أزمة الهوية والحجاب في سنغافورة

ستضع فتاتان مسلمتان الحكومة السنغافورية اليوم في موضع اختبار اذا ارتدتا الحجاب في المدرسة الابتدائية بينما تحاول الحكومة موازنة سياساتها ازاء المسائل ذات الحساسية الدينية او العرقية.
وفي حالة نادرة من العصيان المدني قرر والدا كل من نور النصيحة وستي فرويزة محمد قاسم معارضة الامر الحكومي الخاص بالزي الموحد في المدارس الحكومية بأن يرسلوا ابنتيهم الى المدارس مرتديتين الحجاب.
ولجأت اسرة فتاة ثالثة تدعى ستي اميرة امير الى سحب اوراقها من المدرسة لتعليمها في المنزل.
وتأتي هذه الازمة في وقت حرج في الدولة التي يقطنها اربعة ملايين نسمة مع تأكيد الحكومة والزعماء الدينيين على الحاجة الى التآلف بعد اعتقال متشددين اسلاميين مشتبه فيهم في 13 ديسمبر (كانون الاول) بتهمة التآمر لتنفيذ تفجيرات.
ولم تشهد سنغافورة، حيث يزيد عدد الصينيين على ثلاثة امثال عدد الملايو والهنود، الكثير من الاضطرابات العرقية منذ احداث الشغب العنصرية التي وقعت عام 1964، الا انها تقيم دائما وزنا للدول الاسلامية المجاورة مثل ماليزيا واندونيسيا.
واليوم هو آخر موعد امام الفتاتين للالتزام بالزي الموحد. واوضح رئيس الوزراء جو تشوك تونغ انهما ستوقفان عن الدراسة في حالة وصولهما الى المدرسة بالحجاب.
وقال جو امام تجمع للمسلمين الملايو امس السبت «لا يمكنكم ان تعتمدوا على هذه الحجة»، في معارضة للقول بأن الحجاب من الممكن ان يساعد الاطفال على تعلم التعددية الثقافية.
واضاف «اذا قررت المحكمة ان الحكومة مخطئة فاننا سنلتزم بقرار المحكمة».

وذكر محمد ناصر ان ابنته نور النصيحة ستخلع حجابها فقط في حالة السماح لها بارتدائه عندما تصل الى المرحلة الثانوية. واوضح لصحيفة «صنداي تايمز» لم اقرر ما اذا كنت سأرسلها الى المدرسة اليوم. سأبحث الامر مع اسرتي واقاربي».
وخاض عبد العزيز شمس الدين نائب وزير التعليم في ماليزيا في الجدل الدائر عندما طالب الحكومة السنغافورية باعادة النظر، مما اثار انتقادات له في الاسبوع الماضي على اساس انه لا يجب ان يتدخل في الشؤون الداخلية لسنغافورة.
وكل الملايو تقريبا البالغ عددهم 450 الف نسمة مسلمون مما يجعل الاسلام ثاني اكبر ديانة بعد البوذية.

واوضح الوزير المسؤول عن الشؤون الاسلامية عبد الله ترموجي انه يأمل ان يلتزم والدا الفتاتين بالزي الموحد «حتى يمكنهما احراز تقدم من هنا».
وقال الحزب السنغافوري الديمقراطي في بيان «لا يمكن الحفاظ على التناغم العرقي عن طريق اجبار المواطنين

على الالتزام بزي معين».
وتابع البيان «في واقع الامر فان مثل هذا الامر الذي يفتقد الى البصيرة ومراعاة مشاعر الآخرين لن يؤدي الا الى استياء اكبر بين المرغمين عليه مما سيؤدي الى مجتمع اكثر استقطابا».
واوضح ان الامر المتعلق بالحجاب «هو الاكثر فداحة لأن الصبية السيخ مسموح لهم بارتداء العمائم الخاصة بهم بموجب قانون يعود الى الفترة التي كانت فيها سنغافورة مستعمرة بريطانية».

وقد تحدت الفتاتان التعليمات الحكومية التي تمنع ارتداء الحجاب في المدرسة.

وكان رئيس الوزراء السنغافوري جوه جوك قد قال إن حظر الحجاب يهدف إلى التشجيع على الانسجام العرقي.

وقال عدد من المراسلين إن هذه القضية الحساسة ستختبر قوة التماسك الاجتماعي في سنغافورة حيث تسلطت الأضواء في الآونة الأخيرة على العلاقات العرقية إثر اعتقال عدد من الأشخاص الذين يشتبه في وجود علاقة لهم بتنظيم القاعدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكانت الفتاتان قد أعطيتا مهلة حتى اليوم الاثنين للنزع الحجاب لكنهما لم ينصاعا للأمر.

وقد وصلت إحدى الفتاتين، وتدعى نورول ناسيهاه، وتبلغ سبعة أعوام، إلى مدرسة وايت ساندس الابتدائية مع والديها حيث قضوا نصف ساعة يتحدثون مع إدارة المدرسة.

التعاليم الإسلامية

وبعد ذلك صرح والدها محمد ناصر للمراسلين بأن ابنته بكت عندما قيل لها بأنها قد لا تستطيع العودة للمدرسة.

وأضاف أن المدرسة قالت إن في استطاعتها العودة للدراسة بشرط أن تلتزم بالقواعد، ولكنه قال إن ابنته لن تلتزم بتعليمات الحكومة "على حساب ديننا".

وقال إنه سيسمح لأبنته برفع الحجاب إذا أعطت الحكومة ضمانا خطيا بالسماح لها بارتدائه عندما تصل سن البلوغ أو تصل إلى المرحلة الثانوية.

ويعتبر الحجاب إلزاميا للفتاة عند الأقلية المسلمة الماليزية في سنغابورة عندما تبلغ الفتاة سن المراهقة.

وقال والد الفتاة إنه سيحاول تسجيل ابنته في مدرسة إسلامية بالرغم من أن جميع المدارس الإسلامية لا يوجد فيها أماكن شاغرة.

وكذلك تغيبت فتاة مسلمة ثالثة عن المدرسة اليوم الاثنين، بينما أُعطيت فتاة رابعة مهلة حتى يوم الاثنين القادم للالتزام بأوامر المدرسة.

وكان أولياء أمور الفتيات الأربع قد طلبوا من المعلمين الشهر الماضي السماح لبناتهم بارتداء الحجاب ولكن المدرسة رفضت طلبهم.

يذكر أن سنغافورة كانت قد تعرضت لأعمال شغب دينية في الخمسينيات والستينيات. وتركزت سياسة الحكومة منذ ذلك الوقت على تجنب التوتر الديني والعرقي بين الغالبية الصينية والأقلية المالاوية المسلمة.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا