قِبلَةُ الآمال

في مولد الإمام الحسن المجتبى (ع) – 15 رمضان 1423هـ

   معتوق المعتوق

بسم الله الرحمن الرحيم

هناكَ حيثُ تُشْرِقُ دارٌ يمورُ بها أديمُ الخلود، هناكَ حيثُ ترفرفُ قلوبٌ يهيمُ بدَفْقِها خريرُ الكوثر، هناك حيثُ يلُفُّ المجدُ وِشَاحَهُ القدُسيَّ على الدنيا، هناك حيثُ يتألقُ فُرشُ (لَعْيَاءَ)، هناكَ حيثُ يتلألأُ ثَغرُ البتول، هناك في يثربَ المتجلببةِ بعَسْجَدِ البدرِ المكتمل، هناك حيثُ يطلُع بِكرُ الرسالة، هناك حيثُ يُشرِق نورُ المجتبى... هناكَ تهيم الكلمات شوقاً ليسجُد الشِعْرُ خاشعاً بين يديكَ... يا قِبْلَةَ الآمال.

أَمَّتْكَ أَشْرِعَةُ الآمالِ تبتَهِلُ
 

 

يا مُزْنَةَ الجودِ مِنكَ الجودُ ينهَمِلُ
 

مِن وَجْنَتَيْكَ يُوَشِّي الوردُ وجنَتَهُ
 

 

وطَرْفُهُ مِنكَ يا سِحْرَ الهوى خَجِلُ
 

ومن رحيقِكَ رَوَّى البحرُ ساحِلَهُ
 

 

وعبَّ منكَ رِضاباً رَيُّهُ عَسَلُ
 

ومَعْ هديرِكَ صلَّتْ كُلُّ جارِحَةٍ
 

 

وطافَتِ الكونَ من أنغامِها رُسُلُ
 

وتِبْرُ شَمسِكَ قد ساحَت ذوائِبُهُ
 

 

وفي فضائِكَ راح الظِلُ يغتَسِلُ
 

وفي صفائِكَ صبَّ الغيثُ لؤلُؤهُ
 

 

ماهذه صَوبُ مُزْنٍ..إنها قُبَلُ
 

وفي سمائِكَ حفَّ البدرَ سامِرُهُ
 

 

ماهذه نُجْمُ تَمٍّ .. إنها مُقَلُ
 

وفي عُبابِكَ قد هامَتْ سفائِنُنا
 

 

أنت المنارُ وأنتَ الجَمْرُ والشُعَلُ
 

وما أتتكَ بمِرساةٍ مراكِبُنا
 

 

لكنها أكؤسَ الأرواحِ تنتَهِلُ
 
 
*****
 

يازَمزَمَ الحِلمِ يا فجراً لرافِدِهِ
 

 

من مِروَدَيكَ تزَيّبى الليلُ يكتَحِلُ
 

يا بَهجَةَ الحُورِ يا بِكرَ الرسالةِ يا
 

 

ريحانَةَ القُدسِ منكَ الطُهْرُ ينسَدِلُ
 

يا سِدْرَةَ الخُلدِ يا أحلى مغارِسِها
 

 

أنت الكُرومُ وأنتَ الوَرْدُ والأُكُلُ
 

يا حُمْرَةَ الشمسِ من طور الهوى بزغت
 

 

ماشَفَّكَ الأفقُ إلا رانَهُ الخجَلُ
 

يا دَفْقَةَ النورِ من قلبِ السما انبَجَسَتْ
 

 

يطوفُ شوقاً عليكَ الوجدُ والأملُ
 

يا عِشقَ أحمدَ يا رَيحانةً عبَقَت
 

 

على النسيمِ فحيَّاها النَدَى الهَطِلُ
 

يا غُصنَ "هارونَ" يا توراتُهُ انبَعَثَتْ
 

 

من الخُلُودِ مَعِيْناً نبعُهُ الأَزَلُ
 

يا دِيمَةَ الشوقِ في أحضانِ فاطِمَةٍ
 

 

قد عبَّكَ البوحُ رَيَّاً جَدْبُهُ بلَلُ
 

يا رايَةَ اللهِ في فِردَوسِهِ سَمَقَتْ
 

 

على خمائِلِ مسراكَ انحنى زُحَلُ
 

ياشُبَّرَ الوحيِ أنت الحُسنُ معبَدُهُ
 

 

وغيرُ حُسنِكَ في واحاتِهِ طَلَلُ
 

 
*****
 

يا مَوْرِدَ النورِ قد هامَت قوافِلُنا
 

 

تُقَلِّبُ الأُفْقَ قد شَطَّتْ بها السُبُلُ
 

تُسائِلُ الرَكْبَ عن بيتٍ تلوحُ بِهِ
 

 

كِنَانَةُ العِشْقِ منها يُورِقُ الغِزَلُ
 

عنِ الضِراحِ الذي غارَت قوائِمُهُ
 

 

في كوثَرِ المَجْدِ جذْراً نبْتُهُ الحَمَلُ
 

عنِ الأديمِ الذي رَوَّت مسارِبَهُ
 

 

سكائِبُ الوَحْيِّ مذ جاءَتهُ تبتَهِلُ
 

عن بيتِ فاطِمَ عن مِحرابِ حيدَرَةٍ
 

 

عن بُرْدِ أحمَدَ فيهِ الكونُ يشتَمِلُ
 

عن الدماءِ التي شَجَّت محاجِرَها
 

 

حَصَا ثَقِيْفٍ فما أَحْنَى لها الجَبَلُ
 

عن سَجْدَةِ النورِ في مِحرابِها قَهَرَتْ
 

 

سَلَى الجَزورِ وأَهْوَى عِنْدَها هُبَلُ
 

عن سَوْرَةِ الجوعِ لمَّا عانَقَت حَجَراً
 

 

فالصَخْرُ من جُوعِهِ، من قُدْسِهِ، ثَمِلُ
 

عن حُمرَةِ السيفِ قد صاغَت صحائِفَها
 

 

على الجِباهِ حروفاً خَطَّهَا البَطَلُ
 

عنِ الجراحِ التي نَزَّتْ مَنَابِعُها
 

 

ونَازِحُ الدَلْوِ في أحداقِها أَجَلُ
 

عنِ الصُدورِ التي رِيْعَ الشَهيقُ بها
 

 

وخاصِفُ النَعْلِ في أضلاعِها أَسَلُ
 

عن فُرْشِ لَعْياءَ عن أسْمَالِ فاطِمَةٍ
 

 

وعن رَحَى الشَمسِ حنَّى كَفَّها المَجَلُ
 

عن الكِساءِ الذي لُفَّ الخُلودُ بِهِ
 

 

وفي سَنى العرشِ من أفيائِهِ ظُلَلُ
 

عن خُمْرِ زَيْنَبَ عن مَهْدِ الحُسَينِ وعن
 

 

قيثارَةِ الحِلْمِ يَهْمِي لَحنُها الوَبِلُ
 

عن نَفْثَةِ الجودِ قد فاحَ الأثيرُ بها
 

 

فَهَامَ نَغْماً الى الفِردَوسِ يرتَحِلُ
 

نادَتْكَ كُلُّ شِفاهِ الكونِ باسِمَةً:
 

 

في ليلةِ النِصْفِ مِنْكَ البَدرُ يكتَمِلُ
 

 
*****

 

ياكَعبَةَ المَجْدِ يا مِحرابَ رحلَتِهِ
 

 

قد أتعبَ الرَكْبَ سيرٌ مابِهِ نُزُلُ
 

ياثَورَةَ الصُلْحِ ياسَيْفَ الحُسينِ ويا
 

 

صدى الفُتُوحِ مدى الأزمانِ ينتَقِلُ
 

أنتَ الصلاةُ التي غنَّى الإِبَاءُ بها
 

 

ومن صَدَاها صلاةُ الطَفِّ تنتَفِلُ
 

أنتَ اليقينُ الذي ماهَزَّ راسِيَهُ
 

 

مُلكٌ عقيمٌ ولا دَهرٌ به حَوَلُ
 

أنتَ الحياةُ التي شَعَّ الخُلودُ بها
 

 

و سَرمَدُ النورِ لا يُودِي بِهِ الثَكَلُ
 

أنت الشُموخُ الذي ماطَالَ أَخْمُصَهُ
 

 

قَصْرٌ مَشِيْدٌ ولا تَاجٌ ولا كُلَلُ
 

أنتَ المَعِيْنُ الذي مَارَدَّ سائِلَهُ
 

 

حتى السِهَامَ التي جاءَتْهُ تَقْتَتِلُ
 

ما يَعبَأُ الدُرُّ بالأحجارِ لو لَمَعَت 
 

 

وَطَلْعَةُ الفَجْرِ لا يَغتالُها الدَجَلُ
 

قد يَكْمُنُ النسرُ في الآكامِ مُرْتَقِبَاً
 

 

ومن مآقِيهِ قَدْحُ الشَمسِ يشتَعِلُ
 

قد يربِضُ الليثُ أو يُخْفِيْ مخَالِبَهُ
 

 

ويَمْلأُ الرِيحَ من أنفاسِهِ وَجَلُ
 

 
*****
 

ساهَمتُكَ العِشقَ حتى عاد مُنتَشياً
 

 

ونبضُ عِشْقِكَ في شِرْيانِهِ بَدَلُ
 

ومُذ جَرَيتَ مَعيناً فوقَ قافيتي
 

 

على غَديرِكَ نُسْرُ الشِعرِ قد نزَلوا
 

يا جَدوَل الحُبِّ هَبْ لي منك ساقيِةً
 

 

يَعُبُّ منها الرجاءُ الصَبُّ والأمَلُ
 

ورُشَّ وَجْهِي بماءِ الجودِ مُبْتَدِءاً
 

 

خوفاً على ماءِ وَجْهٍ لِلَذي يَسَلُ
 

وقُل لروحِي إذ جاءتكَ وارِدَةً:
 

 

نَوالُنا لَكُمُ يا شيعَتي خَضِلُ
 


   معتوق المعتوق

 تاروت-القطيف- 15/9/1423هـ

[email protected]