اليهود والحوار مع الإسلام والمسيحية

دراسة اماراتية تقول أن المجتمع اليهودي قائم على العنصرية والتعصب الديني، وأنه لا يمكن ان يقبل بالحوار مع الإسلام.

أصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة دراسة تناولت موضوع "الموقف اليهودي والإسرائيلي من الحوار مع المسيحية والإسلام"، حيث وقفت عند ذلك الموقف عبر التاريخ، والمحددات التي حكمته، والخلفيات التي وجهته، بصورة تجمع بين استحضار الوثائق والشواهد، وتحليل الآراء والوقوف عند أبعادها، بأسلوب علمي رصين.

التعصب الديني والنظرة العنصرية

ترى الدراسة أن مجتمعا، كالمجتمع اليهودي والإسرائيلي، لا يمكن أن يقبل بالحوار؛ لاعتقاده الديني بأنه صفوة البشر التي اختارها الإله، وأعطاها العهد، وبشرها بالخلاص، وخصها بالطهارة والفضل، وأن غيره "أغيار أغراب " لا تنبغي مخالطتهم، ولا العيش معهم لتدنيهم ودنسهم؛ الأمر الذي فرض أن يقام الحي اليهودي الخالص (الجيتو) في المدن الأوروبية خلال القرون الوسطى، والذي شجعته الصهيونية في العصر الحديث؛ بل على أساس من فكرته، وتذمرا من واقعه كان البحث عن وطن بديل، وكانت فلسطين أرض الميعاد والخلاص.

وترى الدراسة أن المجتمع الإسرائيلي بعقيدته ودينه لا يمكن أن يجلس إلى طاولة المفاوضات، ولا أن يشجع الحوار، ويتعاطى الود والمحبة مع باقي بني الإنسان.

أسفار العهد القديم حذرت اليهود من الاختلاط بالغير

وتتبعت الدراسة موضوع الحوار في الديانة اليهودية بصورة عامة، فبينت مرتكزاته، وأسلوبه، ومعوقات قيامه، وكيف توجه اليهود إلى الانعزالية، والحذر من الاحتكاك والحوار مع الشعوب الأخرى، رغم ما فرضه عليهم منطق التاريخ من علاقات مع بعض المجتمعات عن طريق المصاهرة والاختلاط، وإن كانت علاقات ظلت دائما محل ريبة وحذر، وموضع تأثيم من قبل التيار العريض من معتنقي اليهودية، بل إن الجدل الذي دار حول ظاهرة الاختلاط، ولو عن طريق المصاهرة، نظرت إليه أسفار العهد القديم باعتباره مهددا لديانة بني إسرائيل التوحيدية، مما دعا بعض أنبياء اليهود، مثل عزرا ونحميا إلى المطالبة بتحريم الزواج من الأجنبيات مطلقا، لئلا يؤثر على نقاء الدم الإسرائيلي.

جرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني

وبينت الدراسة أبعاد حوار اليهودية والمسيحية في العصر الحديث، واختلاف وجهات نظر الحاخامات اليهود بين من يرفض الحوار من أساسه، وبين من يقبله، لتقف بصورة خاصة عند الإجراءات التي قامت بها الكنسية الكاثولوكية مؤخرا بخصوص تبرئة اليهود من قتل المسيح، والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها الكنيسة خلال أحداث النازي، والردود اليهودية على هذه الإجراءات، تلك الردود التي غابت عنها تماما العبرة من اعتراف الكنيسة الكاثولوكية بالمسؤولية غير المباشرة باضطهاد اليهود، فلم تعتن بما يحدث لغير اليهود من ضروب العسف والاضطهاد والظلم، ولم تقبل إثارة القضية الفلسطينية في الجدل المتعلق بآثام المسيحية اتجاه اليهودية، مع أن المعايير التي يطرحها اليهود، والتي قامت على أساسها فكرة اعتراف المسيحية بأحداث النازي، وتبرئة اليهود من قتل السيد المسيح هي ذاتها المعايير التي ينبغي أن تعترف بموجبها إسرائيل والصهيونية بأخطائهما؛ بل بجرائمهما اتجاه الشعب الفلسطيني.

اليهود والإسلام قديما وحديثا

وتقف الدراسة عند موقف اليهود من الحوار مع الإسلام، فتبين أنه رغم حسن معاملة الإسلام لليهود فإنهم اعتبروه مجرد صياغة بشرية لمادة من التوراة أو التلمود، وحاولوا احتواء الإسلام بكل الوسائل، ولم ينظروا إلى ما أثبتته نصوصه من تحريف الأحبار لأصل اليهودية، وما أدخلوه بموجب ذلك التحريف من كذب وتزوير، لذلك استخدم أحبار اليهود في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم مختلف الكيد، ووصفهم القرآن بأنهم أشد عداوة للذين آمنوا، كما حاولوا إدخال كثير من التشويه إلى مصادر الإسلام، أطلق عليه المفسرون مصطلح "الإسرائيليات".

وفي العصر الحديث ربطت الصهيونية بين الإسلام والتخلف، وبينه وبين الأصولية والإرهاب، ومعاداة الحضارة الغربية، كل ذلك من أجل تشويه صورته، وحجب حقيقته، وحاولت بكل الوسائل أن تحجب الآراء اليهودية التي تدعو إلى الحوار بين الإسلام واليهودية، أو التي لا تعتبر الإسلام عدوا لليهود، وفي هذا السياق تقف الدراسة عند بعض الآراء اليهودية التي تدعو للحوار، مثل جهود الحاخام الأكبر لليهود السفارديم.

وتستنتج الدراسة أن موقف اليهود من الحوار مع الإسلام كان سلبيا، ومحكوما بنظرة سياسية قوامها إقناع المسلمين بأحقية اليهود في فلسطين، واستصدار فتاوى من أئمة الإسلام تحرم الجهاد ضد المحتلين، وتقرن بين العمليات الاستشهادية من أجل الدفاع عن النفس والأرض بالانتحار، وتصف الفلسطينيين بالإرهابيين.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا