الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الإمام الحسين في وجدان المسيحيين

ياسر محمد

يتجه النوع البشري عادة إلى كل ما يحترمه ويقدره كإنسان له حقوق تصون كرامته من الظلم والاعتداء الذي يمارس بوحشية من قبل نظيره الإنسان، فتجد الأديان السماوية والمتعبدون بها يعشقون قيم الحرية والكرامة والعدل والمساواة وكل ما يضمن لهم العيش الكريم في ديانتهم أو الديانات الأخرى.

فهناك من غير المسلمين من اهتدوا وانبهروا بمفردات الإسلام في ضمان الحريات لكل من يعيش في إطار الدولة الإسلامية من خلال حدث تاريخي أو موقف إنساني عام.

فثورة كربلاء أضحت مشعلاً يهتدى به في تحقيق القيم الإنسانية العادلة لكل من يعيش على الكرة الأرضية، والكثير من المتطلعين للعيش بكرامة والانفكاك من قيود عبودية الأنظمة وجدوا في الإمام الحسين (ع) وثورته ضد الظلم والانحراف في كربلاء نموذجاً يستحق أن يسمو لمرحلة القداسة للانتصار به في كل بقاع العالم.

فما أكثر المنصفين من الفلاسفة والساسة والمفكرين من غير ديانة الإسلام من العرب وغيرهم الذين قالوا في الإمام الحسين ما يستحق الوقوف عنده والإشادة به قبالة بعض الجهات الإسلامية المتطرفة والساذجة التي تعمل على محاولة طمس حقيقة كربلاء وتغييبها من العقلية الإسلامية.

 فمع بالغ الأسف أن يجهل المسلمين شخصية سبط رسول الله (ص) الحسين بن علي (ع) ويعرفها حق معرفتها غيرهم من أبناء الديانات الأخرى.

وكنموذج من النماذج، يتحدث المفكر المسيحي المعاصر أنطوان بارا في مقدمة كتابه «الحسين في الفكر المسيحي» عن ثورة الإمام الحسين (ع) في كربلاء معتبراً أن النظر لكربلاء من زاوية الفكر المسيحي هو بمثابة النظر إلى هذه الثورة من زاوية إنسانية ذلك أن «الفكر المسيحي ما هو إلا جزء من الفكر الإنساني؛ ولأن المسيحية ما هي إلا مرحلة من مراحل المدرسة الإلهية التي تكوّن الدين الواحد».

ويصف بارا المجزرة التي وقعت على أرض كربلاء أنها تحمل من القيم الرفيعة ما لم تحمله أي قيمة من قبل «لا سابقة ولا لاحقة»  وذلك لأن هذه المجزرة وما صاحبها من انتهاكات "لها وقع أشد على القلوب" لما حملته من فضاعات على مستوى البشرية انتهت بقتل الأبرياء والإسراف في تمزيق أجسادهم وحرمانهم من عطاء الله ونعمائه في إرواء عطشهم وعطش أطفالهم ونسائهم.

هذه المجازر كانت حاضرة في وجدان العقلاء والمنصفين من بني البشر الذي يتألمون لصرخات البشرية ومناظر الفقر والجوع والتشريد والظلم وسحق الحقوق في العالم.

وفي لوحة مسيحية أخرى يستعرض الأديب سليمان كتاني في دراسته الأدبية المنشورة في كتابه الموسوم بـ «الإمام الحسين في حِلَّة البرفير» حياة الإمام الحسين منذ طفولته وحتى شهادته بنسج أدبي رائع اختلطت فيه الكلمات بأحاسيس قلبية صادقة تنم عن قوة التأثير لمواقف الحسين بن علي في وجدان المنفكين من قيود النفس إلى حرية التفكير ببصيرة قلما تجدها لدى الآخرين.

يقول كتاني: لم تكن مسيرة الحسين من مكة إلى العراق نزقاً موصلاً إلى جنون الانتحار ـ إنما كانت مسيرة الروح ، والعقل ، والعزم ، والضمير إلى الواحة الكبرى التي لا يرويها إلا العنفوان والوجدان . ويكمل كتاني: إن مجتمعاً يخسر معركة العنفوان والوجدان ، هو المجتمع الذي لم يتعلم بعد كيف يكتب ، ولا كيف يقرأ كلمة المجد أو كلمة الكرامة في حقيقة الإنسان، وكربلاء إني أتمثلها الخشبة العريضة التي عرضت فوقها مشاهد الملحمة التي كان نجمها الكبير وبطلها الأوحد الحسين بن علي بن أبي طالب.

ويحدثنا التاريخ عن مواقف بطولية من أبناء الديانة المسيحية ضمن ثورة الإمام الحسين (ع) في كربلاء، منهم موقف وهب الذي انضم لجيش الإمام الثائر الحسين بن علي للقتال والنصرة معه وشاركته أمه في ذلك، ومنهم ذلك الراهب المسيحي الذي أعطى جلاوزة يزيد بن معاوية المال ليحتفظ في تلك الليلة بالرأس الشريف في دير تعبده وموقف ثالث كما ذكر في منتخب الطريحي عندما رأت السيدة أم كلثوم (ع) المسيحي الذي تشهد الشهادتين عندما سمع رأس الحسين يتلو القرآن فقاتل القوم حتى قتلوه فقالت أم كلثوم: «واعجباه، النصارى يحتشمون لدين الإسلام، وأمة محمد الذين يزعمون أنهم على دين محمد، يقتلون أولاده ويسبون حريمه».

وتبهرنا المواقف المسيحية مرة أخرى في أرض العراق في الواقع المعاصر، حيث يخرج كل عام موكب عزاء كبير ترفع فيه الرايات والأعلام السوداء وهو موكب لأخوتنا في الإنسانية من أبناء الديانة المسيحية باسم "موكب وهب النصراني" يشارك فيه المسيحيون إخوانهم المسلمين الشيعة مواساة للظلامة الكبرى التي حلت بالحسين وقتله وأصحابه في أرض كربلاء.

وفي موقف يُجل ويعظم سيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) أعلنت الطائفة المسيحية في العراق تعطيل المظاهر العامة لاحتفالات أعياد ميلاد المسيح ورأس السنة الهجرية في محافظات الجنوب لتزامنها مع ذكرى عاشوراء وذلك من باب الاحترام لمشاعر إخوانهم المواطنين الشيعة في العراق والاكتفاء بالإحياء داخل الكنائس.

إلى هنا تتعطل كلمات الثناء والإكبار لهذه المشاعر النبيلة في الوقت الذي تتعمد فيه شرائح من المجتمع الإسلامي الابتهاج بيوم عاشوراء والدوس على مشاعر الحزن التي يعيشها الملايين من المسلمين الشيعة في كل أرجاء الأرض وبكل اللغات.

فشكراً وألف شكراً للأخوة المسيحيين على هذا الشعور الصادق والمواقف الصادقة وإلى مزيد من التلاحم والمعرفة بصاحب الثورة للعمل على رفع شعارات الحرية المشتركة التي حملها المسيح عيسى بن مريم وظهرت جلية في الإسلام من خلال الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/كانون الثاني/2009 - 20/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م

[email protected]