اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد 43

الصفحة الرئيسية

لقد كان في قصصهم عبرة

   

آكل الجبل

     

قال الإمام الرضا … : أوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبيائه: إذا أصبحت فأول كل شيء يستقبلك فكُلْهُ، والثاني فاكتمه، والثالث فاقبله، والرابع فلا تؤيسه، الخامس فاهرب منه.

قال فلما اصبح مضى، فاستقبله جبل عظيم أسود فوقف وقال: أمرني ربي عز وجل أن آكل هذا، وبقي متحيراً، ثم رجع إلى نفسه فقال: إن ربي جل جلاله لا يأمرني إلا بما أطيق فمشي إليه ليأكله، فكلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها، فوجدها أطيب شيء أكله.

ثم مضى فوجد طشتاً من ذهب، فقال أمرني ربي أن أكتم هذا، فحفر له وجعله فيه، وألقى عليه التراب.

ثم مضى فالتفت فإذا الطشت قد ظهر فقال: قد فعلت ما أمرني ربي عز وجل. فمضى فإذا بطير وخلفه بازي، فطاف الطير حوله، فقال: أمرني ربي أن أقبل هذا، ففتح كمه فدخل الطير فيه، فقال له البازي: أخذت صيدي وأنا خلفه منذ أيام فقال: إن ربي عز وجل أمرني أن لا آيس هذا، فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى.

فلما مضى فإذا هو بلحم ميتة منتن مدود، فقال: أمرني ربي عز وجل أن اهرب من هذا، فهرب ورجع.

ورأى في المنام كأنه قد قيل له: إنك فعلت ما أمرت به، فهل تدري ماذا كان؟ قال: لا، قال له:

أما الجبل فهو الغضب، إن العبد إذا غضب لم ير نفسه وجعل قدره من عظم الغضب، فإذا عرف نفسه وعرف قدره وسكن غضبه كان عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها.

وأما الطشت: فهو العمل الصالح، إذا كتمه العبد وأخفاه أبى الله عز وجل إلا أن يظهره، ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الآخرة.

وأما الطير، فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة، فأقبله وأقبل نصيحته.

وأما البازي: فهو الرجل الذي يؤتيك في حاجة، فلا تؤيسه.

وأما اللحم المنتن، فهو الغيبة، فاهرب منها.

 

اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد 43

الصفحة الرئيسية