مجلـــة النبـــأ      العـــدد 19      السنـــة الثـــالثـــة       رمضـــان 1418هـ

المعاشرة الحسنة

نقل أحد الشخصيات العلمية الذي كان قد سافر إلى سوريا لزيارة السيدة زينب (سلام الله عليها) أنه رأى المرحوم السيد محسن الأمين صاحب (أعيان الشيعة) في سوق الحميدية بالشام، وهو في تشييع جنازة أحد علماء العامة.

قال: فلحقته وسلمت عليه وصحبته حتى وصلنا إلى المسجد الأموي، فامتلأ المسجد بالمشيعين وتقدم السيد الأمين للصلاة عليه بطلب من أولياء الميت ـ ولما أتم الصلاة ازدحم الناس عليه يحيونه ويقبلون يديه.

فتعجبت من ذلك وسألت السيد قائلاً: أو ليس هؤلاء من العامة، فكيف طلبوا منك الصلاة على جنازة عالمهم؟ ثم كيف يقبلون يديك وهم يعلمون بأنك من علماء الشيعة وشخصياتهم؟ فأجاب السيد: إن ذلك كله نتيجة الرفق بهم والمداراة معهم طوال عشر سنين. ثم واصل كلامه وقال: إني لما قدمت الشام أغرى بعض الجهال بي أشد المخالفين عليّ، ليؤذونني حتى أنهم علموا أطفالهم يرمونني في السوق بالحجارة، ويسحبون عمامتي من رأسي أحياناً من الخلف، فصبرت على ذلك، وقابلت مساءتهم بالإحسان، وأذاهم بالغفران، وشيعت جنائزهم، وعدت مرضاهم، وتفقدت غائبهم، وعاشرت حاضريهم بوجه منطلق حتى تبدل البغض حباً، والعداء وداً والفرقة ألفة وانسجاماً.