الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا

ردك على هذا الموضوع

(مسرح)

 حــوار مع

 عملاق المسرح الأمريكي الحديث آرثر ميلر:

إن العالم يجلس على كرسي بقائمة واحدة

 ترجمة وتقديم: د.محسن الرملي

النبأ - مــدريــد

توفي مؤخراً الكاتب المسرحي الأميركي والعالمي الكبير ارثر ميلر بتاريخ 11/2/2005 عن 89 عاما في مزرعته في كونكتيكت محاطا بعائلته وأولاده بعد معاناة طالت مع مرض السرطان والتهاب الرئة ومشكلات في القلب، حيث تدهورت حالته الصحية بشدة على مدى أيام وكان أقرباؤه يتناوبون على زيارته؛ ابنته ريبيكا زوجة الممثل دانيال داي لويس وأحفاده وصديقته التي تصغره 55 عاما الرسامة اغنيس بارلي. ووصفت شقيقته جون كوبلاند أيامه الأخيرة بالقول: (كان جميع أولاده وعدد من أحفاده حاضرين.

ولست أدري إلى أي حد كان يعي وجودهم. لقد تم تشخيص السرطان قبل بضعة اشهر. كان الأمر أليما للغاية ولكن على الدوم كان ثمة من يزوره خلال الوقت الذي أمضاه هنا وقد أفادته هذه الزيارات على الرغم من قصرها. كان يدرك كل شيء ويستمع إلى الموسيقى، وكان لدينا مدعوون إلى العشاء في كل ليلة تقريبا. لم يفقد وعيه طوال الوقت الذي مكث فيه هنا، كان ذهنه صافيا جداً، ويجد بعض الصعوبة في النطق لكنه كان قادراً على التواصل بيديه وبإشارات من رأسه. اضطر في الأسبوعين الأخيرين إلى ملازمة السرير لتفاقم المرض بحيث أنه في بعض الأحيان لم يكن يرغب في رؤية أحد. كان رجلا شجاعا، وظل شجاعا طوال حياته.. وحتى النهاية ظل يأمل بأن يبقى قادرا على مكافحة (المرض) لبعض الوقت، لكن هذا غير ممكن على الدوام بالطبع)، وأوضحت بأن ميلر خرج من مركز (ميموريال سلون كيترينغ) لمعالجة السرطان في نيويورك قبل بضعة أسابيع، من وفاته، لينتقل إلى شقتها، غير انه نقل، بعدها، بناء على طلبه إلى مزرعته التي تعود إلى القرن الثامن عشر في روكسبوري بولاية كونكتيكت (شمال شرق) التي اشتراها عام 1958 إبان زواجه من الممثلة الراحلة مارلين مونرو. وقالت: (أراد العودة إلى منزله. أعتقد انه عاد إلى هناك من أجل أن يموت).

نبذة عن حياته وأعماله

يعتبر آرثر ميلر من عمالقة المسرح الأميركي المعاصر، زوجا للممثلة مارلين مونرو. كان ميلر من الذين تعرضوا للملاحقات أيام الماكارثية في أميركا الخمسينات وكان من كبار المدافعين عن الحرية منددا بكل أشكال القمع وداعيا في الوقت نفسه إلى مسرح في متناول الجمهور الكبير. ولد في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1915 في نيويورك وكان والده خياطا افتقر في فترة الكساد التي ضربت الولايات المتحدة. درس آرثر ميلر في جامعة ميشيغان حيث بدأ بكتابة مسرحياته وعمل في بادئ الأمر في مصنع غير انه سرعان ما تمكن من كسب معيشته من كتاباته وخصوصا كتابة سيناريوهات للإذاعة. وكان أول عمل له عرض على مسرح في برودواي (الرجل الذي كان ينعم بكل الحظ) عام 1944. وبعدها فازت مسرحيته (كلهم أبنائي) بجائزة (دراما كريتيكس سيركل). وفي 1949 منح جائزتي بوليتزر و(دراما كريتيكس اوارد) عن أشهر أعماله (موت بائع متجول). اتهم بأنه شيوعي أيام الماكارثية في أميركا الخمسينات فرد على ذلك بكتابة مسرحية (المحنة) 1953 التي عرفت، هي الأخرى، شهرة واسعة. وكان ميلر يقول دوما: (إن فن الكتابة المسرحية يكمن بشكل جوهري في طبيعة التعامل مع الزمن، يجب أن يكون كل شيء مركزا).

تزوج آرثر ميلر عام 1956 من الممثلة مارلين مونرو وبعد انفصاله عن مارلين مونرو، تزوج ميلر عام 1962 المصورة النمساوية اينغبورغ موراث التي توفيت عام 2002 في نيويورك. له ولدان من زوجته الأولى ماري غريس سلاتيري التي تزوجها عام 1940 وولدان من اينغبورغ موراث.

تميز بكتاباته المسرحية التي تحمل دائماً طروحاتها الحادة في تناولها لإشكاليات الإنسان المعاصر وبشكل خاص الإنسان الأمريكي. وعُرف ميلر بذلك إثر مسرحيته (كلهم أبنائي) 1947 ولكن النجاح الكبير والذي حمل اسمه إلى العالمية ومن ثم تصنيفه كأحد أهم كتاب المسرح في القرن العشرين، هي مسرحيته (موت بائع متجول) 1949. التي تحمل في طياتها نظرة ناقدة للحلم الأمريكي وتتناول نقاط التصادم في طبيعة العلاقة بين ما هو اجتماعي وما هو فردي نفسي، فكان بطله ويلي لوماس الجوال الأمريكي البسيط الذي مثل جوهر المأساة ورمز للملايين من الأمريكيين الذين (يعبدون آلهة العصر..الملقبة بالنجاح). إن ميلر غالباً ما يركز على شخصيات تعتبر مهمشة وضائعة وفاشلة في المجتمع الأمريكي، وهذا ما يكاد يكون مشتركاً في أغلب أعماله التي نذكر من بينها: ساحرات 1953/ بانوراما من جهة الجسر 1955/ حيوات متمردة 1960/المختلون 1961 (التي اقتبس عنها المخرج جون هيوستن فيلما من بطولة مارلين مونرو) / بعد السقوط 1964/ الثمن 1968/ إبداع العالم وتجارات أخرى 1980/ دورات حول الزمن 1987..

قبل فترة التقت صحيفة البايس الإسبانية بالكاتب آرثر ميلر في مدينة ولادته وإقامته الدائمة نيويورك. صعد الصحفيان لوترياك وميتشايلسن إلى الطابق السابع في عمارة وسط المدينة حيث شقة ميلر الصغيرة التي يمضي فيها الكثير من وقته خلف منضدته المغطاة بالكتب والأوراق، جالساً على كرسي خشبي صنعه بنفسه، وهو يذوي مثل شمعة خافتة مقترباً من التسعين من عمره، ولكنه مازال كعادته ينتقد الحال المقلق للمجتمع الأمريكي ولم يهادن أبداً.. ولديه الكثير مما يفعله وخاصة حضور افتتاحيات أعماله في أماكن عديدة حيث كانت تعرض مسرحيته (المستر بيتر) التي تعد من أهم نصوصه الأخيرة وبمناسبتها تم هذا الحوار:

* حضرتك من أهم كتاب المسرح في القرن العشرين، فهل تذهب كثيراً إلى المسرح؟

** على الأغلب ثلاث أو أربع مرات في السنة… منذ أيام قليلة قد وجه لي دعوة للغداء مدير تحرير صحيفة النيويورك تايمز، وهناك بدأ السادة يتحدثون عن حيوية ونشاط وإبداع مدينة برودواي، ربما قد فكروا بأنني لا أسمع جيداً، فمسرحيتي (الثمن) المكتوبة منذ 32 سنة لم يتم عرضها في برودواي إلا الآن؟ وهي المسرحية الوحيدة الحوارية فعلاً، أما بقية ما يتم عرضه هناك فهو تلك الأعمال الاستعراضية الغنائية الساذجة، إنها مأساة فعلاً، فهذه المدينة مأهولة من قبل 12 مليون نسمة، وهي نادراً ما تقدم فيها عروض مسرحية.. نحن بلد يفتقر للثقافة المسرحية.

* إن نصوصك تعرض في لندن أكثر مما تعرض في مدينتك نيويورك. فلماذا ومنذ أعوام تتجاهلك الصحافة هنا؟

** في هذه المدينة، ثمة رجل واحد يحكم بالموت أو بالحياة على عمل مسرحي. فعندما يخرج ناقد الصحيفة.. (المقتدرة..!) النيويورك تايمز من عرض الافتتاح وإبهامه إلى الأسفل، فأية محاولة جديدة لإنتاج هذا العمل سوف تبوء بالفشل وتموت في وقت قليل. أحياناً أفكر بأن هذا الاحتكار للثقافة من قبل هذه الصحيفة يفوق ذلك الاحتكار الذي مارسته موسكو سابقاً.

* لو أنك كتبت اليوم مسرحيتك الكلاسيكية (موت بائع متجول) ، فهل ستجد مسرحاً يقدم هذه التراجيديا الاجتماعية؟

** لا.. على الأقل في برودواي، فلتقديمها على المسرح هناك ستصل التكلفة إلى مليونيّ دولار، وفي أيامنا هذه لا يوجد منتج يخاطر بذلك. عندما تم تقديمها عن النص الأصلي لأول مرة سنة 1949 كان علينا أن ندبر 38000 دولار، وفي ذلك الوقت كان من المستطاع طلب المساعدة من الأصدقاء الأغنياء وسؤالهم فيما لو أرادوا المساهمة بـ 5000 دولار. أما أن يتعلق الأمر بمليونيّ دولار فانس ذلك. لقد مضى الزمن الذي كانت فيه برودواي تقدم الأفكار والأشكال الجديدة، فهي اليوم لا تفعل أكثر من أن تملأ المسارح بتلك الزبالة من اللهو. وهكذا فكاتب مسرحي جاد وناقد للمجتمع ليس أمامه إلا أن ينتظر نجمة هوليودية تشارك في عمله كي يتمكن من الحصول بفضل اسمها على منتج للعمل.

* ما الذي يجعل من برودواي تكون غالية ومكلفة إلى هذا الحد؟

** إنه لأمر يبدو صعب التصديق، ولكن حسب تجربتي، ففي المسارح غير المتخصصة بالأعمال التجارية يكون العمل أفضل وأسرع. وبالاعتماد على النقابات، حيث أن هناك ثلاثة أشخاص يتقاضون راتباً لكل عمل. والمشكلة الأخرى هي أن متوسط سعر بطاقة الدخولية هناك يصل إلى 75 دولار، وهذه الأسعار ليست رخيصة الأمر الذي يجعل السياح والأغنياء فقط هم الذين يذهبون إلى المسرح، بينما حين كتبت أعمالي الأولى كان يتواجد في الصالة أيضاً الشرطة ورجال الإطفاء وغيرهم. الآن ولا حتى المعلمين يستطيعون الدخول. بالنسبة لنا لم يعد المسرح الآن مساحة للتنوع الفني الديمقراطي.. ولا أعرف أحداً لديه مقترح لحل هذه المشكلة والخروج من هذه الحالة التي نحن فيها.

* في أوربا تتلقى المسارح دعماً مالياً من الحكومات، كيف ترى لو أن شيئا كهذا يكون في الولايات المتحدة؟

** أأنت تمزح؟..إن الدعم في هذا البلد يعتبر شيئاً كالاشتراكية تماماً.. وأهم وأعلى مبدأ هنا يقول: فقط له حق أن يوجد ذلك الذي يستـثـمر. وإذا كان هناك شئ لا ينتج مالاً فهذا يعني حتى أن الجمهور لا يريد أن يذهب لـيراه.

* في الولايات المتحدة يتم تبني الأوبرا، الباليه والموسيقى الكلاسيكية، فلماذا المسرح لا؟

** منذ خمسين عاماً تلقيت من السياسيين الإجابة الغبية ذاتها على هذا السؤال والتي مازالوا يقولونها: (لقد قال لنا المنتجون بأنهم قد ربحوا الملايين من عمل مسرحي. فلماذا علينا إذاً أن نتبنى المسرح؟). وعندما أجبتهم أنا بأن هذه الأعمال ليست هي من نوع الأعمال المسرحية التي أكتبها أنا. سمعت منهم ما يلي: (إذاً فعليك أن تبدأ بالكتابة حالاً ذلك النوع من الأعمال دون أن تضيع دقيقة واحدة).

* في عملك الجديد (المستر بيتر) الشخصية الرئيسية هي رجل كبير في السن يشعر بالإحباط لأنه لم يعد يفهم بلده. هل في ذلك صورة شخصية للمؤلف؟

** المستر بيتر يشعر كمن عليه أن يتحسس نبض قاربه الصغير بمضربيّ تنس، وأحياناً لا يستطيع التخلص من هذا الإحساس. إن ظروف المستر بيتر معروفة لدي. ولحد الآن لم أستطع أن أكتب سطراً واحداً حول أية شخصية دون أن أشاركها أحاسيسها.

* النقد الأمريكي صنف عملك بأنه: (كئيب ومتشائم.. عمل شيخوخة؟)

** متشائم يدخل هزائمه الخاصة في رؤيته للعالم. المستر بيتر بلا شك يثور ضد كون حياته مجرد لا شئ.. مهزلة لا معنى لها. وبينما يبحث عن الحقيقة والخلاصة يستمر وجود شيء من الأمل بالنسبة له... أثناء كتابتي لأعمالي كنت أصر دائماً على أنه وفي التراجيديات لابد أن تتواجد إمكانية انتصار ما.

* المستر بيتر يعتقد بأنه محاط بالحسد، والسطحية وسقوط أخلاقي. فما الذي ينتظره؟

** غالبية الأمريكان يتعايشون مع الإحساس بأنه لا شيء يسير على ما يرام في حياتهم. وعلى الرغم من ذلك فهم يستيقظون في كل صباح وهم على يقين بأنهم سيحققون مبتغاهم هذا اليوم بشكل أو بآخر، إن واحداً من المبادئ الأخلاقية في هذا البلد هي التشبث بأية ومضة أمل مهما تكن صغيرة، في أوربا أعرف بأنه ثمة ما هو أكثر يأساً وتشكياً، يشعر المرء بأنه داخل كاتدرائية قديمة ويعتقد بأن التاريخ قد مضى. الأمريكي على العكس من ذلك، فهو يعتقد بأن كل شيء يمكن تغييره، أي مثلاً: لا يعجبك هذا البيت؟ حسناً. هدمه وابنِ بيتاً جديداً غيره.

* إن الناس في الولايات المتحدة أكثر غنى من أي وقت آخر، ومع ذلك فإن (بائعك المتجول) مازال يحقق نجاحاً؟

** لأن الناس لديها خوف من أن تمر البورصة مرة أخرى بانهيار.. يشعرون بأن الأرض تهتز تحت أقدامهم. وأن مصير البائع المتجول لوماس أيضاً يمكن أن يكون مصير أي واحد منهم. انظر إلى حمى التحالفات والتكتلات الاقتصادية التي تجتاح هذا البلد كالطاعون. فيما مضى كان صاحب العمل يشعر بمسؤولية حقيقية تجاه عماله، أما الآن فبالعكس، إن مدراء الشركات الكبرى ولا حتى أنهم قد التقوا بعمالهم لمرة واحدة وجهاً لوجه، وعليه فإنهم لسبب ما يتعلق بزيادة الربح هم على استعداد بأن يطردوا ربع العمال دون أن يشعروا بأي أسف على مصير العمال، فبالنسبة لهم أن المال هو كل شيء.

* بلا شك أن اقتصاد الولايات المتحدة قد أصبح نموذجاً للاقتداء بالنسبة لدول العالم؟

** بعد موت الاشتراكية بقيت الرأسمالية الأمريكية وكأنها الوحيدة للاقتناع والاقتداء. ولكن: ما الذي سيحدث مع نظام لم يعد يمتلك خصوماً ومعارضين؟. لابد أنه سيسمن بشكل رهيب ويبدأ بارتكاب أخطاء فادحة لأنه لاوجود لأي منافس له. فحتى أعوام الثمانينات كان العالم جالساً على كرسي بثلاث قوائم هي: أمريكا، روسيا والصين. أما الآن فإن العالم يجد نفسه جالساً على كرسي بقائمة واحدة هي أمريكا. فإلى متى يستطيع أحد أن يبقى جالساً على كرسي بقائمة واحدة؟.

* بالمناسبة.. صحيح أن والدك قد فقد ثروته الطائلة في انهيار البورصة سنة 1929، حين كان عمر حضرتك 14 سنة؟

** كان أبي بالكاد يعرف بعض المعلومات الأكاديمية، فقد هاجر قبل الحرب العالمية الأولى من بولونيا إلى أمريكا. وصار لبضعة أعوام مالكاً لمصنع ملابس نسائية وكان المصنع يعمل بشكل ممتاز جداً، وفي عام 1927 وظف أبي رأسماله في البورصة فكان يربح أضعاف ما يمكن أن يربحه في صنع المعاطف وهكذا حتى خسر كل أمواله في انهيار البورصة سنة 1929، ولكنه على الأقل قد بقي محتفظاً بالمصنع وإن أصبح من الصعب عليه دفع أجور العمال.. إن الأشخاص لا يتغيرون كثيراً، دائماً الحكاية نفسها.. وأنا أتفهم ذلك أيضاً، الإغراء في أن تكون ثروة دون أن تضطر للعمل، إنه لشيء مغري.. بل مغري جداً.

* وهل غضبت على والدتك عندما بقيت بلا مربية وبلا سائق خاص؟

** لا.. فالخراب الكامل الذي حل بعالمنا العائلي في تلك المرحلة قد علمني بأنه لا شيء يبقى مستقراً في هذا العالم، وإن عدم الأمان هو المبدأ الوحيد الصالح، وأدرك الآن بأنه لولا خسارة أبي تلك ما كان لي أن أكون أبداً كاتباً مسرحياً. إن مصيره حاضر في كل عمل من أعمالي.

* في مسرحيتك الأخيرة (المستر بيتر..) ثمة غضب ونقد شديدين للكثير من الأخلاقيات الاجتماعية الحالية ومن ذلك إشارة إلى الانتخابات الرئاسية، فهل مازلت حضرتك وقد بلغت الـ84 من عمرك ثائراً أخلاقياً كما في السابق؟

** لا أشعر بأنني بريء بما فيه الكفاية إلى درجة إعفاء نفسي من شتم الآخرين، وعلى أية حال إن المرء كلما كبر في السن يضحك مع نفسه ساخراً من كل شيء، ولا علاقة للحملات الانتخابية بذلك، ولكن فيما يتعلق بالمرشحين فهي تجارة أيضاً، ولا يوجد أي مرشح يناقش أو يطرح المشاكل الحقيقية والتي لها علاقة فعلية بواقع معاناة الناس، لاحظ هذه المناظر الهستيرية حول الإجهاض، بحيث أن من يستمع إلى سياسيينا وهم يتحدثون عنه سيعتقد بأن المشكلة الجوهرية للمواطن الأمريكي البسيط هي الإجهاض.. اللعنة.. ألا يريد هؤلاء النماذج من السياسيين إلا المتاجرة بنا..؟. لماذا وصل الحال إلى وجود الآلاف من أطفال أمريكا بأن يعيشوا تحت مستوى الفقر؟. ألا يوقظ هذا في الساسة الضمير النائم؟.. إن المراقبين لم يكفوا عن التأسف والشكوى من أن هذا البلد يحتاج إلى استعادة وإنقاذ قيمه الأخلاقية.. ولكن السخرية تكمن أيضاً في أن هؤلاء المراقبين أنفسهم يشغلون حيزهم في هذه المنظومة التي تدمر قيمنا يوماً بعد يوم.

*د.محسن الرملي: كاتب ومترجم وأكاديمي عراقي يقيم في إسبانيا