الشهيد الشيرازي .. كلمة الفعل

  عمر الكلمة من عمر التاريخ..

وعماد القوة في الدنيا اثنان.. السيف والكلمة.. فأما السيف فإلى حين، وأما الكلمة فإلى كل حين.. لأن العقل الإنساني -والقلب بالذات- لا يخضع إذلالاً إلا للكلمة..

نعم، يمكن للسيف أن يُركع الإنسان ويقطع جسده لكنه لا يستطيع أن يدخل إلى قلبه ويستولي على عقله، لذلك كانت (الكلمة) رسالة السماء إلى الأرض وأول نداء يخاطب القلب، شاء أن يقبلها أو يرفضها الخيار فقط وفقط للقلب وحده..

فصراع الكلمة والسيف صراع طويل، كصراع الحق مع الباطل..

الأقوياء فيه دائماً وأبداً أصحاب الكلمة..

صحيح أن السيف يملك تعذيب الأجساد وقطع الرؤوس، ولكنه يبقى يائساً أمام قوة القلب وصمود الكلمة وارتقاء الروح..

وكلما ازدادت الخطوب وتنوعت الآلام، تزداد الكلمة تألقاً وإشراقاً، فالمحن والمصائب لا تقضي على الكلمة أو تدفنها، بل تعطيها الحيوية والإشعاع والقابلية للنفوذ إلى أعماق الإنسان لتزرع فيه العزيمة والإصرار والمواجهة ومواصلة المسيرة..

كما إن الكلمة الحقة، مضافاً إليها الفعل البناء هما اللذان يرفعان الإنسان –أي إنسان- ويحفظانه في وجدان الأمة ومكب التاريخ، يبقى شعلة وهاجة تنير الدرب للأجيال الآتية..

والامتياز الذي جعل السيد الشهيد رمزاً خالداً وقدوة صالحة، رغم تخطي عقدين من الزمن ليس لأنه صاحب (كلمة) حقه أو صامدة فحسب، بل لأنه رائد مبادرات الفعل ومؤسس أعمال الخير أينما حل وارتحل..

ومع إن كلمته رضوان الله عليه كانت مرجعاً للأمة عند اشتداد الخطوب والمحن.. ومعولاً يهد قلاع الظالمين وحصون المتجبرين..

إلا أن النزوع إلى العمل وانتقاء أحمزه كان خير مكمل لما قال أو تحدث عنه بمقال، وبذلك يكون الشهيد خير من أخذ بأقوال العترة الطاهرةعليه السلام ، فكان بحق زيناً لهم  عليه السلام بكلامه وأفعاله، وعلومه وجهاده..

أما شهادته أعلى الله مقامه فلم تكن وساماً يضاف إلى ما حاز عليه من أوسمة ونياشين، وإنما هي تاجاً مرصعاً بكل معاني العزة.. والشرف.. والكرامة.. والحرية.. يضاف إلى رصيده ورصيد هذه العائلة المعطاء والتاريخ الشيعي الذي ما برح يكتب ويكتب بكل فخر واعتزاز ما يسطر ويقوم به عميد هذه الأسرة وزعيمها المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) من خدمات ومواقف أجلّ من الدهر..

  علي عبد الرضا