النبأ

حقوق الإنسان الاقتصادية في الإسلام

◊◊ مقدمة:

لا يخفى أن الاقتصاد الإسلامي هو أنظف اقتصاد عرفه البشر، إذ إن من أبرز عناوينه، توفير الفيء، ونفي الفقر والحرمان، ومكافحة الجهل والمرض، وبالجملة تنظيم معاش الإنسان، بما يضمن له حياة حرة كريمة، يتوفر من خلالها على جميع حقوقه المادية والمعنوية.

قال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وهو يبين حقوق الشعب على الحكومة والحاكم، وحقوق الحاكم والحكومة على الشعب: (أيها الناس إن لي عليكم حقاً، ولكم علي حق، فأما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا.. )(1).

علماً بأن سلامة الاقتصاد في الحياة، لها ارتباط وثيق بسلامة دين الشعب، وصلاح دنياهم وآخرتهم، فإن : (الفقر سواد الوجه في الدارين) (2)، وإنه (كاد الفقر أن يكون كفراً)، وإنه (من لا معاش له لا معاد له)، كما ورد في الحديث الشريف.

هذا ولا يخفى أن الاستقلال الاقتصادي، والاكتفاء الذاتي، ونفي الفقر والحرمان، وحرية رؤوس الأموال، وحرية التجارة والصناعة وما أشبه، وعدم الضرائب غير المشروعة، وعدم الجمارك والمكوس، وقلة الموظفين، والقضاء على البطالة، ورعاية البساطة في الأمور وخاصة لدى الحكومة والحاكم، وتوفير الحاجات الأساسية وأمانة بيت المال، وزهد الحكام، وتزهيد الناس في الجرائم، وترغيبهم في الخير، وحرمة أكل أموال الناس بالباطل، وحرمة السرقة، وحرمة الاحتكار في الجملة، وحرمة الغش، وما أشبه، كلها من مميزات النظام الاقتصادي الإسلامي.

قال الإمام أمير المؤمنين (ع)، وهو يصف عوائد ما طبقه، وثمار ما حققه من الاقتصاد الإسلامي بين الناس، ويعرب عن تقرير اقتصادي، ومرسوم مالي في ظل حكومته العادلة: (إنه ما أصبح بالكوفة أحد إلا ناعماً، إن أدناهم منزلة ليأكل البر، ويجلس في الظل، ويشرب من ماء الفرات) (3).

وتوفير هذه الأمور الثلاثة: الرزق، والسكن، والماء، لجميع الناس وكل أفراد الشعب، من أصعب الأمور وأشدها في يومنا هذا، فإنها التي قد عجزت عنها أقوى الدول، وأدق الأنظمة الاقتصادية، بينما أمير المؤمنين(ع) قد وفرها لجميع أهل الكوفة التي كان يسكنها الملايين، تحت ظلال النظام الاقتصادي العادل في الإسلام.

وما يؤيد صحة هذا التقرير الاقتصادي، الحديث المشهور عن رؤية الإمام أمير المؤمنين (ع) في أسواق الكوفة نصرانياً يستجدي الناس، وتعجبه من وجود فقير واحد في ظل حكومته الشريفة، حيث قال لمن حوله، متسائلاً: (ما هذا؟) ولم يقل: من هذا؟، فإن تعجبه (ع) وإتيانه بكلمة (ما) بدل (من) دليل غياب الفقر في ظل حكمه العادل، ثم أمر له براتب من بيت المال(4).

◊◊ الحرية الاقتصادية:

يتوجب على الحكومة الإسلامية، إعطاء الحرية الاقتصادية التي قررها الإسلام لكل الناس، وذلك بأن تسمح لهم، بل وتساعدهم في إنتاج وتصنيع كل ما يحتاجونه أو يريدونه من مواد غذائية وإنشائية وخدماتية، وفي مجال الزراعة، وفي مجال الصناعة، والفنون والتقنيات اللازمة.. فتفتح عليهم أبواب العلوم، والحرف، والمهن، والكسب، والاكتساب، والتصدير، والاستيراد، وغير ذلك..

ولعل من أهم القواعد الفقهية الدالة على ذلك، هي قاعدة السلطنة والتسلط أي (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم).

وكان رسول الله (ص) والإمام أمير المؤمنين (ع) وسائر أئمة أهل البيت(ع) قد منحوا الحرية الاقتصادية التي قررها الإسلام للناس، وبذلك توفر عليهم الفيء، وانعدم عنهم الفقر، وتقلص بينهم الجهل والمرض، وانتعشت حالتهم الاقتصادية، وازدهرت أمورهم المالية، وتقدموا في كل شيء.

كما أن رسول الله (ص) كان يشجع المسلمين على الاكتفاء الذاتي، وكان يبعث أفراداً أقوياء وأذكياء من المسلمين إلى البلاد غير الإسلامية التي تمتاز بإنتاج وصناعة بعض ما يحتاجه المسلمون في أمورهم العادية، أو غير العادية، ليتعلموا كيفية إنتاجه وتصنيعه في بلادهم، وذلك كما في قصة صنع المرآة التي كانت تصنع في الحبشة، وصنع بعض المعدات والأسلحة الحربية، التي كانت من الأمور الدفاعية، وغير ذلك..

كما كان النبي الأكرم (ص) يشجع المسلمين على تطوير الصناعة وتحسينها، ويقول: (رحم الله امرءاً عمل عملاً فأتقنه) (5)، إضافة إلى تشجيعه (ص) المسلمين على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج اللحوم والألبان، والطعام والفاكهة، وما إلى ذلك، حتى قال الإمام الصادق (ع): (من وجد ماءاً وتراباً ثم افتقر، فأبعده الله) (6)، وغير ذلك مما يدل على أن الحرية الاقتصادية في الإسلام هي من أنظف الحريات التي شهدها الاقتصاد في الأنظمة المختلفة، وعلى مدى الأجيال والأزمان.

◊◊ الملكية الشخصية:

يقر الإسلام الملكية الشخصية بشكل نزيه، ويحترم أموال الناس، كما يحترم أعراضهم ودمائهم، ولا يسمح لأحد ولا لجهة بالتصرف فيها إلا عن تراضٍ حاصل بين الطرفين، أو عن طيب نفس من المالك، وذلك لما في تقرير هذه الملكية من منافع يتوقف عليها تقدم المجتمع ورقيه، إضافة إلى ما فيه من احترام للإنسان، واحترام لما يرتبط به.

قال تعالى: (ولها ما اكتسبت) (7)، وقال سبحانه وتعالى: (فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) (8)، وقال تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) (9)، وقال سبحانه: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) (10).

ومعنى الملكية الشخصية أن يكون للإنسان شيء يختص به، بحيث يتصرف فيه كيف يشاء، في الحدود المقررة في الشريعة الاسلامية، ولمالكية الإنسان دليلان:

الأول: إيجابي، وهو وجود غريزة المالكية في الإنسان، ولذا نجد على طول التاريخ أن الإنسان يخصص لنفسه أشياء، والقول بأنه لم يكن كذلك في الكهف مردود:

أولاً: بأنه لا دليل على وجود الإنسان الذي يسميه الدارونيون بالإنسان الأول، بل إن الإنسان والحضارة توأمان من أول يوم.

وثانياً: بأنه إذا فرض وجود الإنسان الأول، فلا دليل على انه كان خالياً عن هذه الغريزة، وأليس هذا الادعاء مثل الادعاء بأن الإنسان الأول كان خالياً عن الحب والعطف، أو كان خالياً عن غريزة الجنس، أو كان خالياً عن غريزة الغضب والحسد..إلى غير ذلك؟!.

وادعاء أمثال هذه الأمور، هو مثل ادعاء أن النار قبل مليون سنة ما كانت تعطي الحرارة، أو أن الثلج ما كان يعطي البرودة، إلى غير ذلك! فإن القياسات العقلية تعطي بالبداهة المشاركات البديهية، وكما يستهزء العقلاء بمن يقول بذلك بالنسبة إلى النار المعاصرة في مكان ناءٍ لا تصل إليه اليد، وبالنسبة إلى الإنسان المعاصر الذي هو ناءٍ عنا لا تصل إليه يدنا، كذلك يستهزء العقلاء بمن يدعي الأمرين بالنسبة إلى إنسان قبل مليون سنة، ونار قبل مليون سنة.

الثاني: سلبي وهو عند وجود محذور في مالكية الإنسان، فإذا كان هذا المحذور يوجب الفساد، فاللازم رفع المحذور، لا رفع أصل الملكية، كما في كل مكان يكون المحذور في شيء، وإلا فاللازم أن نقول بلزوم عدم تعلم الإنسان، لأن العلم يوجب الكبرياء، واللازم عدم تسلح الإنسان، لأنه يوجب سفك الدماء، واللازم عدم ترؤس الإنسان، لأنه يوجب الطغيان الخ.. وما الفرق بين التملك وهذه الأمور؟ ثم أليس عدم الملك يوجب عدم تحفز الإنسان للتقدم، فلماذا يلاحظ محذور الملكية، ولا يلاحظ محذور عدم الملكية؟.

وأما الجواب عن الثاني، فهو إن ملك الإنسان، محدود بثلاثة شروط، هي:

1- أن لا يضر نفسه.

2- أن لا يضرر جيله، ولا يضر الآخرين من الأجيال.

3- أن لا يخرب الكون.

فكل عمل يضر به نفسه، سواء سبب ضرر روحه أو جسمه، لم يملك ذلك، لأنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (11)، وإن لبدنك عليك حقاً، وقد قال رسول الله (ص) لمن رآه تأذى من العبادة: (إن هذا الدين رفيق فأوغل فيه برفق، فإن المنبّت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى) (12).

◊◊ المالكية الفردية والمالكية العامة:

إذن، الإسلام أقر المالكية الفردية، كما أنه أقر إلى جانب ذلك المالكية الجماهيرية (العامة)، والظاهر أن مالكية الإمام أيضاً صورة أخرى من صور المالكية الجماهيرية، وذلك لما ورد من (إن الزائد له والمعوز عليه)، أي إن زاد شيء عن الحوائج العامة والخاصة فهو للإمام، وإن نقص شيء عن تلك الحوائج فهو على الإمام، فمال الإمام كالمخزون الذي يحفظ لأجل تعديل الأمر، وإنما خصص الإمام بذلك، حتى إذا أراد التصرف في المال لمصلحة، لم يعترض عليه أحد، لأنه يجيب بأن المال له.

وبهذا يفرق الإسلام عن كلا منهجي الرأسمالية والشيوعية، فإن الأول يجعل الأصل الملكية الفردية والملكية الاجتماعية استثناء، لما عرف من أن الأصل عندهم، (دعه يعمل دعه يمر).

والثاني (المنهج الشيوعي) يجعل الأصل الملكية الاجتماعية، والملكية الفردية استثناء، لكن الإسلام يجعل الأصل كلا الأمرين؛ الملكية الفردية في مكان، والملكية الاجتماعية في مكان آخر.

أما الاشتراكية، فإنها تخصص الملكية الفردية بغير المنابع العامة، والملكية الاجتماعية بالمنابع العامة، وليس هذا كالإسلام، إذ التخصيص غلط. و(التوزيعية) الأصل عندها الملكية الفردية، لكن مع تطوير الرأسمالية.

ولا يقال إن الملكية عند الرأسمالية والشيوعية موزعة بين الفردية والاجتماعية، فلا فرق بينهما وبين الإسلام، إذ المناهج الثلاثة تجعل الملكية فردية واجتماعية، وما الفرق بين أن يجعل أحدهما الأصل والآخر استثناء، أو يجعل كلاهما أصلاً؟ ألا ترى أنه لا فرق بين أن يقال جاء القوم إلا كبارهم، إذا لم يأت منهم إلا صغارهم، وبين أن يقال جاء بعض القوم ولم يجيء بعضهم، فكلا التعبيرين يعطي مفاداً واحداً؟.

ثم إنه يدل على تقرير الإسلام لقسمي الملك الفردي والاجتماعي، الأدلة الأربعة، مثل آيات البيع والدين والتجارة والإرث وغيرها، فإنها تدل على الملكية الفردية، ومثل: (خذ من أموالهم صدقة) (13)، وقوله تعالى: (واعلموا أن ما غنمتم من شيء، فإن لله خمسه) (14)، (وقل الأنفال لله والرسول) (15)، (وإنما الصدقات للفقراء) (16)، فإنها تدل على الملكية الاجتماعية، فالآية الأولى تدل على أن المال كله ليس لهم، وإنما قيل (أموالهم) للإضافة الحاصلة ظاهراً، وذلك بقرينة (تطهرهم)، إذ لو كان المال لهم، لم يكن في أخذه طهارة، بل ظلم..

وكيف كان فالآيات الدالة على قسمي الملك كالروايات كثيرة، ويؤيد التعميم للاستثناء، ما ورد من أن الله أشرك الفقراء مع الأغنياء.

أما الإجماع على قسمي الملك، فهو محصل ومتواتر نقله، والعقل دلالته أكيدة على الملكية الفردية والملكية الاجتماعية، هذا بالإضافة إلى أن للمجتمع مصالح، كما أن للفرد مصالح، والعقل يرى وجوب إيفاء المصلحتين.

ولا يخفى أن الأدلة، وإن كان بعضها خاص بالمسلم عطاءً وملكاً وأخذاً، فالخمس والزكاة لا يجب على الكافر إعطائهما على الأصح، والمسلم لا يملك الخمر والخنزير، وغير المسلم لا يصح أن يأخذ الخمس، إلا أن بعضها الآخر يشمل كلا الفريقين، كما أن بعضها خاص بالكافر مثل الجزية عطاءاً أو الخمر والخنزير ملكاً.

ومنه يعلم أن مثل قوله (ع): (لا يحل مال امرءٍ مسلم إلا بطيبة نفسه) (17)، لا يدل على أن مال الكافر المحترم المال ليس كذلك، فهو مثل (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) (18) فإنه لا يدل على جواز أذى الكافر المحترم، بيده ولسانه، فإن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه، والتعبير بلفظ المسلم مثل (في حجوركم) حيث أن القيد جيء به للتحريض، أو ورد مورد الغالب من محل الابتلاء، أو ما أشبه ذلك.

ثم إن كلا الملكين العام والخاص، يشترط فيهما أن يكون الدخل فيهما حلالاً، والمصرف فيهما حلالاً، والمدخر حلالاً؛ ففي الملكية الاجتماعية لا يصح أن يحصل الوالي المال من الغصب -مثلاً- كما لا يصح أن يعطيه لمن لا يستحق، أو يصرفه فيما لا يصح، أو يدخره حيث احتياج المصالح العامة والخاصة.

◊◊ ضوابط الملكية:

الإسلام جعل للملكية وحق التصرف فيها -ونأخذ هنا المال نموذجاً للملك- ضوابط، نشير إليها بنحو الإجمال:

1- إن الإسلام يرى أن المال لله سبحانه، وإنما أعطاه للإنسان برسم الأمانة، ليمتحن الإنسان، هل يعمل صالحاً أم لا؟ وفي القرآن الحكيم والسنة المطهرة آيات وروايات متواترة بهذا الشأن، قال سبحانه وتعالى: (ولله خزائن السماوات والأرض) (19)، وقال تعالى: (أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) (20)، وقال: (وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض) (21).

وفي حديث عن رسول الله (ص): (ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ولبست فأبليت وتصدقت فأبقيت) (22)، وفي حديث آخر عنه (ص): (يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس) (23).

2- إن الإسلام يجعل الإنسان مسؤولاً عما يتصرف فيه من صغيرة وكبيرة، وهذا غير الأمر الأول، حيث أن كون الشيء للغير يوجب المسؤولية الأخلاقية في التصرف بمال الغير، أما كون الإنسان مسؤولاً عن تصرفاته، فهو مسؤولية قانونية، فالإنسان مسؤول حتى عن النقير والقطمير ومثقال الذرة الصغيرة، والصغيرة التي تشمل أصغر من ذلك، كما صرحت بذلك الآيات والروايات، وذلك مما يجعل الإنسان بمنأى عن كل تصرف غير مأذون فيه، بل ظاهر القرآن الحكيم مسؤولية الإنسان عن أفكاره وما يدور في صدره أيضاً، قال تعالى: (لله ما في السماوات والأرض، وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) (24).

3- إن الكبر والترفع حرام، قال سبحانه: (عبس وتولى أن جاءه الأعمى) (25)، وفي بعض الروايات: أنه كان رجلاً من بني أمية.. أما من قال إنه رسول الله (ص)!! فهو لم يلحظ أنه (ص) على خلق عظيم، فلا يأتي بما لا يليق به.

4- وجود النظارة الاجتماعية التي تتمثل في النهي عن المنكر لمن فعل بماله ما هو منكر شرعاً، بل غير مندوب إليه، إذ النهي عن المكروه مستحب.

5- تواضع الفقير للغني، لغناه، منهي عنه، كما ورد بذلك الدليل.

6- النهي عن جعل الغنى سبباً لعدم التساوي بين الناس.

فعن الإمام الرضا (ع): (من لقي فقيراً مسلماً فسلم عليه خلاف سلامه على الغني لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان) (26).

7- لزوم إعطاء النفقات الواجبة أصالة، كالخمس والزكاة، أو عرضاً كالكفارات والطوارئ، واستحباب النفقات المستحبة كالوقف والصدقات وغيرها.

8- اقتسام المال في باب الإرث، فإنه من أسباب عدم تمركز الثروة، ويحرم أكل إرث الغير، كما قال تعالى: (وتأكلون التراث أكلاً لمّا) (27)، أي جمعاً بين إرثكم وإرث غيركم، كما كانوا يأكلون إرث النساء، وغيرهن.

9- عدم جعل الغنى ميزاناً لتقدم دنيوي كالإمامة والقضاء والشهادة والمرجعية، وغيرها، أو أخروي، بل الميزان الكفاءة، فقد قال سبحانه وتعالى: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) (28).

10- عدم جواز الإثراء بالاستغلال والاستثمار.

11- عدم جواز الربا والاحتكار والكنز والغش.

◊◊ تفعيل عوامل الإنتاج لنفي الحرمان:

يجب حسن استغلال الموارد الكثيرة في رفع مستوى الاجتماع صناعياً وعلمياً وغير ذلك، بالإضافة إلى وجوب مساعدة الآخرين من الفضل الذي منحه الله تعالى للناس. والإسلام قد حرض على العمل، ففي روايات كثيرة ورد تقبيح عدم العمل، أو قلة العمل بالكسل، وإن كان للإنسان اكتفاء لمعاشه لكثرة موارده، وقد قال رسول الله (ص)، لما رأى يد عامل: (إن هذه يد يحبها الله) (29) ، كما أن الإسلام حرض على الزراعة واستثمار خيرات الأرض، حتى قال: (إن من وجد أرضاً وزرعاً ثم افتقر فأبعده الله) (30)، وجعل عدم الاستفادة حتى من النواة، وفضل الماء في الإناء، بعد الشرب، نوعاً من الإسراف.

ثم هل أن عوامل الإنتاج ركبت بحيث تأتي بالإنتاج المطلوب، أم لا؟.

فإذا كان ازدحام الشوارع أو التواء المسافة بين البلدين -مثلاً- يوجب تأخير سير واسطة النقل، مما يوجب نقصاً في الاقتصاد، لأن ذلك يوجب ارتفاع تكاليف النقل، واستهلاك الوقود، واتلاف الوقت -كان ذلك ضعفاً في تركيب عوامل الإنتاج، وهو ما يقلل من مستوى الإنتاج.. وعليه فإن المال الذي يصرف مع عدم صوابية تركيب عوامل الإنتاج هو أكثر من المال الذي يصرف مع صوابية تركيب تلك العوامل.

وكذا الحال في أمثال ذلك، مثلاً: تاجر ينقل في كل يوم طناً من القمح بواسطة سيارة تسع لطنين منه، فإن في ذلك ضعفاً في تركيب عوامل الإنتاج، إذ إن هذا التاجر يعطي الأجرة الكاملة للسائق، بينما لا يستفيد إلا في نقل نصف الإنتاج المقرر، فكان اللازم عليه أن يشارك تاجراً آخر لتحميل السيارة كل يوم طنين من القمح، حتى تكون الاستفادة من الواسطة والوقود بالقدر المطلوب.

ثم إن العوامل الأربعة للإنتاج قد تتعطل كلياً، كالأرض البائرة، وكالنقد المكنوز، وكالعامل العاطل، وكالمدير الذي لا فاعلية لإدارته، وقد تتعطل هذه العوامل عن تحقيق الفائدة المتوخاة، وهذا على قسمين:

الأول: أن يعمل في وقت دون وقت آخر، كالأرض التي تزرع في الربيع، ولا تزرع في الخريف، مع صلاحيتها للزراعة في كلا الفصلين، وكالإنسان الذي يعمل في شهر دون آخر.. وهكذا.

الثاني: أن يعمل الإنسان في عمل لا يفيد الفائدة المطلوبة، وإن اشتغل كل وقته في مجال العمل، كالإنسان الذي يصلح أن يكون بناءً، فيشتغل كعامل بناء، وكالأرض التي تصلح أن يزرع فيها البرتقال الأكثر ربحاً وفائدة، فيزرع فيها الفجل، إلى غير ذلك، ولا فرق في كلا نوعي العطل، بين أن يكون من جهة عدم الاشتغال لذاته، أو أن يكون من جهة عدم الاشتغال لسوء تركيب عوامل الإنتاج.

وهناك قسم آخر، وهو أن يعمل الإنسان عملاً ضاراً، بأن يشتغل في إنتاج المواد الضارة، كأن يزرع الأرض بالأفيون، وأن يكون رأس المال لأجل صناعة الخمر، أو أن يشتغل عامل البناء في بناء المراقص والملاهي المختلفة، أو يهدر المدير وقته في إدارة سينما داعرة، أو ما أشبه، وسائر هذه الأقسام ثلاثة:

1- عدم العمل إطلاقاً.

2- عدم العمل الأكثر فائدة.

3- عدم العمل الدائم.

وإذا نظرنا إلى أسباب الإنتاج الأربعة (الماء والأرض والإنسان والزمن)، في أغلب الاجتماعات، لرأينا ابتلاء هذه الأسباب بكل تلك النواقص، فمثلاً: كثير من الناس يعيشون عيش البطالة التامة أو يعيشون جزءاً من حياتهم في البطالة التامة، أو يؤدون العمل الأقل فائدة، وهم قادرون على العمل الأكثر فائدة، وهكذا يكون حال رأس المال، وحال الأرض، وحال الإدارة، فعلى الدولة الإسلامية أن تهتم لوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، ولوضع الطاقة المناسبة في الموقع المناسب، بغية مضاعفة الإنتاج، واستثمار الموارد المتاحة على الوجه الأمثل.

◊◊ العمل للجميع لأجل التقدم والنمو:

لقد حرض الإسلام الإنسان على العمل، حتى أنه جعل الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله(31).. وجاء في رواية عن زكريا بن آدم، عن الإمام أبي الحسن الرضا (ع)، انه قال: (الذي يطلب من فضل الله ما يكف به عياله، أجره أعظم من المجاهد في سبيل الله عز وجل) (32)، وعن الفضل بن يسار، عن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا كان الرجل معسراً يعمل بقدر ما يقوت به نفسه وأهله، لا يطلب حراماً، فهو كالمجاهد في سبيل الله) (33).

واللازم على الجميع أن يعمل، رجلاً كان أو امرأة، لكل بحسب المناسب لحاله، والمجتمع المتقدم هو المجتمع الذي يعمل كل أفراده، حتى الأعمى منهم والأعرج والأشل والأبكم، إذ كل هؤلاء لديهم طاقات ينبغي توظيفها في مجالاتها المناسبة، وذلك على سبيل تلمس أسباب التقدم والازدهار للمجتمع.

◊◊ الحقوق والمزايا التي يوفرها الاقتصاد الإسلامي:

1- يعطي لكل ذي حق حقه، لا سيما بالنسبة للحقوق المترتبة على رأس المال، ويجري في غيره قانون (من أين لك هذا؟)، وذلك على خلاف الاقتصاد الشيوعي الذي يتساءل (من أين لك هذا؟) في كل أمواله.. وعلى خلاف الرأسمالي الذي يترك صاحب رأس المال وشأنه، حتى ولو وجد عنده ألوف أضعاف مقدار حقه الفكري والجسدي، وما إلى ذلك.

2- تقسيم الميراث، وبذلك تتفتت الثروة، ويحصل كل واحد من الأولاد والأقرباء على نصيبه من المال، دون أن يستبد بالإرث بعض الورثة، كالولد الكبير.

3- جعل الأرض للكل، حسب تكافؤ الفرص، والقابلية العمرانية، فمن كان عمّر أكثر من حقه أخذ منه ما عمره.. الخ.

4- تحطيم الاحتكارات وإلغاء الامتيازات القانونية، فالكل يقدر أن يعمل كيفما يشاء، بما يشاء، مع من يشاء.. والضرب على الأيدي التي تعبث بالأسواق.

5- أخذ الخمس والزكاة والخراج وإبطال الضرائب الأخرى، وبذلك يكون ربع أموال الأثرياء للدولة، لتقوم بتنفيذ المشاريع العمرانية، وغيرها، ولا يبقى فقير أو عاطل أو حاجة معطلة.

6- تعطيل كل أقسام الأرباح والمعاملات المحرمة، كالتي تأتي من الخمر والقمار والملهى، وكذلك الأرباح التي تأتي من الاقتصاد المنحرف والمخرب، مثل أكل الجيل الحاضر من المناجم والموارد المدخرة لجملة من الأجيال.

7- إزالة السلاح الاستعلائي الذي يوجب إرهاب الإنسان، وصرف المال في الدمار.

8- إعطاء العامل والفلاح وسائر طبقات العمال كالمعلمين والموظفين وغيرهم، بقدر حقهم.

إلى غير ذلك من المزايا والحقوق التي يوفرها الإسلام في برنامجه الاقتصادي، بغية تحقيق العيش الحر لكل طبقات المجتمع بلا ظلم أو إجحاف لحق أية فئة من الفئات الاجتماعية.

◊◊ بيت المال ودوره في رخاء المجتمع:

إن بيت المال المقرر في الشرع الإسلامي، هو من أنظف المؤسسات الاقتصادية في العالم، مما لم يوجد مثله في النظافة والنزاهة في سائر النظم الأخرى، إذ إن بيت المال في الإسلام ليس فقط مما يجب مراعاة النزاهة والنظافة في مصارفه، بل يجب مراعاة النزاهة في موارده ومداخله أيضاً، حيث يجب تطهير موارده من الربا، والغش، ومن الغصب، ومن المصادرة، والإجحاف، والضرائب غير الشرعية، ومن غير ذلك مما حرمه الإسلام.

كما يجب تطهير مصروفه من الاختلاس والخيانة، ومن الزيادة والنقصان، للحاكم نفسه، ولغير الحاكم، حيث أن على الحكومة والحاكم أن لا يأخذ لنفسه ما لا يستحقه، ولا يتصرف عدواناً حتى في فلس واحد منه، ولا يهب شيئاً منه بلا استحقاق لأحد من ذويه، ولا لأحد من الناس.

كما أن عليه أن يصرف حتى الفلس الأخير منه في الموارد التي قرر الشارع أن يصرفه فيها، فإن من موارده إسعاف الفقراء، وقضاء ديون المديونين، وتزويج العزاب، ومنح رأس المال للعاملين، وتشغيل العاطلين، وتثقيف الناس، وغير ذلك مما يساعد على تقدم البلاد والعباد، كما دلت عليه الروايات.

فعن الإمام أمير المؤمنين (ع) في كتابه إلى مالك الأشتر، يقول: (ثم الله الله في الطبقة السفلى، من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين، وأهل البؤس والزمنى، فإن في هذه الطبقة قانعاً ومعتراً، واحفظ الله ما استحفظك من حقه فيهم، واجعل لهم قسماً من بيت مالك، وقسماً غلات صوافي الإسلام في كل بلد، فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى) (34).

إلى غير ذلك من النصوص الإسلامية الدالة على نزاهة بيت المال في الإسلام، وقيامه بسد كل عوز اقتصادي، وترميم كل المهام الاقتصادية، التي تغني الناس، وترفع عنهم الفقر، وتبعدهم من الجهل والمرض، وتكسبهم التقدم والرشد والانتصار والازدهار.

◊◊ الخاتمة:

وهكذا يمكن أن نجمل القول بأن الشريعة الإسلامية المقدسة قد تضمنت أحكاماً وسنناً وآداباً، تنتظم سائر مراحل حياة الإنسان، منذ أن ترى عينه النور، والى آخر حياته، لا سيما الجانب الحقوقي الذي منه حقوق الإنسان الاقتصادية، وقد أوفت على الغاية من هذه الحقوق، بحيث أوجبت على الحاكم الإسلامي، وألزمته، بتوفير الفيء، ونفي الحرمان، ومكافحة الجهل، وفرض التعليم، واحترام أموال الناس ودمائهم وأعراضهم، بحيث اعتبر الإسلام هذه الثلاثة (الأموال والدماء والأعراض) أشد شيء على الناس، مما يلزم بصيانتها وحفظها من أي تصرف أو تدخل من قبل أي أحد مهما أوتي من سلطة وقدرة، فمن قتل إنساناً واحداً بغير ذنب فكأنما قتل الناس جميعاً، وإن درهماً من الربا يعدل سبعين زنية كلها بذات محرم، ومن أكل شيئاً من مال اليتيم، فإنما أدخل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً، وكذلك بالنسبة إلى سائر الأموال، مما تواترت الآيات والروايات في ذم الفاعل وتهديده.. وهكذا بالنسبة إلى هتك العرض، حيث اعتبر الشارع المقدس أن المؤمن أشرف من الكعبة.. ثم أعطى الإسلام الحنيف للإنسان حريات واسعة، مما لا تسعها أعرق النظم الديمقراطية في عالم اليوم، من قبيل حرية الفكر، وحرية القول، وحرية العمل، لكن في الإطار المعقول الصحيح من (عدم الإضرار بالآخرين وعدم الإضرار البالغ بالنفس) إذ قد حدد رسول الله (ص) كل فكر وقول وعمل بعدم الضرر، قائلاً: (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام).

والى ذلك فقد أوجب الدين الإسلامي احترام حق العامل والعمل، حيث قال في حق الأول: (أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، وقال في حق الثاني (العمل): (رحم الله امرءاً عمل عملاً فأتقنه)، وهو ما يستلزم عناية المسلمين في تطوير الصناعات، وترميم سائر المهام الاقتصادية، وسد كافة الحاجات الإنسانية..

وقد سبق وأن أكدنا بأن الإسلام قد أوفى على غاية المطلب في مجال حقوق الإنسان الاقتصادية، من حيث أنه جعل ثمرة عمل العامل أو العاملة، لنفسه، نافياً كافة أشكال الغبن والاستغلال، فقد قال سبحانه وتعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا، وللنساء نصيب مما اكتسبن) (35)، وقال سبحانه وتعالى: (فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) (36)، وقال الإمام أبو الحسن (ع): (لا يتوى حق امرئ مسلم) (37)، بل قد أوجب الشارع المقدس على الحاكم الإسلامي تسديد ديون المغرمين المثقلين، وجعله مسؤولاً عن ديون الناس إذا لم يقدروا على الأداء، حيث روى أبو عبد الله (ع) عن جده رسول الله (ص) أنه قال: (من ترك ديْناً أو ضياعاً فعلي، ومن ترك مالاً فلورثته) (38)، وعن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (من مات وترك ديْناً فعلينا ديْنه، وإلينا عياله، ومن مات وترك مالاً فلورثته) (39).

وقد جاء الإسلام بقانون فريد من نوعه في باب الضمان الاجتماعي، لم يضارعه أي قانون آخر مما نعهده في سائر النظم المعاصرة، لخصه قول الإمام موسى بن جعفر(ع): (من طلب الرزق من حله، ليعود به على نفسه وعياله، كان كالمجاهد في سبيل الله، فإن غلب عليه، فليستدن على الله وعلى رسوله ما يقوت به عياله، فإن مات ولم يقضه كان على الإمام قضاؤه، فإن لم يقضه كان عليه وزره) (40).

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

المصادر:

(1) الفقه -كتاب النظافة-: آية الله العظمى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) -هيئة محمد الأمين(ص) - الطبعة الأولى 1421هـ.

(2) طريق النجاة: آية الله العظمى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) -دار الصادق/ بيروت-لبنان- الطبعة الأولى 1419هـ.

(3) الصياغة الجديدة: آية الله العظمى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله)-مؤسسة نشر الفكر الإسلامي- الطبعة الأولى 1405هـ.

(4) موسوعة الفقه (كتاب الاقتصاد) -ج107-: آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) -دار العلوم بيروت -لبنان - الطبعة الرابعة 1408هـ. (5) موسوعة الفقه (كتاب الاقتصاد) -ج108-: آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) -دار العلوم -بيروت - لبنان - الطبعة الرابعة 1408هـ.

الهوامش:

(1) نهج البلاغة: الخطبة 34، بحار الأنوار: ج27/ ص251 ب13/ ح12.

(2) الكافي: ج2/ ص 307 ح4.

(3) بحار الأنوار: ج40/ ص327/ ب98/ ح9.

(4) بحار الأنوار: ج69، ص30/ ب94/ ح26.

(5) راجع وسائل الشيعة: ج2/ ص883/ ب60/ ح2.

(6) وسائل الشيعة: ج17/ ص40/ ب9/ ح21930.

(7) سورة البقرة: الآية 286.

(8) سورة البقرة: الآية 279.

(9) سورة النساء: الآية 29.

(10) سورة النساء: الآية 32.

(11) سورة البقرة: الآية 195.

(12) الوسائل: ج12/ ص83.

(13) سورة التوبة: الآية 103.

(14) سورة الأنفال: الآية 41.

(15) سورة الأنفال: الآية 1.

(16) سورة التوبة: الآية 3.

(17) الوسائل: ج3/ ص424.

(18) صحيح البخاري: ج1-2/ ص8.

(19) سورة المنافقون: الآية 7.

(20) سورة الحديد: الآية 7.

(21) سورة فاطر: الآية 39.

(22) البحار: ج70/ ص138.

(23) انظر البحار: ج70/ ص138.

(24) سورة البقرة: الآية 184.

(25) سورة عبس: الآية 1.

(26) الوسائل: ج8/ ص442.

(27) سورة الفجر: الآية 19.

(28) سورة الحجرات: الآية 13.

(29) الاختصاص: ص27 -الوسائل: ج11/ ص322.

(30) الوسائل: ج12/ ص24.

(31) الوسائل: ج12/ ص43.

(32) الوسائل: ج12/ ص43.

(33) الوسائل: ج12/ ص43.

(34) نهج البلاغة: الكتاب رقم 53.

(35) سورة النساء: الآية 32.

(36) سورة البقرة: الآية 279.

(37) راجع فقه الإمام الرضا(ع): ص 308.

(38) تفسير نور الثقلين: ج4/ ص237.

(39) الكافي: ج7/ ص168/ ح1.

(40) الكافي: ج5/ ص93/ ح3.