نظرة إلى مستقبل الإسلام

المقدس الشيرازي

غريبي مراد

مقالتي هي نظرة وبحث عن الحقيقة الجميلة في آن واحد، فمن أكون حتى أتحدث عن فقيه أهل البيت عليهم السلام، إنني محب وتلميذ مخلص لأهل الحق والحقيقة، فعذرا يا أحبتي عن جرأتي فتيار الشوق للحبيب قد جذبني للإخلاص لمن أخلص في تخليصنا من حبائل الدنيا...

وهذه المقالة ذات ثلاث شُعب، هي حزن، ودعوة إلى الترحم والاقتداء، وثالثاً هي نظرة إلى مكانة حبيبي وسيدي وأستاذي الفقيه المقدس الشيرازي في معالم الإصلاح الإسلامي المعاصر...

أولاً: حزني على السيد محمد رضا الشيرازي (رض)، هو حزن فقد الأحبة والقادة والعارفين من العلماء والمصلحين والشهداء، والعلامة الفقيه المقدس الشيرازي فيه من كل ذلك الجمال الرسالي الذي نستوحيه عند دراسة سير العظماء عبر التاريخ الإسلامي كله...

 باسم الإسلام الحركي، نحزن عليك يا سيدي، ونحن ممن يهمنا أمر التفكير الإسلامي العالمي، كيف لا نحزن على من أرشدنا عند حديثه وحراكه ورساليته وجل مواقفه، للعمل الإسلامي العالمي بحكمة الأطهار عليهم السلام... 

ثانياً: في مجلس تأبيني مع أحبابك سيدي يا فقيه أهل البيت عليهم السلام،ذكر الوداع فلم يعجبن لأنني أؤمن أنك معنا بسيرتك العطرة ورسالتك العظيمة التي خلدت وجودك فلم تودعنا وكيف لا والعلماء باقون ما بقي الدهر، حقيقة حزننا عليك كبير لكننا مؤمنون بأن الله عزيز حكيم، قلت لأحبابي قبل أن يرحل عن دنيا الناس المقدس الشيرازي ترك بصمة عنوانها مواصلة المسيرة الرسالية، وانتقاله للرفيق الأعلى رسم مسؤولية عظيمة أمام المهتمين بأمور المسلمين، ظاهرها الترحم على روح الفقيد الفقيه رضوان الله عليه،الذي لا يتحقق بأصالة وصحة إلا بجميل الذكر والإقتداء والوفاء بحقوقه الرسالية التي تنتظر الإتمام والإتقان وعميق الإيمان...

 لقد بحثت في الشهور الأخيرة في محاضراته وكتبه ونظراته الأبوية وحديث المقربين عن طبيعة شخصيته، فاكتشفت خصوصية اتسمت بها حياته، فتوجته بقوة الأنبياء والأوصياء عليهم السلام إنها: الصدق بإمتياز، وذلك عنوان العلم والحكم مما نقرؤه في سيرته الطاهرة، عالما جليلا وحاكما بإحسانه وبره ونور وجهه الوضاء، على قلوب الناس....

وهذا من أعظم ما جعل مولانا المقدس الشيرازي الفقيه المسلم صاحب الفكر الإسلامي الإنساني الحق الذي وقف في مواجهة الزيف والتزمُّت والتشدد والتعصب والتطرف والخداع وماهنالك من باطل في حياة الناس....

وفاؤنا وإخلاصنا للمقدس الشيرازي رحمه الله، ليس سهلا لأن ثمة ثلمة كبيرة تنتظر أهلها، فمعرفة العظماء والعلماء في ظاهرها تشريف لكنها بالعمق تكليف وأي تكليف ! إنها الإخلاص لرسائلهم وتحقيق لتطلعاتهم، وأول الإخلاص إصلاح النفوس وترويضها بتجديد العلاقة بالثقلين حتى نستعيد الانتعاش الروحي الذي يرتفع بنا لوعي منهج إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام وثقافة الوحدة الإسلامية ونظام التفكير العالمي لدى الإمام الفقيه المقدس الشيرازي...

ثالثاً:

يا حياتي وأنت في ذاتي                 حاضر لا تغيب

نعم إنه حياتي لأن سماحته ملأ حياتي وصاغ ذاتي لذلك هوحاضر في وجداني ولن يغيب بإذن الله، لأن التجربة توحي أن دور المقربين يتضاءل في رحاب العالم الرسالي، لأن العالم العامل والصادق يجعلك بأحاديثه التربوية وتوجيهاته العملية تجري مقاربات منهجية ترتب بها علاقاتك بما يصلح روح حياتك ومحيطك في خط التقوى، وهذه الفكرة نكتشفها عندما نراجع خلفية انشدادنا للمقدس الشيرازي، كافة المؤشرات تقود إلى القناعة بأن شخصية العلامة الفقيه السيد محمد رضا الشيرازي رضوان الله عليه، هي شخصية ذات مستوى فكري وأخلاقي وعملي رفيع جدا، مما جعلها النموذج الرسالي الوسط بين أجيال المسلمين، فكونه القدوة الرائدة في خضم المعترك فتكون الثمار من نصيب أولئك القادرين على القرب من درجته الرسالية الهادفة وصياغة رؤاه الإصلاحية بما يخدم الإسلام والمسلمين، لأننا لا نتصور الفقيه المقدس إلا كما توسم فيه عمه المرجع الكبير السيد صادق الشيرازي  دام ظله -وسماحته اعرف الناس بحقيقته وهنا سر العظماء-إنه مستقبل الإسلام...

وعليه أختم بدعوة السادة الأحبة من مفكرين وعلماء دين وإعلاميين وناشطين اجتماعيين للعمل على تحضير فعالية رسالية سنوية تحت عنوان: "مؤتمر المستقبل الإسلامي"، هدفها تباحث ودراسة تراث المقدس الشيرازي من قبل أهل الاختصاص ووضع مشاريعه الإسلامية الرسالية قيد التنفيذ وتشجيع المربين على النهل من معالم التربية الإسلامية للشخصية الرسالية الرائدة في سيرة المقدس الشيرازي...

بهذه النظرة لا أقول أنني وفيت حق هذا العالم الهمام رضوان الله عليه، لكن أحب الصالحين ولست منهم.. لعلي أن أنال بهم شفاعـــة، وبعد في زمن السرعة لا يبقى الكثير من الوقت للراحة، فهناك بالأفق أسئلة جديدة بحاجة ملحة إلى أجوبة، من قبيل:

 كيف ندخل السرور على العلامة المقدس الشيرازي ووالده الإمام المجدد وكل عظمائنا عبر التاريخ الإسلامي كله وصولا لصاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وآله وسلم؟ !

إنها ثروة رسالية حضارية من نصيب المسلمين بحاجة لإهتمام واشتغال لا ينحرف عن هدفها الإسلامي الكبير...والسلام ورحمة الله وبركاته عليك سيدي وأستاذي

والحمد لله رب العالمين... 

* كاتب وباحث إسلامي

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 31/آيار/2009 - 3/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م