مجلـــة النبـــأ   العــددان (30 -31 )    السنــة الخــامســـة    ( ذو القعدة - ذو الحجـة )  1419

رجل من الصحابة

قدم هشام بن عبد الملك حاجاً أيام خلافته، فقال: أيتوني برجل من الصحابة، فقيل: لقد تفانوا، قال: فمن التابعين، فأتي بطاوس اليماني، فلما خل عليه، خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلّم عليه بإمرة المؤمنين، بل قال: السلام عليك، ولم يكنه، ولكن جلس بإزائه. وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب غضباً شديداً وقال: يا طاوس ما الذي حملك على ما صنعت؟ قال: وما صنعت؟ فازداد غضبه، فقال: خلعت نعليك بحاشية بساكي، ولم تسلم عليّ بإمرة المؤمنين ولم تكن، وجلست بإزائي، وقلت كيف أنت يا هشام؟

فقال طاوس: أما خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعها ما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات، ولا يغضب علي لذلك، وأما قولك لم تسلم علي بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راضين بإمرتك، فكرهت أن أكذب، وأما قولك لم تكن فإن الله عز وجل سمى أوليائه فقال: يا داود، يا يحيى، يا عيسى، وكنى أعدائه فقال: تبت يدا أبي لهب، وأما قولك جلست بإزائي، فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار، فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام.

فقال هشام: عظني، فقال طاوس: سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): إن في فجهنم حيات كالتلال، وعقارب كالبغال، تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته ثم قام وهرب.