفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما سنة 1995، فقالت إن هناك عددا من أوجه التماثل بين تفجير أوكلاهوما وبين تفجيرات 11 سبتمبر 2001:

أولا: استخدام العنف ضدَّ أهدافٍ لها مغزاها الرمزي لمحاولة لفت أنظار العالم إلى مظالم محدّدة، وبأمل إجبار الولايات المتحدة على تغيير سياساتها المحلية أو الخارجية لرفع تلك المظالم.

ثانياً: شعور منفذي العمليتين بانتمائهم إلى مجموعاتٍ شعبية أكبر تهددها السياسة الأمريكية. ففي تصريحات ماكفي قبل اعترافه قال إنَّه استهدف بالتفجير إيهام الشعب الأمريكي بإمكان قيام ثورة أمريكية ثانية تعيد القيم الأمريكية الأصيلة التي انتهكتها الحكومة الأمريكية التي مارست إرهاب الدولة ضد المسيحيين في ويكو. كما أنَّ منفذي هجمات سبتمبر سجّلوا غضبهم من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والتهديد الأمريكي للثقافة والتقاليد الإسلامية، وكانوا يأملون في أن يعقب الهجوم انتفاضة شعبية على مستوى العالم الإسلامي تعيده إلى "الإسلام الحقيقي" كما يرونه.

ثالثاً: قدرة منفذي الهجومين في أوكلاهوما وفي 11 سبتمبر على استخدام منطق بالغ التقدم يعتمد على النفاذ من ثغرات النظام المستهدف بالهجوم اعتماداً على خبراتٍ تكنولوجية استقاها المنفذون في الحالتين من النظام المستهدف وهو أمريكا.

رابعاً: استهدف الرد الرسمي الأمريكي في الحالتين من قاموا بالأعمال الإرهابية مع تجاهلٍ تام لوزن الجماعات التي وقفت وراء الهجومين أو محاولة تفسير الأسباب الحقيقية والمظالم التي استند المنفذون إليها مع الاكتفاء بتفسير العنف المحلي في أوكلاهوما، والعنف القادم من الخارج ليستهدف واشنطن ونيويورك، على أنَّه جاء نتيجة عمليات غسيل المخ أو الخلل العقلي أو النفوس الشريرة بدلاً من إدراك أنَّ اللجوء إلى العنف هو سلاح المقهور اجتماعياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو دينياً.

وضربت الدكتورة جين دوكرتي مثالاً على ذلك بالمظاهرات العنيفة التي اجتاحت مدناً عديدة في العالم للرد على شعور الشعوب بالظلم وعدم تلبية احتياجاتها الأساسية بسبب سياسة العولمة وسيطرة الشركات المتعددة الجنسيات.

ودعت الأستاذة الأمريكية الحكومة الأمريكية إلى التخلي عن المنطق الذي روّج له رئيس وزراء إسرائيل الأسبق نتانياهو في الكونجرس الأمريكي وتبنّاه كثير من أعضاء الكونجرس ثمّ الحكومة الأمريكية والذي مفاده أنَّ الذين قاموا بالتفجيرات الإرهابية في سبتمبر فعلوا ذلك لشعورهم الدفين بكراهية الغرب والولايات المتحدة بسبب الثراء والتقدم التكنولوجي والحريات والديمقراطية. وقالت الدكتورة دوكرتي في ندوة مركز الحوار العربي إنَّه يتعيّن على حكومة الرئيس بوش أن تدرك أنّهم قاموا بذلك الهجوم على واشنطن ونيويورك بسبب ما يعتقدون أنَّ السياسة الأمريكية قد ألحقته بشعوبهم وبحقوقهم وبتقاليدهم ودينهم وما يرونه انحيازاً أمريكياً لإسرائيل وإغفالاً لحقوق الشعب الفلسطيني. واستشهدت في ذلك بطالبٍ أفريقي يدرس في جامعتها قال لها "إنَّ شعوب العالم تحب الولايات المتحدة بسبب ما حققته من تقدم تكنولوجي وممارسة ديمقراطية وتقديس لحقوق الإنسان ولكن شعوب العالم تشعر بالغضب إزاء أمريكا لأنَّ ما فعلته وتفعله في العالم لا يتماشى مطلقاً مع ما حققته في الداخل وما تنادي به من مبادئ". ونصحت الدكتورة دوكرتي بضرورة تخلي الولايات المتحدة عمّا وصفته بمدرسة هارفارد في المفاوضات والتي أدّت إلى فشل عملية السلام التي ترعاها واشنطن بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقالت إنَّ هذه المدرسة التفاوضية تعتمد على أن يكون التفاوض حول مصالح الطرفين أساساً، وتغفل بذلك حقيقة عدم اتفاق الطرفين على حقائق التاريخ وما الذي حدث بالضبط. وقالت إنّ الفلسطينيين يتفهمون الحاجة إلى الإقرار بأنَّ ما لحق بهم هو ظلم يجب ألا يدفعوا له ثمناً باهظاً لأنّهم الطرف الأضعف، ولا يشاطرهم في ذلك إلا معسكر السلام في إسرائيل وهو مستبعد من المشاركة في المفاوضات. وأكّدت الدكتورة دوكرتي أنَّ السبب الثاني لفشل عملية المفاوضات هو استبعاد الأطراف الدينية المناهضة للحل السلمي، ونصحت بضرورة مشاركة غلاة المعارضين من الطرفين لأنَّ استبعادهم يزيد من قوة عزمهم على عرقلة العملية السلمية.

وردّاً على سؤال عن دور الجالية العربية الأمريكية في التصدّي لحمى معاداة العرب والمسلمين في أمريكا قالت البروفيسور دوكرتي إنّه يجب أن تقيم مؤسسات الجالية تحالفات مع علماء أمريكيين متخصصين في دراسة الحركات الدينية الجديدة بحيث لا يقع على الجالية وحدها عبء الدفاع عن العرب والمسلمين، ويجب كذلك العمل مع تحالفات من منظمات عرقية أخرى بحيث لا يصبح العرب والمسلمون وحدهم المستهدفين، كما يجب العمل المركّز للضغط على وسائل الإعلام الأمريكية لإفساح المجال أمام آراء العرب والمسلمين بدلاً من الاعتماد على ما يوصفون بخبراء الإرهاب. وأخيراً نصحت الدكتورة دوكرتي العرب الأمريكيين بالاتصال بالمجموعات الأكاديمية المتخصصة في بناء السلام وتنشيط مؤسسات المجتمع المدني في الولايات المتحدة في مجال الحوار مع العرب والمسلمين، وألا يفقدوا الأمل في النظام الأمريكي بسبب هواجس الأمن التي أعقبت الحادي عشر من سبتمبر، وتشهد انبعاثاً جديداً في هذه الأيام مع تأكيد نائب الرئيس الأمريكي باحتمال وقوع عمل إرهابي جديد في الولايات المتحدة من تنظيم القاعدة أو المتعاطفين معه.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا