النبأ

إعداد: حيدر عادل

 

مدخـــل..

إن الحقوق والواجبات حقيقتان اجتماعيتان لهما جذورهما الراسخة في حياة كل إنسان منذ العهود الغابرة وحتى هذا اليوم، حيث أصبحت حقوق الإنسان هي شعار القرن الحادي والعشرين، الشعار والطريق الأمثل لتقدم البشرية، ورمز تطلعاتها لتحقيق المستقبل الزاهر.

فلو توغّلنا في الحق وتعاريفه، لوجدنا أنفسنا أمام نظريات وآراء متنوعة، تطرح سؤالاً واحداً: هل إن كلمة الحق مجرد اصطلاح ظهر نتيجة العادات والممارسات، أم هو شعور داخلي - نفسي ينبع من الكينونة، ومن واقع الحياة التي تستكمل به شروط استمرارها؟ أم هو هبة من عالم ما وراء الطبيعة؟!.

إن العقل يتشعّب في فهم مدلول هذه الكلمة رغم كثرة تداولها.

تعتبر كلمة الحق من كلمات التذكير؛ مثل العدل والصواب والخطأ، وتشير كلمة الحق في معناها العام إلى جملة من المعايير التي تهدف إلى تنظيم العلاقات البشرية، وتأمين المصالح الإنسانية. وقد اختلف العلماء عند محاولتهم وضع تعريف شامل للحق؛ فقال البعض منهم بأنه سلطة إرادية تثبت للشخص وتخوله أن يجري عملاً معيناً.. وتوالت التعاريف المختلفة لهذا اللفظ مما جعلهم يؤكدون أن تعريفه بصورة شاملة ينطبق على مفاهيمه في كل زمان ومكان(2).

وهكذا يمكن القول بأن الحق يرتبط بالمجموعات البشرية ومفاهيمها ويتطور بتطورها، ويظل دائماً أمراً اجتماعياً محدداً بجملة من المعايير والقوانين، وهو بذلك ليس مقولة إنسانية مجردة، وإنما هو تعبير تاريخي وضرورة ملحة لتنظيم علاقات المجتمع.

إنّ مبدأ القهر ومبدأ حرية الإنسان لا يلتقيان أبداً، ومن أجل ذلك تم تشريع قوانين حقوق الإنسان التي كانت أمراً لابدّ منه، لأن تلك القوانين - وبالخصوص القانون الدولي - تسعى لكبح جماح القوة وغطرستها ومنع استفحال سيطرتها وهيمنتها بدون حق، فكانت تلك التشريعات درعاً واقياً وحصناً يحمي حقوق الأفراد التي طالما نراها تنتهك في كثير من أرجاء العالم، تحت تأثير التفسيرات المختلفة لهذه الحقوق، بحسب نظرة الدول لها وحسب مصالحها وأطماعها الخاصة، والتي تجعلها في حالة استعداد دائم لوأد الحرية الإنسانية وحقوقها في سبيل تحقيق تلك الأطماع، ومع ذلك لابد من الإشارة إلى أن الحرية بمفهومها الصحيح لا تعني الاعتداء على حريات الآخرين، كما أنها ليست سبيلاً من سبل الفوضى والعبث، وإنما هي الطريق القويم لتحقيق ذات الإنسان وشعوره بماهيته دون التجاوز على الآخرين.

قال (تشاركس برادلو) (3): (بدون حرية القول يتوقف ركب الحضارة ولن تستطيع الأمم أن تمضي في طريقها إلى الحياة الفاضلة التي يدخرها المستقبل للإنسان، ولخير لي ألف مرة أن أشتم بسبب حرية القول من أن أحرم منها، فالبذاءة تحدث يوماً ما، ولكن الحرمان من الحرية يذبح حياة الناس ويقبر آمال الجنس البشري)..

إن حرية القول التي تعتبر أعمق وأوضح صور الحرية تشكل سلاحاً رادعاً لجميع أنواع التسلط بحيث أن الكلمة على صغرها قد تكون سبباً في ازدهار الأمة وتحقيقاً لحريتها المنشودة.

وتأسيساً على ذلك فإن المجتمع المتميز يقتضي تبادل الثقة يبن أفراده، عن طريق توفير حرية القول والرأي؛ لأن آراء الشعب جزئية وليست شاملة مطلقة؛ لذلك وجب أن يتمتع كل شخص بحرية التعبير عن وجهة نظره لتتكامل هذه الآراء، كما يقول غاندي: (ينبغي أن يكون الناس أحراراً في البحث عن الحقيقة، وعندئذٍ تجعل الحقيقة الناس أحراراً) (4).

ففي هذه الكرة الأرضية التي أضحت كقرية صغيرة تتشابك فيها حياة الشعوب، وجب على الإنسانية مكافحة صنوف العناء والاضطهاد وفقدان الحريات، بتطبيق حقوق الإنسان، التي حرصت كل أمة، بل وكل دولة أن توجه أنامل الفخر إليها في هذا المضمار، حيث زعمت المملكة المتحدة أن الإنكليز سبقوا شعوب الأرض في مجال الحقوق، بينما زعم الفرنسيون أن هذا التطور ما هو إلاّ نتاج ثورتهم التي رفعت شعار (الحرية والإخاء والمساواة).

وعلى الرغم من اهتمام المعنيين بمسألة حقوق الإنسان، فإننا قلما نجدها واقعاً في حيز التطبيق، وبخاصة في العالم الثالث. بينما الإسلام - دين الرحمة لكل العالم - قد قرر تلك المبادئ في أكمل صورة وأوسع نطاق وقدمها للإنسانية منذ أربعة عشر قرناً، فسبق بها سبقاً لا مثيل له. وكانت خلاصة تلك المبادئ السامية (رسالة الحقوق) للإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)، تلك الرسالة التي تهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض، أفراداً وجماعات، حكومات وشعوباً، دولاً وأجناساً، وحسبها عظمة وسمواً أن غارس بذرتها نبعة شجرة النبوة، وأصل معدن الحكمة الإمام زين العابدين(ع).

وهكذا فإن البحث في موقف الدين الإسلامي العظيم من حقوق الإنسان ومدى اهتمامه بها لا يمكن تحديده في فترة معينة من التاريخ، ولا استخلاصه من نصوص مجتزأة عن سياقها، ورسالة الحقوق للإمام السجاد(ع) ما هي إلاّ دليل واضح على أن الإسلام ليس ديناً أو معتقداً فقط، وإنما هو دين ودولة ونظام اجتماعي لابد أن يسود بمفاهيمه وأفكاره المتميزة، ومن أجل ذلك نوضح تلك البنود الهامة من رسالة الحقوق:

(1)

حــــق النفــــس

إن النفس البشرية من أكرم الكائنات والمخلوقات عند الخالق، وكان من نتيجة هذا التفضيل أن ألقيت على عاتق الإنسان مسؤولية حمل الأمانة الإلهية، في الوقت الذي خلقت كل الأشياء لأجله وسخرت لخدمته، فكان حق النفس على الإنسان أن يستخدمها في مرضاة الخالق جل وعلا؛ قال الإمام زين العابدين(ع): (وأما حق نفسك عليك فأن تستوفيها في طاعة الله، فتؤدي إلى لسانك حقه، وإلى سمعك حقه، وإلى بصرك حقه، وإلى يدك حقها، وإلى رجلك حقها، وإلى بطنك حقه).

إن حق النفس في الإسلام يتضمن مجموعة من الحقوق على الإنسان الواعي تأديتها كما يجب، وأن يضع كلاً منها في موضعه، ويتطلب هذا من الإنسان أن ينكب أولاً على معرفة النفس، والبحث عن حقيقتها، لأن هذه المعرفة تقود إلى معرفة الخالق المبدع على حد قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (من عرف نفسه فقد عرف ربه) (5)، وقال (لافونتين) أيضاً في هذا الصدد: (إن أول أمر يجب على الإنسان أن يتعلمه هو معرفته نفسه). وقد صنع سقراط حسناً إذ بنى فلسفته على الحكمة الذهبية القائلة: (اعرف نفسك) (6) معتبراً إياها وحياً سماوياً.

حرية العبادة

إن حرية العبادة هي إحدى الحريات الأساسية ذات القيمة الدستورية، وغالباً ما تنص عليها دساتير الدول التي تؤكد على إعلانات حقوق الإنسان، وتشكل حرية العبادة اليوم أحد وجوه الحرية الدينية وحرية الضمير، فهاتان الحريتان غير قابلتين للفصل بينهما، فالاعتناق لمذهب والممارسات الدينية - الصلاة مثلاً - لا يمكن الفصل بينهما عند الانتماء إلى جماعة والميل إلى ممارسة جماعية، باعتبار أن العبادة تشكل إحدى عناصرها(7).

إن هذه الحماية ليس معناها فرض هذه الأديان على الناس وحملهم على اعتناقها، أو البقاء فيها، حيث أن حماية الدولة للأديان لا تتعارض مع حرية الاعتقاد.

وفي القرآن العظيم آيات كثيرة تؤكد هذا المبدأ، قبل قرون عديدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومنها قول الخالق عز وجل: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) (8)، وقوله أيضاً:(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)(9)، إذ إن حماية الدولة لدين ما لا يعني بحال فرض هذا الدين على جميع فئات الشعب، وجعل السيادة له بغير شريك، وفي هذا المعنى يقول (بورتاليس) أحد واضعي القانون المدني الفرنسي، ووزير الأديان في عهد الإمبراطورية: (لا سبيل لإصلاح الأديان عن طريق التشريع، وليس للدولة أن تتدخل في شؤون العقائد ما لم تترتب عليها نتائج ضارة بها، إنما المهم أن تبقى الأخلاق مرعية متبعة، لأنه إذا انقطعت صلة الناس بعقيدتهم الدينية، وهي قوام ضمائرهم وذممهم، ذهبت أخلاقهم، وليس مما يلزم لبقاء الأخلاق والنظام العام أن يكون للناس جميعاً دين واحد. إنما يلزم أن يتمسك كل بدينه، ومتى سلمنا بأن كل العقائد المسموح بها تتضمن مبادئ نافعة لمجتمع، كان من مصلحة المجتمع أن يلقى كل دين حقه من الاحترام) (10).

(2)

حــــق المــــرأة

المرأة نصف المجتمع، والمؤثر القوي على أفراده، وبصلاحها تصلح الأسرة؛ لذلك توالت وصايا الرسول (ص) وأهل بيته(ع) للاهتمام بها في جميع الظروف. حيث قال الإمام زين العابدين (ع): (وحق الزوجة عليك أن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً وتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها).

يتناول هذا الحق جانباً أساسياً في ميدان التكافل في الحياة الاجتماعية الشرعية بين الرجل والمرأة، حيث يعرض الإمام الحقوق الشرعية والأدبية والمادية للزوجة، مرة بالتشريع، ومرة بالتوجيه الوجداني المؤثر، فنلاحظ في ألفاظ الإمام السجاد (ع) جانباً كبيراً من الحنان واللطف جسّد التعبير الكامل عن حقيقة الصلة الوطيدة التي يحددها الإسلام العظيم لذلك الرباط الإنساني الوثيق.

فكأن عذوبة كلامه عن حق الزوجة، مستوحاة من قوله تبارك وتعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون) (11)، إن رباط الزوجية من أمتن الروابط وأوثق الصلات، ومنها تفرعت القرابات، وتكون المجتمع، وفي صلاحها صلاح الأمة، وفيها منشأ قوة الدولة في جميع أنحاء العالم، لذلك شرع الإسلام لها من الحقوق والواجبات ما يكفل استمرارها على ضوء الأخلاق العالية والمبادئ النزيهة، فينشأ الجيل على الدين ويشب على الفضيلة ويتهيأ لتحمل الأعباء الرسالية للإنسانية(12).

ومن هنا فقد نظر الإسلام إلى المرأة نظرة الاهتمام، فأوجب إعلاءها تعظيماً لشأنها، وأوجب على الزوج المهر، وجعله حقاً خالصاً للزوجة جزاء ما رضيت به من شركة، وما فرضته على نفسها من تبعة، وما ستقدمه من معونة وتضحية، إعزازاً لجانبها وتكريماً لعمق التزامها بهذا الرباط المقدس، واعتباره مكرمة يلتمس بها الوصول إلى رضى المرأة وليس ثمناً لشرائها، فلو كان المهر ثمناً لشراء المرأة، لما كان العالم بأكمله يطيق مهر الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(ع).

إن الإسلام العظيم حدد لكل من الرجل والمرأة حقوقاً وواجبات راعى فيها ما بينهما من مميزات وفوارق بيولوجية وسيكولوجية؛ فقد خلق الرجل أقوى جسماً، وأصلب عوداً، وأثبت قلباً. فكانت نتيجة هذا الأمر أن أصبح الرجل أقل انقياداً للعاطفة وأوفر خبرة في الحياة، لذلك جعل الخالق وظيفة الرجل ومهمته خارج بيته، وجعل على عاتقه أسباب ديمومة الأسرة واستمرارها واستقامتها، لما له من ميزات طبيعية، ويمكن اعتبار قول العالم الاجتماعي النفسي الهولندي غريموس معبراً عن ذلك الإطار حيث قال: (إن مقابلة الأدوار النسائية والرجالية أمر أزلي وحتمي، وإنه ليس باستطاعة أي شيء أن يغير هذا نظراً للاختلافات الطبيعية البيولوجية التي تحدد وتعزز وجود الجنسين القوي والضعيف، وعلى هذا الأساس تتعارض الأنوثة مع ما هو اجتماعي، وترتبط بما هو بيولوجي) (13)، وهذا لا يقصد منه أن المرأة كائن مخلوق لخدمة الرجل، أو مسخر لرضاه، وملبٍّ لرغباته، فهذا مما لا يحتمله العقل الواعي. إن الخالق العظيم رب الرجل، ورب المرأة على السواء، خلقهما من نفسٍ واحدة، وإنما المرأة - التي خلقت ممتلئة بفيض الحنان ومتزينة برقة العاطفة، ورهافة الحس - كعقد الجواهر الثمين، لابد من تعهده والحفاظ عليه، فخالقها تبارك وتعالى أودع فيها قمة أسرار اللطف والرقة. لأنه أوجدها لوظيفة أكبر وأعمق في الحياة، ألا وهي نشأة الجيل واستقامته، وهذا ما لا يطيقه الرجل مهما بلغت قدراته النفسية، وتجاربه في الحياة.

والمرأة في مملكتها تعد صاحبة الدور الأول في تقويم الأسرة وصلاحها، والأسرة هي الدائرةالأساسية التي تجعل الفرد كائناً اجتماعياً، يتآلف مع محيطه، ويتواصل مع ثقافته، ويكتسب الخبرات والمهارات الضرورية التي تؤهله للعيش في كنف المجتمع العام(14) حيث ورد عن الرسول المصطفى(ص) أنه قال: (من سعادة المرء؛ المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والمركب البهي، والولد الصالح) (15).

حقوق المرأة في المجتمع الغربي

يمكن القول أنه مع بدايات النهضة، منذ القرن السابع عشر والثامن عشر، وبخاصة في أوروبا كانت هذه الأفكار تؤثر على طبائع الكائنات الإنسانية جميعها رجالاً ونساءً، بيد أن النساء قد شعرن بالأوضاع المادية حيال الإنتاج، كما أن الشراسة التي حوربن بها لدى مطالبتهن بالمساواة خلقت لديهن جرأة متناهية للتمرد على التقسيم الذي سبق وخص المرأة بوظيفة إدامة الجنس البشري، ورعاية النسل، وخصّ الرجل بوظيفة الإنتاج والقوامة على المرأة(16).

وفي الحقيقة كانت المرأة الغربية تأمل بقانون ينصفها ويمنحها بعض حقوقها، وتوالت بذلك إعلانات المطالبة بحقوق المرأة في أوروبا من ناحية مساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات، كالأجور وتقليص ساعات العمل، والتعليم والدخول في المضمار السياسي.

وقد أكدت (ماري ولستونكرافت) أن انحطاط وضع المرأة هو حالة مكتسبة وليست فطرية، أما هذا القرن - قرن تحرير المرأة في البلاد المتقدمة اقتصادياً - فقد أسرف في إعطاء الحرية للمرأة، وسمح لها (أن تعيد اكتساب أهمية اقتصادية كانت فقدتها منذ عصور ما قبل التاريخ، وأن تتخلص من الأسرة وتأخذ في العمل قسماً جديداً من الإنتاج) (17).

هذا إلى جانب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإعلان القضاء على التمييز العنصري ضد المرأة، وتناول موضوع حق المرأة في المساواة، في اتفاقيات القضاء على التمييز ضد المرأة(18)، والكثير من القرارات، حتى وصلت مسألة المطالبة بحرية المرأة حد الإفراط في الغرب.

كان ذلك كله سبباً في سلب أنوثة المرأة، وابتعاد المجتمع عن القيم الأخلاقية القويمة، كل هذه الأمور سلبت من وجهها البراءة وجعلت منها لعبة في متناول الأيدي. بينما كان الإسلام ولا يزال يؤكد على حرية المرأة ضمن الحدود التي تحفظ عفتها وتصون مشاعرها الرقيقة من الذين في قلوبهم مرض، وتضعها في حياة المجتمع، موضع اللؤلؤة من الخاتم.

(3)

حــــق الوالديــــن

من الخير الشامل أن نصدر هذا البحث بالآية المباركة (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم) (19).

هذه الآية الكريمة تعطي دورساً بالغة ووصايا إلى الجيل الجديد، وتدعوه للالتفات إلى الوراء قليلاً، ليذكر فضل من تكفلت فطرتهم برعايته والاهتمام به، إن الوالدين ليبذلان لوليدهما من أجسامهما وأعمارهما، ومن كل ما يملكان دون بخل بما يبذلان، لأن قلوبهما مجبولة على حب الأبناء ورعاية زينة الحياة الدنيا، ومن هنا كانت الوصية للأبناء برعاية الوالدين وحفظ حقوقهما، وحق الوالدين يتمثل بحق الأم، وحق الأب.

أ- حق الأم: إن وصايا الكتب السماوية، والأحاديث والروايات المتواترة جميعاً تصور تلك التضحية النبيلة الواهبة التي تتقدم بها الأم، تلك البذرة التي تغدو قشراً خالياً لتنمو منها النبتة الخضراء وتكبر، ولا يجازيها أبداً إحسان من الولد مهما أحسن في القيام بأداء حقها. قال الإمام زين العابدين (ع): (فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة فرحة، محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمها، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض. فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمى، وتظلك وتضحى، وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها، وكان بطنها لك وعاء وحجرها لك حواء، وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلاّ بعون الله وتوفيقه).

بهذه العبارات المضيئة والتعابير الدقيقة، يستثير الإمام زين العابدين(ع) الضمير والرحمة في قلب الإنسان تجاه من (حملته كرهاً ووضعته كرهاً) (20)، وتذكره بالمشاق العظيمة التي تحملتها الأم في سبيل فلذة كبدها، لذلك قال الرسول الأعظم(ص): (حق الوالد أن تطيعه ما عاش، وأما حق الوالدة فهيهات هيهات.. لو أنه عدد رمل عالج وقطر المطر أيام الدنيا قام بين يديها ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها) (21)، لأن الأم بطبيعة الحال، تتحمل النصيب الأوفر من العناية والرعاية لولدها لما تجود به من حنان وعطف بلا حدود، فنتيجة لتلك التضحيات اللامتناهية كان للأم حقها العظيم على الأبناء. وبخاصة إذا كانت طيبة ومؤمنة، لتأثيرها البالغ في جنينها، فتجعل منه إنساناً سوياً ومستقيماً، وحتى أثناء الرضاع تسري أخلاق الأم إليه. قال تبارك وتعالى: (وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً) (22)، ومهما قلنا ومهما نقدم من توصيات في حقوق الأم، تتضاءل العبارات، وتعجز الكلمات أمام الواجب تجاه صانعة الأجيال على مر العصور.

ب- حق الأب: ليس في الكون عند الآباء أغلى وأثمن من بر أولادهم بهم، على الرغم من كونه وفاء لبعض ما لهم من ديون، وسعادتهم بأداء الحق إليهم، كسعادة العالم باكتشاف اختراع ضخم. قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (إن للولد على الوالد حقاً؛ وإن للوالد على الولد حقاً؛ فحق الوالد على الولد أن يطيعه في كل شيء إلاّ في معصية الله سبحانه، وحق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه، ويعلمه القرآن) (23)، وقال الإمام السجاد (ع): (وحق أبيك أن تعلم أنه أصلك وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلاّ بالله).

إن الأوامر في الاسم والحقوق إنما تنبثق من نبع واحد وترتكز على ركيزة واحدة، ألا وهي نبع العقيدة في الخالق عز وجل، ومن تلك العقيدة الراسخة تنبع كل التصوّرات الأساسية للعلاقات الكونية والحيوية والإنسانية التي تقوم عليها التشريعات الاجتماعية والقانونية، وهذه السمة تتضح في منهج آية الإحسان (وقضى ربك ألا تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحساناً) (24).

إن دور الأب لا يمكن إلغاؤه، لإسهامه في مجال صياغة الابن، وبالذات إذا كان الأب عملاقاً في الصفات الطيبة، وقوياً في شخصيته، فإذا تجذرت في الأب الخصال النبيلة، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من كيانه، فالنتيجة تكون انتقال هذه الصفات إلى الأبناء بقوة. حتى تقضي تماماً على نقاط الضعف الموجودة فيهم. ومن هنا حتى لو كانت الأم على قدر من الذكاء والفطنة وكرم الأخلاق فإنها لا تستطيع إحياء نقاط القوة التي أماتها الأب(25)، إلاّ إذا كانت تتمتع بخصال وراثية متميزة، ومتزينة بالشخصية القوية والفذة.

وبذلك كان أداء حق الوالد جزءاً بسيطاً من رد الجميل، وفي هذا قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) لبعض بنيه: (يا بني إن الله رضيني لك ولم يرضك لي فأوصاك بي ولم يوصني بك، عليك بالبر فإنه تحفة كبيرة) (26).

إن الولد بضعة من أبيه؛ يرث أخلاقه كما يرث صفاته الجسدية والعقلية، إضافة إلى إحاطته بشعور العزة والحماية والصيانة له من والده، والذود عنه. وفوق ذلك كله، يشرف الابن بشرف أبيه، وما إلى ذلك من نعم الوالد التي لا يعين على أداء حقها إلاّ الخالق، ومن الذي يقرأ دعاء الإمام السجاد (ع) ولا يهتز من أعماقه انتباهاً لحق والديه حيث يقول: (اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف، وأبرّهما برّ الأم الرؤوف، واجعل طاعتي وبرّي بهما أقرّ لعيني من رقدة الوسنان، وأثلج لصدري من شربة الظمآن حتى أؤثر على هواي هواهما، وأقدم على رضاي رضاهما، واستكثر برّهما بي وإن قلّ، واستقل برّي بهما وإن كثر) (27).

(4)

حــــق القضــــاء

إن العدالة جزء من تراث البشرية على مرّ الدهور؛ إنها مفهوم ملازم للطبيعة الإنسانية، وهي قائمة حتى لو لم يبق إلاّ عدد قليل من الأشخاص يؤمنون بها، ليس هناك نسبية في العدل(28)، كما أنه ليس من نسبية في الضمير، لأن العدل هو الضمير، ليس الضمير الفردي وإنما ضمير الإنسانية جمعاء، إن من يلبون نداء ضمائرهم يلبون أيضاً نداء العدل في جميع المجالات الاجتماعية منها والتاريخية، ويخطون دائماً طريقاً مرسوماً للعمل أو الحكم في الأمور لا يتعارض مع الضمير الحي، ومن ذلك تنبع المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الحكام، قال الإمام السجاد (ع): (وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة، وأنه مبتلى فيك بما جعل عز وجل له من السلطان، وأن تخلص له بالنصيحة وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه. وتذلل وتلطف لإعطائه من الرضى ما يكفه عنك ولا يضر بدينك، وتستعين عليه في ذلك كله بالله، ولا تعازّه ولا تعانده فإنك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك فعرضتها لمكروه، وعرضته للهلكة فيك، وكنت خليقاً أن تكون معيناً له على نفسك، وشريكاً له فيما أتى إليك من سوء ولا قوة إلاّ بالله).

في هذا المقطع يستعرض الإمام حق السلطان - أي السلطة القضائية - التي تملك زمام الأمور، وتأخذ على عاتقها واجبات منها اليسير ومنها العسير، ومهمتها الأساسية حماية أمن المجتمع ونشر العدالة فيه. هذه المهمة تتطلب من الحاكم أن يكون قوي البأس والفهم والشخصية، حازماً في ضبط النفس، أميناً بكامل مفهوم الأمانة الشاملة للرحمة بالمجتمع وتأديب الخارجين عن القانون والتشريع، دون التأثر بأي شيء آخر، وقد تجسد هذا المعنى في مقولة (اللورد ماتسفيلد) رئيس القضاء في بريطانيا: (حتى لو هبطت السماء على الأرض لا يسمح الدستور بأن يكون لاعتبار مصلحة الدولة العليا تأثير على القضاء، إذا حدث ذلك لا قدر الله. وعلينا ألا نأخذ بعين الاعتبار العواقب السياسية مهما بلغت خطورتها، فحتى لو نتجت عنها ثورة يتوجب علينا دوماً أن نردد: ليأخذ العدل مجراه) (29).

في أي مجتمع حر يعيش في ظل نظام من الشرعية والديمقراطية ويستند على مبدأ سيادة القانون وأولوية الحق تكون وظيفة السلطة التشريعية خلق الأحوال التي من شأنها تعزيز كرامة الإنسان، والتي تقتضي إضافة إلى الاعتراف بحقوق الإنسان المدنية والسياسية، إقامة أحوال اجتماعية واقتصادية وثقافية لا مندوحة عنها في سبيل بلوغ شخصية الإنسان أوج تفتحها) (30).

وإذا كانت بعض البلدان قد استقرّت فيها التقاليد التي تجعل تصرف السلطة التشريعية ووجودها تصرفاً ديمقراطياً، رغم وجود دستور مكتوب يتضمن النصوص التشريعية التي يجب أن تكفل عدم تصرف السلطة التشريعية بما يخالف الدستور(31)، وأن تكون هناك سلطة قضائية ضامنة لكفالة احترام مبادئ حقوق الإنسان، وعلى ذلك لابد أن تكون سلطة الشرع محددة ومعرفة بقواعد أساسية ذات صفة دستورية، ومن شأنها أن تضمن تنظيماً للسلطة التشريعية بحيث يتمكن الشعب بنفسه أو بواسطة ممثليه، وبدون تمييز بين الأفراد، من تقرير ما يعينه القانون، وأن يكون للسلطة التشريعية وحدها الصلاحية في وضع التشريع المتعلق بالمبادئ والقواعد العامة، وأن يكون لممثلي الشعب الرقابة على السلطة التنفيذية في وضعها النصوص التشريعية موضع التنفيذ، وتنظيم الرقابة القضائية اللازمة على احترام المبادئ الأساسية، وحماية الفرد من أي مساس بحقوقه الإنسانية المعترف بها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

كذلك فإن على السلطة التشريعية واجب احترام القيود الموضوعة على اختصاصها؛ تجنباً لصدور قوانين ظالمة تتنافى مع حقوق الإنسان، وفي سبيل هذا لابدّ للسلطة التشريعية من تجنب إصدار قوانين تفرق بين الأفراد أو الطبقات أو الأقليات على أساس من العنصر أو الدين أو الجنس أو أي فارق آخر لا يبرر على الإطلاق مثل هذا التمييز، وأن لا تقيد حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية، وأن لا تنكر على أفراد المجتمع الحق في حكومة منتخبة ومسؤولة، وأن لا تضع قيوداً على حرية القول والاجتماع، وأن تمتنع عن أي تشريع ذي مفعول رجعي أو يمسّ مباشرةً الفرد بما له من حقوق وحريات إنسانية وأساسية.

السلطة القضائية وحقوق الإنسان

من المسلّم به في دولة القانون الحديثة التي تقوم على مبدأ سيادة القانون وأولوية الحق، أن تكون تصرفات السلطة التنفيذية التي تمس بصورة مباشرة ذاتية الفرد أو ممتلكاته أو حقوقه، خاضعة للرقابة القضائية، التي يمكن ممارسة رقابتها على السلطة التنفيذية بطريقة مرضية بواسطة القضاء الإداري، ويجب أن تتاح للمواطن الذي وقع عليه الضرر بسبب تصرف غير قانوني من جانب السلطة التنفيذية، طريقة مناسبة من طرق الطعن، إما بشكل دعوى مباشرة على الإدارة أو على صاحب التصرف أو الاثنين معاً، على أن تضمن له هذه الطرق في جميع الأحوال، تنفيذ الحكم.

ومن الواجب لتعزيز مبدأ أولوية الحق إلزام السلطة التنفيذية بتسبيب قراراتها ذات الطابع القضائي أو الإداري، التي تمس حقوقاً للأفراد وأن تبلغ أسباب القرار إلى الطرف المعني إذا طلب ذلك.

فحماية الحقوق الأساسية من تعسف السلطة التنفيذية هي ركن جوهري من أركان مبدأ أولوية الحق، وهي تستند على الأخص إلى الرقابة التي تمارسها المحاكم على الإدارة.

ويجب أن تكون هذه الرقابة من قبل المحاكم فعّالة وسريعة وقليلة التكاليف، وهي تتطلب استقلال القضاء والمحاماة استقلالاً كلياً(32)، وتتوخى التزام السلطة التنفيذية حدود سلطتها القانونية، وأن يتاح لكل فرد حق الطعن أمام المحاكم ضد أي إجراء تعسفي تسلكه الإدارة وتخالف فيه مبدأ المشروعية، ولضمان كل هذا لابد أن يكون استقلال القاضي واجباً لقيام مجتمع حر، يعيش في نظام الشرعية(33)، ويعني هذا الاستقلال أن القاضي يجب أن يكون في أدائه لمهمته غير معرض لأي تدخّل من جانب السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية، ومع ذلك فلا يصح أن يتصرف القاضي تصرفاً تحكمياً إذ إن واجبه هو تفسير القانون ومبادئه. ويقتضي استقلال القاضي أيضاً أن يكون مرتبه كافياً، وأن لا ينقص أثناء مباشرته للعمل(34)، وأن يكون هنالك تعاون بين السلطات الثلاث لتعيين القضاة، وأن تكون لهم حصانتهم من النقل والعزل إلاّ ضمن أسس محددة وواضحة.

(5)

حــــق العلــــم

التعليم هو في آن واحد واجب وحق وحرية، إنه واجب حيث تنص الدساتير في معظم البلدان في العالم على إلزامية التعليم حتى مرحلة معينة - غالباً مرحلة التعليم الابتدائي - وأنه حق أيضاً ليس بالنسبة إلى الأطفال الخاضعين للتعليم المدرسي، وإنما بالنسبة للإنسان أيضاً مدى حياته. وكل دساتير الدول الحديثة تقريباً تشير إلى كفالة الدول لحق التعليم كما توجد في هذه الدول قوانين تكمل النصوص الدستورية، وتشير إلى مراحل التعليم وأسسه وِأسلوب كفالته، والحاجات لاستمرارية التعليم.. واكتساب الخبرات الأساسية والمستمرة هي شرط للتقدم، وهي أبرز ما يوجد في المجتمعات المتقدمة حيث تتجدد العلوم بسرعة.

وهذا السبيل الحق كثيراً ما أكد عليه القرآن العظيم والروايات الإسلامية، فقد قال تبارك وتعالى: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (35)، وقال أيضاً: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) (36)، وقال الرسول المصطفى (ص): (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) (37)، وكلها يؤكد أهمية العلم والبحث الجاد في طلبه، لأن التعليم وآفاقه من أهم البحوث في التربية الحديثة.

إن حرية التعليم - وبخاصة في منهج الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - تشتمل على أمرين(38):

1- حرية إعطاء أو تلقين العلم: ويقصد بها في معناها الواسع حرية الفرد في تلقين الآخرين العلم، عن طريق إذاعة ما يعتقده هو صحيحاً سواء أكان بالكتابة أم القول، و يقصد بها في المعنى المحدود نقل المعرفة للناشئة، والإعداد لجيل جديد، وهو المعنى المقصود غالباً من حرية التعليم، بحيث تشمل حرية الإنسان في نشر أفكاره ومعتقداته، وفتح مؤسسات تدار لهذا الغرض.

2- حرية التعليم أي تلقي العلم على يد الغير: ويقصد بها حرية الفرد في أن يتلقى التعليم، وفي اختيار نوعية التعليم الذي يتلقاه، واختيار المعلم الذي يقوم به، وأن يتمتع بفرص متساوية مع غيره من أفراد المجتمع في تلقي العلم إلى أقصى حدوده، ويقصد بها أيضاً أن يكون الفرد حراً في أن لا يتلقى العلم.

ومن هاتين الركيزتين نستخلص تعريف حرية العلم: وهي حرية الفرد في تلقين النشء العلم، والإعداد لجيل جديد، وحريته في أن يتلقى العلم، ويختار نوعية التعليم الذي يتلقاه، والمعلم الذي يلقنه العلم، وفي أن يتمتع مع غيره من المواطنين بفرص متساوية في تلقين العلم إلى أقصى حدوده، دون التمييز بسبب الثروة أو الأصل الاجتماعي.

إن حرية التعليم تكتسب أهميتها البالغة لأنها تتصل اتصالاً مباشراً بالعديد من الحريات الأخرى، فهي تتصل بحرية التجارة والاستثمار، حينما تتعلق بحرية فتح مدرسة خاصة للقيام بنشر العلم وبهدف الربح أساساً، وليس بهدف نشر التعليم مجرداً، أي أنها تتعلق بالمسألة الاقتصادية من جهة حرية المشروعات عموماً، وهي تتصل بحرية الضمير والاعتقاد حينما تتعلق بضرورة عدم فرض اعتقاد معين على الناشئة، فتصبح المؤسسة هي المهيمنة على برامجها، وهي تتصل أيضاً بحرية الرأي والتعبير حينما يتعلق الأمر بنقل الأفكار للآخرين، وبحرية العاملين في المؤسسات التعليمية في بث أفكارهم.

ويلاحظ في أحكام المادة (26) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1949م أن منظمة الأمم المتحدة قد راعت في إقرارها لهذه المادة اعتبارها وكأنها، بما تتضمنه من أحكام، مبادئ أولية لمشروع حضاري وإنساني شامل، وقد جاء في هذه المادة:

أ) لكل شخص الحق في التعليم؛ ويجب أن يكون في مراحله الأولى والأساسية على الأقل مجاناً، وأن يسير القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.

ب) يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماءً كاملا وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية والدينية.

ج) للآباء الحق في اختيار نوع تعليم أولادهم.

الهوامش:

(1) بيضون، لبيب/ تصنيف نهج البلاغة، مركز النشر مكتب الإعلام الإسلامي، المبحث 252 ص659 ط2.

(2) المحامي عباس، عبد الهادي/حقوق الانسان، ج1 دار الفاضل - دمشق، ط1/1995م ص16.

(3) تشارلز برادلو (1832-1891م) مصلح اجتماعي إنكليزي.

(4) المحامي عباس، عبد الهادي/مصدر سابق، ج1 ص357.

(5) القبانجي، حسن السيد علي/ شرح رسالة الحقوق، ج1 دار التفسير - قم، ط3/1416هـ.ق ص72.

(6) المصدر السابق/ كتاب الوجود، ص72.

(7) المحامي عباس، عبد الهادي/ مصدر سابق، ص136.

(8) سورة البقرة: الآية 256.

(9) سورة يونس: الآية 99.

(10) راجع داللوز تحت كلمة (عبادة culte) نبذة 58 وما بعدها، انظر المحامي عباس، عبد الهادي، مصدر سابق.

(11) سورة الروم: الآية 21.

(12) اعلموا أني فاطمة: ج1 ص112. وانظر الشيخ الشمري، قبس من نور فاطمة، مؤسسة الثقلين، ص104.

(13) المحامي عباس، عبد الهادي/ المرأة والأسرة في حضارات الشعوب، ج3 ص93.

(14) فوكوياما، فرانسيس/ ص10. انظر الشيخ حسن الشمري: قبس من نور فاطمة، مؤسسة الثقلين 1999.

(15) مكارم الخلاق، ص65، انظر الشيخ الفلسفي، محمد تقي، الطفل بين الوراثة والتربية، ج1 - مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت ط3.

(16) المحامي عباس، عبد الهادي/ حقوق الإنسان، مصدر سابق، ص225.

(17) سيمون دي بوفوار/ الجنس الآخر، الترجمة العربية ص142.

(18) المحامي عباس، عبد الهادي/ حقوق الإنسان، مصدر سابق ص229.

(19) سورة النساء: الآية 35.

(20) سورة الأحقاف: الآية 15.

(21) القبانجي، حسن السيد علي/ شرح رسالة الحقوق، مصدر سابق، ص549.

(22) سورة مريم: الآية 32.

(23) بيضون، لبيب/تصنيف نهج البلاغة، مصدر سابق، المبحث259 ص664.

(24) سورة الإسراء: الآية 23.

(25) الشيخ الشمري، حسن/ قبس من نور فاطمة، مؤسسة الثقلين، 1999م ص107.

(26) القبانجي، حسن السيد علي/ شرح رسالة الحقوق، مصدر سابق، ص14.

(27) من أدعية الصحيفة السجادية (دعاء الإمام لوالديه).

(28) المحامي عباس، عبد الهادي/ حقوق الانسان، مصدر سابق، ص140.

(29) المصدر السابق.

(30) أنظر مقررات مؤتمر دلهي برعاية اللجنة الدولية لحقوق الإنسان وأعمال الندوة المنعقدة في استنبول، / حقوق الإنسان، المحامي عبد الهادي عباس.

(31) المحامي عباس، عبد الهادي/ حقوق الإنسان مصدر سابق ص305.

(32) مؤتمر بيو 1962م/ اللجنة الثانية، انظر حقوق الإنسان/ المحامي عبد الهادي عباس.

(33) المحامي عباس، عبد الهادي/ حقوق الإنسان، مصدر سابق، ص325.

(34) مؤتمر دلهي/اللجنة الرابعة، المادة 601، انظر المحامي عباس، عبد الهادي/ حقوق الإنسان.

(35) سورة الزمر: الآية 9.

(36) سورة البقرة: الآية 269.

(37) الكافي/ج1 ص3 ح1.

(38) د. زين بدر فراج/ بحث حرية التعليم، ج3، مجموعة حقوق الإنسان، دار العلم للملايين ص396.