دعونا لا نجعل الأطفال يدفعون ثمن فشلنا في المستقبل

‏شهدت الايام الاخيرة نشاطا عالميا حافلا احتفالا بالطفل واهتماما ودراسة لشاكله وحاجياته ومعاناته، توجت بالمؤتمر الذي عقدته الامم المتحدة حول الطفل، ولكن تبقى هذه الحلقات الاعلامية مجرد استهلاك اعلامي في عصر العولمة الرأسمالية المتوحشة التي تتوسع بالاستغلال والاحتكار، وعصر الانظمة الشمولية التي تعيش بالقمع والارهاب. وقد صدرت تقارير ودراسات كثيرة تبين مأساة الاطفال في العالم.

فقد‏ ذكرت منظمة العمل الدولية في تقرير وزعه مكتبها ‏هنا ان كل دول العالم بلا استثناء تنتهك حقوق الطفولة عبر تشغيل الاطفال في سن ‏مبكرة موضحة ان هناك 352 مليون طفل في العالم يعملون في أسوأ ظروف العمالة.

وقالت في التقرير الصادر عن عمالة الأطفال تحت عنوان "مستقبل خال من عمل ‏الاطفال" ان دولة نامية كانت أو متقدمة لا تخلو من مشكلة عمالة الاطفال حيث يقع ‏الأطفال ضحية الظروف الاقتصادية السيئة والأزمات المتلاحقة في الدول النامية.

وكشف التقرير انه من بين ال352 مليون طفل في العالم يوجد 211 مليون طفل تتراوح ‏أعمارهم بين 5 الى 14 عاما و141 مليون طفل من 15 الى 17 عاما.

وأوضح التقرير انه من الواضح أن النمو الاقتصادي لا يؤدي تلقائيا الى اختفاء ‏ظاهرة عمالة الأطفال على نحو ما يعتقد الكثيرون مشيرا الى ظاهرة أطفال الشوارع ‏التي تمثل الوجه المرئي لعمل الاطفال والتي ارتفعت بصورة ملحوظة في جاكرتا ‏باندونيسيا في أعقاب الازمة الاقتصادية الاسيوية حيث نجد الأطفال يعملون هناك في ‏بيع الاغذية والسلع الاستهلاكية الصغيرة وفي تنظيف الاحذية وغسيل السيارات واصلاح ‏الاطارات والتسول وحمل البضائع.

وقالت ان 24 دولة أوروبية قد واجهت مشكلة ارتفاع أعداد أطفال الشوارع في أعقاب ‏انهيار النظام الشيوعي حيث هاجر الاطفال والشباب الى الغرب بحثا عن عمل في وجه ‏الفقر المفاجئ وفقدان الحماية الاجتماعية في البلاد.

وقالت انه فا دول مثل نيبال يعمل الأطفال من عمر الخامسة في الخدمة في المنازل ‏ويشكل الأطفال أكثر من نصف خدم المنازل وهم كثيرا ما يتم عزلهم وابعادهم عن أسرهم ‏كما انهم يخضعون للسيطرة الكاملة لصاحب العمل ويحرمون من الدعم العاطفي والتغذية ‏الجيدة والتعليم ويعملون لساعات طويلة مقابل أجر هزيل‏   

ويستغل الاطفال في دول مثل الصين والهند واندونيسيا وباكستان ‏وتايلاند والفلبين والهند والبرتغال وجنوب ايطاليا واسبانيا في التصنيع من أجل ‏التصدير في الورش والصناعات المنزلية.

وأشار التقرير الى مصرع عدد كبير من الاطفال في الصين عام 2000 عندما كانوا ‏يصنعون الالعاب النارية خلال فترة راحتهم المخصصة لتناول الغذاء في المدرسة.

ولا تخلو دول متقدمة مثل البرتغال من المشكلة حيث تعمل اعداد كبيرة من الاطفال ‏في صناعات النسيج والملابس والاحذية. وفي أسبانيا يعمل نحو 200 ألف طفل تقل ‏أعمارهم عن 14 عاما في انشطة صغيرة خاصة في صناعة الاحذية.

وفي الولايات المتحدة وفقا للتقرير يعمل الاطفال في المزارع حيث 7 في المائة ‏من جميع العمال الزراعيين تتراوح أعمارهم بين 14 و 17 عاما ويصاب نحو 24ر7 في ‏المائة منهم باصابات قاتلة.

ومن بين 352 مليون طفل عامل فا العالم يعمل 111ر3 مليون منهم في أعمال خطيرة ‏مثل المناجم والزراعة الحديثة وتصنيع الألعاب النارية و8ر4 مليون في أسوأ أشكال ‏العمالة مثل العمل الجبري لوفاء الدين أو التجنيد الجبري في النزاعات المسلحة أو ‏انشطة غير مشروعة كالدعارة والمتاجرة بهم.

وأوضح التقرير أن الاتجار في الاطفال أصبح نشاطا يبلغ حجمه مليار دولار سنويا ‏وأن 2ر1 مليون طفل يقعون فريسة له سنويا وان مصادر الاتجار ومقاصده ومساراته ‏تتطور باستمرار في وجه التغيرات العالمية في العرض والطلب والبيئة التنظيمية.

وأضاف التقرير ان الدول في أوروبا الغربية وأمريكيا الشمالية تعترف أنها أصبحت ‏مقصدا للأطفال المتاجر بهم من كل أنحاء العالم.

وتشير التقديرات إلى أن 150 مليون أو أكثر من بين أطفال العالم البالغ عددهم ملياري طفل، يعانون من سوء التغذية، كما أن 11 مليون طفل يموتون كل عام قبل بلوغهم سن الخامسة من العمر.

كذلك فإن 120 مليون طفل لم ينخرطوا في التعليم، وتشير بعض التقارير إلى أن 300000 طفل يشاركون في الحروب كجنود.

الأمم المتحدة تحارب الاستغلال الجنسي

من جهة اخرى تعهدت وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة باتباع سياسة "لا تسامح على الإطلاق" للقضاء على مشكلة استغلال لاجئين جنسيا من قبل بعض العاملين في الوكالة.

وقال المفوض المسؤول في الوكالة، رود لوبرز، إن الإجراءات الجديدة شملت زيادة عدد العاملات في الوكالة، وحظر ممارسة الجنس بين الموظفين واللاجئين الصغار.

ونفى لوبرز في حديث أمام جلسة خاصة للأمم المتحدة حول الأطفال في نيويورك ادعاءات بأن المشكلة واسعة النطاق، لكنه قال إنه "حتى حالة واحدة تعتبر كثيرا".

 لوبيرز تعهد بسياسة مشددةوكانت وكالة غوث اللاجئين ومنظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية قد نشرت في فبراير - شباط الماضي تقريرا كشف تفاصيل استغلال جنسي للاجئين أطفال في غرب إفريقيا على أيدي عاملين في وكالات محلية وعالمية.

وقال التقرير إن أطفالا في غرب إفريقيا استغلوا جنسيا مقابل إغرائهم بمبالغ زهيدة أو حتى قطع من البسكويت.

واعتمد التقرير على مقابلات ولقاءات جماعية مع ألف وخمسمئة من الأطفال والبالغين في غينيا وليبريا وسيراليون.

ووجد التقرير أن 70 شخصا يعلمون لحساب أكثر من 40 منظمة غير حكومية ووكالة تابعة للأمم المتحدة مشتبهون فيهم باستغلال مراهقين جنسيا في تلك المنطقة من إفريقيا.

وقالت أمهات إنهن اضطررن لبيع أجسادهن لكي يطعمن أطفالهن.

وقال لوبرز إن مهمة توزيع الطعام على معسكرات اللاجئين أوكلت إلى نساء، للمساعدة في القضاء على تلك الممارسات.

وحضر حوالي 60 من القيادات العالمية وعديد من المشاهير و250 موفدا من منظمات حماية أطفال مؤتمرا للأمم المتحدة دام ثلاثة أيام.

كما حضر المؤتمر نفسه 3000 موفد و3000 ممثل لمنظمات غير حكومية.

 

الامم المتحدة: فشلنا في حماية الأطفال من الفقر والحروب

وفي ذلك السياق اتهم الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، البالغين في جميع أنحاء العالم بأنهم خيبوا آمال الأطفال، مضطرين الكثيرين منهم إلى العيش في فقر وتحت تهديد الحرب.

وقال عنان جلسة الخاصة بالأطفال في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "أقول للبالغين في هذه القاعة: دعونا لا نجعل الأطفال يدفعون ثمن فشلنا في المستقبل".

وحضر المؤتمر حوالي 60 زعيما من مختلف أنحاء العالم بالإضافة إلى عدد كبير من الشخصيات و250 مندوبا عن الأطفال.

وقال عنان مخاطبا الأطفال مباشرة إن لهم اتحق في التعليم والصحة والعيش في بيئة نظيفة وبعيدا عن تهديد الحروب والفقر والاعتداء والاستغلال.

وأضاف عنان أن هذه الحقوق واضحة، "إلا أننا نحن البالغين رغم ذلك فشلنا فشلا ذريعا في توفيرها لكم".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن على البالغين أن يحولوا الفشل إلى نجاح "ونحن نعدكم بذلك".

لكن هناك انقسامات خطيرة في هذا المؤتمر، الذي يهدف إلى إعداد وثيقة نهائية تحدد أهدافا جديدة للأسرة الدولية حول قضايا كتقليص الفقر بين الأطفال.

ويقول مراسل بي بي سي في الولايات المتحدة، كريج بارو، إن البلدان العربية والفاتيكان تريد إزالة الإشارة إلى الثقافة الجنسية والخدمات الصحية من الوثيقة النهائية لأنها ترى بأنها تشير في حقيقتها إلى الاجهاض.

 البالغون منقسمون رغم ابتسامة الأطفال وتسعى هذه المجموعة من البلدان إلى عدم التركيز الصحة الجنسية والتناسلية وتقول إن الحل الأفضل لتجنب الحمل والأمراض الجنسية بين الأطفال هو الامتناع عن ممارسة الجنس.

كما تعارض الولايات المتحدة معارضة شديدة أي إشارة إلى حقوق الأطفال التي ينظر إليها المحافظون في الحزب الجمهوري كتهديد لدور الآباء كقيّمين على العائلة.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا