الجزائريون في رمضان.. اشتكوا من اسعار اللحوم فجاءت يد سحرية اخفت زيت الطهي

 

اصبح الحصول علي قارورة زيت غداء في الجزائر هذه الايام من سابع المستحيلات، كما يقولون! فقد اختفي زيت الطهي هكذا ودون أي اشعار مسبق من المحلات وقد ارتفع عليها الطلب في هذا الشهر الكريم اكثر من بقية شهور السنة.

واذا صادف وان عثر احد علي قنينة من هذه المادة فانه مطالب بان يدفع الثمن غاليا، اذ عرفت اسعارها ارتفاعا فاحشا وصل الي 130 دج للتر الواحد (كان يتراوح في حدود الـ50 دينارا) وكأن يدا خفية اصبحت تتحكم في توزيعها بهدف جني اموال وفوائد اضافية علي عادة التجار في الجزائر خلال شهر الصيام.

بعد مرور ثلاثة ايام مما يحلو للجزائريين ان يسمونه شهر الرحمة ، لا زالت الازمة قائمة الي درجة جعلت الزيت حديث الجزائريين.

هذا الوضع دفع رجل الاعمال يسعد ربراب، وهو صاحب اكبر مصانع الزيوت ومشتقاتها بالجزائر، لان يخرج عن صمته وهو الذي اعتاد الابتعاد عن الاضواء، ليكشف للصحافيين ان الزيوت موجودة وان المهربين هم الذين تسببوا في ندرتها بتسريبها الي تونس عبر الحدود البرية الشرقية.

وبمجرد انتشار خبر اختفاء الزيت، بادر ربراب الي نشر صفحات دعائية في صحف محلية اعلن فيها تقليص اسعار المواد التي تنتجها معامله بمناسبة شهر رمضان.

وراج عشية رمضان ان اصحاب محلات صناعة الزلابية (حلويات شرقية مقلاة) التي تلقي رواجا كبيرا خلال شهر رمضان استحوذوا علي الكميات الموجودة لمواجهة أي طارئ بسبب الاقبال الكبير علي هذه الحلوي التي يقال انها تونسية الاصل.

ومن الطرائف التي احاطت بنقص الزيت ان احد التجار الحاذقين بالجزائر العاصمة اقترح علي زبائنه منحه مقدما 200 دينار (دولار يساوي 80 دينارا) ليوفر لهم دلو زيت او قارورة زيت سعة خمس لترات بعد يومين او ثلاثة.

وذكرت صحيفة الوطن امس الاحد ان البعض اذعن لهذا الشرط بسبب الحاجة بينما رفض اخرون الامر واعتبروه ابتزازا وعودة مقنعة لسياسة التحصيص التي تعاملت بها السلطات الاستعمارية مع الجزائريين.

ومن الغرائب ايضا انه بينما تسجل ندرة وغلاء فاحش في اسعار المواد الاستهلاكية الواسعة الانتشار، اصدرت وزارة التجارة بيانا امس ضمنته قائمة اسعار العديد من هذه المواد. والمفارقة ان اسعار الوزارة المضبوطة كانت اغلي من اسعار هذه المواد في الاسواق. وتساءل احد المواطنين هل ان اصحاب هذه القائمة يعيشون فعلا بيننا .

ونقل مواطن لـ القدس العربي بولاية سطيف (شرق) ان تجار الجملة احتكروا الزيت واصبحوا يرغمون تجار التجزئة علي بيع مواد غذائية كاسدة مقابل حصولهم علي هذه المادة.

وتتواصل معاناة الجزائريين ككل عام في مثل هذا الشهر، رغم اجتماع طارئ عقده وزراء التجارة نور الدين بوكروح والتضامن الوطني جمال ولد عباس والشؤون الدينية والاوقاف بوعلام الله غلام الله، لطمأنة النفوس تجاه التهاب الاسعار التي مست لك شيء. ولم يخرج اجتماعهم سوي بدعوة اعتاد عامة الجزائريين سماعها في كل عام بان يتكاتفوا ويتضامنوا في ما بينهم لمواجهة غلاء المعيشة ودعوة التجار الرأفة باخوانهم .

معاناة الصائمين الجزائريين لم تقتصر علي ندرة الزيت، وانما زادها غلاء اسعار اللحوم بمختلف انواعها وهم ينتظرون لحوم سعيد بركات وزير الفلاحة الذي وعد باغراق السوق بلحوم طازجة مستوردة من اوروبا. وبلغ سعر كلغ لحم الخروف 800 دينار (عشرة دولارات)، وهو سعر بعيد جدا عن متناول الجزائري العادي. واسعار اللحوم الخروف في العادة لا تتعدي 600 دينار.

ووعد بركات باستيراد 30 الف طن من اللحوم من ايرلندا والبراغوي والارجنتين بهدف كسر الاسعار التي فرضها المربون وسماسرة اسواق المواشي في الجزائر. لكن اللحوم الموعودة لم تصل بعد مما حدا بمواطنين الي طرح تساؤلات حول قدرة الدولة علي التخطيط والبرمجة.

وبعد ان استحال علي البسطاء اقتناء لحم طازج، توجهت غالبية العائلات الي اللحوم المجمدة التي يسميها عامة الناس اللخم القديم .