الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

لنُجيب الحسين بألستنا وقلوبنا

محمد علي جواد تقي

 

شبكة النبأ: لم تسقط راية الحسين، عليه السلام، في أرض كربلاء باستشهاده، مع أبنائه وصحبه الميامين، إنما منذ اليوم الحادي عشر من المحرم، أو بالدقّة؛ منذ مساء اليوم العاشر، وبعد أن غابت شمس عاشوراء عن وجه كربلاء، بدأ تاريخ جديد في النهضة الحسينية، كتبته العقيلة زينب والامام السجّاد، عليهما السلام، بالدموع والآهات والآلام، وايضاً بالتحدي والتجلّد والصمود أمام كل أشكال الحرب النفسية التي شنها نظام الحكم الأموي ضد من تبقى من قافلة الحسين، عليه السلام، بهدف الإبقاء على الغشاوة السوداء أمام أعين الناس، فلا يروا الحقيقة الساطعة، وهي أن السهام والسيوف والرماح التي وجهت صوب معسكر الإمام الحسين، عليه السلام، إنما وجهت الى الإسلام، والى شخص رسول الله ، صلى الله عليه وآله، حيث قال: "حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحب حسيناً". وأن القافلة التي تحمل النساء  والاطفال، اضافة الى الامام زين العابدين، عليه السلام، تحت عنوان "سبايا"، هم بالحقيقة جزء مقتطع من جسد العترة الطاهرة التي خصّها الله تعالى بآية التطهير وأية المودّة.. هذه الحقيقة وصلت أهل الكوفة، وكذلك أهل الشام، رغم الاموال الطائلة للجهد الاعلامي والدعائي الساعي لتنزيه نظام حكم يزيد، وتقديمه على أنه من "أولي الأمر منكم"!

هذا ما كان في سنة (61) للهجرة، لكن ماذا عن اليوم، سنة 1435 للهجرة؟ بالرغم من البون الشاسع والبعيد من الزمان، نجد أن الصورة والمشهد على حاله وحجمه يتكرر مع كل زمان، لاسيما عندما تمر هذه الذكرى المؤلمة، فنلاحظ الأزمة الشديدة في الوعي والثقافة الحسينية، علماً أننا نشهد ازدياد الوعي بكل شيء في الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، بفضل مواقع الانترنت وأنظمة الاتصال المجانية عبر العالم، فضلاً عن القنوات الفضائية. وعندما نصل الى الحسين، عليه السلام، نسمع عن سائل؛ هل هذا العمل ضمن الشعائر الحسينية، أو ذاك، جيد ومطلوب ومفيد، أم غير ذلك..؟ ولماذا نقوم بهذا العمل أو ذاك..؟

نعم؛ السؤال والتحقق، أمرٌ يؤشر على حالة صحية في الساحة الثقافية، وهذا ما يدعو الى مزيد من النشاط والعمل الثقافي – الحسيني، مستفيدين من كل وسائل الاتصال السريعة المتاحة، وتسليط الضوء بكل شجاعة وثقة على الشعائر الحسينية وأهميتها في إثارة المشاعر، ثم الضمائر والعقول، ودورها في استنهاض همّة الإنسان لإجراء عملية تجديد ذاتية، ربما تكون شبيهة بعملية التجديد التي يقوم بها خلال شهر رمضان المبارك، ففي تلك الأيام والليالي، يقوم الانسان – ونحن جميعاً- بعملية إعادة الحسابات فيما بيننا وبين الناس، ثم ما بيننا وبين الله تعالى، لنصقل شخصيتنا من الناحية الاخلاقية والدينية. وفي أيام عاشوراء، وخلال إحياء ذكرى الإمام الحسين، عليه السلام، التي تستمر حتى أربعينه، تكون العملية ذهنية، فيعيد الانسان النظر في فكره وسلوكه و مواقفه، وكل ما تشتمل عليه المنظومة الثقافية. فهل هو مستعد أن ينتزع حريته في الرأي والتعبير من سلطة غاشمة ، أو جماعة وتيار يمارس الديكتاتورية بأيديولوجيته؟ وهل هو مستعد لأن يحقق كرامته وشخصيته أمام محاولات شراء الذمم والولاءات؟ وبالنتيجة؛ هل هو مستعد لأن يضحي من أجل القيم والمبادئ، كما فعل الحسين ومن كان معه، من الشيخ الكبير والشاب والطفل الصغير؟

من أهم وأبرز ما نتعلمه من مدرسة الطف، أن لا كرامة وحرية ولا حقوق، دون تضحيات جسام، هذا المفهوم، نراه خلال المائة سنة الماضية، في قصائد الأدباء الثوريين، وعلى ألسن القادة والمصلحين، فيما هو موجود منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة، وقد كان سبباً في إندلاع ثورات عظيمة، وسقوط دول وامبراطوريات كبيرة، علماً أن في أرض الواقع كان الشعار في أغلب الاحيان: "يا لثارات الحسين"، وهذا الشعار لوحده أطاح بالحكم الأموي الذي ما يزال البعض يدّعي ايجابيته وسلامته. فكيف اذا انتشرت المفاهيم والقيم التي من أجلها ترك أصحاب الحسين عوائلهم ونسائهم وممتلكاتهم، ووقفوا بوجه السهام والرماح الثقيلة ليحولوا دون أن تصيب الإمام، عليه السلام، وأن يضحوا بأنفسهم من أجل الدين الذي كان يجسده، عليه السلام. فتمثلوا كلامه وما جاء من خطبته أمام المغرر بهم من أهل الكوفة: "والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفر فرار العبيد". 

واليوم؛ عندما نشهد جحافل المعزين يفدون كربلاء المقدسة من كل مكان بالعالم، ليحييوا ذكرى الامام الحسين، عليه السلام، في مقتله وأربعينه، لن نجد هنالك من تراق له قطره دم، بل العكس، نلاحظ المفارقة المثيرة، في بذل الاموال الطائلة في العراق لتحقيق أقصى درجات الأمن والاستقرار للمعزين ومواكبهم وأماكنهم، ولئلا يتعرضوا لمكروه من جانب الجماعات الارهابية – التكفيرية. وهذه بالحقيقة نعمة كبيرة وعظيمة يغبطنا عليه سائر محبي الإمام الحسين ، عليه السلام، من الشيعة في شتى أنحاء العالم، حيث ليس هنالك مشهد مشابه لما موجود في العراق بالمرة. بل نجد العكس تماماً في البلاد التي يتعرض الشيعة فيها للاضطهاد والتهميش والتنكيل، سواء إن كان أكثرية، مثل البحرين، أو أقلية مثل باكستان. وربما تكون هذه النعمة فرصة للجميع، سواء المعزين أو المتفرجين، بأن نقوم بالخطوة الأولى على الأقل باتجاه قافلة النهضة الحسينية، وهي النصرة والاستجابة بألستنا وما نتحدث به عن تضحيات الإمام واصحابه، والدروس والعبر التي تركوها لنا، وايضاً بقلوبنا وضمائرنا، بأن نعد جميع الشعائر ومظاهر الحزن والأسى، جزءاً من ثورة الضمير والوجدان على الواقع الفاسد ومظاهر الانحراف الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. فحقاً أن ثورة الإمام الحسين، عليه السلام، نعمة عظيمة للإسلام وللمسلمين جميعاً، كما هي كذلك للشعوب كافة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/تشرين الثاني/2013 - 13/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2013م

[email protected]