الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا

ردك على هذا الموضوع

حصــــــــــاد الأفكار

مقتطفات مما ينشر من أفكار وتحليلات

في وسائل الإعلام والصحافة العالمية

 

الطب العدلي: المحطة الأخيرة لعوائل المفقودين في بغداد

يقول الدكتور ابتهاج الالوسي وهو أخصائي أمراض نسائية يبلغ الستين من عمره وبقي على قيد الحياة بعد خمسة أيام من الاختطاف في شهر كانون الأول عندما يقتلون شخصاً ما يرمون جثته بعيدا في الأماكن المهجورة مما يتوجب على عائلته أن تذهب هنا وهناك كي تعثر عليه، إن ذلك مرعب حقا.

يبلغ معدل الجثث التي لا يطالب احد بها (70) جثة شهريا في بغداد وحدها وهو عدد يفوق العدد قبل الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة على العراق، ولكنه بالمقابل اقل من العدد في السنوات الدموية من حكم صدام حسين حيث كانت الدولة هي التي تقوم بالقتل.

سابرينا تفنايس/ المدى العراقية /العدد 396 الخميس 26ايار 2005

بعض أصدقائنا موتى.. وبعضهم

الآخر ذهب ولم يعد

أن تفقد صديقا في حرب أهلية خلت من القواعد والضوابط الأخلاقية شيء مؤلم لا يعرف مدى هذا الألم وحجمه إلا أهله، في صالونات البيوت الفقيرة وغرف الجلوس تجد صور شبان في ريعان شبابهم ينظرون إليك نظرة حيادية مستسلمين لعدسة الكاميرا في معظم الأحيان أنت لا تحتفظ بصورهم تلك، صورهم تأخذ حيزا من جدران بيوت أهلهم، أنت صديقهم، لك ذكريات وبعض صور لم تعد تذكر كيف احتفظت بها، بل تعرف أن في ذلك الصندوق الكرتوني تحت تختك القديم ستة من أولئك ولكن تخونك الجرأة على فتحه وفتح الجراح.

بعد تلك الساعة، بعد سيارات الإسعاف والأسرة في المستشفيات، بعد الدفن والثالث والسابع والقران الكريم والتعزية، بعد الأربعين والذكريات تجد أن القذيفة لم تخترك لتكون أنت الميت وهم الأحياء، ما الفرق بين أن تكون أنت تحت التراب في قريتك البعيدة وان تكون هنا لإعادة تمثيل اللحظات الأخيرة وإحيائها، تلك اللحظات التي حاولت لسنوات أن تبني حولها جدارا عازلا فما استطعت، أن تمحوها من الوجود، لاحقتك في أحلام نومك ويقظتك وجوه باسمة وعيون مغمضة كنت أنت همزة الوصل بينهم جميعا، بين ثلاث مجموعات من الصبية والفتيات من مدارس متفرقة قضيت في كل واحدة منها سنة على التوالي لتدرك بعدها انك (مش خرج دراسة).

احترقت قلوب أمهاتهم، بكتهم النسوة ليل نهار، وضعوا في إطارات بصور شمسية كبرت على عجل تلك الصور التي لم تكن لتراها يوما إلا عندما تطلب إخراج قيد صديقك لتتأكد من يوم ميلاده أو طائفته عند الحاجة إلى التنكيت، أنت حي وهم موتى.. يمكنك أن تسرد مميزات كثيرة عرفتها فيهم لأنهم ماتوا، تبقى الميزة الوحيدة الحقيقية في سردك الحزين أنهم لا يزالون (بين الخمستعش والستعش) وأنت تنوء بحمل سنواتك التي أشرفت على الثلاثين وحيدا، بعض أصدقائك موتى وبعضهم خارج الإطار.

عماد الدين رائف/ الحياة اللندنية/ العدد 15358 الثلاثاء 19 نيسان 2005

أصل الإرهاب (وجهة نظر نفسية)

باعتقادي هناك خوف (عصابي) لدى الإرهابي من وجود الآخرين في باحة الحياة، وينعكس هذا الخوف من خلال نزعته البدائية لإزالة أو تصفية الآخرين من الوجود بدلا من الاستناد إلى وسيلة إنسانية راقية للتعايش معهم والتأثير السلمي فيهم وإيجاد وترسيخ العناصر المشتركة للعيش معا بأمان، فالإرهابي إذن متخم بالخوف، يحاول التخلص منه بأساليب بشعة عن طريق إشاعة الخوف والرعب في نفوس الآخرين.. أما نظرة الإرهابي لذاته (مفهوم الذات) فهي بلا شك مشوشة ومتدنية، لكنها مؤطرة خارجيا بنزعات الاستعلاء التي تؤدي إلى التطرف الفكري والعقائدي على شكل تنظيرات وفتاوى، والتطرف السياسي على شكل إرهاب منظم يجري استنساله محليا ثم تصديره.

فسياسة الإرهاب تبرر كل صنوف القتل والابادة وتعلن الحرب على كل من لا يقف في صفها تحت شعارات مقدسة كالدين والوطنية والحرية والأمن والرسالة المقدسة، وتعد هذه السياسة بحسب مقاييس علم النفس الأخلاقي صيغا متأخرة وبدائية في التعامل مع الوقائع والآخرين، فنسبة الصواب والخطأ في النظريات والأفكار تدحض مبدأ: (أن أفكاري وعقائدي هي الصالحة وما سواها لا ينفع) وسط هذا التنوع والتعددية البشرية الهائلة في الأفكار والعقائد والأديان وأساليب العيش والتراث والتاريخ فما هو صالح أو نافع من منظور فكري أو اجتماعي في مرحلة ما أو لدى مجموعة ما قد لا يعدو كذلك في مرحلة أخرى أو لدى مجموعة أخرى.

د. يوسف حمة صالح مصطفى/ المدى العراقية/ العدد 374 السبت 29 نيسان 2005

 

عن فعل (قتل) الذي يملأ

الفضائيات العربية

من يتابع الفضائيات الإخبارية يلاحظ من دون كثير عناء، إن فعل القتل سواء كان مبنيا للمعلوم أو للمجهول، هو الأكثر استخداما وشيوعا، فما من نشرة أخبار تبثها الجزيرة أو العربية أو الحرة أو أبو ظبي.. إلا ويكون هذا الفعل، وأمثاله اعتقل اغتيل لقي مصرعه فجر خطف...، مبتداها ومنتهاها.

وتترافق بالضرورة مع هذا الفعل الذي ينبئ بجريمة، مناظر الدماء على الافسلت والجدران والحقول، وأشلاء الجثث المرمية على قارعة الرصيف والدروب، وحركة القتيل الأخيرة وهو يبحث عن أوكسجين يسعفه لمزيد من الحياة... وأيا كان هدف الفضائيات من وراء بث هذه الصور، فالمؤكد أن الصورة لا تكذب أنها تقول الحقيقة عارية، جارحة، وواضحة من دون تأويل وبعيدا من التزيين أو الجماليات المطلوبة.

والأكثر إيلاما في هذه البانوراما الدموية هو أن بضع فضائيات تتحفظ أحيانا عن بث الصور وتوجه لمشاهديها رسالة هي، حتما، أقسى من الصورة نعتذر عن عرض الصور حرصا على مشاعر المشاهدين وهذه الجملة التي دخلت قواميس الفضائيات في عصر العولمة والموت المعولم تحرض المخيلة وتثيرها إلى حد الرعب، إذ يتساءل المشاهد: هل ثمة ما يؤذي المشاعر أكثر من منظر سمير قصير وهو يحنو ميتا على حديد محترق..!

ومن منظر المسلمين البوسنيين الستة العزل وهم يتلقون الرصاص الصربي من خلف ظهورهم..! ومن منظر الأشلاء البشرية المتناثرة في قيظ بغداد يوميا...! ومن صيحات الاستغاثة المؤلمة والأخيرة التي يطلقها الرهائن قبيل الموت المحتم المرتسم في عيونهم.

إبراهيم حاج عبدي/ الحياة اللندنية/ العدد 15412 الأحد حزيران 2005

 

المفسر والمعلق وتفسيره في فهم الظاهرة الانتحارية

مفارقة الإسلام الذي يقوم في ركن من أركانه الخمسة على فريضة الجهاد في سبيل الله يحرم على معتنقيه، مثله في ذلك مثل الديانتين الكتابيتين التوحيديتين المتوأمتين له قتل النفس التي لا يعود أصلا أمرها إليه،ا بل إلى الله، ومن هنا كانت استراتيجية التسمية التي فرضت نفسها في العالم العربي والإسلامي: استشهاديون وليس انتحاريين، وهذا حتى عندما تكون العملية الاستشهادية علمانية في سبيل الوطن لا دينية في سبيل الله.

ومن هذا المنظور يمكن التمييز بين العمليات الاستشهادية في فلسطين المحتلة والعمليات الاستشهادية في ديار الكفر ففي الأراضي المحتلة وحتى عندما تأخذ العمليات الاستشهادية طابعا متدينا- وهذا ما بات غالبا عليها طردا مع تاسلم المقاومة -فإنها من طبيعة كاميكازية أي مرتبطة بحب الوطن وكره العدو من حيث هو عدو محتل لا عدو كافر، وخاضعة بالدرجة الأولى لاعتبار استراتيجي يتمثل في الاختلال الخطير في ميزان القوى.

وفي المقابل فان الاستشهاديين الإسلاميين الذين ينفذون عملياتهم في ديار الكفر أو ضد أهداف محسوبة على أهل الكفر في ديار الإسلام ليسوا خلافا لأندادهم من الفلسطينيين من الفقراء ولا من المستضعفين ولا حتى من المذلين تحت حزمة الاحتلال، فهم في الغالب ومثل أندادهم من إرهابيي الألوية الحمر الإيطالية أو الجيش الجمهوري الايرلندي أو الجيش الأحمر الياباني من أبناء الأسر الميسورة ومن خريجي التعليم العالي، وهم ليسوا قوميين محبطين، بل امميون عارمو الثقة بأنفسهم وراسخو اليقين بان الله معهم وهم ظاهرة جديدة كل الجدة في الإسلام، أما قادة الجماعات الإسلامية الاستشهادية فإنهم يعلنون أنفسهم بأنفسهم أمراء أو فقهاء ويعطون أنفسهم سلطة الفتيا ويتأولون عملياتهم الانتحارية على أنها استشهادية تورثهم الجنة، رغم أن مثل هذا التاؤيل هو بدعة في نظر الإسلام السلفي الذي لا يملك إلا أن يتقيد بنص الآية التي تقول: (وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله) لا بأذن من نفسها ولا مبادرة منها.

المقاتلون الانتحاريون هم، إذاً، حتى لو سموا أنفسهم استشاهديين أو جهاديين خريجو لاهوت جديد في الإسلام يقترح برنو إيتيين فهمه على ضوء حاكمية الموت فهم يعتبرون أنفسهم أدوات بيد الله لكنه ليس الله الرحمن الرحيم وليس القائل جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، بل المنقول أنه ما جعل البشر شعوبا وقبائل إلا ليتحاربوا ويتفانوا فعلى أيدي الانتحاريين الاسلامين تتحول مقولة الفناء الصوفية إلى مقولة مادية فعلية مع إعطائها صيغة متعدية: الإفناء إفناء الذت والأخر وتدمير العالم في الدنيا لإنقاذه في الآخرة.

جورج طرابلشي/ الحياة اللندنية/ العدد 15356 17 نيسان 2005

 

مقبرة السماوة ماذا تخبرنا؟

الموتى لا يتكلمون

مقبرة السماوة ماذا تخبرنا؟ الموتى لا يتكلمون. إذا مات الواحد سكت لسانه. منذ الآن كفَّ عن الكلام. تنظر إلى الوجه وتراه يتغير. همدت العضلات. نضب الدم. صارت البشرة عاجاً. بات الوجه حطباً. الغسل. الكفن. ثم التراب. في التراب والرمل يذوب اللحم. نسيج الخلايا يأكله التراب. وما يسعى في التراب. الشحم يزول. والعظم يظهر. هذا لا يحدث بين ليلة وضحاها. بتعاقب الأيام والأعوام يحدث.

مقبرة السماوة الجماعية. 1500 إنسان. أقل أو أكثر. كم مضى على الأجسام تحت التراب؟ 17 سنة؟ أقل أم أكثر؟ جماجم فارغة العيون تحدق من لفّات القماش الكردي الملون. حبال تمزقت. أبدان جفت وتضاءلت. عظام مبرية. بقايا ثياب. خيط حرير على عظمة الرسغ. الخيط أصفر كالخردل. والعظمة بيضاء كالحليب. الخيط اسوارة اتسعت بتساقط اللحم. موتى بلا عيون ينظرون إليك. نظرة فارغة سوداء. تنظر إلى صور الوكالات وتعلم أنك لا ترى المقبرة بل صورة المقبرة. أنت هنا. في البعيد البعيد. والمقبرة هناك. في الجانب الآخر. تقعد وراء مكتب نظيف في عمارة مكيفة الهواء تتوسط عمارات متطابقة متوازية. أنت في وسط مدينتك المرتب. أمام شاشة الكومبيوتر الزرقاء. لست هناك. على حافة مقبرة وسط صحراء السماوة.

أين تحيا؟ بغداد ليست بيروت. بيروت ليست القاهرة. أين تحيا؟ في عالمٍ أول؟ في عالم ثالث؟ أين الحماية؟ هل الحماية موجودة؟ اليوت أنشد قبل الحرب العالمية الثانية نشيد كوارث آتية. كان ينظر بعينين صافيتين إلى هذا العالم. هل كان يرى ما سيأتي؟ لعله كان يسجل الماضي وحسب. يكتب التاريخ شعراً. ليس أكثر. ليس اقل. ينظر إلى عجلة الوقت تطحن الأشياء. ويكتب أن المدن تحترق. قرطاجة. أورشليم. أثينا. الإسكندرية. فيينا. لندن. مدن الوهم. خيالية وواقعية. بغداد. بيروت. القاهرة. نيويورك. كيوتو. أبراج تقع. وأصوات تهمس من آبار عميقة. نيسان أقسى الشهور. يُنبت الليلك من أرضٍ موات. يؤرق العظام الراقدة. الحطب يُبرعم. والأعضاء تضطرب. مقبرة السماوة ماذا تخبرنا؟ ننظر إلى بقايا الموتى. صور تتوالى في شريط الوكالات. تعبر الساعات ثم تختفي الصور. تتلاشى كالغيوم. ولا تتلاشى.

الحياة اللندنية- ربيع جابر 2005/05/4

 

محلات الحلاقة في بغداد تقفل

بالجملة إثر تعرض أصحابها

لموجة اغتيالات

لم يعد بأمكان علي احمد الطالب في جامعة بغداد من الذهاب لقص شعره، وظل يتنقل من محل إلى آخر من دون العثور على حلاق بعد أن قتلت عصابات مسلحة الحلاق الوحيد الذي يتردد عليه في منطقة الشعب وسط بغداد، مما اضطره للبحث عن حلاق آخر في منطقة أخرى.

فقد قام حلاقو تلك المنطقة بعد قتل ثمانية منهم بإغلاق محالهم خوفا من الموت، وهناك محلات أخرى علقت يافطة كتب عليها (لا نتعامل بالخيط)، وهي العبارة التي تعني إزالة الشعر من الوجه عند الشباب العراقي والتي تمارس منذ فترات طويلة.

وفي أحياء بغداد كالدورة والشعب تعرض الحلاقون إلى عمليات قتل. فقد هاجم مسلحون ملثمون محال الحلاقة وفي وضح النهار، حيث فاجأوا الجميع وأطلقوا النيران من بنادق كانت بحوزتهم أو رموهم بقنابل يدوية. وعلى الفور بادر أصحاب المحلات الأخرى إلى غلق محالهم خوفا على حياتهم.

ويقول جابر حسن صاحب محل (الأصيل) للحلاقة، انه فضل غلق محله وأصبح اليوم عاطلا عن العمل بسبب التهديدات التي تلقاها من أناس لا يعرفهم عبر ورقة كتب عليها (ستموت غدا أو بعد غد إن فتحت محلك). ويقول انه وجد الورقة أثناء دخوله إلى المحل فما كان منه إلا أن قام بإغلاقه فورا وعاد إلى البيت. أما حسن، شقيق احد الحلاقين الذين قتلوا فيقول (إن أخي استهوته مهنة الحلاقة وقامت العائلة بجمع الأموال اللازمة لشراء محل للحلاقة يتوسط مدينة الشعب وكلفنا الكثير من الأموال، ولكن للأسف لم يهنأ أخي بذلك، حيث قامت مجموعة من المتطرفين بقتله). وشهدت منطقة بغداد الجديدة أيضا قتل حلاقين إضافة إلى مجموعة من الشباب العراقي ممن حلقوا رؤوسهم بطرق مختلفة. ويقول هادي محمد (لقد قتل الإرهابيون والمتشددون أعدادا من الشباب بحجة أنهم يقلدون الأميركيين في طريقة لبسهم وحلاقة رأسهم، وهم يترصدون الشباب من الذين يقومون بحلاقة رأسهم بطريقة الحفر، التي تعني إزالة قسم كبير من الشعر.

مهدي العامري/ الشرق الأوسط

 

موجة العنف في العراق

تمتد إلى رغيف الخبز

 طالت موجات العنف والاغتيالات مواطنين بسطاء يمتهنون العمل في الأفران والمعجنات وابدى هؤلاء استغرابهم من سفك دمائهم واستهدافهم وهم الذين لا يمتون بصلة إلى أية جهة حكومية أو يدعمون أية كيانات سياسية. وقال حيدر عبد الهادي (22عاما) (اغتيل أبي مساء احد الأيام داخل الفرن في منطقة السيدية على يد مسلحين مجهولين تقلهم سيارة نوع (اوبل) مع إصابة صديقه) مشيرا إلى (أن أربعة أشخاص اقتحموا الفرن وأطلقوا العيارات النارية من أسلحة مزودة بكاتم صوت وحاولوا قتل البقية لكني فاجأتهم بسلاح كنت أضعه داخل مبني الفرن وبادرت بفتح النار فأجبرتهم علي الهروب) مضيفا (لم يكن والدي ينتمي إلى أي جهة سواء كانت تيار إسلاميا أم سياسيا إذ كان لا يعرف سوي عمله فقط) مصدر الرزق.

وأشار عادل احمد بطباطي (عامل) إن (مثل هذه الحالات تزرع الخوف لدى العاملين في وقت لا يعرف أحد سبب استهداف أماكن لها اتصال مباشر مع الناس بل وحتى المجرمون يأتون لشراء الصمون فما هي الغاية لا احد يمكن أن يجيب على هذا السؤال) مضيفا (من أين نعيل عوائلنا إذا تركنا العمل ولاسيما أنها المهنة الوحيدة التي نمتلكها؟)

وأكد قاسم الكعبي عن ترك العمل في الأفران بسبب الأعمال الإرهابية والاغتيالات التي طالت أصحابها مضيفا إن (مهنة الأفران طالما أحببتها وكانت مصدر رزقي الوحيد في ظل ازدياد البطالة وصعوبة الحصول على وظيفة) مشيرا إلى لجوئه إلى أعمال حرة لمساعدته في تغطية متطلبات المعيشة. ويرى أبو رافد صاحب فرن في بغداد الجديدة (إن استهداف الأفران زاد من مخاوف أصحابها بشكل كبير الأمر الذي جعلنا ننهي أعمالنا منذ وقت مبكر مما أدى إلى تراجع مردوداتنا المادية). موضحا أن (الغريب بالأمر عدم وجود أسباب مقنعة لاستهدافنا). وأكد عمر وليد صاحب فرن في بغداد الجديدة على مواصلة بيعهم الصمون صباحا ومساء وعزا تعرض بعض الأفران لهجمات مسلحة لاحتمال وجود نزاعات شخصية بينهم وبين المهاجمين فضلا على هدوء منطقة بغداد الجديدة أكثر من مناطق الباب الشرقي والسيدية والتي تنتشر فيها العصابات بدليل شهادة أصحابها الذين شكوا من تصرفات وتهديدات السراق والعصابات.

محسن جاسم/ عدنان عبد الحسن- محمد صلاح/ الشرق الأوسط

 

الزرقاوي يهدر دم جميع العراقيين

برر الزرقاوي دينياً الهجمات الانتحارية التي يصاب فيها مدنيون عراقيون باعتبار أن دفع (الضرر العام) مقدم على دفع (الضرر الخاص).

وقال الزرقاوي في تسجيل صوتي طويل (90 دقيقة) عبر شبكة الانترنت (لعلمي إن المجاهدين لا يقدمون على مثل هذه العمليات إلا وضوابط الشرع وأحكامه تحكمهم).

وأكد (مشروعية رمي الكفار بكل ما نملك من سلاح (..) وإذا ترتب على ذلك قتل المتمترس بينهم من المسلمين (..) فذلك جائز شرعا (..) إذا كانت المصلحة ضرورية أي لا يحصل قتل الكفار إلا بقتل المتمترس).

وانتقى الزرقاوي للتدليل على رأيه الكثير مما اعتبره أدلة شرعية وأقوال فقهاء ومراجع دينية، واعتبر في هذا السياق أن (حفظ الدين مقدم على حفظ النفس (..) وغيرها من الضروريات (..) في نظر الشرع) وذلك باعتبار أن (الفتنة أشد من القتل) وان (قتل المتمترس أقل مضرة من شيوع الكفر).

كما اعتبر أن القتلى من العراقيين المدنيين (شهداء) وقال انه (إذا قتل المتمترسون كانوا شهداء).

كما حمل الزرقاوي مجددا في التسجيل الصوتي على الشيعة الذين يصفهم بـ(الروافض) معتبراً إنهم يتعاونون مع قوات الاحتلال ضد السنة، وقال: (إن الروافض الحاقدين لأشد علينا من أعدائنا الصليبيين) مشيرا إلى (غدراتهم في أبناء هذه الأمة التي حفرت في جبين التاريخ).

السياسة الكويتية

 

القتلة

للقتلة ألقابٌ (معظَّمة) كثيرة، وجوازاتُ سَفَر (مقدَّسة)، ومطاراتٌ وموانئُ مشرَّعة لاستحضار الموت، يستوردون ويصدّرون منها (فتاوى) تهدر أحلامنا الممنوعة، وترجم شكّنا (المراوغ)... ويحيلونها سلاحاً منذوراً للقصاص من... دمنا.

للقتلة (جنة) و)نار) يرسلون إليهما قتلاهم في علب بريدية. (يسامحون) القتلى بـ (إرثهم) السماوي، و (يرحّلون) أجساداً متفحّمة إلى... فوق، ويبعثون مع كل (مسافر) جديد، بطاقة معايدة إلى من سبق وحجزوا لهم قبوراً في... السماء.

للقتلة هَوَسٌ برائحة لحمنا (النيء). يُمهلوننا ولا يُهملوننا. يُغِيرون علينا في وضح النهار، ويخلون إلى (آلهتهم) وشياطينهم في عتمة الليل.

للقتلة طقوسُ قتل سادية، يرقصون فيها على جماجم قتلاهم، ويُنشدون سِفْراً (حميماً) من تعويذة حروبهم (المقدّسة للقتلة ذاكرة ملّت (فجورنا) و (فسقنا) واختلافنا... فاستحققنا قصاصهم. لهم (ربّ) يغفر ويُثيب، ولنا (نار) نصطلي فيها، ونصير... وقودها.

للقتلة (أرضُ سَواد) شاسعة ينشرون فيها جثثَ قتلاهم؛ و (مدنُ ملح) كثيرة يُقدِّدون فيها لحمَ القتيل، ويأكلون فيها لحمَ القتيلة.

للقتلة (أولياء صالحون) كثر يشفعون لهم. لهم (ملائكة) يلاحقون أخبارَ قتلاهم إلى... القبور. ينبشون تاريخ القتيل ويحاكمونه، وينسون، وربما يتناسون، تاريخ القاتل المثقَل بالثأر والحقد... والدم.

للقتلة (رَبّ) قوي لا نجرؤ نحن عليه. يحرّضهم على قتلنا، ويَهبهم (حق) التصرُّف في أعمارنا، و)متعة) جَلد... أنفاسنا.

للقتلة (رَبّ) وهبهم (نعمة) القتل، و (نعمة) السُّكر ب...الدم، ووهبنا (لعنة) انتظار... الموت.

فؤاد زعيتر/ السفير اللبنانية

 

البحث عن جذور الإرهاب

من هم هؤلاء المقاتلين الانتحاريين؟ ولماذا يقتلون ويتعطشون للدماء؟ وهل هم من جماعات الهوس الديني؟ وهل هم إرهابيون غير محترفين، أم أنه جرى تجنيدهم وتسليحهم وتدريبهم وتمويلهم من قبل تنظيم إرهابي ما؟ وكم يروق للساسة والإعلاميين الغربيين أن يصوروا الإرهابيين وينعتوهم بأنهم ممن يتعرضون إلى عمليات غسيل المخ، ومن جماعات الهوس الديني، الطامحة إلى تدمير الحضارة الغربية وإقامة الخلافة الإسلامية على أنقاضها! غير أن صورة أخرى مغايرة تماماً، رسمتها لنا دراسة تفصيلية لأربعمائة من المتطرفين الإرهابيين، أعدها عنهم مارك سيجمان، الباحث في (المعهد الأميركي لأبحاث السياسات الخارجية) مفادها أن الإرهابيين يمثلون -في كثير من الأوجه والحالات- أفضل العناصر وأذكاها في مجتمعاتهم. فثلاثة أرباع الحالات التي درسها -400 شخصية- ينحدرون من أسر تنتمي إما للطبقات العليا أو المتوسطة. وتنتمي نسبة 90 في المئة من مجمل الحالات، إلى أسر محبة وتعتني بتربية أبنائها. إلى ذلك فقد التحق 63 في المئة منهم بالكليات والجامعات، ويعد ثلاثة أرباعهم من المهنيين أو شبه المهنيين، سواء كانوا مهندسين أم معماريين أم مهندسين مدنيين، وهم علميون في غالبيتهم. كما أشارت النسب التي توصل إليها بشأن أوضاعهم ومسؤولياتهم الاجتماعية، إلى أن نحو73 في المئة منهم من المتزوجين، وأن لغالبيتهم الساحقة أطفالاً يتولون أمر تربيتهم وتنشئتهم. إلى ذلك فإن الكثيرين منهم يتمتعون بمهارات جيدة في استخدام أجهزة الكمبيوتر، ويتحدثون عدة لغات أجنبية. أما الذين لم تكن لهم خلفية دينية سابقة قبل تحولهم إلى مجاهدين، فهم نسبة ضئيلة جداً بين هؤلاء.

باتريك سيل /الاتحاد /العدد (10977) 25/7/2005

 

الإرهاب يأتي من أقرب حلفائنا

لماذا تفرخ بريطانيا كل هذا العدد من الإرهابيين؟ إن المسلمين في بريطانيا ينتمون في أغلبهم إلى فئة الشباب، كما أنهم يعانون من سوء الاندماج داخل المجتمع البريطاني مما يجعلهم لقمة سائغة للتطرف. وتشير الأرقام في هذا الصدد أن المسلمين يشكلون أصغر الفئات العمرية بين باقي المجموعات الدينية الأخرى في بريطانيا حيث أن ثلثي المسلمين هم أقل من 16 سنة. بالإضافة إلى أن معدل البطالة بين المسلمين يصل إلى 10% وهو يفوق المعدل الوطني للبطالة في بريطانيا الذي لا يتعدى 5%. وترتفع نسبة البطالة تلك إلى 22% بين صفوف الرجال من المسلمين ما بين سن 16 و22 سنة. وبالنظر إلى تلك الأرقام ليس من الغريب أن تُظهر استطلاعات الرأي التي تجرى في أوساط المسلمين البريطانيين إحساساً متنامياً بالاستياء. ويتجلى ذلك الاستياء بشكل واضح عندما يكشف استطلاع للرأي قامت به صحيفة (الجارديان) السنة الماضية أن 8 من كل 10 مسلمين يعتقدون أن الحرب على الإرهاب إنما هي حرب على الإسلام. والأدهى من ذلك أن 10% من المسلمين البريطانيين مستعدون، حسب نفس التقرير، لتبرير أي عمليات أخرى قد تقوم بها منظمة القاعدة ضد الولايات المتحدة. هذا ولم تخلُ حتى الثقافة الشعبية من التعبير عن استياء المسلمين البريطانيين حيث ظهر السنة الماضية شريط مصور لأغنية تحت اسم (الكفار القذرون) جاء في كلماتها ما يلي (كنجم متلألئ جذبني بن لادن، كمنظر البرجين وهما يستويان أرضا).

وعلى صعيد متصل أظهر تقرير صدر عن الحكومة البريطانية في السنة الفائتة أن هناك ما بين 10 آلاف و15ألف مسلم بريطاني يساندون القاعدة أو تنظيمات مشابهة. وترتكز تلك التقديرات على المعلومات الاستخباراتية ونتائج استطلاعات الرأي، بالإضافة إلى تقرير يشير إلى أن 10 آلاف مسلم حضروا مؤتمر في 2003 نظمه حزب التحرير وهو تنظيم تعتبره وزارة الداخلية البريطانية (منظمة مهيكلة ومتطرفة). وتعتقد السلطات البريطانية أن ما بين 300 و600 من مواطنيها المسلمين تلقوا تدريبا في معسكرات طالبان بأفغانستان. ونظرا إلى كل تلك الأسباب التي تجعل من بريطانيا مرتعا خصبا للتطرف، وبسبب قوانين اللجوء السياسي المتساهلة نسبيا في بريطانيا ليس غريبا أن يطلق الناشطون العرب المقيمون في بريطانيا على لندن على سبيل التندر (لندنستان).

ومن المرجح أن يتنامى شعور المسلمين في أوروبا بالاستياء وتزداد النعرات الطائفية مع انكماش سكان أوروبا وتصاعد موجة الهجرة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا.

بيتر برجين

صحيفة نيويورك تايمز الامريكية

 

الجــهاد الطائفـــي

طوائف المسلمين لا تكاد تحصى عددا، بعضها كبير مشهور وحاضر بقوة في المشهد المعاصر كالشيعة والسنّة، وبعضها صغير متوارٍ كالمعتزلة، وبعضها مغمور مندثر كالكرّامية. صفحات التاريخ ملأى بالعنف الطائفي الذي تقطر سطوره دما ومذابح وأشلاءً، كان يقترف كله باسم الله وباسم الجهاد في سبيل الله وقمع المبتدعين وقتل المرتدين.

حسناً، ولكن ما الذي أثار أشجان الطائفية، وأجبر على تقليب صفحات التاريخ الراعفة بالدماء؟. قبل الإجابة على هذا السؤال دعونا نسير في مسارين متوازيين حتى نصل لإجابة السؤال. أولا: أعلنت الشرطة الباكستانية أن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب ثلاثة وعشرون بجروح يوم الاثنين الماضي30/5/2005،عندما حاول انتحاريّون دخول مسجد للشيعة في كراتشي جنوب باكستان، وهذا الانفجار يأتي بعد ثلاثة أيام فقط على عملية انتحارية استهدفت ضريحاً شيعياً في العاصمة الباكستانية إسلام أباد أوقعت تسعة عشر قتيلا وقرابة مئة جريح، وفي باكستان وحدها تذكر بعض الإحصائيات أنه منذ مطلع التسعينيات قتل أكثر من أربعة آلاف شيعي وسني في أعمال عنف طائفي، كان نصيب العام الفائت منها مئة وستون قتيلا!.

الجهاد الطائفي، وهو نموذج جديد وخطير في مسار تطوّر جماعات العنف الديني، وشعاره المرتد الطائفي أولى بالقتل من الكافر الأصلي، وهدفه آيديولوجي غيبي، ويمثل هذا النموذج تنظيم (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين)، وينظّر له قائد التنظيم أبو مصعب الزرقاوي وبعض ممن معه ومن هم على شاكلته، وعبّر عن نفسه باستهداف عدد من رموز الشيعة، ومساجدهم.

إن الذي يجب التنبُّه له أن هذه الجماعات العنفيّة قادرة على وضع المجتمعات الإسلامية على كفّ عفريت، وتملك من القدرات التدميرية والتحريضية والتنظيمية ما يكفي لإثارة فتنة الطائفية على نطاق واسع، وهو أمرٌ إن نجحت فيه فستكون عواقبه وخيمة على الأمة الإسلامية والعالم أجمع. وحين نلملم أطراف الأخبار والأحداث، نجد أن هذا الجهاد الطائفي ليس توجهاً لأبي مصعب الزرقاوي وحده وإنما ثمة توجّه منظّم لتنظيم (القاعدة) لإشعال الفتنة الطائفية في باكستان وليس في العراق فحسب.

عبدالله بن بجاد العتيبي

الاتحاد الاماراتية: العدد (10928) 6 /6/ 2005

 

كعكة الشيخ أسامة

يا لسذاجة الإنجليز وهم يتساءلون منبهرين: كيف يمكن لأربعة شباب ولدوا وعاشوا بيننا، ونالوا الجنسية البريطانية والتعليم وفرص الانتماء الى المجتمع، أن يعمدوا الى قتل 55 مواطناً وجرح 700 آخرين؟. فأمثال هؤلاء من الإرهابيين السعوديين يفجرون الأحياء السكنية دون أن يرف لهم جفن، ويتسللون الى العراق كل يوم، مع إخوتهم الخليجيين والأردنيين واليمنيين لقتل أكبر عدد ممكن من الأكراد السُنة والعرب الشيعة العراقيين، بل وحتى العرب السُنة إن وقفوا في طريقهم أو عارضوا خططهم علناً. ومثلهم مصريون أغرقوا بلادهم سنوات طويلة بالمتفجرات والدماء، بدم بارد وبمنتهى اللامبالاة، وسموا جرائمهم جهاداً وتقرباً للباري عز وجل. وانخرط أخوة لهم في الجزائر لسنوات مديدة، في ذبح القرويين أطفالاً ونساء، وبتكثيف حملات الإبادة وحفلات الذبح في ليالي رمضان بالذات مع أذان المغرب، حيث كانوا يثخنون قتلاً بالسكان المسلمين، باسم (الجهاد)، ويقتلون القرويين الذين لا علاقة لهم بما جرى للإسلاميين في مدن الجزائر والانتخابات! وكانوا يرمون الجثث في الآبار، ويصطحبون أي امرأة شابة الى الجبال، ضمن السبايا. والمحزن، أن معظم هؤلاء الموغلين في الدم والجريمة، ستغفر لهم الحكومة قريباً ما تقدم من ذنبهم وما تأخر، تماماً كما حدث في مناطق أخرى من دول العالمين العربي والإسلامي!

الجماعات الإرهابية المتاجرة بالجهاد والإسلام، والتي تعيث فساداً ودماراً بالمسلمين في أوروبا وأميركا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا لا تريدهم (سيوفاً وخيولاً)، لإرهاب أعداء الله، في بريطانيا وفرنسا وأميركا فحسب، بل تريدهم خلايا نائمة رهن إشارتها للتحرك ذات يوم لارتكاب المزيد من الجرائم المروعة، وهي لا تتردد في إرسالهم في عمليات إرهابية خارج بلدانهم. هكذا فوجئت مثلاً مريام شريف، الفرنسية التونسية الأصل، وشعرت (وكأن كوكباً من السماء قد سقط على رأسها)، عندما بلغها نبأ اعتقال ابنها من قبل القوات الأميركية في العراق في فبراير 2005 الماضي، الشاب الفرنسي بيتر شريف.

(كنتُ في عنبر في أحد السجون)، يقول الداعية السعودي محمد بن دليم، الذي شارك المتطرفين السجن، وخرج أكثر قناعة بنبذ التطرف، مضيفاً: (وكان الشبان المقدِّسون لأسامة بن لادن يصنعون كعكة كبيرة ويكتبون عليها اسمه، فمن أكل منها فهو مرضي عنه، ومن رفض أن يأكل منها فهو عميل للدولة، وولي للكفار، والمنافقين). ومن هذا السجن في المملكة العربية السعودية الى قاعة إحدى المحاكم في عمّان بالأردن، حيث جرت محاكمة (كتائب التوحيد)، التي كانت قد هددت بتفجير دائرة المخابرات الأردنية العامة. وقد هدد المتهم أحمد سمير هيئة المحكمة والمدعي العام خلال إفادته بالقتل، وقال: انتظروا الرد من اخوتنا، إن دماءكم أطيب الدماء... فانتظرونا!

أما المتهم السوري أنس سمير، الذي يحاكم كذلك في القضية، فقال إنه جاء الى الأردن لمقاتلة الحكام فيه، (لأنهم ارتكبوا أموراً أخرجتهم عن دين الإسلام، ومن هذه الأمور التشريع من دون الله، والزنى عندهم مباح بالأماكن الخاصة، إضافة الى تحليل الربا).

وعندما سأله المدعي العام أن جنسيته سورية فلماذا يريد القتال في الأردن، قال: (مع أنني سوري إلا أنه لا توجد حدود بين جميع الدول، والجهاد في كل أرض ال). وصرخ: (أنا سهم من سهام الله يرميني حيث شاء، وعلى استعداد أن أقاتل الأردن في سبيله وغير الأردن، فأنتم تحرسون الأميركان وإسرائيل ومن يضربكم يضربهم). لقد صارت الجماعات الإرهابية الجديدة (معولمة) فعلاً، تلغي الحدود بين كل دول العالم، ولا ترى حدوداً بين الأردن وروسيا وألمانيا والأرجنتين وتايوان. لقد جعلتنا (غزوتا) تنظيم القاعدة في نيويورك ولندن نفكر من جديد: هل الإرهاب صناعة اجتماعية أم ثقافية؟ وهل صحيح أن الحرمان والاضطهاد والاستبداد من مستلزمات صناعته؟

خليل علي حيدر

Wajhat.com-وجهات نظر

العمليات الانتحارية: أكبر أزمة فكرية وأخلاقية تواجه الإسلام

لقد حان الوقت أن نتخذ موقفاً حاسماً صريحاً ينبثق عن أعلى مؤسسات الفتوى ومجامع الفقه الإسلامي يحرم بصريح العبارة وبدون تبعيض واستثناء (العمليات الانتحارية) كافة. ليس لأن الغرب يريد ذلك منا، أو لأن الحكومات العربية اكتوت من نار هذه العمليات، وإنما لأنها مخالفة مع نص وروح الإسلام.

سنرتكب خطأً لو سعدنا بالموضوعيين، وشتمنا المتحاملين، وهللنا وكبرنا للإنجليز الناقدين لحكومتهم الذين يصرخون الآن في وجهها: أنتم السبب بغزوكم للعراق وانسياقكم وراء الأميركيين. فنترجم مقالاتهم ونبرز تصريحاتهم، ثم نطمئن بعدها، فالمشكلة عندكم وليست عندنا. الأفضل أن نترك الإنجليز والغرب كله يحزمون أمرهم، ويقلبون في مصابهم، ويعالجون قضاياهم، ويتحاورون مع جالياتهم المسلمة، ويقيمون سياساتهم الخارجية، بينما نلتفت نحن لهمنا. فالمشكلة مشكلتنا، والأزمة في بيتنا، حتى لو انفجرت بعيدا تحت الأرض في قاطرات لندن.

كم يكون حكيما لو يعود كل من أجاز العمليات الانتحارية إلى الموقف الأصولي الشرعي المحرم لها، حتى لو كان عالما جليلاً بقدر الشيخ يوسف القرضاوي، أو حركة مناضلة صادقة كحركة حماس. لقد كان اللجوء إلى هذه العمليات خطأ أخلاقيا كبيرا والعودة عن الخطأ فضيلة. إن إسلامنا يواجه أخطر أزمة أخلاقية من جراء هذه العمليات المحرمة، بعدما نجحت القاعدة والتيار التكفيري في هدم هذا المحرم العظيم، أولاً بإلغاء مرجعية كبار العلماء وبخلخلة موقفهم مستخدمين ضغط الشارع الغاضب، ثم بإلغاء المرجعية السياسية لأولياء الأمر بتكفيرهم أو تفسيقهم ما أدى إلى فوضى شملت حتى التكفيريين والجهاديين أنفسهم. ذلك أن ما من كبير بينهم ولا يقدرون كبيراً من خارج دائرتهم، ومن ثم أخذت زمام المبادرة وسط الشباب الغاضب وتبوأت منصب الفتوى فيهم، وتقاسمت المسؤولية في نشر فكرها و(فقهها) بين المقاتلين الصريحين في التكفير، والمتطرفين فكريا المتلونين من غير حاملي السلاح، وبالتالي يجب أن يبدأ علاج هذه الفتنة بالعودة إلى الشرع، وقول الله والرسول.

جمال خاشقجي

الوطن السعودية: 19-07- 2005