2000  تشرين الثاني

1421  شعبان 

51  العدد

مجلة  

(1)

منتدى النبأ

الديمقراطية في اعصار العولمة

د. الناجي لمين(2)

ضعف العمل النقابي

 دكتاتورية السوق

تقلص تحكم الدولة

تحول السلطة

الهوامش

دعوة إلى الاجتهاد

النتائج العكسية  للديمقراطية

اختفاء الطبقة الوسطى 

تقديم

اشكالات حول ما كتبه عبد اله بلقزيز في كتابه (العنف والديمقراطية)..

الفكرة الأساسية للكتاب بالنسبة إلي – وهي حتمية انتشار الديمقراطية - جاءت في السنة الأخيرة من القرن العشرين نغمة نشازا وسط أصوات كثيرة مصدرها كتابات لمفكرين غربيين تشكك في استمرار قدرة الديمقراطية بمعناها التقليدي على (الإجابة على أسئلة العصر) كما يقال.

إنها فكرة - (إيديولوجية) تجاوزتها الأحداث وعفا عنها الزمن، أضف إلى ذلك -وهذا هو الأهم- أن الاتجاه العام في الفكر الغربي، مدعما باعترافات من قلة شجاعة من بعض مفكري العرب، يرى أنه يصعب جدا أن يأتي تطبيق الديمقراطية في دول العالم الثالث بثمرات طيبة، بل إن التجارب أثبتت أن محاولة تطبيقها ترتبت عنها نتائج عكسية، كانت في بعضها كارثة، وذلك لعدم توفر الشروط الضرورية لنجاح التجربة الديمقراطية.

إلا أن المثير في ما كتب الأستاذ بلقزيز هو المقدمة التي رتب عليها النتيجة التي ذكرتها سابقا عنه، وهي نعته الديمقراطية بأنها (حقيقة كونية) (ص 79)، يقول: (...الكونية: كونية الديمقراطية ثابتة، أما مقاومتهم فظرفية وانتقالية.. )، ثم يضيف بأن الديمقراطية (هي اللحظة التي نستحقها –بجدارة- لقاء انتمائنا إلى العصر الكوني والمشاركة في تداول قيمه. وكل دعوة إلى الاستثناء والخصوصية –هنا- حشرجة مقاومة يائسة لآلية آيلة إلى تحقق، وحق آت لا ريب فيه، لأن الديمقراطية –كالعلم والقيم الاقتصادية- حقيقة كونية).

لن أقف طويلا عند المسألة التي تجاهلها الأستاذ بلقزيز، وهي أن الديمقراطية الليبرالية (أو الديمقراطية الماركسية إن كانت هناك ديمقراطية ماركسية) نشأت نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية خاصة، وتأسست على رؤية معرفية خاصة أيضا.. وأنها لم تطبق ولو لحظة واحدة في التاريخ وفق الطريقة المرسومة نظريا..

إنما أعتبر أن الديمقراطية قد طبقت في مناطق من العالم ، وأن الضعفاء قطفوا من ثمارها، وأن المتسلطين والظلمة والجشعين اكتووا بنار عدلها، لأفصل القول في أمرين: الأمر الأول: أن الاتجاه الفكري العام (المستقل) في الغرب بدأ يقل حماسه عن الحديث عن الديمقراطية، لأن الأركان التي تستمد منها الحياة (الدولة-الأمة، والسيادة الوطنية، والسياسة، والطبقة الوسطى المؤثرة..) قد خلخلها إعصار العولمة.

الأمر الثاني: أنه يعسر جدا أن تطبق الديمقراطية في دول العالم الثالث (ومنها الدول العربية)، حيث أن الفقر والأمية وغياب (الثقافة الديمقراطية) يشكل القاعدة..

وقبل إنهاء هذا التقديم أحب أن أنبه على أن ما سيرد من أفكار في هذا البحث لا يعبر بالضرورة عن معتقدي، أو أنني ضد الديمقراطية، أو أي آلة سياسية تحقق العدل وترفع الظلم عن الإنسان، وإنما ذلك من باب بسط الحجة وتوثيق الآراء والأفكار، وتمحيص الدعاوى.. والمقصود في نهاية المطاف هو وضع مقولة إن (الديمقراطية حقيقة كونية (صالحة لكل زمان ومكان)، وإنها حق آت لا ريب فيه) موضع البحث والشك.

وأظن أن ليس هناك في الوجود فكرة إنسانية تستحق اسم الحقيقة التي لا نقاش فيها، فجدير بنا –إذن- أن يكون عقلنا منفتحا على كل الإمكانات والتصورات، وكل التجارب والخيارات، خصوصا في زمن يوصف- خطأ أو صوابا بأنه زمن.. العولمة.

الفصل الأول

 مأزق الدولة-الأمة ونبوءة (تحول السلطة)

من العسير الاتفاق على حد جامع مانع مركز لمفهوم الدولة-الأمة، إلا أن هناك ثلاثة عناصر لا يمكن تصور الدولة-الأمة بدونها، وهي: شعب وأرض وسلطة شاملة.

وفكرة الدولة-الأمة فكرة حديثة العهد في الحضارة الغربية، ونشوءها جاء نتيجة ظروف أوربية خاصة، متمثلة أساسا في تطور الصناعة والرقابة على الموارد الأولية، ولذلك فهي ليست طبيعية ولا ضرورية(3)، ويمكن تجاوزها إلى أشكال أخرى من الاجتماع إذا دعت الضرورة ذلك.

وهذه الحقيقة –أعني تجاوز الدولة/الأمة- غير غائبة على النخبة في الغرب(4)، وكثير منهم يتوقع اختفاءها بسبب التحولات الكبرى التي يعرفها العالم(5)، فالمجتمعات اليوم في طريقها إلى التحول من مجتمعات صناعية إلى مجتمعات (إعلام ومعرفة)(6)، أو مجتمعات العصر ما بعد الصناعي(7)، بل إن بعضها -وهي الدول الصناعية المتقدمة كاليابان وأمريكا الشمالية- انتقلت فعلا إلى هذه المرحلة(8)-..

ويرى جان ماري أن عام 1989 وضع (حدا لعمر الدول-الأمم)(9)، وينص في مكان آخر على أن هذه السنة دونت (بالفعل أفول مرحلة تاريخية طويلة الأمد كان من أبرز فضائلها ظهور تدريجي للدولة-الأمة على أنقاض الإمبراطورية الرومانية)(10) ويسمي في موضع آخر(11) المرحلة الجديدة (إمبراطورية بدون إمبراطور)، وينبه كذلك على أنها إمبراطورية غير مرتبطة بمكان على خلاف الإمبراطوريات القديمة..

لقد فقد المجال أهميته وبات أقل قدرة على حمل الآمال والإجابة على أسئلة العصر الجديد، أو (الموجة الثالثة) بتعبير ألفين توفلر ALVIN TOFFLER(12) التي تفضل التعامل مع عالم مفتوح بلا سقف ولا جدران، ومتداخل بين أطرافه، ومتقارب بين أجزائه(13).. عالم قوام ثروته المعارف العالية والخبرات الواسعة(14)، أو (الموارد البشرية والمعلومات)(15)

هناك عنصر آخر من عناصر الدولة-الأمة (رمزي) بدأ يتعرض للمزاحمة، وهو حب الوطن والتعصب له والدفاع من أجله، والإخلاص له والحنين إليه، يقول جان جاك روسو عن المواطن: إن (محبة (الوطن) تملأ كل وجوده، فهو لا يرى سوى الوطن، ولا يعيش إلا في سبيله، وفي الوقت الذي يصبح فيه وحيدا يغدو لا قيمة له، وعندما لا يكون له وطن لا يكون عائشا، فإذا لم يمت فهو في وضع أسوأ)(16).

لكن درجة حرارة هذا الإحساس أخذت تنخفض عند المواطن لارتباطه بأطراف خارج الوطن ارتباطا يزداد وثاقه يوما عن يوم، ولبروز مصالح حيوية بيد مراكز خارجية.. وتجد مجموعة من الناس من مختلف الدول تجمعهم صداقة واحدة، وتوحدهم مصالح مشتركة، وتؤلف بينهم ثقافة جامعة(17).

لقد كان لهذه الروابط (العائلية والقبلية…) جاذبية تغري بالوصال وتبغض في الهجر، وتبعث على الحنين والحب عندما كانت منبعا للرحمة، ومصدرا للتعاون والتآزر والتكافل، أما وقد عطل هذه الوظائف تغول الدولة وزلزال الحضارة، ثم أتلفها إعصار العولمة: فإن الروابط العائلية وغيرها صارت أوهن من بيت العنكبوت.

إن الارتباط بالأرض لجماعة معينة إذا كان يسهم في تعميق الخصوصيات الثقافية والتمايز السلوكي والتباين اللغوي بين المجموعات البشرية، مما ينتج عنه الولاء للمكان والمحبة للجغرافيا، فإن تلاشي الحواجز –على العكس من ذلك- يوفر سيولة الحركة وييسر سبل التلاقي، فتذوب الفوارق الثقافية، ويتنمط السلوك، ويسهل التفاهم، وتخف وطأة الحمية للجنس، وتنخفض درجة حرارة التعصب للوطن، وتجتث جذور المصالح الاجتماعية، ويضعف الترابط العائلي، وتهتز روح التعاون، وتعز الوحدة بين أبناء الوطن الواحد.

تقلص تحكم الدولة-الأمة في وظائف السيادة

1- سيادة الضريبة

كانت سلطة فرض الضريبة والرقابة عليها من أهم العناصر الأولى في تشريع القوة وتحويلها إلى مؤسسة(18).. واليوم نرى الدولة لا تستطيع الهيمنة على هذه السلطة بسبب المتغيرات التي عرفها العالم.. فحرية تنقل الأشخاص والرساميل وصعوبة تحديد المكان الذي تتشكل فيه القيمة الزائدة، وإحداث الشركات ألوانا جديدة من الوسائل المتطورة للتهرب من الضريبة، والتنافس الدولي على جذب رأس المال.. كل ذلك أفقد الدولة أهم عنصر من عناصر السيادة، وسبب لها خسارة فادحة، مما جعلها غير قادرة على الإشراف على كثير من الأعمال الاجتماعية العظيمة (الصحة، التعليم، البنية التحتية..) التي تكسبها احترام المواطن وولاءه.. (19)

لقد أصبحت السيادة الضريبية قاصرة على العقارات والرباع، وأجور الموظفين وأجور العمال المرتبطين بمصانعهم.. فإذا حاولت الدولة تعميم فريضة الضريبة على الأشكال الاقتصادية الجديدة، أو على الشركات المتعددة الجنسية فإنها تجد نفسها في منافسة مع العالم بأسره، إذ لا تستطيع فرض ضرائب بنسب أعلى من منافسيها في السباق نحو جلب رأس المال والمهارة دون أن تلحق باقتصادها أضرارا عظيمة(20).

اضطرت الدولة –إذن- أمام وحشية حرية السوق لتقديم تنازلات ضريبية سخية. لكنها بالمقابل تحكم قبضتها على الضعفاء من موظفي الدولة والعمال! إنه الدور المتناقض المهين الذي بدأت تقوم به الدولة الوطنية. والضحية هي الديمقراطية التي يصفها البعض بـ(الحقيقة الكونية).

2-قطاع الدفاع

بات من المستحيل أن تعتمد الدولة-الأمة كلية على الذات، لتأمين ضروراتها الدفاعية، وإنما هي مجبرة للتحالف مع أطراف أخرى(21).

3-السيادة القضائية

لا يمكن لأي نظام قضائي أن يدعي لنفسه إمكانية البقاء بمنأى عن التأثيرات الخارجية الدولية.. فتطور الاقتصاد على مستوى الدول فرض على كل دولة (ضرورة الانضواء تحت لواء الأعراف الدولية التي تتحدد على مستوى يتجاوز الأطر القومية، فإذا ما شاءت دولة ما أن تعزل نفسها في أعراف قانونية خاصة، ظانة أن بوسعها على هذا النحو حماية صناعتها من غزوات الخارج، فإن مثل هذا الأمر يحل عليها وبالا، لأنه يؤدي إلى سجن صناعاتها العصرية في سوق محلي ضيق جدا يحول دون إمكانية حصد عوائد تغطية نفقات الإنتاج والبحث العلمي والتنمية الضرورية التي تخولها المحافظة على كفاءتها)(22).

4-القطاع الاقتصادي

هذا القطاع هو المثال الأوضح والدليل القاطع على أن السيادة الوطنية آخذة في التواري، فالمحافظة على اقتصاد متين يقوي على المكوث في حلبة المنافسة الدولية يقتضي التوفر على تمويل للبحث العلمي يفوق إمكانيات الدولة الوطنية، مما جعل التعاون بين الدول في مجال البحث العلمي لتطوير الإنتاج (حاجة ماسة)(23).

خاتمة الفصل

تتخذ الدولة-الأمة خصائص أخرى غير الخصائص التقليدية، وعليه: سيحتاج الأمر –على الأقل- إلى نهج أسلوب جديد لإعادة العدل والحرية ورفع الظلم، واسترجاع الكرامة. ويقول اجناسيو رامونيه: (إن قضية تحديث الديمقراطية وإصلاح نظامها عشية الدخول إلى الألفية الثالثة يتطلب أسلوبا جديدا ومستعجلا). ويرى كذلك أن الجميع يشعر بأن النظام الديمقراطي (قد اهتز ولم يعد يلائم العصر، وأنه ابتعد عن شواغل المواطنين)، ويعتقد الناس –يضيف اجناسيو- أنه حان الوقت لإدخال إصلاحات جذرية على النظام الديمقراطي (في زمن باتت فيه المجتمعات المتقدمة تخضع لظاهرة لا عهد للمجتمعات بها من قبل: إنها الثورات الثلاث: التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية، وما أحدثته من تغيرات جذرية).. في العقليات وطرائق التفكير، وفي كيفيات اتخاذ القرارات في جميع مجالات الحياة(24).

فهل بعد كل هذا يمكن الزعم بأن الديمقراطية -بمعناها المتعارف عليه- من الحقائق الكونية (؟!) وأنها (حق آت لا ريب فيه) (؟!).

الفصل الثاني

موت السياسة ودكتاتورية السوق

السياسة هي فن حكم مجموعة من الرجال يتحددون عبر تجذرهم في مكان أو مدينة (بالمعنى اللاتيني القديم) أو أمة.

هذا تعريف جان ماري(25) ويحدها جان جاك شيفالييه بأنها (..علم السلطة وفنها وعقدة في العلاقات بين الحاكمبن والمحكومين، بالأمة-الدولة، أو بشكل أكثر استعمالا: بالدولة/الأمة)(26)

فمن أهم شروط تحقق مفهوم السياسة: مجموعة بشرية مرتبطة بـ(جسم سياسي) يعبر عن السيادة الوطنية و(وجود عقد اجتماعي يسبق ويتخطى كل العقود الخاصة)(27).. ولذلك يقول جان ماري: (إن اختفاء الأمة يحمل في طياته موت السياسة)(28).

ومن خصائص المجتمع السياسي: أن يتنازل كل فرد عن بعض حريته ومصلحته لصالح المنفعة العامة.. (29).

إلا أنه في ظل عصر الشبكات، وثورة المعلومات، وظهور أشكال اقتصادية جديدة، وتحرير الأسواق وتغول الشركات المتعددة الجنسية: تعرض استقرار المجال السياسي للاهتزاز، فكان من نتائج ذلك (تفتت) المصالح وتضاربها، فأصبح من العسير على المؤسسة السياسية استيعابها وإدارتها والتوفيق بينها لإيجاد مصالح مشتركة تعم الجميع.. لقد أصبح المحرك الأساسي لهذا العالم (ليس الاعتراف بمصلحة مشتركة، بل معركة الجميع ضد الجميع.. )(30).

وهكذا توارى الحديث عن العدالة الاجتماعية، وسياسة الدعم، والتعويض عن البطالة، والصحة والتعليم للجميع، وغيرها من المصالح التي كانت السياسة تتولى مهمة العناية بها.

فلا غرابة بعد كل هذا أن تسمع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جون ميجر في أبريل من عام 1995 يشتكي ويقول بأنه لا يجوز ترك العمليات في أسواق المال (تتم بسرعة وبحجم كبير، بحيث لم تعد تخضع لرقابة الحكومات أو المؤسسات المالية)، ولا عجب كذلك إذا نعت جاك شيراك المضاربين في القطاع المالي بـ (وباء الإيدز في الاقتصاد العالمي)(31).

ويمكن أن نصنف اليوم الحكومات من حيث علاقتها بأرباب المال، (حكام العالم الجدد) إلى ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: وهو قليل يحاول أن يقف أمام التيار فاستحق أقسى العقوبات وقد تكون كوبا وكرويا الشمالية من هذا الصنف.

الصنف الثاني: تحالف مع الطغمة الآخذة بزمام الاقتصاد العالمي، وتنكر للشعب وأضاع حقوقه.. ويتكلم العالم الاقتصادي فريدريك كليرمونت عن كوريا الجنوبية في مقال له بعنوان: مائتا شركة تجارية تسيطر على العالم(32)، ويشير إلى القمع الوحشي الذي يتعرض له العمال، وإلى انتهاكات حقوق الإنسان، ثم ينص على (أن جميع رجال السياسة دون استثناء، وكذلك أفراد القيادة العليا للجيش هم في الواقع شركاء أصليون وأعضاء في مجالس إدارات هذه الشركات الكبرى.. ).

الصنف الثالث: وهو الغالب، خضع للأمر الواقع ورام التكيف معه، وهو يحاول أن يخرج بأقل الخسائر.. من هذا الصنف الولايات المتحدة الأمريكية، أول دولة يضرب بها المثل في الديمقراطية، فقد وعد بيل كلينتون ناخبيه في حملته الانتخابية الأولى بإصلاحات اجتماعية واسعة: من مثل تجديد المدارس الحكومية الخربة وجعلها في مستوى يفي بالمتطلبات، وأن يكون لدى كل مواطن أمريكي تأمين ضد المرض.. وهي إصلاحات تلقي على الإنفاق الحكومي عبئا إضافيا. ولكن بعد فوزه في الانتخابات تدنت أسعار سندات الدين الحكومي الأمريكية لمعارضة مصرفيي صناديق الاستثمار هذه الإصلاحات علانية.. مما دفع بالرئيس المنتخب (ديمقراطيا) إلى التخلي عن الوعد الذي قطعه على نفسه أمام ناخبيه.. ولقد علق جيمس كارفيل مستشار كلينتون القديم على هذا بعبارة تنم عن الإحباط قائلا: (في السابق كنت أمني نفسي وأقول: لو ولدت فسأود أن أكون رئيسا أو بابا، أما الآن فإني أود أن أكون سوق مال: إذ سيكون بإمكاني أن أهدد من أشاء).

ولقد علق مؤلفا كتاب (فخ العولمة) على هذا الحادث بقولهما: (هكذا –إذن- يصبح الخضوع لحكم أسواق المال ضربة للديمقراطية)(33).

يقول السوكمندار ماركوس: (إن السياسة كمحرك للدولة-الأمة لم يعد لها وجود في خضم الحرب الجديدة، لم تعد تصلح إلا لتسيير الاقتصاد، ورجال السياسة لم يعودوا إلا مسيرين للشركات على اعتبار أن أسياد العالم الجدد لم يعودوا في حاجة إلى الحكم مباشرة، فالحكومات الوطنية تتكفل بإدارة الأعمال لحسابهم، والدول لا تعدو كونها شركات مع اعتماد مسيرين في شكل حكومات.. )(34).

خاتمة الفصل:

يتحصل مما سبق أن السياسات الوطنية تخدم اليوم – طوعا أو كرها - مصالح أصحاب رؤوس الأموال، ولم يعد يسمح لها حتى بمجاملة الشعب بتنفيذ الحد الأدنى مما وعدت به.. بل إن البعض يرغب في أن يحصل اقتناع أنه لا فائدة من الانتخابات، وأنها إضاعة للوقت وتبذير للمال، وأنه آن الأوان للتفكير في حكومة مكونة من (الإداريين والتكنوقراط)(35).

وقد يكون هذا هو الاتجاه الذي سيعرفه القرن الواحد والعشرون، من بوادر ذلك أن عدد العازفين عن المشاركة في اللعبة الديمقراطية في تزايد مطرد، فالديمقراطية بنظر هؤلاء أصبحت خدعة وتعرضت للتشويه والمصادرة من قبل زمرة من أصحاب الامتيازات(36).

فهل يصح بعد كل هذا أن نصف الديمقراطية بأنها (حقيقة كونية) وأنها (حق آت لا ريب فيه)؟!

- الفصل الثالث-

   ضعف العمل النقابي والعودة إلى الماضي

الحركة النقابية هي إحدى الظواهر البارزة في العصر الحديث(37)، والعمل النقابي هو برأي أهل الديمقراطية ظل للممارسة الديمقراطية، لأنه مظهر من مظاهر المجتمع المدني(38).

إلا أننا نلاحظ أن هذه القوة الضاغطة بدأت تتخلى عن مواقعها لصالح الهجمة الشرسة التي تقودها الليبرالية الجديدة بمباركة الحكومات المنتخبة.. ففي بحث بقلم كاثلين نيولاند بعنوان: (يا عمال العالم.. ماذا ستفعلون؟) تقرأ في التمهيد ما يلي: (هناك مقعد شاغر على طاولة مأدبة العولمة الاقتصادية، وبينما تتغذى رؤوس الأموال والتجارة والمؤسسات الدولية على الأسواق المفتوحة والكفاءة المضاعفة والحواجز المتلاشية في السوق الكوني الجديد، فإن العمال لم يَعُدْ يذكرهم أحد…)(39).

الوضع المزري للطبقة العاملة:

1-الانخفاض المستمر في الأجور وإلغاء قوانين الشغل:

هناك توجه عام دخل حيز التطبيق في عدة دول في مقدمتها الدول السبع الكبرى يتمثل في إلغاء القوانين التي تحقق مكاسب للعمال، مثل قانون الحد الأدنى للأجور، ومشروعات الضمان الاجتماعي والصحي والتعويضات عن البطالة(40). ويزيد من تأزم هذا الوضع الانخفاض في قيمة العملات(41).

وهناك بعض الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية تستحب التعامل مع (الأجير اليومي)(42)، وانتقل هذا النموذج (الماضوي) إلى أمكنة خارج الولايات المتحدة الأمريكية كالمكسيك(43).

وحتى في ألمانيا، بدأت الرفاهية، التي كانت سمة المجتمع الألماني، تتراجع، إذ الأجور -إضافة إلى ارتفاع عدد العاطلين- سائرة في انخفاض.. وهذا ليس إلا (بداية تنبئ بما هو أسوأ)(44).

2-الارتفاع المستمر في عدد العاطلين عن العمل:

تتسع مساحة مجتمع العاطلين باستمرار حتى في مراكز التصنيع الأقدم في البلدان الصناعية(45)؛ ففي ألمانيا تسجل نسبة البطالة أعلى رقم منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية (في سنة 1996 أكثر من ستة ملايين لا يجدون فرصة دائمة للعمل) (46) وأفواج العاطلين في باقي دول أوربا تتكاثر بسرعة مذهلة(47).

(وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن عشرة ملايين عامل قد انضموا إلى صفوف العاطلين عن العمل في العالم في عام 1998، وفي الأغلب بسبب الانهيار الاقتصادي الأسيوي…)(48). وفي المكسيك وحدها يتحدث الاقتصاديون عن أن نصف السكان الذين هم في سن العمل إما عاطلون عن العمل أو يعملون بأجر يومي(49).

ولا مكان، في المستقبل القريب، للعمال القليلي الخبرة في سوق الشغل(50)، ويؤكد عملاق التجارة واشنطون (سي سيب) على أنه لن تكون هناك حاجة إلى أيد عاملة أكثر من 20 بالمئة لإنتاج ما يحتاج إليه الطلب العالمي من السلع والخدمات، أما 80 في المائة الباقية فستكون عرضة للبطالة، وستعيش على الإعانات والتبرعات وأعمال الخير..، (ويتوقع المهتمون على مصائر الاتحادات والمؤسسات الصناعية أن الأمر لن يستمر طويلا حتى نرى في الدول الصناعية أفرادا ينظفون الشوارع بالسخرة، أو يعملون خدما في المنازل قصد الحصول على ما يسد الرمق)(51).

وكثيرا ما يخفض عدد العمال دون أدنى تخفيض في الإنتاج مع زيادة الأرباح بنسبة كبيرة(52)، وسمي ذلك بعقلانية السوق(53). وكلما تقدم البحث في عالم التكنولوجيا، كلما توفرت الدواعي لتسريح العمال، ويساعد على السير في هذا الاتجاه كذلك اندماج شركتين أو أكثر، أو ابتلاع شركة لأخرى..

وكل مسؤول شركة له القدرة على تخفيض تكاليف العمل مع الحفاظ على مستوى الإنتاج والزيادة في الأرباح يحصل على مكافآت (إكراما له) على هذا الصنيع(54).

أمام هذه الوضعية عمدت النقابات إلى إعادة ترتيب صفوفها، وتقوية أجهزتها للحصول على بعض مطالب العمال. ولكن هل ستنجح؟ هيهات! إن هذه المطالب ستستحيل إذا استمرت النقابات في استعمال الأسلحة التقليدية إلى (استنكار لا جدوى منه) ثم (إحباط واستسلام للمقادير)(55).

خاتمة

يستنتج مما سبق أن عصر الرفاهية قد ولى، وأن ثقافة (التضامن) و(العدالة) وغيرهما من المصطلحات (المعيارية) التي تنتمي إلى قاموس الديمقراطية قد اندثرت، ومن الباحثين من اكتشف أن الرفاهية التي كان يتنعم بها قطاع عريض من العمال (لم تكن سوى تنازل اقتضته ظروف الحرب الباردة، وحتمته الرغبة في عدم تمكين الدعاية الشيوعية من كسب موقع قدم)(56)

إن جميع المكاسب التي حققها العمال بواسطة تضحيات جسام استغرقت عقودا من الزمن تعرف الآن نكسة خطيرة، ولقد عبر أحد الغربيين عن الوضع الحالي أحسن تعبير عندما قال: (إن العالم كله قد أخذ يتحول إلى ما كان عليه فيما مضى من الزمن)(57)

وبغض النظر عما سيكون عليه الحال في المستقبل، فإن الثابت المحقق أن وسائل الضغط التي كانت تستعملها النقابات لنيل بعض الحقوق (الانتظام في إطار وطني، الإضراب..) (58) لم تعد ذات جدوى في ظل الوضع الراهن، بل أخذت تأتي بنتائج عكسية إذا صمدت الشركة المعنية أمام مثل هذه الضغوط، إذ سرعان ما يرجع العمال تحت إكراهات صعوبة العيش إلى مقرات عملهم بشروط أقسى من السابقة(59). وعليه، فلا مناص من ابتكار وسائل جديدة تتناسب وتحديات الليبرالية الجديدة.

وإلى ذلك الحين –إن حصل ابتكار- فإن الخاسر الأكبر بعد العمال هو الديمقراطية الحقيقة الكونية التي هي (حق آت لا ريب فيه)!

الفصل الرابع

اختفاء الطبقة الوسطى والتقسيم (الفيودالي)

انقسم العالم اليوم من حيث الغنى والفاقة إلى مجتمعين: مجتمع الأغنياء ومجتمع الفقراء، واتخذ المجتمع الأول فيه شكل جزر موزعة على العالم، ومرتبطة فيما بينها ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، بل أصبح لهؤلاء الأغنياء روابط عائلية فيما بينهم،(60) ولا علاقة لهذه الجزر بما يحيط بها من مجتمع.

وعلى غرار التقسيم الذي عرفه المجتمع صار تقسيم المدن على مستوى العالم، حيث تتركز في بعضها (وسائل الصناعة الحديثة والتقنيات العالية، وتتصل ببعضها البعض، وبالعالم الخارجي، أكثر من اتصالها بالبلاد التي تنتمي إليها)(61)

أما مجتمع الفقراء وباقي المدن الأخرى فإن ذلك امتزج ليتحول إلى جزر منفصلة عن بعضها البعض لا يربطها إلا رابط الحرمان والبؤس والفاقة والقذارة..

وهذا التفاوت الموجود بين الدول يوازيه تفاوت آخر داخل كل دولة، إذ تستأثر حفنة من السكان بالنصيب الأكبر من الدخل الوطني بينما تعيش الأغلبية على الهامش.

في بحث نشر بمجلة الثقافة العالمية(62) بعنوان (لا تتجاهلوا الجنوب المسلوب) يقر فيه صاحباه روبين برود وجون كاراناخ (أنه مع تحول الشركات الأمريكية من الأسواق المحلية إلى القومية، والآن الأسواق العالمية عبر نصف القرن الماضي، ظهر تقسيم جديد للفائزين والخاسرين في كل البلدان)، وينقلان عن كتاب حديث بعنوان (أحلام كونية: الشركات الإمبريالية والنظام العالمي الجديد) لصاحبه رتشارد بارنت تأريخه (لقيام الشركات القوية في الولايات المتحدة مع نظيراتها في إنجلترا وفرنسا وألمانيا واليابان، بدمج ثلث البشر فقط (‏‏معظمهم من الدول الغنية وصفوة الدول الفقيرة) في سلاسل معقدة من عمليات الإنتاج والتسويق والثقافة والتمويل).

ويضيف الباحثان: (وبينما هناك مناطق في كل بلد ترتبط بتلك الشبكات الاقتصادية العالمية، إلا أن هناك مناطق أخرى تركت خارجها. وبينما تنتشر محلات وال مارت WAL MART الضخمة عبر نصف الكرة الأرضية الغربي، فإن ملايين البشر في أمريكا اللاتينية وصلوا إلى درجة من الفقر باتوا معها محرومين من أي شيء به لمسة رخاء. )

إن ثلث البشر الغني-عندهما- يمثلون الشمال الكوني من المنتفعين في كل بلد، وثلثي البشر الفقير مكدسون في أحياء فقيرة (بدءا من أحياء الفقراء في نيويورك، وحتى مدن الصفيح في ريودي جانيرو.. ). وذكرا كذلك أن العولمة تستفيد منها الطبقات الأغنى (بينما يتضرر (منها) الملايين من المواطنين الآخرين، أو يهمشون، أو يتركون لمواجهة مصيرهم) ونقلا اعترفت مجلة ECONOMIST في أواخر سنة 1994 أنه (ليس مصادفة أن الزيادة الأكبر في التفاوتات في الدخول قد حدثت في اقتصادات.. طبقت فيها سياسات السوق الحرة بحماس مفرط.. إن اقتران أسواق العمل ذات القوانين المتساهلة وقوى الاقتصاد الكوني قد فعل الكثير.. لصالح الأغنياء على حساب الفقراء).

يستفاد مما سبق أن هناك طبقة اجتماعية في طريقها إلى الاختفاء، وهي الطبقة الوسطى الطموحة التي لها التأثير الأكبر في تعميق القيم الديمقراطية وتوطيد مبادئ العدالة الاجتماعية، وذلك بتوظيف الجماهير وإثارتهم إلى أن يقوموا بالاحتجاجات لانتزاع حقوقهم التي يخولها لهم الدستور.. إن هذه الطبقة كان يمثلها المهندسون والأطباء والمحامون وأساتذة التعليم العالي، وفئة من الموظفين.. لكن هؤلاء اليوم ينحدرون في السلم الاجتماعي لينضموا إلى طبقة الفقراء، لأن الرواتب التي يحصلون عليها لم تعد تسد حاجياتهم المتزايدة إلا بالكاد، بسبب تجميد الأجور وغلاء المعيشة. وكل حديث عن الادخار أصبح ذكرى مضت. يقول مؤلفا كتاب فخ العولمة: (..فالعالم الهادئ الذي كانت تعيشه الطبقة الوسطى.. لم يعد له وجود يذكر)(63).

وما ينتظر هذه الفئة من المجتمع في المستقبل أدهى وأمر، فالقسط الأكبر منها ينتظره الحرمان حتى من عمل يوفر له الحد الأدنى من الكرامة، فالبطالة بكل ما تعنيه من تحطيم نفسي وإذلال اجتماعي، فإدمان، فضياع.. هي الشبح الذي يهدد هذه الطبقة.

وإذا اختفت هذه الطبقة فكيف يتحدث عن ديمقراطية عادلة في غابة يوجد فيها الأكباش والذئاب فقط؟!

أما في وطننا العربي الحبيب فدون (الحقيقة الكونية) خرط القتاد، وإليك التفصيل في الفصل الآتي

الفصل الخامس

الدول العربية وأبعاد (الأسطورة الخلاصية)

بعد أن حققت الشعوب –ومنها الدول العربية- التي كانت تعيش تحت نير الاستعمار (استقلالها) بحدود وهمية في الغالب- اكتشفت أن هذا الاستقلال لم يكن حقيقيا، لأن من مقتضيات أي استقلال: الحرية، والتفرد بأخذ القرار، والولاية على الخيرات الوطنية، وإطلاق اليد في اختيار طريق التنمية..

لكن هذه القيم لم يكن لها تحقق في الواقع داخل هذه الدول: فمن الاستعمار المباشر إلى الاستعمار غير المباشر بواسطة الشركات المتعددة الجنسيات، ثم المنظمات الدولية..

ولا أبعد النجعة إذا قلت إن الاستقلال مصطلح ابتكرته الدول المستعمِرة -بالكسر- للمحافظة على امتيازاتها داخل الدول المستعمَرة -بالفتح- بعد ما تبين لها أن الاستعمار العسكري المباشر لم يعد مجديا، ولم ينفلت من هذه الخطة المبتكرة إلا دول قليلة جدا. يقول جان ماري: إن الأمم (المستقلة إنما تحررت من ربقة الاستعمار لتقع تحت وطأة عبودية من نوع آخر هي عبودية المنظمات الدولية: البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ولطالما كُتبت بحوث سعت إلى أن تبرهن بأن هذه المنظمات تحمي في الواقع مصالح الأمم الرأسمالية الكبرى، وهكذا فإن الكثير من دول العالم الثالث تتظاهر اليوم ضد برامج التصحيح البنيوي التي تقوم بها هذه التنظيمات، كما تظاهرت بالأمس ضد الشركات المتعددة الجنسية، وقبل أمس ضد الإدارة الاستعمارية.. )(64)

وعبر هذه الحلقات المتتالية تظهر مطالب جديدة تضع نصب عينها على الخصوص مسألة قدرة الزعماء الوطنيين على تحقيق المصالح الوطنية والدفاع عنها، فأصبح المطلب الوطني لهذه الأمم يشابه المطلب الوطني لأوربيي القرن التاسع عشر، لقد غدا مطلبا (ديمقراطيا)(65).

ولكن تحقيق هذه المطالب (الديمقراطية) يفتقر إلى دولة قوية متوفرة على قاعدة شعبية تنعدم فيها الأمية أو تكاد، وإلى اقتصاد قوي متين.. والحال أن هذه الدول بعيدة عن هذه الأوصاف التي هي من شروط تحقيق أي مطالب إنسانية عادلة والحفاظ عليها من بطش الظلمة وأفواه الجشعين..

فالسمات العامة لهذه الدول هي تفشي الأمية بنسبة كبيرة، والمجتمع -بفعل الاستعمار- ابتعد عن الإطار العام الموحد للرؤى والأفكار، والاقتصاد مختل..

بعبارة أخرى: إن الازدواجية LE DUALISME التي أحدثها الاستعمار مزقت النسيج الاقتصادي والاجتماعي: بروز التقليديين والحداثيين، والصناعة التقليدية والصناعة العصرية، والفلاحة التقليدية، والفلاحة العصرية، والمدينة القديمة والمدينة الجديدة.. والنتيجة: وجود صراعات مستديمة قاتلة تحتاج إلى (نضال) لتحقيق استقلال حقيقي (جديد).

فما الحل إذن حتى يتخطى وطننا العربي هذا الحاجز والالتحاق بصفوف الدول (المتقدمة)؟

أغلب النخبة الفكرية عندنا ترى الحل السحري في الديمقراطية التي تضع دور الحاكم أو القائد في حجمه الطبيعي(66) الذي يخوله له الدستور.

أما قلة من مفكري العرب، وطائفة كبيرة من الغربيين فإنهم يتحفظون غاية التحفظ من هذا الحل الجاهز المستنسخ لمعضلات شديدة التعقيد.

من هؤلاء روبرت ماكيفر الذي أشار في كتابه: (تكوين الدولة) إلى أنه يصعب (تطبيق ديمقراطية) –بغض النظر عن قوالبها الغربية - في بلاد غالبية شعبها أمية وفقيرة وبعيدة عن مراكز التأثير.

أما هتنجتن فيرى أن الدعوة إلى تطبيق الديمقراطية في كل البلدان محفوفة بالمخاطر.. وأن الحصافة تقتضي الحماس إلى تطبيقها (في الحالات التي تكون قابلة للنجاح).. ويرى كذلك أن من موانع نجاح الديمقراطية الولاء للقبيلة والعرق والدين، لأن الديمقراطية في ظل هذه الانتماءات تستحيل –بنظره- (إلى وسيلة لإثارة النعرات وإشعال فتيل الخلافات)، وأن الأحزاب التي تستند إلى هذه الروابط وتدين بها تكون مؤهلة إذا نجحت في الانتخابات –واحتمال نجاحها كبير- لمعارضة الغرب وللانقلاب على الديمقراطية أو جعلها شكلا بلا مضمون، وأن الأحزاب التي تتعالى عن هذه الولاءات ولا توظفها في حملتها الانتخابية (تنعدم حظوظها) في الوصول إلى السلطة.

كما يرى أن من المشاكل التي تنتج عن تطبيق الديمقراطية في الدول التي هي في (طور الديمقراطية) احتمال لجوئها إلى حروب خارجية. ومن المشاكل كذلك ظهور (سلوكات غير مقبولة) كالإجرام وتناول المخدرات والانحلال الأسري.

إلا أن هتنجتن لا يرى عن الديمقراطية بديلا ناجحا.. ومن هذه البدائل (غير الناجعة طبعا) البديل الإسلامي والبديل الأسيوي.. ثم ينبه على أن النظام الديمقراطي لا يمكن حصره في نموذج معين، وأن الباب مفتوح لقيام تجارب ديمقراطية غير مستوحاة من التجربة الغربية(67).

ومن بين هؤلاء كذلك جان ماري جوينو في كتابه (نهاية الديمقراطية) إذ يتحفظ في نشر الديمقراطية في دول العالم الثالث حيث (البنى الوطنية) هشة، وحيث الاقتصاد متأزم، ويميل إلى أن الحل الملائم لاستمرار هذه الدول في العيش في ظل مثل هذه الأوضاع وجود (أجهزة حكومية شديدة البأس، تعمل وفق النموذج للقوة لا يلبث بعدها- شيئا فشيئا- أن يتخطى البعد القومي)(68).

أما روبرت كابلان، فله مقال طويل بعنوان (هل كانت الديمقراطية مجرد لحظة؟!)(69) خصص جزءا مهما منه لتفصيل الفكرة القائلة بأن الديمقراطية تنجح (فقط عندما تكون ذروة لإنجازات اقتصادية واجتماعية أخرى)، والمقصود طبعا هو دحض حجج الدعاة إلى فرض الديمقراطية في المجتمعات التي تعرف تخلفا على كل الأصعدة.. فالمجتمع إذا كان (في صحة غير معقولة، فإن الديمقراطية ستكون ليست فقط محفوفة بالمخاطر، بل ربما تكون كارثة أيضا..)(70) فالديمقراطية –برأيه- تفتقر إلى (وجود طبقة وسطى ومؤسسات مدنية)(71)

ويعتقد روبرت أن استنبات الديمقراطية خارج البيئة الغربية لم يلق نفس النجاح الذي حققته في منبتها، لأن الظروف التاريخية والاجتماعية والاقتصادية متباينة في الموضعين، ولبيان ذلك ينقل لنا روبرت ما قدم به ألكسيس دي توكوفيل لكتابه (الديمقراطية في أمريكا) مؤداه أن الديمقراطية في الغرب قد تطورت ليس من خلال ذلك النوع من الإجازة الأخلاقية التي يحاول فرضها الآن على سائر الدول، وإنما كنِتاج عضوي للتطور، فالمجتمع الغربي قد وصل إلى مستوى من التعقيد والتقدم تعين معه على الأرستقراطية –حتى لا تثقل على كاهلها- أن تمنح قدرا من المساواة للمواطنين الآخرين، وأن تخصص لهم بعض المسؤوليات: (كان التقسيم الهيكلي للسكان إلى جماعات مصالح متنافسة سلميا ضروريا لتجنب كل من الطغيان والفوضى)(72)

ثم يبني روبرت على ما قاله توكوفيل فينبه على أن (التعددية الحزبية في المجتمع الذي لم يصل إلى مستوى التطور الذي وصل إليه المجتمع الغربي تؤدي إلى تعميق وتأسيس التقسيمات العرقية والإقليمية القائمة)(73)

هذا التطور يتمثل بالأساس في الثقافة البرجوازية والتنوير مع صناعة متطورة، ومعدلات تعليم عالية (أكثر من 95 في المائة يعرفون القراءة والكتابة)، ومعدلات مواليد منخفضة، واختفاء النزعات العرقية والإقليمية الدموية، ومكانة راسخة للطبقة الوسطى فالديمقراطية لم تسهم أبدا في تحديث الدولة ولا في تقويتها ابتداء(74)، بل تأتي خاتمة لإنجازات اقتصادية واجتماعية سابقة..

وعلى هذا فإن الخيار في الدول النامية ليس بين الطغاة والديمقراطيين، وإنما يكون في كثير من الأحيان بين الطغاة السيئين والطغاة الأفضل قليلا(75)، فقد يكون الاستبداد المستنير -كما يعتقد توماس هوبر- (أفضل من الديمقراطية: فالجماهير تحتاج إلى الحماية من نفسها)(76)

خاتمة

هذه الآراء التي ذكرتها تتقاطع في فكرة أساسية وهي وجوب التحفظ في تبني الديمقراطية في الدول النامية – ومنها الدول العربية - لعدم توفر الشروط الضرورية… كما التقت هذه الآراء في أن السماح بديمقراطية حقيقية لا تأتي بالثمرة المرجوة. ويمكن تلخيص هذه الشروط والنتائج العكسية كالآتي:

الشروط:

* وجود طبقة وسطى تنشأ في ظل حكم استبدادي، ومجتمع مدني قوي.

* مجتمع متعرض للتنوير، ومتشبع بالتقاليد البورجوازية، والثقافة الديمقراطية.

* غياب الولاء للقبيلة أو الإقليم أو العرق أو الدين.

* انحسار النمو الديمغرافي.

* معدلات تعليم عالية.

* صناعة متطورة واقتصاد قوي..

النتائج العكسية عند تطبيق الديمقراطية

* انتشار الفوضى والفساد وانهيار المؤسسات.

* الانقلاب على الديمقراطية أو المحافظة على أشكالها فقط.

* تعميق الانقسامات.. وإثارة النعرات.

* وصول أحزاب ذات ولاءات غير ديمقراطية إلى السلطة..

 الفصل السادس   

دعوة إلى الاجتهاد

وبعد، كيف نفسر تمادي أغلب مفكرينا في التبشير بالديمقراطية الغربية حلا لمشاكلنا، وأنها أقصى ما وصل إليه الفكر السياسي (العالمي)، حتى نعتها الأستاذ بلقزيز (بالحقيقة الكونية) بينما العلماء الغربيون الجديرون بهذا الاسم يعلنون نهايتها.. أو على الأقل المطالبة بتحديثها..!؟

1- وأود هنا للإجابة على الشطر الكبير من هذا التساؤل أن أثبت بعض ما قدم به ناشر كتاب نهاية الديمقراطية، في طبعته العربية، قال: (الديمقراطية الغربية، هذا الأمر العزيز على بعض حملة الأقلام في الوطن العربي انتهت، يا هول المفاجأة! أكثر هؤلاء لن يصدق، معتقدا أن حائط برلين وحده كان معرضا للسقوط فانتهى ويخال أن سقوط الحائط جعله) يتأكد (من خلود هذه الديمقراطية. والقليل الآخر سيفرك كفيه تحسرا على انقطاع حبل تفكيره، ويظن أن العبرة تقصده شخصيا، إذ ما إن تدبر أمره في صياغة ديباجته إثر سقوط الحائط حتى يتلقى نكسة ثانية أشد وقعا من الأولى، فما عساه يقول لجمهوره بعد اليوم).

2)والحق أن طائفة من المثقفين والعلماء والمفكرين العرب بدأ حماسهم يقل منذ مدة ليست بالقصيرة، في محاولتهم لإشاعة الديمقراطية الغربية في الوطن العربي، ويتبين لهم صعوبة ذلك بعد تقييم لسنوات دامت أكثر من نصف قرن، فكانت النتيجة هو المزيد من التخلف والتجزئة، والاستبداد، والضعف، والتراجع أمام العدو الصهيوني والاستئساد الأمريكي، بل –وهذا أخطر- غياب الإحساس بالظلم والإذلال..

إن هذه السلسلة من الانتكاسات كافية لأن تجعل بعض المثقفين المتسمين بالنزاهة العلمية يقفون وقفة تأمل ومحاسبة وتحفظ لما تحمسوا له بعد نيل الاستقلال. ولعل الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية بـ (ليماسول - قبرص) بتاريخ 26/30/83، ودعا إليها مائة من المفكرين والعلماء والسياسيين: إحدى تجليات هذه الوقفة، لأنها كانت بمثابة تقييم متميز للتجربة الديمقراطية الغربية في الوطن العربي(77).

لكن محاسبة النفس والمراجعة الذاتية وإعادة النظر.. أخذت بعدا أكثر دلالة مع الكتاب الذي أصدره مركز دراسات الوحدة العربية أيضا في مارس 1999 بعنوان: (الديمقراطية والأحزاب في البلدان العربية: المواقف والمخاوف المتبادلة). والكتاب نقد ذاتي جريء من طرف بعض اليساريين المرموقين (جورج طرابيشي) والقوميين (غسان العطية)، وعن اعتراف -لا يخلو من مرارة- بغياب الديمقراطية وسط الأحزاب التي تدعو إلى الديمقراطية وترفع شعاراتها، وغيابها في الإديولوجيات القومية والاشتراكية والشيوعية والليبرالية.. بل إن جورج طرابيشي بين صراحة أن الفكر الثوري يناقض في جوهره تمام المناقضة جوهر الديمقراطية. وأكثر من هذا الإقرار ما ورد في صدر بحثه (القاسي)، يقول: (لا شك في أن الديمقراطية تأخذ أكثر فأكثر في نهاية التسعينيات هذه في الوطن العربي أبعاد أسطورة خلاصية، وهو دور كانت اضطلعت به في منتصف الستينيات إلى منتصف الثمانينيات فكرة الاشتراكية، ومن قبلها في الخمسينيات وإلى منتصف الستينيات فكرة الوحدة).

3) إن الأفكار التي تصدر من مفكري الغرب هي عادة ما تكون صدى لتطورات مجتمعاتهم واستجابة لمصالح طبقة متنفذة فيهم، فأفكارهم التي يسعون إلى إذاعتها في الناس ليست وصفات جاهزة (غالبا) تفرض على المجتمع فرضا، وإنما هي وليدة معطيات داخل هذا المجتمع في صراعه للاستقرار وتجنب الأزمات.

هذه الأفكار غير المجردة وغير الكونية وغير الثابتة.. تجد مع ذلك أقلاما جاهزة في أرضنا تبعثها (رسولا) يبشر بنقل الناس من حاضر بئيس إلى مستقبل سعيد.. ومن تلكأ في الاستجابة لهذا (الرسول) فهو متخلف، رجعي، (ماضوي)، يرفض العصر ويعيش على ذكريات الماضي التليد.

4)إن هؤلاء (الرواد) منذ أن اتصلوا بفكر الغالب وصدمتهم حضارته لم يمارسوا الاجتهاد –إلا لماما- وإن اتخذوا شعار الاجتهاد أداة لتقويض البنيات الفكرية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية الخاصة ببلادهم، والتي أثبتت فائدتها قرونا..

5) وحتى القلة التي تنبهت إلى خطر ما أقدمت عليه، وقل حماسها إلى الدعوة إليه، لم يفعلوا ذلك اقتناعا منهم بأن الدعوة غير مصيبة من الأساس، وإنما تحفظهم ناتج عن أن ذلك يجب أن يكون مسبوقا بتخلية غير ملاحظين أن هذه التخلية محفوفة بمخاطر لا حدود لها:. فإذا كان الاتفاق مثلا حاصلا لدى الأغلب من أهل الرأي على أن لا مفر من العمل على إيجاد مجتمع متعلم كله أو أغلبه، محس بمسؤوليته، وأن لا مناص من العمل على بناء اقتصاد متين، وغير ذلك من الشروط (المادية) قبل الحديث عن الديمقراطية.. فإن تغيير البنية الاجتماعية يأتي بنتائج عكسية وخيمة، خصوصا إذا علمنا أن كل محاولة من هذا النوع تلقى التشجيع والمساعدة والمباركة من القوى الغربية والصهيونية..

لنأخذ مثلا أهم مانع من موانع تطبيق الديمقراطية وهو الولاء للأسرة الممتدة والقبيلة والعشيرة.. فهذه الروابط رغم ما تعرضت له من ضربات منذ بداية القرن العشرين ما زالت في بعض المناطق من البلاد العربية قوية، وعلينا قبل أن نستمر في تحطيم هذه الولاءات أن نلاحظ أنها تقوم بوظائف أصبحت الدولة، خصوصا في ظل العولمة، عاجزة عن القيام بها. فبإمكان الفرد المتشبع بالثقافة العائلية أن يعيل نفسه ومجموعة من إخوته وأخواته العاطلين عن العمل فيجنبهم التشرد والانحراف، وبإمكان الابن أن يتعهد أباه أو أمه أو هما معا بالرعاية، ويعلي من شأنهما بخفض الجناح والتواضع والاستشارة، فيبعدهم عن وحدة الشيخوخة القاتلة..

أما القبيلة أو العشيرة فبمقدورها أن تحمي أسرا بكاملها. أضف إلى ذلك أنها قد تتحد لصد العدوان الخارجي دون أن تحتاج إلى دعم من الدولة (العاجزة). أكثر من ذلك قد تقف –إذا وجدت من يرَشِّدها- في وجه الطغيان الداخلي: من استبداد وظلم وفساد..

وأذكر بالمناسبة بحثا لأستاذة من مصر (هبة رؤوف عزت) نشر ضمن كتاب (إشكالية التحيز.. ) ذكرت فيه على الخصوص أن الدولة (في الغرب) حلت محل الأسرة، لكنها لم تنجح، مع كل إمكانياتها ومواردها، في أداء وظائفها والاضطلاع بمهامها، واستدلت الباحثة على ذلك بتدني أوضاع التعليم وارتفاع معدلات الجريمة والإدمان وتدهور القيم وانتشار الأمراض العضوية والنفسية وظهور مشكلات كبار السن والمتشردين.. مما نبه الكثير من (الراديكاليين) خلال السبعينيات، فقل هجومهم على الأسرة النووية. وكثير من الكتابات الغربية اليوم تؤكد على (أن الأسرة القوية السليمة هي أساس نمو الفرد)، منادية بإحياء مؤسسة الأسرة والمنظمات التطوعية.

ونقلت الباحثة هبة رؤوف عن بعض المصادر الغربية استحالة إحياء الأسرة الممتدة لفوات الأوان، وإمكانية استبقاء الأسرة النووية رغم هشاشة بنيتها(78)..

لقد أدرك الغرب (أو بعضه) خطورة ما أقدم عليه لعقود من السنين طويلة: من تحطيم للأسرة الممتدة (وما أصل القبيلة إلا أسرة ممتدة، إذ أصل أفرادها دائما يرجع إلى أب واحد)، وحاول أن يستدرك خطأه.. خاصة بعد استعار نار العولمة، وتخلي الدولة عن وظائفها الاجتماعية. فهل اتعظنا نحن وقوينا المؤسسات الموجودة بالطبيعة والغريزة، أم لا بد من اتباع التجربة شبرا بشبر، ذراعا بذراع..

شيء آخر متعلق بالفكرة السابقة، وهو أن العلاقة في التقاليد الغربية بين الحاكم والمحكوم، وبين الغني والفقير، والعبد والسيد، ورب العمل والعامل: هي علاقة صراع. وهذا ما تنبه إليه ماركس، وهو محق في ذلك إلى حد بعيد. والتصور السائد لدى الفلاسفة والقانونيين الغربيين للحرية: أنها قبل كل شيء مقاومة للسلطة التي يخشى تعسفها، فالسلطة دائما تفسد أولئك الذين يمارسونها، وتجعل المواطن ينتصب ضد السلطات(79).

أما التقليد في المجتمع العربي والإسلامي عموما، عبر التاريخ الإسلامي، فهو أن العلاقات التي ذكرتها آنفا هي غالبا ما تكون علاقة مودة ومحبة (العبد مع سيده مثلا) أو على الأقل علاقة مسالمة ومهادنة وتبادل المصالح، (فالموروث الاجتماعي لأمتنا يؤكد عملية التناغم بين الحاكمين والمحكومين، أكثر مما يبرز الصراع والتوتر، حيث وجدت آليات وقنوات عديدة للتواصل بين الحاكم والهياكل الطبقية الإثنية والقبلية والجهوية)(80).

خاتمة

السؤال الذي أريد أن أطرحه في آخر هذا الفصل هو: هل نحن مستعدون: سياسيين واقتصاديين ومثقفين وعلماء وفلاسفة.. أن نتخلى عن الجري وراء كل ما يفد علينا من الغالب دون نقد أو تمحيص؟ وهل عندنا الإرادة أو بالأحرى الشجاعة لاتخاذ هذا الموقف؟

إذا كان الجواب بالإيجاب فأرى أن على أهل العلم والفكر –بل وحتى أهل التكنولوجيا- أن يرفعوا شعار الاجتهاد قولا وعملا، وأن يكون فكرنا مستعدا لتبني الخيارات الملائمة مع ثقة في النفس، واعتصام بحبل الله عز وجل.

هذا أولا، أما ثانيا فلا بد من الاتفاق على حدود دنيا مشتركة تكون قاعدة للحوار والانطلاق.. إن العلماء والمفكرين والفلاسفة.. هم اليوم في خندق واحد، في الشرق والغرب: هم وحدهم الآن المدافعون عن القيم الأخلاقية، والعدل، والواقفون في وجه الظلم والجشع وسياسة الإفقار..

الهوامش

1- منتدى مفتوح يهدف إلى تشجيع الحوار والتواصل بين الآراء المختلفة الواردة عبر الإنترنت والبريد.

2- كاتب وباحث من المغرب حاصل على شهادة الإجازة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، شعبة الدراسات الإسلامية، وحاصل على درجة دكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية والحديث شعبة الفقه وأصوله وأصول الدين.

3- معنى الأمة. مرجع سابق ص47.

4- السابق ص15 وص51.

5- نهاية الديمقراطية ص25 وما بعدها.

6- حوار التواصل. المهدي المنجرة، سلسلة شراع، شوال 1416-مارس1996 ص12.

7- مجلة المعرفة العدد51 ص108، وحوار التواصل ص30، ومجلة (الملف العربي- الأوربي) العدد87، نوفمبر99 /رجب - شعبان 1420 ص9.

8- حوار التواصل ص12 وص33.

9- نهاية الديمقراطية ص18.

10- السابق ص21.

11- السابق ص81.

12- جريدة المستقلة العدد282. 26/10/1999 الصفحة الأخيرة (الصادق الفقيه) وحوار التواصل ص12 وص30 والتحولات العالمية الكبرى بقلم أ رشيد أبو ثور مجلة المنعطف العدد12/1417-1996 ص7.

13- المسألة الحضارية. زكي الميلاد، المركز الثقافي العربي ط1 1999 ص25و57.

14- العولمة الموعودة. يحيى اليحياوي منشورات عكاظ. ط1/1999.

15- حوار التواصل ص22و24و29و30.

16- معنى الأمة ص52 من بحث لريمون بولان.

17- فخ العولمة ص52.

18- نهاية الديمقراطية ص35.

19- ينظر الفصل الثامن (لمن الدولة؟..) من كتاب فخ العولمة ص347 وما بعدها، ونهاية الديمقراطية ص35-36.

20- نهاية الديمقراطية ص36 وفخ العولمة ص31.

21- ينظر التفصيل في نهاية الديمقراطية ص39-42.

22- نهاية الديمقراطية ص42.

23- السابق ص43 ومجلة (الملف العربي الأوربي) ص10-11.

24- لوموند دبلوماتك غشت97 الطبعة العربية ص30.

25- نهاية الديمقراطية ص45.

26- معنى الأمة ص55 من بحث له بعنوان فكرة الأمة وفكرة الدولة.

27- نهاية الديمقراطية ص47 و52.

28- السابق ص47.

29- نهاية الديمقراطية ص47 وما بعدها.

30- نهاية الديمقراطية ص54.

31- فخ العولمة ص98.

32- دبلوماتك مرجع سابق ص20.

33- فخ العولمة ص136.

34- العولمة الموعودة ص217-218.

35- المثالية الديمقراطية التي أضاعوها. اجناسيو رامونيه لوموند دبلوماتك مرجع سابق ص30.

36- السابق.

37- المواطن والدولة ص163-164.

38- ينظر: عالم الفكر، ملف: المجتمع المدني، يناير/مارس99، المجلد27 العدد3.

39- مجلة الثقافة العالمية العدد95 يوليو/غشت99 ربيع الأول-ربيع الثاني 1420 ترجمة زكي خبيز.

40- فخ العولمة ص103 و271.

41- نحو حكومة عالمية متعددة الجنسيات فريدريك كليرمونت. لوموند دبلوماتك. مرجع سابق ص20.

42- فخ العولمة ص219.

43- السابق ص254.

44- فخ العولمة ص28.

45- كاتلين نيولاند مرجع سابق ص23. وينظر مقال بقلم اجناسيو رامونيه لوموند دبلوماتك مرجع سابق ص30.

46- فخ العولمة ص28.

47- السابق ص198.

48- كاثلين نيو لاند مرجع سابق ص23.

49- فخ العولمة ص254.

50- العولمة الموعودة ص206.

51- فخ العولمة 25-27.

52- السابق 206-207.

53- لوموند دبلوماتك مرجع سابق ص21، وينظر فخ العولمة ص294-296.

54- فخ العولمة ص181 وما بعدها خاصة ص192، وينظر ص207-208 و217.

55- لوموند مرجع سابق ص31.

56- فخ العولمة، 34-35.

57- السابق ص21 عن فرنر شغاب في مسرحيته HOCHSCHWAB المنشورة بعد وفاته.

58- ينظر المواطن والدولة، مرجع سابق ص165.

59- يمكن مراجعة ص207و210-211 من فخ العولمة.

60- لوموند دبلوماتك، مرجع سابق ص20.

61- فخ العولمة ص11 و60.

62- العدد 83، يوليو 1997 ص12.

63- فخ العولمة ص298.

64- ينظر نهاية الديمقراطية ص25- 26.

65- يراجع السابق ص27-28.

66- السابق.

67- نهاية الديمقراطية ص27.

68- نشر المقال في مجلة the Atlantic monthly عدد نوفمبر 98، وأعيد نشره في مجلة الثقافة العالمية العدد 93/ مارس-أبريل 99 (ص6-32).

69- الثقافة العالمية المرجع السابق ص9.

70- السابق ص10.

71- السابق ص12.

72- السابق ص12.

73- السابق 13-14.

74- السابق ص15.

75- السابق ص16.

76- السابق ص13.

77- جمع هذا العمل في كتاب: أزمة الديمقراطية في الوطن العربي. مرجع سابق.

78- الأسرة والدولة: الماضي الغربي أم المستقبل الإسلامي. أ هبة رؤوف عزت. إشكالية التحيز المعهد العالمي للفكر الإسلامي ط3 / 1418-1998 ص 343-359.

79- ينظر المواطن والدولة ص182-183.

80- أزمة الديمقراطية في الوطن العربي ص17.