مستقبلا جمعاً من الأخوة المؤمنين..

المرجع الديني الكبير السيد صادق الشيرازي(دام ظله).. يدعو إلى اتباع منهج المودة والتسامح في التعامل مع المحيط الاجتماعي

النبأ - قم:

استقبل المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) مؤخراً مجموعة من الشباب الذين قدموا لزيارته من مدينة نهاوند بإيران، حيث ألقى سماحته كلمة قيمة، فيما يلي نورد مقتطفات منها:

أنتم أيها الشباب الأعزاء تعيشون وتدرسون في مدرسة واحدة.. فعندما تبلغون سن الخمسين، ماذا ستصبحون، وأي المواقع ستشغلون؟.

إذا توفرتم على خصلتين مهمتين، فإنكم ستصيرون بعد حين إلى مواقع مهمة في حياتكم الاجتماعية، وهاتان الخصلتان هما:

1- لا تدعوا أعماركم تمضي بلا طائل.

2- اعملوا على تطهير قلوبكم ونفوسكم من الأدران، ولا يصل للناس أي أذى أو مكروه منكم.

وأضاف سماحته يقول:

 فمثلاً عندما كان الحر في كربلاء لم يقم بعمل مناسب؛ إذ قطع الطريق على الإمام الحسين (ع)، بيد أن الإمام (ع) وهو صاحب ذلك القلب الكبير، ورغم ما قام به الحر تجاهه، سامحه وعفا عنه.

وأردف يقول:

الإنسان يحصل على التوفيق حينما تطيب نفسه وترقى إلى الفضائل، فمثلاً عندما تطرح أكياس القمامة جانباً، ثم تبلى هذه الأكياس وتتمزق، تنطلق منها روائح كريهة تزكم الأنوف، في حين إذا طرحت زجاجة عطر على الأرض وانكسرت، تطايرت منها روائح طيبة يعبق بها المكان؛ فاسع أيها الشاب أن تكون نفسك مثل زجاجة العطر هذه.

ومضى سماحة السيد المرجع للقول: أي واحد منكم حاز هاتين الخصلتين، فسيحقق في الأربعين سنة القادمة من عمره غاية التوفيق، ولكن إذا ما نقصت هذه المطالب في نفسه بنسبة اثنين في المائة، انخفضت درجة نجاحه وتوفيقه بنفس هذه النسبة.

وفي طيات حديثه قال سماحة السيد صادق الشيرازي:

عليكم أن تصمموا اعتبارا من هذه اللحظة على أن تحسنوا تعاملكم مع أسركم وأصدقائكم ومع من تعرفون ومن لا تعرفون من الناس، وإذا ما أساء أحدهم إليكم فقابلوا إساءته بالإحسان..

على صعيد آخر استقبل سماحته (دام ظله الوارف) وفداً من ممثليات الهيئات الحسينية لأهالي كربلاء من محافظة طهران، وألقى سماحته خلال اللقاء كلمة قيمة، وفيما يلي جانباً منها:

جاء أحد الأشخاص إلى الرسول الأكرم (ص)، وقال له: أنا من بلد بعيد، وكثير الشغل والهم، فلا أستطيع أن أحضر عندك بانتظام، فلولا تسدي لي نصحا وتعاليم أعمل وفقها على الدوام.

فقال له رسول الله (ص): ادنوا، فدنا الرجل حتى كادت ركبتاه تمسان ركبتي رسول الله (ص)، فجعل رسول الله (ص) يده الكريمة على قلب الرجل، وقال له: ما حسّنه قلبك فاعمل به، وما قبّحه فاتركه.. فخف الرجل بهذه التوصية المباركة، وراح يطبقها بحذافيرها، فصار يذكر ذكراً حسناً في الوسط الإسلامي الملتزم.

وقال سماحة السيد المرجع:

فأي إنسان أراد الكذب - مثلاً - إذا ما عاد إلى نفسه ولو للحظة، ولقنها بأن الكذب ممارسة خاطئة، لارتدع وآثر الصدق، ولكنه حتى في هذه اللحظة لا يُعمل فكره، فيغفل عن حقيقة عمله القبيح هذا.

وقال أيضاً: جاء في عدة روايات أن لله تعالى حجتين - والحجة تعني ما يستدل به الرحمن، ولا يملك الإنسان بإزاء هذا الاستدلال جواباً أو رداً - حجة ظاهرة وهي الأنبياء (ع) والأئمة الأطهار (ع)، وحجة باطنة موجودة في داخل كل إنسان، وهي العقل.. الاستدلال الرباني يقوم على هاتين الحجتين.

إذا قطع سائق - والكلام لسماحة السيد المرجع - طريقاً وعرة، يحفها من اليسار جبل، ومن اليمين واد لزمه الدقة المتناهية في المسير؛ لئلا يرتطم بالجبل أو يسقط في الوادي.. دنيا المرء تشبه تماماً تلك الطريق الوعرة، في جميع أحواله وشؤونه، في قوله وعمله على السواء. وقد ذكر لنا البارئ تعالى في كتابه الحكيم مكائد الشيطان وأحابيله، وترصده لبني الإنسان بالغواية والإغراء بتخطي حدود الله، ولكن البارئ سبحانه وتعالى قد أبقى يديه مبسوطتين بالرحمة، لكيما نؤدي امتحاننا كما يجب. وفي موضع من الذكر الحكيم دلنا سبحانه وتعالى على الكيفية التي يغوي بها الشيطان الإنسان، ويضله، وأُوضحُ معنى الآية الشريفة بالمثال التالي:

شخص يقود سيارته في طريق وعرة، في إحدى حافيتها جبل، وفي حافتها الأخرى واد، والشيطان يجلس إلى جانبه مستغرق الفكر في الطريقة التي يجعل فيها السائق ينحرف عن الطريق ليرتطم بالجبل، أو يتردى في الوادي، وبالطبع فإن السائق يعلم بأن الجالس عنده هو الشيطان.

وقد ذكر لنا القرآن الكريم بأن الشيطان قد جعل على نفسه، وأقسم أن يقعد في كل طريق ليضل الناس، ويجلب عليهم سخط الله.

ومعلوم أنه لو طردت الشيطان عنك ألف مرة ومرة، فإنه لا يلبث أن يأتيك في كل مرة، دون أن يحسّ باليأس، مستخدماً في غوايته كل طريقة وحيلة توصله إلى مقصوده.

وأضاف سماحة الإمام صادق الشيرازي بقوله:

ينبغي على الإنسان في أي مقطع زماني، وعند الإقدام على أي عمل، أن يفكر ولو للحظة، ولو لثانية، فيما إذا كان عمله هذا حسناً أم قبيحاً، وأن يتجرد في التفكير قليلاً ليجعل نفسه في محل الآخرين، ويحكم على نفس عمله هذا، ويقرر أصحيح هو أم لا؟.

وهذا هو الجذر الحقيقي لسعادة النفس والآخرين، وهو الأمر المستوعب لجميع شؤون الإنسان ومناحي حياته، وغير المقتصر على محيط أسرته، أو عمله، أو سفره وإقامته، أو أفراحه وأتراحه... وهكذا فعلى هذا الأمر المدار في كل زمان ومكان.

وختم سماحة السيد المرجع حديثه قائلاً:

 أؤكد لكم بصورة قاطعة، بأن أي إنسان إذا ما راعا لحظة التفكير والتأمل هذه، فإنه سيكثر توفيقه وتقل حسرته..

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا