الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء يوحّد العراقيين

محمد علي جواد تقي

 

شبكة النبأ: الشعوب والأمم الحيّة والناهضة تحتفي بمناسبات وطنية او دينية او حتى انسانية لأنها تؤدي دوراً مهماً في تعزيز اللحمة والتماسك بين افراد المجتمع المكوّن للأمة، فنلاحظ ذكريات التحرير والاستقلال، وعيد الميلاد لدى المسيحيين، ويوم الطفل أو يوم المرأة وهكذا.. كلها مناسبات تخرج الانسان من إطاره الذاتي الضيق ومصلحته الشخصية، الى رحاب المصلحة العامة والشعور بالمسؤولية إزاء الآخرين. فتكون هنالك الدعوات للعطاء والتكافل والتفاعل مع المناسبة خدمة للصالح العام.

واذا كانت المناسبات التي نشهدها في العالم، ذات طابع خاص لفئة او شعب بعينه، كما هو عيد ميلاد السيد المسيح، أو عيد الاستقلال، نجد أن ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام، في كربلاء سنة (61) للهجرة، امتد شعاع تأثيره الانساني ليشمل المسلم وغير المسلم ايضاً، ففي ظل وهج هذه المناسبة، تتقارب النفوس وينسى الناس ازماتهم ومشاكلهم، وهذا ما نلاحظه بوضوح في العراق المشحون بالأزمات والمشاكل المتعددة والمتشعبة، ففي الايام العادية يكون كل انسان – وليس فقط الشريحة او الطائفة- في عالمه الخاص، يسعى لحل مشاكله وتحقيق مصالحه الخاصة، وفي مرحلة لاحقة، مصالح طائفته او قوميته او جماعته. هذا الشعور يختفي الى حدٍ كبير مع قرب أيام عاشوراء الامام الحسين، عليه السلام، ويستمر الحال حتى يوم أربعين الامام الحسين، عليه السلام، حيث تكون شعيرة السير على الاقدام لزيارة الامام في كربلاء المقدسة.

والسؤال الذي ربما يدور في خلد الكثير؛ في بلد واحد، مثل العراق، له قدراته المالية والبشرية، ومكانته السياسية والحضارية، لماذا لا يتوحد الناس هنا في ظل مناسبات مثل: "عيد الجيش" أو "يوم التحرير" من نظام الطاغية، أو "عيد الأم" وغيرها..؟

ربما في عديد بلاد العالم، تنجح هكذا مناسبات وغيرها بلمّ شمل الشعوب وتذكيرها بالصالح العام. لكن في بلادنا، لاسيما العراق، فان مفهوم المصلحة العامة، تعرضت لضربة عنيفة بسبب الحروب وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، ثم السياسات القمعية للحكام، أبرزهم نظام حكم صدام البائد، حتى بات الانسان العراقي يرى هذا المفهوم أو المفهوم الرديف (الوطنية)، هاجساً يهدد كرامته وحريته ولقمة عيشه، فعليه خوض الحروب والإسهام في تعزيز النظام الحاكم تحت هذا المفهوم، وما يحمله من شعارات طويلة وعريضة، ومن ثم يلتزم الصمت على كل ما يرى ويسمع من فساد وظلم وجور. أما مناسبة عاشوراء، فانها دعوة مفتوحة لنيل الكرامة والحرية، وليست خاصة ومقتصرة على الشيعة والذين يقيمون الشعائر الحسينية فقط، إنما هي مائدة مفتوحة لكل يحكّم عقله وضميره ووجدانه، بغضّ النظر عن هويته الدينية او الأثنية، وهذا ليس من اجتهادنا الخاص، ومن باب تجسير العلاقات وفتح ابواب الحوار مع الآخر، إنما هي من صميم استراتيجية الامام الحسين، عليه السلام، في نهضته ضد الانحراف والطغيان، لذا لم ينظر، عليه السلام، الى الخلفية الفكرية والدينية لانصاره يوم عاشوراء، فكان "وهب" المسيحي، و "زهير بن القين" العثماني، وحتى "جون"، ذلك العبد، الذي تحوّل الى سيّد شريف في مدرسة كربلاء، وايضاً المرأة كان لها دورها البارز في شحذ الهمم والتشجيع على خوض غمار المواجهة مع الباطل، علماً أن الإمام الحسين، عليه السلام، لم يدع النساء الى ساحة القتال، إلا ان الوعي والشعور العميق بالمسؤولية لدى بعضهن في يوم عاشوراء، هو الذي دفع بتلك الأم أن تشجّع ابنها على اقتحام الموت، او تلك المرأة التي حثّت زوجها على نصرة الإمام، عليه السلام. هذه المشاركة بحد ذاتها تؤكد أن خيمة الحسين، عليه السلام، لن تترك أحداً خارج قوس، إنما الجميع بامكانهم أن يجدوا انفسهم في كربلاء.

من هنا؛ يمكن القول: أن مظاهر الشعائر الحسينية في العراق، على وجه التحديد، تمثل صورة مشرقة – بالحقيقة- للمدرسة الحسينية الراقية التي يتمنى الجميع الانتساب اليها، ولعل احتضان مدينة كربلاء المقدسة الجثمان الطاهر لسيد الشهداء، يجعل كل عراقي فخور بأنه قريب جداً الى الحسين، عليه السلام، فيسعى لخدمة زائريه، بتقديم الطعام والشراب، أو توفير السكن  والإقامة، وسائر الخدمات الاخرى. ولعل المشاركة البارزة والمميزة في هذا الطريق، ما قررته الكنيسة في العراق بإلغاء احتفالات رأس السنة الميلادية العام الماضي عندما تزامنت مع ذكرى استشهاد الامام الحسين، عليه السلام. ويزداد هذا الشعور بالأمان والاستقرار في ظل هذه الذكرى، مع ازدياد حالة اللاستقرار وهواجس التمزّق التي تهدد المجتمع  العراقي طيلة أيام السنة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/تشرين الثاني/2013 - 7/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2013م

[email protected]