المرجع الشيرازي: شهر رمضان أفضل فرصة لإرشاد الناس وهدايتهم، ولتهذيب النفس وتزكيتها

 

شبكة النبأ: قال ألقى المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله بان على المؤمنين أن يسعوا في شهر رمضان إلى تهذيب أنفسهم وتزكيتها، وذلك بترك السيئ من الأخلاق وترويض النفس على التحلّي بالأخلاق الإسلامية الحميدة. كما قال سماحته بان إن الإسلام الذي طبقّه مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وطبقّه من بعده مولانا الإمام اميرالمؤمنين صلوات الله عليه هو الإسلام الأصيل والحقيقي وهو الإسلام الذي أنقذ البشرية وأنجاها، أما اليوم فلم يبقى من الإسلام إلاّ اسمه فقط. لذا يجدر بكم أن تسعوا إلى هداية الشباب وإرشادهم وذلك بتعليمهم وتعريفهم عقائد وأخلاق الإسلام الحقيقي، وإن تطلّب ذلك عقد عشرات أو مئات الجلسات.

جاء ذلك بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك حيث ألقى سماحته دام ظله محاضرة قيمة بجمع من أساتذة وطلاب الحوزة العلمية من طهران واصفهان وقم ومشهد المقدستين، وجمع من العلماء والفضلاء من العراق وسورية، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة، يوم الأربعاء الموافق للسابع والعشرين من شهر شعبان المعظّم 1430 للهجرة. بحسب موقع الرسول الاكرم.

في البدء استهل سماحته محاضرته بمقطع من إحدى الخطب الشريفة لمولانا رسول الله صلى الله عليه وآله التي ألقاها في استقباله شهر رمضان المبارك، وهو: «هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله»(1)، وقال:

إن الله تبارك وتعالى يدعونا جميعاً إلى ضيافة في شهر رمضان المبارك، وهو جلّ وعلا المضيّف فيها ونحن الضيوف، بل إن الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الفضيل علاوة على ضيفاته يتفضّل علينا بالكرامة والاحترام. وسيحلّ علينا شهر رمضان المبارك قريباً وسينتهي سريعاً، فعلينا أن ننتبه ونعلم ما المطلوب منّا في هذا الشهر وماذا علينا أن نقوم به؟

وقال سماحته: لو أن أحد قضى شهر رمضان المبارك بالعبادة والطاعة، واستمر على هذا المنوال في باقي أيام وشهور السنة، أي يصوم النهار ويقضي الليل إلى الصباح بالعبادة، فهكذا إنسان سيكون له من الله تعالى ـ بلا شك ـ أجر كبير ومقام كبير. ولكن هنالك من له أجر ومقام أكبر ممن يقضي عمره كله بصيام النهار وقضاء الليل بالعبادة، وهو أنتم وأمثالكم إن امتثلتم وعملتم بما جاء في الرواية الشريفة التالية:

قال مولانا الإمام زين العابدين صلوات الله عليه: أوحى الله تعالى إلى موسى على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام: ...فلأن ترُدّ ضالاً عن فنائي أفضل لك من عبادة مائة سنة بصيام نهارها وقيام ليلها. قال موسى عليه السلام: فمن الضال عن فنائك؟ قال تعالى: الجاهل بإمام زمانه، تعرّفه(2).

وقال سماحته: إن من يقوم بتعريف إنسان بإمام زمانه ويزيده معرفة في هذا المجال لا شك تكون درجته عند الله تعالى أرفع ومقامه أكبر وأعلى ممن يعبد الله مئة سنة بصيام نهارها وقيام ليلها. ولا شك أن معرفة الإمام متوقفة على معرفة الأئمة من قبله ومعرفة النبوّة ـ الخاصة والعامّة ـ ومعرفة الله عزّ وجلّ.

عند إمعاننا وتدبّرنا في آيات القرآن الشريفة والأحاديث والروايات الشريفة عن المعصومين صلوات الله عليهم، يتبيّن لنا أنه هنالك أمران مهمان يجب أن نهتم بهما كثيراً ونعمل بهما، أحدهما في الجانب العقائدي والآخر في الجانب الأخلاقي، وشهر رمضان المبارك خير فرصة لتعلّم العقائد والأخلاق وتعليمها لأفراد المجتمع الإسلامي كافّة.

وفي جانب آخر من حديثه قال سماحته: إن الإسلام الذي طبقّه مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وطبقّه من بعده مولانا الإمام اميرالمؤمنين صلوات الله عليه هو الإسلام الأصيل والحقيقي وهو الإسلام الذي أنقذ البشرية وأنجاها، أما اليوم فلم يبقى من الإسلام إلاّ اسمه فقط.

وأضاف سماحته: إن الله عزّ وجلّ وصف في القرآن الكريم، اليهود بأنهم أشدّ الناس عداوة للإسلام والمسلمين. فاليهود حاربوا رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمين، وكانوا يثيرون الفتن والحروب، ولكن الكثير منهم ومن باقي الناس دخلوا في الإسلام لما رأوه ولمسوه من الخلق العظيم لمولانا النبي صلى الله عليه وآله، كما صرّحت بذلك الروايات الشريفة عن المعصومين صلوات الله عليهم، ومنها ماذكره الكليني في كتابه الشريف (الكافي) عن الإمامين الباقرين صلوات الله عليهما:

«إنّ أهل مكّة دخلها رسول الله صلى الله عليه وآله عَنوة، فكانوا أُسراء في يده فأعتقهم وقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء» (3).

فهذه النماذج من خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وتعامله لو عرفها الناس في أي نقطة من العالم فسيميلون إلى الإسلام وسيدخلون في الدين كما دخل الناس في زمن الرسول أفواجاً وأفواجاً.

وأردف سماحته متسائلاً: أليس من المؤسف حقّاً أن يضيع الشباب لعدم معرفتهم الصحيحة بعقائد الإسلام وأخلاقه؟

لذا يجدر بكم أن تسعوا إلى هداية الشباب وإرشادهم وذلك بتعليمهم وتعريفهم عقائد وأخلاق الإسلام الحقيقي، وإن تطلّب ذلك عقد عشرات أو مئات الجلسات. فهذا العمل أي تعريف الضال بالعقائد الصحيحة ومنها معرفة إمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليه أكثر ثواباً وأجراً من عبادة مئة سنة.

وقال سماحته: عن أبي حمزة قال: دخل سعد بن عبد الملك ـ وكان أبو جعفر [الباقر] صلوات الله عليه يسمّيه سعد الخير وهو من ولد عبد العزيز بن مروان ـ على أبي جعفر سلام الله عليه فبينا ينشج كما تنشج النساء قال: فقال له أبو جعفر سلام الله عليه: مايبكيك يا سعد؟ قال: وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن. فقال له: لست منهم، أنت أموي منّا أهل البيت. أما سمعت قول الله عزّ وجلّ يحكي عن إبراهيم: «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي»(4).

وعقّب سماحته: يتبيّن لنا من الرواية الشريفة التي مرّ ذكرها أن الناس إذا عرفوا الحق والحقيقة فسيقبولنها ويهتدون إليها حتى إن كانوا من ذرية مروان بن الحكم الأموي، إلاّ ما شذّ وندر من المعاندين وهم قلّه قليلة.

وأكّد دام ظله: إن شهر رمضان المبارك أفضل فرصة لأن يسعى فيها المؤمنون إلى إرشاد الناس وهدايتهم.

كما على المؤمنين أن يسعوا في هذا الشهر المبارك إلى تهذيب أنفسهم وتزكيتها، وذلك بترك السيئ من الأخلاق وترويض النفس على التحلّي بالأخلاق الإسلامية الحميدة.

...................................

[1] / وسائل الشيعة/ ج10/ باب18 تأكّد استحباب الاجتهاد في العبادة/ ص313/ ح13494.

[2] / تفسير الإمام العسكري سلام الله عليه/ في أن اليتيم الحقيقي هو المنقطع عن الإمام/ ص 342/ ح219.

[3] / الكافي/ ج3/ باب أقل ما يجب فيه الزكاة من .../ ص512/ ح2.

[4] / الاختصاص/ للشيخ المفيد/ سعد بن عبد الملك الأموي/ ص85.

 جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/آب/2009 - 3/رمضان/1430

[email protected]