بيان الحوزة العلمية الزينبية

في المهرجان التأبيني لأربعينية الإمام الشيرازي (قدس سره)

( إنا لله وإنا إليه راجعون )

إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

نعزّي صاحب الأمر الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه)  والسادة مراجع الدين العظام، لا سيما سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي(دام ظله الوارف)، بمناسبة أربعينية الإمام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي قدس الله نفسه الزكية، وحشره مع عترة نبيه الأكرم محمد(ص).

وبهذه المناسبة الأليمة يجدر بنا أن نلفت أنظار الأمة إلى ضرورة التنبه في مثل هذه المنعطفات التاريخية إلى أهمية الاحتفاء بقادتها ومراجعها الأعاظم،وبذل ما في الوسع لأجل أداء المسؤوليات والنهوض بالأعباء والمهام الجسام التي تقع على عاتقها حيال عظمائها التي تشكل وتسطّر تاريخاً مرموقاً مفعماً بالقيم السامية التي تستثير في الأمة عوامل النهوض والنماء، وتجعلها على المحجة البيضاء، بما يتيح لها سيراً تصاعدياً تكاملياً نحو الخير والعطاء والتقدم.

وبالطبع فإن الأمم بالقدر الذي تنهل به من عظمائها ومنابعها الفكرية والمعنوية، تحقق نصيباً من المجد والسؤدد، وترفع هاماتها وتستقيم في سيرورتها العامة، وتفيد ما تستأنف به نشاطها، وتجدد فيه طاقاتها، لبلوغ ما تنشد من معالي الأمور..

يجدر بنا في مثل هذه المناسبة أن نؤكد أهمية تمثّل فكر الإمام الراحل (رحمه الله) وتعاليمه التي شكلت مشروعاً حضارياً عالمياً قائماً على مبادئ الشورى والتعددية والدولة الواحدة ورفض العنف والاستبداد في العمل الإسلامي، بل وفي سائر شؤون الحياة، والإيمان المطلق بالحرية، وتغليب روح الحوار، وتبادل الرأي، واحترام الرأي الآخر، على أية لغة أخرى..

إن المرجع الديني الراحل (طاب ثراه) كان صاحب نظريات معروفة في الفقه والسياسة والاقتصاد والاجتماع وسائر ميادين وحقول العلم والمعرفة.. هذا فضلاً عن أن سماحته يمثل المصداق الأبرز للنيابة العامة عن الإمام المهديr، مما يزيد من أهمية تمثل نظرياته وتعاليمه على الوجه الذي يتيح للأمة أن تتسق مع منابعها وجذورها الأصيلة، بما يصلح شأنها، ويعزز اعتبارها وقدرها بين الأمم، لذلك لابد من الاستمرار على نهجه والالتزام بمشروعه الحضاري والاستقامة على مواقفه ومبادئه التي جاهد وعمل بها من أجل نهضة المسلمين وخيرهم..

وهنا نشير إلى جملة وصايا كان إمامنا الراحل (رحمه الله) يؤكد عليها، ونرى ضرورة الالتزام بها، واستمرار العمل على تطبيقها في أرض الواقع، ونجملها بما يلي:

1- إشاعة جو السلام والمحبة في جميع أوساط الأمة الإسلامية، ذلك أن السلام يصل بصاحبه دوماً إلى النتيجة الحسنى، والمسالمون يبقون دوماً سالمين مهما كان لهم من الأعداء.

2- السعي لتطبيق مبادئ الشورى والحوار والحرية، لأن فيها الضمانة الأكيدة لحل جميع مشاكل الأمة.

3- العمل على تكريس نهج اللاعنف على صعيد التعامل مع المخالف فضلاً عن الموافق، لأجل إحقاق حقوق المسلمين، أفراداً وشعوباً؛ ذلك أن هذا النهج هو الذي يولد أجواء الحوار والتفاهم الإيجابي البناء.

4- الاستمرار في بناء المؤسسات الخيرية والمراكز الثقافية والاجتماعية التي تأخذ على عاتقها تنظيم شؤون المسلمين في شتى مناطق تواجدهم.

5- إزالة جميع أسباب الخلاف والتوتر بين المسلمين، لبلوغ الهدف المرجو في الوحدة والاتحاد ورص الصفوف.

6- الاهتمام بقضاء حوائج الناس، وبذل غاية ما في الوسع من أجل رفع معاناتهم، لضمان عدم تصدع البنية العامة للمجتمع الإسلامي.

7- مراعاة تقوى الله في سائر أعمالنا ومعاملاتنا، سواء على صعيد التعامل مع العدو أو مع الصديق.

8- بذل المزيد في طريق أهل البيتi وتكريس الارتباط بهم والالتزام بنهجهم وسيرتهم، فهو الطريق القويم الذي يقود إلى سعادة الدارين.

هذا ونسأل الله العلي القدير أن يجبر الخواطر ويسكّن آلام قلوب الملايين المفجوعة بهذا المصاب الجلل، بأن يمد في عمر المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله)، ويعلي به شأن الدين ويكمل به الطريق وصولاً إلى الأهداف السامية للمشروع النهضوي الحضاري العالمي الذي أسسه إمامنا الراحل (قده) وبما فيه خير الدنيا وسعادة الآخرة.

إنه تعالى سميع مجيب...

دمشق - السيدة زينب (ع)  

قاعة الحوزة العلمية الزينبية

9/ذي القعدة/1422هـ      

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا