فجر اللاعنف

نشرت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر ليوم 10/شباط 2002 مقالاً للإستاذ خالد القشطيني بعنوان ( فجر اللاعنف ) جاء فيه..

المشكلة الابدية بين أهل العنف واللاعنف هي ان العالم يضج بأفعال اهل العنف وأقوالهم ولا أحد يسمع بما يقوله المؤمنون باللاعنف وما يجودون به على العالم من خير. ولهذا شعرت ببهجة كبيرة أمام ردود الفعل الايجابية التي تلقيتها من البعض حيال ما كتبته مؤخرا في هذا الميدان. كانت منها رسالة الأخ رزين يوسف من المملكة العربية المغربية. علق فيها على ما كتبته بشأن احتفال بريطانيا بذكرى أولئك الذين اعدموا لرفضهم الاشتراك في الحرب. يقول:
«مما هزني بقوة كان خاتمة مقالتك. كم كنت مصيباً جداً في اننا جميعا نتغنى بالحروب والفتوحات والانتصارات، ونغفل دائما الفظاعات التي تأتي منها. ثم نتهم من يهرب من تلك الفظاعات بأنهم جبناء وضعفاء. ننسى ان السلام هو أجمل شيء. انني أحمل قصاصات مقالاتك دائماً معي. وحينما أقرأها تسري القشعريرة في بدني. فشكراً لك على ما تكتب».
ومن الولايات المتحدة، كتب الأخ مكي أخند من واشنطن يثني على رثاء آية الله الشيرازي، رسول السلام واللاعنف فيقول:
«نحن في الغرب، لا سيما في اميركا بعد حادث 11 سبتمبر، نحتاج كثيرا الى هكذا مقالات لكي تكون وسيطا بيننا وبين ابناء الاديان الأخرى الذين اصبحوا ينظرون الينا كارهابيين. مثل هذه المقالات تساعدنا وتقوي موقفنا في الرد باسلوب منطقي على الذين يتهموننا بالتعلق بالعنف. نرجو منكم يا استاذنا ان تزودونا بأفكار هذا العالم الديني العظيم في هذه الايام الحالكة التي اصبح فيها الاسلام والمسلمون موضع سخرية وتجريم الآخرين. ما أجدرنا بأن نترجم وننشر ما كتبه الشيرازي ودعا اليه لنري العالم هذا الجانب المشرق من دين محمد، لا بل ونعلم أولادنا على افكاره، بدلا من كل هذا التركيز على الحرب والسيف والمعارك».
يا سيدي القارئ الكريم. هذه هي المصيبة. فكم اتذكر ولا بد ان يتذكر الجميع ايضاً، كيف اننا في طفولتنا وصبانا في المدارس، حدثونا باستمرار عن المعارك التي خاضها المسلمون الاول، ومن قتل من ومن انتصر على من، ولم يذكروا لنا قط أي شيء عن كل تلك الصفحات الرائعة من السماحة والتسامح، والعفو والغفران، والمنجزات والانتصارات الهائلة التي تم تحقيقها بالوسائل السلمية حقنا للدماء وفي اطار المحبة والاخوة. كم نحتاج الى اعادة كتابة التاريخ.
وهذا هو الشيء الذي تعرضت له ايضا السيدة الفاضلة أروى الشبيبي بشأن هذه الصور الكالحة التي اخذها الغربيون عنا تقول: «ليس لدينا قناة موحدة مشرفة تقدم صورة ناصعة عن عالمنا العربي اعتبارا من الدين الى ابسط الموضوعات ليتفهم الغير شيئا من اصالتنا ويروا بأنفسهم قبل ان يحكموا علينا».
الشيء المحزن حقاً في تاريخنا العربي، والذي انعكس طبعاً في اعلامنا العربي هو ان معظم هؤلاء الذين تبنوا افكارا موازية لافكار الشيرازي لقوا العنت والاضطهاد والتكفير وقمعت وطوردت اجتهاداتهم.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا