مجلـــــة النبـــــأ    العـــددان ( 32 ـ 33 )   السنــة الخــامسـة (محــرم ـ صفـر ) 1420هـ

حوار مع السيد مرتضى الشيرازي 

شورى الفقهاء تجسد ضماناً قوياً ضد الانخراط في الاستبداد 

أجرى مندوب صحيفة الوطن الكويتية حواراً شاملاً مع سماحة العلامة السيد مرتضى الشيرازي نجل المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) وذلك أثناء تواجده في دولة الكويت، الحوار كان عبارة عن قراءة علمية وواقعية لنظرية شورى الفقهاء التي تضمنها كتابه الموسوم بـ(شورى الفقهاء) بالإضافة إلى الأفكار الحيوية التي يدعو إليها والده أمثال الأمة الواحدة والاخوة الإسلامية وسبل تحقيقها ونظرية اللاعنف في العمل الإسلامي وغير ذلك مما هو ضروري وأساسي لتقدم ورقي الأمة الإسلامية، وتحقيق دولة الإيمان والعدل والحرية والمساواة.

وتعميماً للفائدة أرتأت أسرة تحرير مجلة (النبأ) غعادة النص الحرفي للقاء سماحته مع الوطن بدون زيادة أو نقصان، علماً بأن بعض الظروف اضطرت الصحيفة المذكورة إلى حذف بعض ما ورد فيه، فكان هذا سبباً آخر لنشر الحوار كاملاً. 

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال1: هناك محاولات من قبل بعض المنظمات الدولية في إضعاف الأمة الإسلامية عن طريق إيجاد شرخ بين الطوائف الإسلامية فما هو المطلوب لتوحيد البلاد الإسلامية؟

الجواب: يقول سبحانه وتعالى: ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ويقول عز من قائل:( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) ، ويقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم):«المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».

المطلوب اتخاذ القواسم المشتركة منطلقاً للتصدّي للأخطار الخارجية وللعمل المشترك في إطار قوله سبحانه وتعالى:( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) .

والمطلوب انتهاج لغة الحوار الموضوعي في نقاط الخلاف الفكري والعقائدي والعملي وليس لغة العنف والفرض والإكراه، والمطلوب - وصولاً إلى ذلك - عقد المؤتمرات والندوات التي تحمل همّ تثقيف الأمة لانتهاج لغة الحوار والتفاهم في إطار قوله تعالى:( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ، والمطلوب: تشكيل لجان مشتركة متخصّصة تدرس أطُر وسبل التقارب وآليته.

السؤال2: نرى بأن الإعلام الغربي يصف المسلمين بالإرهاب ويلقي عليهم اتهامات كثيرة بأنهم منبع للإرهاب؛ ما مصداقية هذه الاتهامات ومن يقف خلف هذه الادعاءات وكيف يمكن تحسين صورة المسلمين؟

الجواب: الإسلام دين السلم وشعار المسلم السلام وهو الدين الذي يكفل للإنسان حقوقه كاملة وهو الدين الذي يرفض العنف بشتى أشكاله قال الله العظيم:( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) ويقول في آية أخرى:( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ويقول الإمام علي (عليه السلام):«إني أكره لكم أن تكونوا سبابين» رفضاً للعنف باللسان وهناك روايات تصرح بكلمة (اللاعنف).

ووصف المسلمين بأنهم إرهابيون غير صحيح ووجود حالات شاذّة لا تبرّر إطلاق صفة الإرهاب على عامة المسلمين، وذلك يشبه تعميم صفة الإرهاب لعامة المسيحيين لمجرّد وجود أفراد أو فئات أو دول مسيحية تحمي الإرهاب أو تمارسه كهتلر وموسيليني وهيلاسيلاسي.

إن السلم هو القاعدة الأولية في الإسلام وهنالك حالات تخول الإنسان الحق في الخروج عن هذه القاعدة الأولية كحالة الدفاع عن النفس وعن الحقوق المسحوقة في مواجهة حرب يشنّها العدو مثلاً كما قال تعالى:( قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة( ولكن ) فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين( و) لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) .

وتحسين الصورة تتم عبر:

 أولاً:إظهار الوجه الحضاري الإنساني للإسلام المتجسّد في أقوال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنهجه وطريقة حكومته وتعامله مع الأقليات والمعارضة وغيرها فقد عفى رسول الله عن هبّار ضارب ابنته زينب وقاتل حفيده كما عفى عن أهل مكة رغم قيادتهم حرباً ضروساً ضده لأكثر من عشرين عاماً، والخوارج قبل أن يرفعوا السلاح ويعلنوها ثورة مسلحة بوجه الإمام علي (عليه السلام) كان يعاملهم بمنتهى اللطف رغم انهم كانوا يشكلون معارضة استفزازية سياسية وعقائدية صريحة وعنيفة ضدّه، ومع ذلك لم يواجههم بسجن أو تعزير أو تضييق بل منحهم الحرية -رغم تجاوزهم الحدود، وكانت حقوقهم مكفولة بشكل كامل حتى العطاء من بيت المال كان يشملهم كسائر المسلمين. وبعد أن وضعوا السلاح أيضاً تعامل معهم بمنتهى اللطف- رغم انهم خرجوا على الإمام العادل وأثاروا فتنة عارمة.

وهنالك المئات من النماذج التي تكشف عن الوجه الإنساني والحضاري للإسلام مذكورة في كتب الحياة والتاريخ وقد ذكر السيد الوالد جانباً منها في العديد من كتبه ومنها كتاب (الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام) وكتاب (الفقه: الدولة الإسلامية) وكتاب (طريقة حكومة الرسول الأعظم(ص) وأمير المؤمنين(ع)).

وثانياً: الممارسة الميدانية والسلوك العملي كما قال الإمام الصادق (عليه السلام):«كونوا دعاةً لنا بغير ألسنتكم» أي: بأعمالكم لنتحوّل إلى أنموذج مجسّد للعدل والإحسان والإيثار والأخوّة والإيمان والشورى وسائر مكارم الأخلاق على الصعيد الفردي والعائلي والاجتماعي، على صعيد الدولة والشعب.

ثالثاً: عبر المبادرة للتصدّي لتلك القضايا الحقوقية الحيوية التي شرّعها الدين الإسلامي الحنيف.

فلماذا لا نكون نحن المبادرين لتشكيل لجان للدفاع عن حقوق الإنسان بل وحتى الحيوان بل وحتى النبات بل وحتى الطبيعة وقد ورد في الحديث:«واعلموا أنكم مسؤولون حتى عن بقاع الأرض» لماذا يسبقنا الآخرون إلى ما كنا نحن السبّاقين إليه من قبل؟

السؤال3: أصبح المسلمون أضعف في العالم وخاصة بعد التقسيمات الأخيرة وانتشار أنواع القتل والبطش فما سبب ذلك؟

الجواب: يقول الله عزّ وجل:( يا أيها الذي أمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم) إن في التمسك بالقرآن الكريم والسنة المطهرة (حياة المسلمين) وازدهارهم ورقيهم وسعادتهم في الدنيا قبل الآخرة والعكس بالعكس وقد قال الإمام علي(عليه السلام):«الله الله في القرآن لا يسبقنّكم بالعمل به غيركم».

وهذه إشارة سريعة لبعض العوامل التي ذكرت في القرآن الكريم والتي تركت -بدرجة أو أخرى- ولو عمل بها المسلمون لعادوا إلى قمم المجد والازدهار -بإذنه تعالى-:

- الحرية التي أشار إليها قوله تعالى:( لا إكراه في الدين) و ( يضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم) ويقول الإمام علي (عليه السلام):«لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً».

- الشورى كما قال تعالى:( وشاورهم في الأمر) و ( أمرهم شورى بينهم) وقيل: يا رسول الله(ص) ما الحزم؟ قال (ص):«أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره» وقال الإمام علي (عليه السلام):«من شاور الرجال شاركها في عقولها» و«من استبد برأيه هلك».

- التعددية السياسية الإيجابية والتي استنبطها بعض كبار الفقهاء من قوله تعالى:( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) فإن جوهر التعددية هو التنافس وقيد (التنافس الإيجابي) يستفاد من (ذلك) أي في العمل الأفضل.

- العدل والإحسان ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان) وهذه الآية الشريفة تعد من أدلة التكافل الاجتماعي أيضاً.

- الأمة الواحدة ( إن هذه أمتكم أمة واحدة) .

- الأخوة الإسلامية ( إنما المسلمون أخوة) .

إن سبب التخلف النسبي للمسلمين يعود على عوامل داخلية وأخرى خارجية، وما سبق ذكره يعد من العوامل الداخلية ولو جاهدنا لتحقيق إصلاح داخلي لأمكننا التغلّب على عوامل التخلف الخارجية أيضاً فـ ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) .

السؤال4: هناك مشكلة عدم التفاهم والانسجام بين الأخوة المسلمين وخاصة بين السنّة والشيعة فما سبب ذلك وما رأي والدكم نحو تحقيق الوحدة الإسلامية؟

الجواب: في المنظار العام الطريق إلى الوحدة يتم عبر تمسك كلا الفريقين بالقرآن الكريم وبما صح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لقوله تعالى: ( ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقوله:( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) –كما ورد متواتراً من الفريقين-:«إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا».

أما من الناحية العلمية فقد ذكر السيد الوالد في العديد من كتبه أن هنالك أربع نقاط في المعادلة:

أولاً: إن الوحدة بين الشيعة والسنة لا تتم إلا عبر الإلزام والجبر وفرض تنازل أحد الفريقين عن آرائه لصالح الطرف الآخر إذ ( لا إكراه في الدين) .

وثانياً: إن الشريعة الإسلامية قد تركت الباب لكلتا الطائفتين مفتوحاً لكل تعمل داخل دائرتها على طبق مذهبها وعلى كل طائفة أن تحترم قرارات الطائفة الأخرى في مجالها، فلقد ذكر الفقهاء قاعدة معروفة تسمى قاعدة الإلزام مستنبطة من الحديث الشريف:«ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم» تحدد طريقة التعامل بين الفريقين وللتوضيح نذكر المثالين التاليين: فإن طلاق الثلاث باطل عند الشيعة صحيح عند السنّة، فلو طلق الزوج السني زوجته بطلاق الثلاث فإن على القاضي الشيعي أن يحكم بكونها مطلقة (فلها أن تتزوج بعد انقضاء العدّة وليس لزوجها الرجوع في فترة العدة وهكذا).

وكذلك طواف النساء فلو لم يطف السنّي طواف النساء لم تحرم زوجته عليه (وإن كان هذا الطواف عن الشيعة شرطاً في حلية النساء).

وثالثاً: إن فسح المجال للحوار الموضوعي الهادئ والهادف هو الطريق الأمثل لتقارب وجهات النظر وعندما نلاحظ القرآن الكريم نجد أنه يفتح باب الحوار حتى مع المشركين وبأسلوب أدبي حواري رائع فيقول:( أنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) .

رابعاً: في الشؤون العامة والقضايا الكبرى التي تمسُّ الشيعة والسنة على حد سواء كخطر داهم يهدد المسلمين وكمعادلات السلم والحرب والمعاهدات الدولية وشبه ذلك فإن الحل يكمن في مجلس يتكون من الفقهاء من كل الفريقين ومن أهل الخبرة أهل الحل والعقد من كليهما ويكون القرار النهائي هو للأكثرية من كلا الفريقين (أي مجموع الأكثريتين).

السؤال5: لك كتاب باسم (شورى الفقهاء) متى سيصدر الجزء الثاني؟ وهل هنالك خلاف بين شورى الفقهاء وولاية الفقيه؟

الجواب: نظرية (شورى الفقهاء) ترى أن رأي أكثرية مراجع التقليد والفقهاء العظام في الشؤون العامة هو النافذ وليس رأي الفقيه الواحد حتى وان كان أعلم، كما ترى اشتراط رضى الناس أيضاً، أما نظرية ولاية الفقيه فيرى عمدة القائلين بها أن للفقيه الواحد الولاية على الناس وإن عارضته أكثرية الفقهاء بل وحتى وان عارضته أكثرية الناس.

وتنطلق نظرية شورى الفقهاء من سلسلة من الأدلّة والبراهين والحجج العلمية التي ذكرها السيد الوالد في كتبه وقد تمّ التطرق لها في كتاب (شورى الفقهاء دراسة فقيه أصولية) ومن الأدلة قوله تعالى:( وأمرهم شورى بينهم) وان الروايات التي استفيد منها الولاية تشمل جميع الفقهاء الجامعين للشرائط على نحو واحد مثل:«وأما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» وغير ذلك.

السؤال6: ما موقع الحرية والتعدّدية وحقوق الإنسان بين النظريتين؟ وهل نظرية شورى الفقهاء نظرية مبتكرة أم انعكاس على نظريات قديمة؟

الجواب: نظرية شورى الفقهاء مكملة لسائر الأحكام الإلهية وليس ملغية لها بل تعد من الضمانات لتنفيذها فالحرية:( لا إكراه في الدين) والتعددية ( فليتنافس) وحقوق الإنسان في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):«لا يتوى (أي لا يضيع) حق امرئ مسلم» وحقوق غير المسلم في روايات أهل الذمة.

وكذلك سائر الأحكام الإلهية كالعدل والإحسان و.. يعد تطبيقها من مسؤوليات شورى الفقهاء.

ونظرية شورى الفقهاء طرحها فقهاء آخرون أيضاً إلا أن الوالد حمل رايتها وبلورها لتتحول إلى نظرية أكثر تكاملية، كما أوضح معالمها ونسبتها مع مجلس الشورى ومع معادلة فصل السلطات ومع .. في العديد من كتبه ومنها:(الفقه الدولة الإسلامية) وكتاب (الشورى في الإسلام).

السؤال7: يقال بان نظرية ولاية الفقيه له مجال لدخول الحكم الديكتاتوري من الناحية العلمية عكس شورى الفقهاء، ما رأي سماحتكم؟

الجواب: (شورى الفقهاء) تجسّد ضماناً قوياً ضد الانخراط في الاستبداد كما أن التعددية السياسية والمؤسسات الدستورية تشكل ضماناً آخر.

السؤال8: ما اثر النظريتين في تحقيق الوحدة الإسلامية؟

الجواب: على ضوء نظرية شورى الفقهاء يكون الطريق سالكاً إذ يمكن تكوين مجمع يضمُّ فقهاء كلتا الطائفتين يحكمون فيه في القضايا العامة بأكثرية كلتا الطائفتين معاً، كما أوضح السيد الوالد تفصيل ذلك في كتيب: (كيف نجمع شمل المسلمين) وفي كتاب: (الفقه الدولة الإسلامية) و(السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(الفقه طريق النجاة) و(الصياغة الجديدة) وغيرها.

السؤال9: والدكم أول عالم ديني أفتى بالاستنساخ الجيني للبشر قبل 30 عاماً في كتاب (المسائل المتجدّدة) والذي طبع عدة طبعات، فهل كان هذا الفتوى إثر خيال علمي مستحدث أم لديه معلومات علمية دقيقة؟ وهل هناك أدلة دينية في جواز الاستنساخ؟

الجواب: انطلاقاً من قاعدة إن الدين الإسلامي يكفل تلبية كل حاجات الإنسان وانه دين شمولي محيط يجيب على كل تساؤل، وإن القرآن والروايات قد تكفلا ببيان كل شيء -ولو بنحو من الإشارة أو على نحو كلي- ( ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) ( فيه تبيان كل شيء) ؛ لذلك فمن الطبيعي أن يتصدّى الفقيه للإجابة عن كل سؤال مطروح أو مفروض خاصة إذا كان مضطلعاً بعلم الحديث بشكل كبير وملماً بالعلوم الحديثة بشكل واسع.

والدليل على جواز الاستنساخ -إلا فيما إذا كان ضرره محرزاً- أصالة الحل «كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام»، إذ الأصل في كل أمر حادث الحلية إلا أن يدل عليه دليل على حرمته أو تشمله إحدى أدلة المحرمات العامة ولذلك يلتزم الوالد وعدد من الفقهاء بصحة العقود المستأنفة (كعقد التأمين أو غيره) وبجواز الاستفادة من الأجهزة الحديثة -كأصل أولي-.

وكذلك إطلاقات أدلة السلطنة «الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم» وهنالك أدلة أخرى عديدة، كما أن للمعارضين أدلة ولها أجوبة والتفصيل في الكتب المعنية.

السؤال10: من المعروف أن والدكم صاحب نظرية اللاعنف في العمل الإسلامي، هل يمكنكم تسليط الضوء على هذه النظرية؟ وهل هذه النظرية تعتبر نوعاً من الميوعة في التعامل مع المشركين؟

الجواب: يقول جلّ وعلا:( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) ويقول:( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وفي الرواية:«ما وضع الرفق على شيء إلا زانه وما وضع الخرق على شيء إلا شانه».

بل الإسلام يدعو إلى اللاعنف حتى في اللسان ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم) ويقول الإمام علي (عليه السلام):«إني اكره لكم أن تكونوا سبابين».

ثم أن السلم احمد عاقبة وهو الطريق الأقصر للوصول إلى الأهداف الإنسانية العليا فإن من يملك قوة المنطق لا يحتاج إلى منطق القوة، وقد دلت التجارب على ذلك (الحركة السلمية في الهند وغيرها)، إلا لو اضطر إلى ذلك (وفي مرحلة الدفاع عن النفس وغيرها) ولذلك كانت حروب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كلها دفاعية.

السؤال11: ما هي آفاق نظرية التعايش السلمي مع العالم غير الإسلامي؟

الجواب: يقول جل وعلا:( لا ينهاكم الله عن الذي لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) و( خذ العفو) ، ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام):«الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»، وقاعدة الإلزام هي الأخرى توضح جوانب كثيرة من معادلة التعايش السلمي بين شتى المذاهب والأديان.

إن حقوق الآخرين في الإسلام محفوظة سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها، وقد فصّل السيد الوالد الحديث عن ذلك في كتاب (الفقه القانون) و(الفقه الحقوق).

السؤال12: ما سبب وجود الخلاف بين السنة والشيعة؟ وهل هنالك مجال لتقارب وجهات النظر بين هاتين الطائفتين؟

الجواب: الخلاف ينبع من اختلافات عقائدية (كمسألة الإمامة وعدالة الله) وفقهية وشبهها، والتقارب يتم عبر ندوات ومؤتمرات تضم علماء ومثقفين ورجال كلتا الطائفتين تكون مهمتها:

أ: الحوار الموضوعي الهادف وصولاً إلى الحقيقة.

ب: ودراسة سبل التقارب وآلياته، إضافة إلى أن الخلاف والتناحر بين الطائفتين نجم في كثير من الظروف عن تدخّل عوامل خارجية ترى في التفرقة بين المسلمين سيادتها، و(الوعي) هو الكفيل بالحيلولة دون مقدرة الأعداء على إثارة الفتنة بين المسلمين.

ولا يتحقّق الوعي إلا عبر مجلات وكتب ودراسات وبحوث عــــبر الأجهزة المسموعة والمرئية، تركز على مخاطر الاستسلام لمخططات الأعداء وتركز على القواسم المشتركة وتوضح سبل التعامل مع القضايا الاختلافية. 


السيد المرتضى في سطور 


- سماحة العلامة الأستاذ السيد مرتضى الحسيني الشيرازي ولد في مدينة كربلاء المقدسة عام 1965م.

- وهو ثاني أنجال المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي(دام ظله).

- ينحدر من أسرة عريقة في العلم والجهاد والمرجعية.

- أنهى دراسته الابتدائية في مدارس حفّاظ القرآن في كربلاء والتحق بحلقات الدروس الحوزوية الدينية في مدرسة الرسول الأعظم(ص) في الكويت.

- أولاه والده المعظم عناية خاصة، فكان أستاذه الأول، حتى غدا بعد عقدين من الزمان مجتهداً قادراً على استنباط الأحكام الشرعية وهو لم يزل في ريعان شبابه وقد شهد له بذلك جملة من أعلام الأساتذة والفضلاء..

- وقد اشتغل بتدريس (الرسائل) وهو في عمر خمسة عشر عاماً، كما درّس (كفاية الأصول) للمحقق الخراساني و(شرح المنظومة) للعلامة السبزواري.

- كما انه محاضر مخضرم وقدير وله الكثير من المحاضرات الفكرية والثقافية المركّزة وتمكن من خلال دراساته ومحاضراته أن يربي جمعاً غفيراً من التلامذة الذين تحمّلوا مسؤولية خدمة الأمة الإسلامية.

إجازة اجتهاد من قبل آية الله المعظم السيد محمد الفاطمي الأبهري

للعلامة السيد مرتضى الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الغرّ الميامين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين أبد الآبدين إلى قيام يوم الدين.

فأما بعد أن علم الأصوليين يعني الفقه والأصول بعد العلم بالمعارف الإلهية لا يخفى شرفها وفضلها على سائر العلوم كيف وبهما ينال الإنسان سعادة الدارين ويحصل الحياة الطيبة فيها لا زوال بعدها أبداً، ولذا اعتنى واهتمّ بهما العلماء من الزمن الأول من الفريقين تدريساً وبحثاً وتصنيفاً فصنفوا فيهما كتباً كثيرة، فبعضهم صنّف فيهما كتاب واحد فجعل أحدهما وهو الأصول مقدمة للآخر كابن زهرة وصاحب المعالم وبعضهم صنّف في كل واحدة منهما كتاباً مستقلاً كالسيد المرتضى والشيخ العلامة والشيخ المرتضى وبعضهم صنّف فيهما في كتاب واحد مختلطاً لأحدهما بالآخر فمـــنهم آية الله السيد المرتضى الشيرازي المعاصر المحقّق المتتبّع البالغ رتبة الاجتهاد والاستنباط مع صغر سنه لأنّ العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء، خلف المحقق المدقق العلامة أستاذ الأساتذة المصنّف في فنون كثيرة في كل منها كتباً كثيرة السيد محمد الشيرازي دام ظله العالي فألّف فيهما كتاباً ضخماً سماه (شورى الفقهاء) فقد أجلت وسرحت النظر فيه فوجدتها كافياً وشافياً فيها ما يشفي الغليل ويعطي الطالب بغيته كيف وقد أدرج فيه مطالب جليلة من حيث التحقيق والتدقيق ونقل كلمات العلماء(رض) وبيان الإيرادات والاشكالات عليها فعلى رواد وطلاب العلم صرف الوقت في مطالعته والاستفادة من حياضه كثّر الله أمثاله في علماء الإسلام والمسلمين، قد حرر هذا في عصر يوم الجمعة في الثاني والعشرين من رجب سنة إحدى عشر بعد الألف والأربعة مائة.

السيد محمد الفاطمي الأبهري

إتصل بنا

أعداد سابقة

العدد 32ـ33

الصفحة الرئيسية