الشيخ عبد الأمير قبلان: العمليات من أجل الدفاع عن النفس أو الأرض أو لوضع حد للغطرسة الاسرائيلية أو حفظ بيضة الاسلام مشروعة شرعاً

اجرت صحيفة الحياة الصادرة اليوم الاربعاء لقاء مع نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الشيخ عبد الأمير قبلان حيث دافع نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الشيخ عبد الأمير قبلان عن العمليات الاستشهادية التي يقوم بها الفلسطينيون, واعتبرها (مشروعة شرعاً), وميز بين الانتحار والاستشهاد, فـ (الانتحار منشأه اليأس فيما الاستشهاد عملية فداء للدفاع عن النفس والأرض والمقدسات). وانتقد قبلان, في حديث الى (الحياة) في لندن, تقصير العرب والمسلمين عن نصرة الفلسطينيين الذين ناشدهم (البقاء في أرضهم مهما كلف الثمن). وندد بالهيمنة الأميركية على العالم, وقال ان لا جديد في قضية الامام موسى الصدر, وكشف ان المجلس أعد مشروعاً لتعديل نظامه الداخلي تجري الأطراف الشيعية مراجعة عليه قبل تقديمه الى مجلس النواب لاقراره, مشيراً الى وجود توافق بين حركة (أمل) و(حزب الله) على التعديل, مشدداً على ان يأتي بقانون حضاري متكامل خالٍ من الثغرات أو ضعف في مواده حتى لا نعود بعد فترة إلى إعادة النظر فيه وتعديله.

* تمر القضية الفلسطينية بمنعطف خطير, والفلسطينيون يخوضون معركة شرسة ضد العدو الصهيوني بمفردهم تقريباً, لماذا?

- اصبح الفلسطينيون كالأيتام في مأدبة اللئام. تُُرك الفلسطينيون في معركة التصدي وشأنهم. ويزعم بعضهم ان هناك دعماً إعلامياً. ونحن لا نسميه دعماً إعلامياً. انه نقل للوقائع المأسوية والصعبة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني, فيما كل الأنظمة تنظر من بعيد أو قريب الى معاناة هذا الشعب. قد يُعذر البعض, لكن الشعب الفلسطيني لا يطلب من الآخرين ان يُشاركوه في القتال ضد العدو الصهيوني, بل ان كل ما يطلبه عدم تركه وحيداً. وهو يحذر من ان نجاح اسرائيل - لا سمح الله - في القضاء عليه سيمثل الشرارة الأولى في القضاء على كل الأنظمة العربية. وأعتقد ان الأنظمة إذا أدركت ذلك فهذه مصيبة, وإذا عرفت وتجاهلت فالمصيبة أدهى وأمر. لذلك فان الشعب الفلسطيني أمام خيارين: إما الصبر والصمود والبقاء في الأرض ولو من دون مأوى, أو الهجرة الى خارج فلسطين وتكون المؤامرة قد نُفذت بأيدينا نحن. نحن نناشد الشعب الفلسطيني ان يعض على الجرح ويصبر على ما أصابه ولا يترك أرضه مهما كلف الثمن. وأمامه فلسطين 1984. فقد طُلب من أهلها ترك أرضهم وبيوتهم على ان يعودوا بعد أسبوع. وها قد مر على القضية نحو 45 سنة اصبحت فلسطين 84 بعدها نسياً منسياً, لم يعد أحد يفكر بها ولا باللاجئين الذين خرجوا منها. أما الآن, فان بقاء الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة, مهما كانت الصعوبات والمعاناة والقمع الاسرائيلي, أفضل بكثير من الهجرة وترك الأرض والمقدسات.

* لكن كيف يستطيع الشعب الفلسطيني مواصلة الصمود في ظل الحصار الخانق? لماذا لا يستطيع العالم العربي أو الاسلامي تقديم الدعم اللازم للفلسطينيين في حين نجد ان اسرائيل تتلقى دعماً غير محدود من الولايات المتحدة?

- من واجب كل الأنظمة العربية والاسلامية دعم الشعب الفلسطيني بكل وسائل الدعم. والدعم يجب ان يكون بحجم التحدي. ولكن هل تسمع ميتاً وهل تحيي ميتاً? ما هو موقف الأنظمة وهي تشاهد على شاشات التلفزيونات المجازر التي ارتكبها العدو الاسرائيلي, ولا يزال, في جنين ونابلس وبيت لحم وحصار الرئيس ياسر عرفات في رام الله وهي عاجزة عن اتخاذ الموقف المطلوب من أجل رفع الحيف والظلم عن الشعب الفلسطيني? الفلسطينيون لا يطالبون الدول العربية بأن تحارب معهم, بل يطالبونها على الأقل باتخاذ موقف صارخ ضد الدول الكبرى وأصحاب القرار, بقطع العلاقات ووقف التجارة معها مثلاً, وشن حملات إعلامية على من يدعم اسرائيل. فقد يتحرك الضمير العالمي أو قد تتحرك الشعوب العالمية لتضغط على حكوماتها لوقف شلال الدم في فلسطين.

* هناك محاولات لوصف العمليات الفدائية التي يقوم بها الفلسطينيون بأنها (انتحارية) بدلاً من استشهادية, ما هو موقفكم?

- الانتحار منشأه اليأس وقلة الحيلة وعدم القدرة على الوصول الى الغاية أو الهدف المنشود. فإذا أصيب انسان بضائقة مالية قد يقتل نفسه. وهذا يسمى انتحاراً. والانتحار ظلم للنفس. وأبشع أنواع الظلم هو ظلم النفس. أما بالنسبة الى الشعب الفلسطيني المظلوم والمحاصر الملاحق الذي يُقتل يومياً من دون سبب, سواء كان مقاتلاً أو مدنياً, امرأة أو رجلاً, صغيراً أو كبيراً, فلا بد له من ان يقاوم هذا الاحتلال البغيض ويواجه هذه العمليات الاجرامية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل الذي لا يملك إلا الحجر والأسلحة الخفيفة كالبندقية العادية مقابل الدبابات الاميركية والمدافع الثقيلة والبعيدة المدى والطائرات الحربية الحديثة. والشعب الفلسطيني انما يقاتل العدو الاسرائيلي أولاً دفاعاً عن نفسه وأرضه, وثانياً للدفاع عن بيضة الاسلام المتمثلة بالقدس الشريف. فيقاتل ويتصدى ويستشهد. وهذا النوع من التصدي للعدو الاسرائيلي لا يسمى انتحاراً بل يسمى عملية فداء وجهاد واستشهاد. فالعمليات من أجل الدفاع عن النفس أو الأرض أو لوضع حد للغطرسة الاسرائيلية أو حفظ بيضة الاسلام مشروعة شرعاً.

* الرئيس الأميركي جورج بوش أدلى بدلوه في هذا الشأن ووصف منفذي العمليات الاستشهادية بأنهم قتلة ومجرمون? ما هو موقفكم من الحرب التي تشنها الولايات المتاحدة على ما تسميه إرهاباً?

- جورج بوش ليس مرجعاً دينياً ولا زمنياً, وقوله ليس منزلاً لا في القرآن ولا في الانجيل. هذا انسان ركبه الجهل والنسيان. ماذا يسمي الرئيس الاميركي ما جرى في فيتنام من جانب الجيش الاميركي ضد الفيتناميين وما جرى في افغانستان من قصف وتدمير واعتداء وقتل للأفغان من دون تمييز بين مقاتل أو مدني? هل نسميه فرضاً للسلام, أم انه إبادة شاملة لشعوب بأكملها من دون تمييز بين المذنب والبريء? عجيب أمر هذا الرجل. إنه يعيش كذبة كبيرة صدقها, للأسف, بعضهم, وهي انه يحارب الارهاب. انه التسلط الأميركي والهيمنة الاميركية على العالم مدعومة بالقوة المجردة من العقل والعدل. وهذا هو الارهاب بعينه. وإذا كان بوش يجسد الارهاب بعينه, فان ارييل شارون , خريج المدرسة الاميركية, يمثل قمة الارهاب والظلم والعدوان. ثم يصف بوش شارون بأنه رجل سلام! هل هناك انسان عاقل يصدق مثل هذا الكلام?

* ما هي آخر تطورات قضية الامام موسى الصدر خصوصاً اننا سمعنا عن جهود ايرانية في الشهور الأخيرة بهذا الشأن?

- لا جديد في هذا الموضوع. والقضية لا تزال تراوح مكانها.الجديد ان بعض الليبيين اعترف بأن الامام موسى الصدر لم يخرج من ليبيا. وــهذا الأمر لا يهمنا كثيراً, بل ما يهمنا هو مصير الامام الصدر: هل ما زال موجوداً في ليبيـا? هل هو حي أو ميت?

حتى الآن ليبيا لا تعترف بشيء. وكلما يُسأل العقيد معمر القذافي عن الامام الصدر يجيب بأنه غادر. ومعنى (غادر) انه حي. فإلى أين غادر? يقول العقيد ان الامام غادر الى ايطاليا. وايطاليا تؤكد انه لم تدخل اراضيها هذه الشخصية التي لا يجهلها أحد ولا تغيب عن ناظر أحد.

* هل هناك اتفاق على تعديل النظام الداخلي للمجلس الاسلامي الشيعـي الأعلـــى للسمــاح باجــــراء انتخابات داخلية?

- نعم. هناك توافق على تعديل النظام الداخلي للمجلس. ونحن نسعـــى إلى سن قانون حضاري متكامل خالٍ من الثغرات أو ضعــف فــي مواده حتى لا نعود بعــد فتــرة إلــى إعادة النظر فيه وتعديله. ولهذه الغايـــة كلفت قبل مدة فريقاً من علـــماء القانون والاجتهاد لدرس هذا الملف بعمق وموضوعية وجدية. وبعد الانتهاء من درس الملف من كافة الجوانب أعدت مسودة مشروع, وأرسلت نسخاً منه الى كل الأطراف الشيعيــة, من حركــة (أمل) و(حزب الله) والمستقلين, ومن حقوقيين وسياسيين وزعماء دينيين, لاستمزاج آرائهم وتدوين ملاحظاتهم قبل تقديمه الى مجلس النواب لاقراره. والأمور تجرى على ما يرام, والجميع يعمل من أجل خدمة هذا المشروع ليخرج الى الناس بشكل حضاري متكامل من دون ثغرات.

* وهل هناك توافق بين حركة (أمل) و(حزب الله) على التعديل?

- نعم. حركة (أمل) و(حزب الله) متفقان على التعديل. وكان الطرفان قدما مشروعاً الى مجلس النواب. لكن لجنة الادارة والعدل في المجلس ردت المشروع بعدما قدم بعض النواب مشروعاً مختلفاً.

* هل يرى التعديل النور قبل انتهاء فترة التمديد لهيئتي المجلس?

- كما قلت نحن نسعى الى قانون عصري متكامل. ومن المعلوم ان فترة التمديد لنائب الرئيس تنتهي بعد نحــو سنة, فيما ينتهي التمديد لهيئتــي المجلس بعد شهور عدة. ونحـــن قلنا ان الخيار هو بين إقرار المشروع أو التمديد فترة أخرى حتى يدرس المشروع بتروٍ, وهذا رأينا, حتى نفسح المجال أمام أهل القانون والخبرة لإخراج هذا المشروع بأفضل صيغة ممكنة.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا