عودة إلى صفحة عاشوراء >>

شارك معنا

أرشيف الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

صدام و يزيــد .. فصلان لرواية واحدة

محمد الصالحي

مقاييس العدل والظلم هي واحدة مهما اختلفت عليها الازمنة والامكنة , وكثيرا مايعيد التاريخ نفسه فتتكرر التجارب في اللب وإن إختلفت بالقشور , فإن تغييب فكر الأغلبية وسيادة الفكر الأحادي هو أبرز الممارسات المنبوذة للعهود الإستبدادية وهذه الممارسة وحدها كافية لخلق فجوة كبيرة بين روح العدالة والحاكم , فيصبح الحاكم مصدرا للضغط والإكراه مجسدا مركزيته اللامنضبطة بقرارات قصيرة النظر. ولجهل أو غباء يحشر هذا النوع من الحكام أنفسهم بأضيق أبواب التاريخ واهمين بأنهم قد دخلوه من أوسعها . وتعتبر المؤسسة الحاكمة في عهد صدام الآن إمتدادا لمثيلتها في عهد يزيد من الناحيتين السياسية والإجتماعية والمتجسد في التفرد والإضطهاد من جهة, والمحاولات الجادة لخلط النصوص بالآراء وفصل الفكر عن التطبيق من جهة أخرى .
حاول كل من صدام ويزيد توجيه النظم الاجتماعية وبما تحتوي من عادات وتقاليد , أنماط سلوك , ومعتقدات ومبادئ وفقا لأهوائهم وخدمة لمصالحهم من خلال الإستعانة بسياسة العصا الغليظة وبشكل قل نظيره في تاريخنا العربي والإسلامي . وقد تمثل ذلك في كبح كل منهما الإستعداد الفطري لدى الناس في تحمل أعباء الحرية ومسؤليتها وبالتالي مصادرة خياراتهم المشروعة . فالظلم والقتل , إنتهاك الحرمات , قصور اللهو الفاحش وقتل الأطفال والنساء  كانت عناوين بارزة لهذين العهدين.

وقد تبنى كل منهما المغالطة والتمويه والتدثر بالاسلام لتحقيق مقاصدهم السلطوية من خلال تسخير المؤسسات الإعلامية بما فيها المساجد ودور العلم والعبادة , والذي حدا بهم الى تبويب الإستثناءات وطرحها كقواعد , فكانت المؤامرة والتآمر هو القاعدة  والحوار هو الإستثناء, ومن ذلك إنطلقوا في الإرغام والمساومة وإنتزاع الولاء.
أخيرا وليس آخرا , لقد زاوج التاريخ بين هذين العهدين المتماثلين وجعل كل منهما مكملا للآخر , والفارق هو إن مجهولية النسب كانت محصورة بمن يتكأ عليهم يزيد في توطيد حكمه , أما الآن فصدام نفسه يعاني من هذه العقدة ... على الرغم من هذا الفارق البسيط .. لكنهما وبلا شك.. فصلين لرواية واحدة .