كان مستشاراً لأفضل فيلم حققته هوليوود عن حرب الخليج

نُشر في جريدة الحياة ليوم 1/ شباط / 2002 موضوع تحت عنوان (كان مستشاراً لأفضل فيلم حققته هوليوود عن حرب الخليج). السيد مصطفى القزويني: نعم يمكن أن توجد سينما إسلامية.

نقتطف منها:

نذكر جميعاً فيلم (ثلاثة ملوك) الأميركي الذي تحدث عن حرب الخليج التي خاضها التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد العراق بعد غزو قوات هذا الأخير الكويت. على رغم أن الفيلم كان هوليوودياً وفيلم مغامرات، أطرى كثر عليه معتبرينه فيلماً منصفاً لم يتبن وجهة النظر الأميركية تماماً، واتى في محصلته أقرب إلى وجهة نظر عربية معتدلة، ما لم يعرفه كثر يومها هو أن صانعي الفيلم استعانوا برجل دين مسلم مستشاراً لهم، هو السيد مصطفى القزويني. وإن تدخل هذا العالم المتنور كان له دور أساسي في توجه الفيلم في شكل أرضى متفرجيه العرب والمسلمين، هنا حوار مع الشيخ القزويني وبعض آرائه عن الصورة والسينما وسبل الاستفادة منهما.

بصفتك عالم دين خاض تجربة تعتبر فريدة مع الإنتاج السينمائي، ومع هوليوود تحديداً عبر فيلم (ثلاثة ملوك). كيف كانت تلك التجربة؟.

* في ايلول (سبتمبر) عام 1999م، عرضت عليّ فكرة فيلم سينمائي عن أحداث ما بعد حرب الخليج الثانية، وقصة الفيلم تدور في العراق، وتحديداً في مدينة كربلاء، وتمس الشعب العراقي ووضعه تحت حكم نظام صدام حسين، اتصل بي منتج الفيلم، وعرض عليّ التعامل معه، بصفتي مرشداً دينياً وثقافياً للفيلم، وكوني عالماً دينياً عراقياً وشيعياً، وكثير من تفاصيل الفيلم تتصل بالبيئة العراقية الشيعية الدينية والطقوسية.

وبعث لي المنتج النص، الذي بقي معي اسبوعاً كاملاً، فقرأته ودونت عليه ملاحظاتي، فوجدته في صورة عامة جيداً ولمصلحة الشعب العراقي ويلقي الضوء على معاناته، ويصحح صورته أمام الرأي العام، هذا في شكل عام، عدا بعض النقاط التي اعترضت عليها وطلبت حذفها أو تغييرها. وبعد تشاور مع المخرج والمنتج، توصلنا إلى صيغة معمل مشتركة، وبدأنا العمل معاً في كثير من الأمور والتفاصيل الفنية المتعلقة باللباس والمباني، إضافة إلى التعاون الثقافي، الذي استمر سنتين إلى أن أنتج الفيلم.

* كيف تقوّم تجربتك، هل تعتقد إنها كانت إيجابية؟

بالتأكيد، فالفيلم أصبح له صيت، وترجم إلى لغات عدة، وشاهده في عرض خاص في البيت الأبيض الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وقال عنه أنه أفضل فيلم شاهده في عامه وعرف الشعب الأميركي أن الشعب العراقي ليس كله مؤيداً لنظام صدام حسين، كما أنه شعب رافض للظلم محب للحرية، وأظهر الفيلم أن أميركا هي التي أوصلت صدام حسين إلى الحكم وساعدته، وبيَّن أطماع أميركا في المنطقة وصحح كثيراً من صورة العرب والمسلمين. إضافة إلى أنه فتح باباً لكثر من المخرجين الذين أتصلوا بي ولفترات قريبة جداً يستشيرونني في بعض القضايا الفكرية والدينية وبعضهم يطلبون مني التعاون معهم.

* أنت تعيش في أميركا وتعلم أن الأمور من الممكن أن تسير عبر المال، أضف إلى ذلك أن ليس من الضروري أمتلاك جميع الإمكانات بل من الممكن استئجار بعضها، لكن في مقابل ذلك يبقى الموقف الفقهي من قطاع لا بأس به من المسلمين تجاه السينما، وهنا تكمن الإشكالية الحقيقية حيث يظل الكثير من العقد والحساسيات.

إن ما تفضلت به من وجود بعض العقد المتعلقة ببعض الجزئيات مثل تشبيه الرجل بالمرأة وبالعكس، كل ذلك في نظري يعد أموراً هامشية قديمة، ومن قالها لا يمتلك فكراً وفقهاً منفتحاً، وإنما فقها منغلقاً يتوقف على بعض الروايات من هنا وهناك، كما أنه لا يحسن استعمال الروايات الدينية وقراءتها، فهذه النصوص المروية عن الرسول (ص) قيلت في ظروف معينة ولأهداف معينة، واليوم نحن نعيش عالماً آخر، وإذا أردنا أن ننشر الإسلام فهذه هي الوسائل، لا أن نقف على سطح المسجد أو المئذنة ممسكين بالسماعة ونحن ننصح الناس. إنما من طريق الإعلام والصورة والسينما، فالفيلم الواحد قد يؤثر تأثير مئات المحاضرات.

* هناك بعض الحيل الشرعية التي من الممكن أن تستغل في إنتاج سينما من دون محاذير دينية، ولكن للأسف هذه الوسائل لم تفعَّل.

إن استخدام هذه الوسائل أمر غير محرم، وأضرب مثالاً على ذلك السينما الإيرانية التي تحصد الكثير من الجوائز في مهرجانات عالمية، من دون أن يقوم منتجوها بأي أمر يخالف الشرع. إن المشكلة لدى البعض هي أن إطلاعهم منقوص وقاصر ويحكمون على الأشياء قبل معرفتها. يمكننا أن ننتج أفضل فيلم من دون أن نرتكب أدنى ذنب، ونرضي الله تعالى والجمهور معاً.

* هناك بعض الأفلام بطبيعتها تمثل حياة إنسانية تحتوي مشاهد عاطفية، برأيكم كيف يمكن التعامل معها من دون الوقوع في محذور شرعي. ومن دون أن يفقد الفيلم قيمته؟

إنني أتصور أن لا إشكال في ذلك، فالفيلم يحكي في كثير من جوانبه قصصاً حقيقية تحدث في الشارع مثلاً، وأنت تنقلها على الشاشة ليشاهدها عدد أكبر من الناس، وهذه الحوادث تقع في كل يوم. فما الضير والضرر في أن تكون علاقة حب بين رجل وامرأة يريدان الزواج مثلاً، فهل يمنع الإسلام من ذلك، إذا كان ما يصور بريئاً وقائماً على احترام وتقدير متبادلين. نعم المحظور هو أن تقدم هذه المشاهد بصورة شبقية شهوانية أو في أوضاع فاضحة.

* كيف تنظر إلى مفهوم (السينما الإيرانية)، هل يجب أن تكون وعظية؟

إن مفهوم السينما الإسلامية أشمل من الوعظ والإرشاد، إن السينما حال إنسانية، ونتاج إنساني يحتاجه كل إنسان، ومجالاتها واسعة من تعليم، وترفيه، تشمل الدين والدنيا وكل مجالات الحياة.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا