2000  تشرين الثاني

1421  شعبان 

51  العدد

مجلة  

 
   

 الخطاب الثقافي

بين المثالية والواقعية

[email protected]

 مصطفى السادة

 الخلاصة

الخطاب والمفردات القرآنية

الخطاب وتأصيل المفردات

حقائق ثابتة

 

إن التكنولوجيا والتطور في عالمنا المعاصر هما السبب الرئيسي في خلق أمور عديدة تستند إلى طبيعة الحياة الصناعية.

ومن أهم تلك التغيرات التي احدثتها التكنولوجيا الحديثة هي التغير الواضح في منظومة الاخلاق والقيم في هذا العالم.

 فلم تعد القيم اليوم هي نفسها المنظومة القيمية والأخلاقية القديمة – سواء اتفقنا معها اولا – وقد بات هذا امراً ملحوظاً في وجوده.

هذا خلاصة ما يراه (ويل ديورانت) في كتابه مناهج الفلسفة، وكذلك يراه (إلفن توبلر) في كتابه صدمة المستقبل، وذلك بعد قراءه دقيقة للحضارة التي تولدت عن التجربة الصناعية وما خلفته من أزمات مختلفة – نفسيه وجسدية – على الصعيدين الفردي والاجتماعي.

فهذا التطور والتقدم في المجالات المختلفة وبالخصوص في مجال الثورات الصناعية الثلاث
- ثورة غزو الفضاء

- الثورة المعلوماتية (الكومبيوتر)

- ثورة الهندسة الوراثية

اوجد اموراً عدة:

1- اوجد نوعاً من التفجر الفكري قد بات من الصعب مواكبته بصورة دقيقة من قبل الراصد لهذه المفردة، وهذا الأمر اوجد بنية سيكيولوجية جديدة واوجد علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية – جديدة ادت إلى حدوث صراع بين منظومة القيم الاخلاقية القديمة والحديثة. ذلك لان هذا التسارع في التغيير لا يقوده العقلاء من البشر – حسب رأي العالم إلفن توبلر - وانما تقوده الشركات الاستهلاكية صاحبة النفوذ الكبير في مختلف دول العالم.

2- هذا التطور المتسارع ترتب عليه أمر خطير ومهم وهو انفجار في الحدود والاجواء بعد الانفجار في عالم الاتصالات المختلفة مما ادى إلى سهولة تصدير العدوى والازمات إلى مختلف دول العالم.

فبعد ظهور الازمات والمشكلات وبعد أن اصبحت طافية على سطح المجتمعات التي خلقت التطور كان لابد من انتشارها ايضاً ولذا ليس من الغريب أن تصل العدوى ويكون لنا قسط وافر منها فاذا كنا نصارع الرمال فهم يصارعون النيازك مع فارق واحد هو أن المشكلات تختلف من مجتمع لأخر بحسب الحجم والثقافة التي يتعاطى معها المجتمع – أي مجتمع – ومدى قدرته على التعاطي مع الواقع. ووضع الحلول الناجعة لهذه الازمات الخانقة.

3- وهذا التطور المتسارع في عالمنا وما سببه من اثار سلبية خصوصاً في العقد الأخير من القرن - الالفية الثانية - السابق والذي يعادل جميع ما قدمته البشرية وعظماؤها في القرون الماضية مجتمعة جعل الكثير من رجال الدين والمحافل المهتمة بالإنسان وحقوقه يرفعون اصواتهم عالياً ويصرخون مطالبين بوقف عجلة هذا التقدم والتطور التكنولوجي.

فقد بات محتماً شيوع وسيطرة نظرية (التغير واللاثبات) واصبحت تحكم قناعتنا وتعاملنا مع كثير من الامور في حياتنا اليومية.

وهذا الأمر ادى إلى بروز طبقة من المثقفين ينادون بضرورة تغيير منظومة القيم والاخلاق لتتمكن من التماشي مع قيم وثقافة العصر، والانفتاح على العالم الحر ومن الغريب تسرب هذه الافكار إلى بعض القلاع الحصينة التي باتت تقتنع بفكر الثورة الصناعية فبات بعض خطابنا الثقافي يتشح بهذا النوع من الرؤى والافكار التي هي في حقيقتها فكر منهزم غير قادر على المواجهة بسبب القصور في التعاطي الحقيقي الفاعل والفهم المعرفي كما ينبغي للتصورات والمفاهيم الاسلامية.

وهذا النوع من الفهم أدى إلى حصول نوع من الضبابية في طريقة اداء خطابنا الثقافي وعدم القدرة على توليد الافكار والرؤى وانضاجها مما جعل الخطاب وبالتالي الأمة فريسة سهلة بيد الخطابات الاجنبية الاخرى الهادفة إلى القضاء على ثقافة الأمة. وهي واحدة من اهم التحديات الكبرى التي تواجه المشروع الاصلاحي، اذ ليس من اللازم أن تكون التحديات اقتصادية او سياسية او عسكرية فقط، فالغزو والتحدي الثقافي ومحاولة المسخ التي تتعرض لها ثقافة الأمة هي اكبر مشكلة يمكن أن تواجه المهتمين بالشأن الثقافي الاصلاحي وقد بات العدو مع ما يمتلك من ادوات ووسائل قادراً على التسلل إلى اقرب نقطة منا.

هذا الأمر يجعلنا امام تساؤل مهم يستدعي الوقوف عنده لمعرفة - مدى فاعلية خطابنا الثقافي ومدى قدرته على القراءة الدقيقة للتغيرات المتسارعة في هذا العالم المحكوم بنظرية التغير الدائم في كل شيء، وكيف نجعل هذا الخطاب مقبولاً ومؤثراً وفاعلاً في وسط ساحتنا الاجتماعية العريضة؟

حقائق ثابتة

ولعل من أهم الاسباب التي تقتضي أن يسخِّر الباحثون والمهتمون بالشأن والخطاب الثقافي الاسلامي أقلامهم للبحث في مختلف جوانب الخطاب واشباعه بحثاً ودراسة:

1- واقع المرحلة الراهنة والدقيقة التي تمر بها الأمة من خلال تسارع الاحداث والمجريات العالمية التي استطاعت أن تتجاوز الحدود الجغرافية ونقاط التفتيش والمراقبة وهذه المرحلة تتطلب من الباحث أن يتمتع بقدرة عالية لرصد المتغيرات العالمية الكبرى خصوصاً تلك التي يمكن أن تصل تموجاتها واثارها إلى العالم الاسلامي.

فلم نعد اليوم قادرين على اتخاذ سياسة النعامة في التعامل مع الاحداث ومع ما يجري خصوصاُ وقد أثبتت التجارب عدم قدرتنا على استعمال سلاح المهاتما غاندي – المقاطعة –والعيش بعيدا عن الحاجة إلى الادوات والوسائل التي وفدت الينا من الخارج ومن الحضارة المادية التي باتت ملحا لا يمكن الاستغناء عنه –الا استثناءً من الناس ولا يمكن أن يكون قاعدة عامة ـ

فقد بات العالم اليوم –عالم الثورة المعلوماتية –يطلق صفة الامية والجهل على كل من لا يتعاطى مع الوسائل المعلوماتية،فلم تعد مفردة الامية مخصوصة الاستعمال فيمن لا يقرأ ولا يكتب،انما توسعت بحيث شملت المدلول العام والواسع لها. وبهذا الاطلاق لهذه المفردة باتت أغلب شعوبنا الاسلامية تحت قائمة الامية المعرفية والمعلوماتية.

2- لأن الخطاب الثقافي يعكس في كثير من الاحيان فاعلية المجتمع من ثقافة وتطور وحضارة ويعبر عن طريقة التفكير والمعايير التي يتعامل بها المجتمع.

ونحن نعتبر الإسلام هو المشروع - الحل - الحضاري الشامل للامة وياتي المشروع الثقافي في طليعة هذه المشاريع ولابد أن يبدأ المهتمون بهذا الشان من المشروع الثقافي والمنظومة الفكرية التي يستطيع قبولها الجميع، خصوصا ونحن على ابواب ما بعد عصر التصنيع والتطور الصناعي، وفي قمة الأزمة الأخلاقية والقيمية التي يعيشها العالم اليوم.

وهذا الأمر يدعونا إلى التأكيد على امرين مهمين:

أ. ضرورة فهم الخصوصية الاسلامية، ومعرفة المشروع الاسلامي قبل كل شيء، وهذا يتطلب منا الغوص في عمق هذه المفاهيم والتصورات بعيدا عن العاطفة والفكر والقناعة الشخصية والحدية حتى لا يكون تعاملنا مع هذه المفاهيم تعاملا تحميليا - أي تحمل تصوراتنا على المشروع الاسلامي – انما ينبغي كونه تعاملا تحصيليا.

وقد نهى الدين عن تحميل القرآن بأفكارنا وتصوراتنا الخاطئة في كثير من الفهم لانه من باب العمل بالرأي.

فقد ورد عن الرسول الأكرم(ص) (قال الله جل جلاله:ما آمن بي من فسر برأيه كلامي)(1)، وعنه(ص) أيضا قال (اكثر ما اخاف على امتي من بعدي رجل يتأول القرآن يضعه على غير مواضعه)(2) وايضاً (من قال في الدين برأيه فقد اتهمني)(3) وورد عن الامام علي(ع) (فلا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر ولا تتغلغل اليه الفكر)(4)

ونحن مع الأسف، علاقتنا بالمفاهيم الاسلامية هي من النوع الأول – التحميلي – مما يعني عدم القدرة على الولوج إلى عمقها وتحصيل ما يمكن أن تدفعه الفكرة او المفهوم الينا ولا نتجاوز الحقيقة اذا قلنا أن هذه المشكلة هي واحدة من اعقد المشاكل التي يعيشها خطابنا الثقافي فهو خطاب تحميلي لا يخدم إلا المصالح الفردية أو الجهوية وغير قادر على عكس الصورة الحقيقة للمفاهيم والتصورات الاسلامية.

ب) تطبيق المفهوم أولاً قبل مخاطبة الآخر.

فمن السهل على الانسان التنظير والتخاطب مع الاخر من خلال الفهم ولكن من الصعب جداً أن يكون هذا الخطاب مترشحاً من خلال الممارسة والتطبيق، وان يكون مؤثراً او ذا قيمة معرفية لها مساس بالواقع الاجتماعي السلوكي.

وقد ذكر القرآن مستنكراً هذا النوع من التعاطي السلبي مع المفاهيم فقد ورد في القرآن (يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) (5) وقوله تعالى (أتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب) (6) وقد ورد عن الإمام الصادق(ع) (كونوا دعاة لنا بغير السنتكم).

وفيه تقرير لمبدأ العمل والتطبيق اولاً.

ومشكلتنا الاساسية هي اننا نعيش الازدواجية والفصل بين النظرية والتطبيق في مفاهيم كثيرة

ـ فمفهوم النقد: نحن نبذل جهدا كبيرا ونجمع الطاقات لنقد الآخر نقدا لاذعا، ونستطيع أن نضع عمله على طاولة التشريح ولكننا لسنا على استعداد لان نسمع رأي الآخر، إذا كان يستهدفنا ويستهدف طريقتنا في العمل وقد نشن حربا دفاعية نجند لها المواقف في سبيل الحيلولة دون هذا النقد.

ـ ومفهوم الرأي الاخر: فنحن قادرون على التنظير لهذه المفردة ولضرورة قبول الآخر والتحاور معه، ولكننا غير قادرين على قبول الآخر في الواقع الاجتماعي، فنحن لا نرى الا لونا واحدا من الوان الطيف خلافا لطريقة القرآن والأنبياء(ع) في التعامل مع الاخر.

فقد ورد في القرآن (وانا واياكم لعلى هدى او في ضلال مبين) (7) في حديث النبي(ص) مع الكفار وكذلك في حديث القران مع موسى وهارون(ع) (اذهبا إلى فرعون انه طغى) (8)، وهكذا كان جميع الأنبياء(ع) يعطون للرأي الاخر مساحة للحوار، وهذا يعني الاقرار بوجوده أو لا.

الخطاب وتأصيل المفردات

الخطاب الثقافي الاسلامي يساهم وبشكل فاعل في نمو الصحوة والتنمية الثقافية للامة وانتشارها في المجتمعات الإسلامية، وهذا ما يفسر الحصار المضروب عالميا.

وحتى يكون الخطاب فاعلا يحتاج القائمون على هذا الشأن إلى تأصيل المفردات والمفاهيم التي يتناولها الخطاب في تعاطيه مع الواقع الاجتماعي.

وينبغي أن تعطى هذه المسألة حجماً من الاهتمام وان تكون لها الاولوية في عقد الدراسات والبحوث التي ينبغي أن تؤهل هذه المفاهيم المتحركة في ساحة الواقع حتى تتمكن جميعا من تقديم صورة متكاملة عن المشروع الثقافي الاسلامي كونه بديلا عن المشاريع الاخرى.

من هنا نحن بحاجة إلى قراءة جديدة ومعمقة مشفوعة بامرين:

1) قراءة دقيقة للواقع المعاصر خصوصا مع تبدل الكثير من القراءات الأخرى القريبة والبعيدة، وتغير الكثير من الإستراتيجيات الحركية - أو تجميدها - وهذا الأمر يدعونا إلى مراجعة سريعة لمفاهيمنا ومسلماتنا التي كنا نتعامل معها.

2) الحس المعرفي الدقيق للمفاهيم والتصورات الاسلامية المترادفة مع العملية التثقيفية.

وهذا يعني ضرورة ايجاد الوسيلة الفضلى التي يمكننا من خلالها معرفة المفاهيم الإسلامية بصورة صحيحة ومتكاملة ثم معرفة الطريقة المثلى لعرض هذه المصطلحات والمفاهيم، ولا يمكن تحقيق الثانية بصورة جيدة من دون الولوج إلى ساحة عرض التصورات دون الحس المعرفي الصحيح وهو يمثل مشكلة كبرى داخل المشروع الاسلامي، لانه يؤدي إلى عدم القدرة على العرض الصحيح وبالتالي يؤدي إلى عدم القدرة على عكس المشروع للآخرين - داخلا وخارجا -.

ولابد من امتلاك وعي المشروع اولا لنستطيع الخروج من مأزق هذه الازمة التي بدأت تضرب بجذورها على صفحات بعض الخطابات الثقافية والفكرية إلى درجة الخلط بين الثابت والمتحرك، والتوحيد بين الوسيلة والغاية مما سبب الكثير من التشوش والاضطراب وبالتالي أدى إلى عزل الخطاب عن شرائح عديدة من ابناء المجتمع.

ولان الخطاب الثقافي ينمو ضمن الاطار الاسلامي، ويؤمن أيضا بان الإسلام هو المشروع الحقيقي والقادر على اخراج الانسان من جميع ازماته الخانقة التي صدرت اليه من خلال تعاطيه مع الحياة التكنولوجية.

ولان الخطاب الإسلامي يمثل اطلالة الإسلام على واقع الإنسان من خلال أفكاره ورؤاه فلابد أن يكون هذا الخطاب متشحاً بالمفردات القرآنية دون أن نحتاج إلى كسر عنق الخطاب وقسره على المفردات والمصطلحات الثقافية المفروضة علينا من قبل الذهنية الغربية او المتغربة فكريا.

وهذه دعوة قرآنية أيضا يدعو فيها المسلمين إلى الاستقلالية الثقافية فقد ورد في قوله تعالى (يا ايها الذين امنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب اليم) (9) حيث يحث القران المسلمين على الاستقلال في المفردات لما له من اثر في الاستغناء وعدم التبعية الثقافية.

وبمراجعة المفردات القرآنية نجد فيها:

ـ خطاب الحكمة (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) (10).

ـ خطاب الحوار بالتي هي احسن (وجادلهم بالتي هي احسن) (11).

ـ خطاب اللين (فقولا له قولا لينا.. )(12).

وغيرها من الخطابات القرآنية التي ينبغي أن تزين صفحات خطاباتنا الثقافية بدلا عن المفردات الوافدة والهادفة إلى نسخ المفردات القرآنية ويقرر كل هذه الأمور مجتمعة كلام الرسول(ص) (إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) (13).

والخطاب الذي ينبثق ويعيش ضمن الاطار الاسلامي ينبغي أن يخاطب الناس على قدر عقولهم ولغتهم وثقافتهم.

وقد يحدث العكس وتصل الحالة إلى المناداة بضرورة عدم استخدام المفردات القرآنية بحجة الانفتاح على الثقافات الاخرى، او بغية توسيع رقعة الخطاب الاسلامي إلى الدوائر الاخرى البعيدة التي تعتبر التمسك بالمفردات الاسلامية جمودا من هنا لابد من استخدام المصطلحات الجديدة.

وهذا الأمر خلق حالة من الانعزال عن القرآن ومفرداته، والتخاطب بالمصطلحات المعقدة التي يحتاج فهمها إلى قاموس مما جعل الخطاب الثقافي في بعض جوانبه نخبوياً لأنه كتب بلغة لا يفهمها إلا بعض المثقفين مع الالتفات إلى أن طريقة القران هي التخاطب مع البشر بقدر عقولهم ومستوياتهم المتفاوتة، فنجد أن فيه:

ـ خطاب المثال (وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) (14).

ـ خطاب العقل والاستدلال (وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي انشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) (15).

ـ خطاب الروح (امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض أإله مع الله قليلا ما تذكرون، امن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله، تعالى الله عما يشركون) (16).

ـ خطاب الوجدان والقلب كما في قوله تعالى (قل انما اعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد) (17) وهذا ما يميز الدين الاسلامي عن غيره من الاديان الاخرى فهو دين يخاطب العقل والروح والوجدان ولا يهمل شيئا منها على حساب شيء اخر من هذه الجوانب الانسانية(18).

كثيرة هي الارهاصات التي تدعونا إلى مراجعة الذات، وخصوصا خطابنا الثقافي فنحن على ابواب ما بعد عصر التصنيع والتقدم التكنولوجي

ولا يشك احد اننا بحاجة إلى خطاب ثقافي ينفتح على العالم ويستطيع أن يقدم صورة حسنة عن المشروع الاسلامي فهو القادر على اخراج الانسان من ازمته الخانقة التي سببها له تعاطيه الخاطئ والسلبي مع الحياة، شريطة أن نكون متسلحين بالمفاهيم والمفردات الاسلامية لنستطيع مخاطبة العقول البشرية وعكس صورة صافية عن الدين والمشروع الذي بشر به الأنبياء جميعا وعكس سلوك أهل البيت(ع) التطبيقي للمفاهيم ومنظومة القيم الاخلاقية والثقافية.

وبهذا نكون قد جعلنا المشروع الإسلامي مقبولا ويعيش الحالة الاجتماعية في الواقع ويشرف على الإنسان من خلال الافكار والتصورات الحية وبذلك نساهم في عملية التنمية الثقافية التي هي البنية التحتية للتنمية الشاملة اقتصاديا واجتماعيا وتقنياً وغير ذلك، والتنمية الثقافية ممارسة وشعور قبل أن تكون شعارا، وهي حقائق علمية وعملية لا مظاهر سطحية.

1- ميزان الحكمة ح3، ص2532 الطبعة الاولى لدار الحديث.

2- نفس المصدر.

3- نفس المصدرح2، ص1028.

4- نفس المصدر ح2، ص1028.

5- سورة الصف، الآية (2-3).

6- سورة البقرة، الآية (44).

7- سورة سبأ، الآية (24).

8- سورة طه، الآية (43).

9- سورة البقرة، الآية (104).

10- سورة النحل، الآية (125).

11- سورة النحل، الآية (125).

12- سورة طه، الآية (44).

13- الكافي، ج1، ص23، رواية15.

14- سورة العنكبوت، الآية (43).

15- سورة يس، الآية (78-79).

16- سورة النمل، الآية (62-63).

17- سورة سبأ، الآية (46).

18- مجلة النبأ، العدد 34، ص78.