التعليم بطريق التعلم والابداع الذاتي

تشكل اساليب التعليم الرهان الاساسي والكبير لاي امة بالنسبة الى مستقبلها خصوصا في تعليم النشء الصغير، فاسلوب التعليم والمنهج الذي تعتمد عليه المؤسسات التعليمية تكشف عن حركة تطور وتقدم المجتمع. لذلك كان الدافع الاساسي للحركة التعليمية في الغرب هو ايجاد بدائل عملية لتعليم الاطفال قادرة على تحقيق النمو الابداعي الكبير لدى الطفل.

ففي تقرير لـ (لبي بي سي) ان في الربع الأول من القرن العشرين طورت طبيبة إيطالية تدعى ماريا مونتيسوري أسلوبا جديدا في التعليم ينص على أن يشجع الطفل على التعلم بنفسه.

وفي غرفة الصف الذي يعمل وفق أسلوب مونتيسوري في التعليم يعمل كل طفل بمفرده، والغرفة مجهزة بكل ما يحتاج إليه التلاميذ لتطوير مهاراتهم العملية واللغوية والرقمية والحسية.

والمعلمة لورنا ماهوني متخصصة في تدريب المعلمين على التعليم بطريقة مونتيسوري.

 وقد افتتحت مدرسة على طريقة مونتيسوري في بيتها في الشمال الشرقي من لندن.

وانتسب إلى مدرسة ماهوني 20 تلميذا ما بين السنتين والخمس سنوات من أعمارهم. وستتوسع المدرسة في سبتمبر القادم بقبول تلاميذ من أعمار اكبر.

وتقول ماهوني: "كانت الدكتورة مونتيسوري تعتقد أن الفرد يعيش ويتعلم في بيئة يعيش فيها أفراد من أعمار مختلفة، وأجناس مختلفة، وديانات مختلفة، وهكذا."

 وعندما يصل التلاميذ إلى المدرسة يحيون معلماتهم ومعلميهم الخمسة، ثم يبدأون العمل بتناول أي قطعة من التجهيزات في الصف يختارونها.

البعض يقرأ كتابا في أحد أركان الصف، والبعض يلعب بالعاب مختلفة، وهكذا.

ليس هناك بداية رسمية للدرس، ولا يخبر المعلم التلاميذ بالمادة التي سيدرسونها على مدى اليوم. ولكن زمام المبادرة في يد التلميذ.

وليس هناك لوح اسود في غرفة الصف.

وتقول لورنا: "أنا أوجههم إلى أن يعلموا أنفسهم بأنفسهم، ولا أعلمهم."

وتقول: "ليست مهمتنا هنا أن نضغط على التلاميذ وان نعلمهم أشياء ذكية. لذلك فالتوازن مختلف."

وتقول: "المعلم ليس مركزيا في النشاطات التعليمية على الإطلاق. ليس هناك طاولة للمعلم، مثلا. ولكن المعلم في مدرسة عادية هو الأساس."

وتقول ماهوني: "ليس من شيء في غرفة الصف موضوع بالصدفة. كل شيء في الصف موجود لغرض واضح ومعروف."

وعلى هذا فالكرة الأرضية التي تغطى عليها الأرض بورق خشن تساعد التلميذ على التمييز بين الأرض والبحر.

ويتعلم التلاميذ العد بوضع أعواد في قنوات مرقمة واحد، اثنان، ثلاثة، وهكذا.

وهناك مجموعات من الحبيبات ما بين واحد و 10 و100 و 1000يتعلم التلاميذ بها مفهوم العشر.

وبمجموعات الحبيبات يتعلم التلاميذ بالوزن الفرق بين واحد و10 و100 و1000.

ومع مرور الوقت يعرف التلميذ أن 1000 هو مجموعة من المئات.

وبعكس المدارس الحكومية، ترفض لورنا أن تضع التلاميذ تحت ضغط من اجل تحقيق أي شيء.

وتقول: "أنا لا اضمن شيئا. أنا لا أقول إن ابنك سيكون قد تعلم القراءة عندما يترك المدرسة."

وأسلوب مونتيسوري في التربية اثبت شعبيته في كثير من الدول مثل كندا والولايات المتحدة وإيطاليا والسويد وإيرلندة إلى درجة اكبر مما هو في المملكة المتحدة.

ولكن لورنا تقول إن أسلوب مونتيسوري ظهر في مطلع القرن العشرين، واعجب به أفراد الطبقة الأرستقراطية في بريطانيا واقترحوا العمل به، ولكن نشبت الحرب العالمية الثانية، ولم يعمل أحد بالأسلوب التربوي الجديد.

وفي سويسرا فان ثقافة تعليم الاطفال تشكل جدلا مستمرا حول الاساليب السليمة في التعليم، فقد ذكرت اذاعة سويسرا العالمية ان الواقع يعكس الكثير عن ثقافة التعليم القائمة، وقد يؤدي إلى نشوء نظام تعليمي أكثر ميلا مما هو قائم حاليا إلى تصنيف الأطفال وفقا لقدراتهم الذهنية.

اذ يشتكي أغلبية مدراء التعليم من أن النظام التعليمي القائم لا يتماشى مع العصر. فالأسلوب التقليدي المعمول به حاليا في الكانتونات الناطقة باللغة الألمانية  يتيح المجال للوالدين لإرسال طفلهم إلى الروضة لمدة سنة أو سنتين قبل الانتقال إلى مرحلة التعليم الابتدائي في سن السابعة.

ليست المشكلة في هذا النموذج، حسب رأي المطالبين بتغيير النظام الحالي، أن السابعة من العمر تمثل سنا متأخرا للبدء في التعليم الإلزامي. بل إنها تحدد عمر الدخول إلى المدرسة بصورة لا تتناسب وقدرات الأطفال المتنوعة.

كما أنه لا يتميز بالمرونة، لا سيما وأن الأطفال يتحولون مباشرة من الروضة، حيث تعليم القراءة والكتابة ممنوع قانونا، إلى المدرسة. بعبارة أخرى، هم يتحولون من مرحلة اللعب واللهو إلى نظام التعلم الصارم بصورة مفاجئة إلى حد كبير.

من هذا المنطلق، تفضل السلطات التعليمية في الكانتونات السويسرية الناطقة باللغة الألمانية تبني نظاما أكثر حداثة يتلاءم مع خصوصية كل طفل وقدراته الذهنية.

ويشرح الأمين العام لإدارة كانتون سانت جالين التعليمية، والأمين الإقليمي لاتحاد السلطات التعليمية في شرق سويسرا قائلا:"وفقا للنظام الجديد سيتمكن الأطفال الذي أظهروا مقدرة متميزة مبكرة من البدء في تعلم الكتابة والقراءة ، كما أنهم قد يتمكنون من الدخول إلى المدرسة في سن أصغر".

ضمن نفس الإطار، َصوتَ برلمان كانتون زيورخ هذا الأسبوع على إلغاء نظام الروضة التربوي واستبداله بمرحلة تمهيدية تمتد لفترة ثلاث سنوات يسمح فيها للطفل بتعلم مهارات القراءة والكتابة. 

لم تتبنى الكانتونات الأخرى من شرق سويسرا بعد نموذج كانتون زيورخ. لكنها لا زالت تدرس عددا من النماذج التي تتضمن مرحلة تمهيدية في المدرسة تستمر لمدة ثلاث إلى أربع سنوات. أما الهدف فهو اختيار النموذج الأفضل الذي يتلاءم مع احتياجات التلاميذ لديها.

في كل الأحوال، فإن التغيير المنشود سيتطلب قدرا كبيرا من الجهود لا سيما في مجال تدريب المعلمين وإزالة النصوص القانونية التي تحدد سن البدء في التعلم بالسادسة والنصف أو السابعة، وتمنع تعليم القراءة والكتابة في الروضة.

لكن المخاوف الحقيقية قد تتمثل في أن النظام الجديد في الوقت الذي يراعي فيه الطفل المتميز يقف في غير صالح الطفل "العادي" الذي لم يظهر مقدرة مبكرة على التعلم.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا